من اليمن إلى أمريكا..
أسوأ ما كشفه «كورونا» عن الإنسانية
فريق العمل
مع بدء انتشار المرض التنفسي «كوفيد-19»، الناتج من عدوى الفيروس التاجي المستجد، وانهيار الأنظمة الصحية في دول العالم الأول؛ تحولت الساحة الدولية إلى ساحة صراعات على المستلزمات الطبية، كل دولة تسعى للنجاة وحدها، وفي الوقت الذي كان من المفترض فيه أن تتضافر جهود العالم أجمع للعبور من هذا المأزق الذي يواجه الجنس البشري بأكمله؛ استخدم الوباء في تمرير قوانين القمع، وتعزيز نفوذ الدول الاستبدادية؛ واستخدمت الرعاية الصحية أداة ضغط سياسي في المناطق التي شهدت حروبًا خلال العقد الفائت. فكيف كشف وباء القرن 21 عن وجه قبيح للإنسانية كان يتخفى خلف قناعٍ من التحضر؟
العمالة الوافدة في دول الخليج.. الإفقار وخطاب الكراهية
كانت دول الخليج العربي الغنية بالنفط منذ منتصف القرن الماضي هدفًا للعمالة الأجنبية، التي بذلت كل نفيس وغالٍ من أجل الوجود بالقرب من الذهب الأسود؛ فقدرت نسبة المهاجرين من العمال 23 مليونًا، تستضيفهم الدول الست المشاركة في مجلس التعاون الخليجي – المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين والكويت وعمان وقطر- وهم مجموعة من أغنى دول العالم، إلا أنهم رغم الثراء، تصفهم «منظمة العفو الدولية» بشهرتهم الواسعة في الإساءة والاستغلال المنهجي للعمال المهاجرين.
تشير العفو الدولية إلى أن العمالة الأجنبية في دول الخليج تساهم بشكل كبير في اقتصاديات تلك الدول؛ إذ يشكلون العمود الفقري للمرافق والمنشآت والصرف، وبدونهم نشاطات اقتصادية كاملة في الخليج قد تتهاوى، رغم ذلك يعاني الوافدون الأجانب من العمل الإجباري، والأجور غير المدفوعة ومرافق الإقامة غير الصحية، وظروف عمل خطرة تمثل جزءًا لا يتجزأ من تجربة هجرتهم.
هذا إلى جانب التعرض للسجن أو الترحيل في حالة ترك الوظائف دون إذن من أصحاب العمل، فيما يعرف بـ«نظام الكفيل»، والذي يشترط حتى عدم قدرة العامل على السفر من البلاد دون الحصول على إذن.
(تقرير عن أزمة العمالة الأجنبية في الخليج في ظل تفشي كورونا)
مع تهاوي أسعار النفط في الشهور الفائتة، بالتزامنِ مع تفشي «كوفيد-19»، شهد الخليج العربي أكبر موجة «تسريح» للعمالة الوافدة، مما هدد استقرار ملايين الأسر التي تعتمد معيشيًّا على أموال ذويهم في الخليج. خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، فقد مئات الآلاف من العمالة في السعودية، على سبيل المثال، وظائفهم؛ نتيجة لتدهور الأوضاع الاقتصادية وتراجع الإيرادات النفطية في المملكة. إذ أصدرت المملكة قرارًا يتيح تخفيض رواتب العاملين في القطاع الخاص إلى نسبة تصل إلى 40%، وذلك مع إمكانية فسخ عقود العمل؛ لمواجهة تبعات انتشار الفيروس التاجي.
أما في الإمارات العربية، فقد استغنت مئات الشركات فيها عن الآلاف من العمالة الوافدة؛ هذا إلى جانب تخفيض رواتب ما تبقى من العاملين، وهي الخطة ذاتها التي طبقتها المؤسسات القطرية؛ مع تراجع الطلب على البترول والقيود على السفر من جراء الجائحة.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ إذ كانت الكويت هي الأخرى، محط أنظار العالم خلال الفترة الفائتة؛ وذلك بعدما تعرضت الجاليات الأجنبية فيها لـ«خطاب الكراهية» الإعلامي، الذي صنفه البعض بـ«العنصرية»، خاصةً ضد الجالية المصرية، إذ حملوا الوافدين مسؤولية ما تعانيه البلاد من مشكلاتٍ؛ فساءت أوضاع العمالة الوافدة، والتي تقدر بنسبة 70% من سكان الكويت، 3.3 مليون نسمة؛ بينهم أكثر من 700 ألف في العمالة المنزلية. وقد كانت العمالة الكويتية تعاني من أزمات الإقامات؛ والتي تعنى بالعمالة الزائدة عن حاجة البلاد، ويقف وراءها شركات توظيف وهمية، تمنح الوافدين إقامة العمل مقابل آلاف الدولارات؛ لينتهي بهم الأمر في الشوارع يبحثون عن فرصة عمل.
مع بدء جائحة «الفيروس التاجي»، كانت المنظمات الحقوقية تخشى على العمالة الأجنبية في «دول الخليج العربي» من تأثيرات الوباء؛ إذ تضطرهم الظروف إلى العيش في مرافق سكنية مزدحمة أو مخيمات، وهو أمر يجعل من التباعد الاجتماعي مهمة مستحيلة، كما أصبح يشكل اليوم خطرًا على الصحة العامة، وهو ما أدى في النهاية إلى إغلاق الكثير من الأحياء السكنية للوافدين؛ بعدما ارتفعت لديهم نسب الإصابات بفيروس «كورونا» المستجد. وهو الأمر الذي ترك الوافدين بلا ظروف معيشة آدمية، معرضين للإصابة، ومهددين بالتسريح من أعمالهم؛ أو القبول بالحدِ الأدنى من الرواتب.
معارك المساعدات الإنسانية في اليمن.. حرب النفوذ في ظل الجائحة
بعد ست سنوات من الحرب الأهلية الطاحنة، أصبح سكان اليمن بين خيارين، أحلاهما مُر؛ إما الموت بالمرض التنفسي «كوفيد_19» وإما الموت جوعًا. يأتي ذلك في ضوء تصريحات رئيس مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، جون نيكولاس بوز، بشأن التأثير المدمر للفيروس التاجي في الدولة اليمنية؛ مُشيرًا إلى أن عدد الحالات المشتبه بإصابتها تتزايد بسرعة كبيرة، في الوقت الذي تضطر فيه وكالات المساعدة الدولية للتخلي عن البرامج الحرجة، حفاظًا على أمانِ موظفيها؛ قائلًا: «قد يكون الفيروس التاجي هو القشة التي ستقسم ظهر اليمن».
خلال سنوات الحرب، دمرت البنية التحتية في اليمن؛ وعلى إثر ذلك أصبحت أكثر من نصف المرافق الصحية غير صالحة للاستخدام؛ والنصف الآخر يحاول التعافي من آثار الكوليرا، وحمى الضنك، والملاريا وغيرها من الأمراض المستوطنة بالفعل في اليمن؛ وبالتالي فقد سقط النظام الصحي اليمني قبل «كورونا» بسنوات؛ فكيف سيتعامل مع جائحة بحجمها انهارت على إثرها أفضل أنظمة الرعاية الصحية في أوروبا والولايات المتحدة؟
(معاناة اليمنيين خلال أزمة كورونا)
مع تزايد سيطرة الحوثيين – المدعومين من إيران- على شمال اليمن؛ ازدادت القيود المفروضة من قبلهم على وكالات المساعدة الدولية؛ منها برنامج الغذاء العالمي طوال عام 2019؛ إذ كان من وجهة نظرهم الاستيلاء على المساعدات وتحويلها إلى المجهود الحربي؛ إحدى وسائل الحوثيين في تمويل عملياتهم؛ مما ترتب عليه اتفاق المشاركين في المفوضية الأوروبية على قطع المساعدات الإنسانية في اليمن، ما لم يتوقف الحوثيون عن عرقلة وصول المساعدات إلى مستحقيها، بحسبهم.
نتيجة لذلك؛ اتخذت الإدارة الأمريكية قرارًا بتعليق دعم الحالات الإنسانية في اليمن، 24 مارس (آذار) الفائت، وذلك للضغط على الحوثيين للالتزام بالقانون الإنساني الدولي، وفي مايو (أيار) الحالي؛ علقت «منظمة الصحة العالمية» مهامها في اليمن داخل المناطق التي سيطر عليها الحوثيون؛ وذلك خوفًا من تهديدات ومخاطر قد تطول أمن موظفيها بحسب ما قالته؛ وقد جاء ذلك بهدف الضغط على الحوثيين، فيما رآه البعض استجابة للضغوط الأمريكية؛ واعتبرته المؤسسة دفعًا من أجل التعامل بشفافية أكبر إزاء الفيروس التاجي المستجد؛ وتقارير أعداد الإصابة والوفيات. بعدما اتهمت الحكومة اليمنية- المدعومة من المملكة السعودية – الحوثيين بإخفاء الأعداد الحقيقية لضحايا الجائحة.
ي هذا الصراع ما بين الولايات المتحدة وإيران على النفوذ والسيطرة في اليمن، كان اليمنيون هم الخاسر الأكبر؛ إذ يشير بوز إلى أن الأجهزة المناعية لسكان اليمن ضعيفة بالفعل؛ خاصةً بعدما تشرد الملايين؛ ممن لا يأكلون إلا بقدرِ ما يسد رمقهم؛ بالإضافة إلى أطفال لم يتلقوا حتى اللقاحات الأساسية اللازمة. وهو الأمر الذي يمكنك أن تستدل عليه من «مقبرة رضوان» في مدينة عدن الجنوبية، الشاهدة على وفاة أكثر من 500 حالة في أسبوع واحد بأعراضٍ شبيهة بالفيروس التاجي، وهو رقم صادم يدل على نسبة إصابات كبيرة؛ إن قمنا بتحليلها، قد نجد اليمن، بحسب بوز، هي البؤرة الجديدة للوباء في العالم.
في اليمن، لا أحد يعرف ما هو المرض؛ بحسب عامل المقبرة، أحيانًا يقولون عنه الطاعون أو الملاريا؛ لكن المؤكد هو أن الأسابيع الأخيرة قد شهدت حالات وفاة تقدر بالمئات، ومن بين عشرات الأشخاص الذين يشاركون في عملية «غسل» الموتى ودفنهم، لا أحد يتبع إجراءات الوقاية اللازمة. في الأسبوع الماضي، أعلنت لجنة مكافحة الفيروسات التاجية، عدن «مدينة موبوءة»؛ إذ أصبح «كوفيد-19» على رأس قائمة الأمراض المنتشرة هناك.
هكذا استخدمت «كورونا» في تمرير قوانين القمع
دعت «منظمة الصحة العالمية» الحكومات نحو اتخاذ إجراءات عاجلة وقوية لوقفِ انتشار الوباء؛ وذلك بحسب القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يلزم مختلف الحكومات باتخاذ الاستعدادات القصوى لمنع التهديدات الخطيرة للصحة العامة، وتوفير الرعاية الطبية لمن يحتاجون إليها. وبناءً عليه، تفرض القيود على بعض الحقوق مثل «الحجر الصحي» والقيود على الحركة والعزلة، والتباعد الاجتماعي؛ إلا أنها رغم ذلك تصبح مبررة على مستوى شدة الجائحة.
ناشدت المنظمة الحكومات المختلفة لعدمِ استغلال الظرف الصحي الطارئ الناتج من «كوفيد-19»؛ في تمرير سياسات القمع أو إسكات المعارضة والمنتقدين؛ كما حذرت من استخدام القيود على السفر والحركة في سياق تعسفي يضر بحقوق الإنسان الأساسية. على الرغم من ذلك؛ سمعنا منذ الأيام الأولى للجائحة عن رئيس الفلبين، رودريغو دوتيرتي، وهو يتوعد مخالفي حظر التجوال والحجر الصحي بالرصاص؛ وهو ما اعتبر تحريضًا على العنف وواحدًا من سلسلة الممارسات القمعية في البلاد. وكان الكونجرس الفلبيني قد مرر قانونًا يمنح دوتيرتي سلطات استثنائية تتوافق وحالة الطوارئ العالمية. وهو الأمر الذي تكرر في كمبوديا، من خلال تشريعات الطوارئ التي تمنح رئيس الوزراء، هون سين، سلطات استثنائية تعزز القبضة الأمنية على المعارضة.
(تقرير الأمم المتحدة عن أزمة حقوق الإنسان إبان تفشي الوباء)
لم تكن الفلبين وكمبوديا هما الدول الوحيدة التي استغلت الوضع الصحي في تمرير قوانين تصنف بـ«الاستبدادية»؛ ففي الدول العربية على سبيل المثال، نشرت «منظمة حقوق الإنسان»، خبرًا يفيد باستخدام السلطات المصرية «الفيروس التاجي» ذريعة لتمرير قوانين القمع؛ إذ أقر البرلمان المصري سريعًا بعض التعديلات على «قانون الطوارئ لعام 1958»، في أبريل (نيسان) الماضي؛ وهو الأمر الذي منح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سلطات جديدة واسعة؛ بذريعة مستجدات الصحة العامة؛ رغم ذلك كانت خمسة فقط من التعديلات المقترحة على صلة بالصحة العامة، في حين كانت التعديلات الـ13 الباقية تعطى الحكومة المصرية صلاحية فرض التدابير نفسها في حالات الطوارئ التي لا ترتبط بحالة صحية طارئة، هذا بالإضافة إلى التوسع في حملة اعتقالات كبيرة للمعارضين والصحافيين منهم تحديدًا.
عن ذلك يقول جون ستورك، مدير قسم الشرق الأوسط في «هيومن رايتس ووتش» إن السلطات المصرية استخدمت الوباء ذريعة من أجل تمرير قوانين جديدة تتسم بالقمع والاستبداد.
في صراع حقوق الإنسان وحالة الطوارئ الصحية الخاصة بالجائحة، كانت الهند تتصدر عناوين الأخبار هي الأخرى؛ خاصةً بعدما وصل عدد الإصابات بالفيروس التاجي إلى 10 آلاف، وأعلن رئيس الوزراء ناريندرا مودي في أبريل الفائت تمديد حظر التجوال؛ إلا أن إغلاق بلد يضم أكثر من مليار نسمة يعيش أغلبهم على الكفاف وفي مستوطنات مكتظة؛ قد كان على الأغلب مهمة مستحيلة.
انتشر «خطاب الكراهية» ضد مسلمي الهند بصورةٍ كبيرة بعد الظروف الصحية الأخيرة؛ إذ جرى تداول بعض مقاطع الفيديو على منصات التواصل الاجتماعي توحي زورًا بأن المسلمين ينشرون الفيروس عمدًا، مستخدمين عبارة «جهاد كورونا». حتى إن الرعاة المسلمين قد اضطروا للتخلص من كمياتِ حليب كبيرة، بعدما انتشرت شائعات بأنهم ينشرون الفيروس التاجي عبر منتجات الألبان، وهو الأمر الذي عرض مسلمي الهند لموجاتٍ من العنف الموجه، نظرًا لتبنى حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم أيديولوجية قومية هندوسية.
استخدمت الهند طرقًا لمكافحة الوباء يمكن إرجاعها للعصور الوسطى؛ إذ اعتمدت على لصق الشعارات على أبواب منازل المعزولين لضمان التزامهم بالحجر الصحي، وهو ما وصفه البعض بـ«الوصم المجتمعي»، نظرًا إلى قدرة الإجراءات المتبعة على وصم قطاعات كبيرة من المجتمع؛ كما أظهرت بعض التقارير المصورة اعتداء قوات الشرطة بدنيًّا على المواطنين المخالفين للحجر الصحي وإغراقهم بالمواد المطهرة.
«قرصنة المستلزمات الطبية».. جديد عصر كورونا
بعدما حصد الوباء أرواح الآلاف، اشتعلت حرب «المستلزمات الطبية» بين دول العالم؛ والتي اتخذت شكل عمليات قرصنة وسرقة علنية، واستيلاء على الإمدادات الطبية التي تراوحت ما بين أجهزة التنفس، والكمامات، وأقنعة الوقاية، مما يعيد إلى الأذهان مشكلات القرصنة في العصور القديمة، إلا أنها في هذه المرة عمليات تقودها دول وحكومات تستخدم نفوذها وأموالها في توفير ما تحتاج إليه من معدات طبية، حتى لو كان ذلك على حساب دول أخرى منهكة في مواجهة التفشي، ومرضى ينتظرون وسائل الرعاية.
الولايات المتحدة الأمريكية
تأتي الولايات المتحدة الأمريكية في مقدمة الدول التي اتهمت بالسطو على شحنة إمدادات طبية كانت متوجهة إلى ألمانيا، فيما وصفه البعض باسم «قرصنة العصر الحديث». كانت الشحنة تحتوي على مئات الآلاف من أقنعة حماية الوجه والكمامات والقفازات، صنعتهم شركة أمريكية خاصة لصالح شرطة برلين. إلا أنها صودرت في بانكوك عاصمة تايلاند، لتعود أدراجها مرةً أخرى إلى الولايات المتحدة، بعدما فعَّل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قانون «الإنتاج الدفاعي» العائد إلى الحرب الكورية، والذي حث على تلبية احتياجات السوق المحلي أولًا، ومنع تصدير المعدات الطبية.
لم تكن تلك هي تجربة الولايات المتحدة الوحيدة لـ«قرصنة» المستلزمات الطبية في عصر كورونا؛ إذ حث رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، على سبيل المثال، نظام إدارة ترامب على إنهاء منافسة الحدود بينهما على المستلزمات الطبية؛ التي أشعلت الحاجة المستمرة إليها حروب المناقصات. في الوقت ذاته، قبلت الولايات المتحدة 60 طنًّا من الإمدادات الطبية التي أرسلها – عدوها اللدود- فلاديمير بوتين إلى نيويورك لمواجهة آثار الجائحة، متجاهلة الانتقادات التي وصفت روسيا بأنها تسيء استخدام تلك المساعدات في الدعاية الروسية ضد الغرب.
(اتهام السلطات الألمانية للولايات المتحدة بالسطو على شحنة الإمدادات الطبية)
أصبح هذا النزاع شكلًا من أشكال المنافسة المتزايدة في زمن الوباء، مما أدى إلى توتر العلاقات السياسية بين «الحلفاء التقليديين»، نظرًا للنقصِ الشديد الذي عانت منه الأنظمة الصحية في المستلزمات، وهو ما أجبر الأطباء على اتخاذ قرارات حياة أو موت، مثل تحديد من يحصل على جهاز تنفس ومن يترك ليموت، في وقتٍ أصبحت فيه مستلزمات الرعاية بمثابة «صيد ثمين» لمن يحصل عليه أولًا.
تركيا وإسبانيا
في أبريل الفائت، طالت اتهامات الاستيلاء على المستلزمات الطبية الحكومة التركية أيضًا؛ إذ اتهمتها المقاطعات الإسبانية بالاستيلاء على أجهزة تنفس صناعي كانت متجهة إلى المدن الموبوءة. وصفت تركيا تلك الاتهامات بالمسيئة، وأضافت أن إسبانيا قد بدأت حملة تشويه لتركيا؛ في حين أن أجهزة التنفس المذكورة – 116 جهازًا- ستصل إليها في غضون أيام، وقد منحت وزارة الصحة التركية إذن التصدير بالفعل، وقد قدمت تركيا الكثير من المساعدات لكل من إسبانيا وإيطاليا خلال أزمتهما الصحية.
إيطاليا وتونس
لم تسلم أوروبا من اتهامات «القرصنة الحديثة»، المتزامنة مع الوباء؛ إذ اتهم وزير التجارة التونسي، محمد المسيليني، إيطاليا بالاستيلاء على باخرة محملة بـ«الكحول الطبي» كانت متجهة إلى تونس، في مارس (آذار) الفائت، وهو ما أشار إليه المسيليني بأنه أشبه بحادثة استيلاء التشيك على شحنة كمامات، كان من المقرر أن تصل إلى إيطاليا للمساعدة في مكافحة تفشي الفيروس التاجي.
وكانت الشركة الصينية المنتجة للكحول الطبي قد قد أعادت توجيه شحنة الإمدادات إلى إيطاليا بدلًا عن تونس، بعدما تلقت عرضًا ماليًّا أكبر من الحكومة الإيطالية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق