هل غيابنا عن المساجد وصلاة الجماعة مؤثر فعلًا أم هي مشاعر عابرة؟
4 مايو، 2020
المسجد هو نقل بصري لرؤية العقيدة الإسلامية الكونية، كان المسجد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم المؤسسة العامة المختصة بكل شؤون المسلمين وحياتهم، يتعلمون داخلها العلوم الشرعية والدنيوية ومكارم الأخلاق، ولا ينفكون عن ممارسة حياتهم الطبيعية، فالمسجد بالنسبة لهم كان الجامع لكل أفكارهم ومخططاتهم، يقول الدكتور المفكر علي شريعتي: “المسجد في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان له ثلاثة أبعاد، بُعدٌ ديني معبد، وبُعدٌ تربوي مدرسة، وبُعُد سياسي برلمان، وكان كل مواطن عضوًا فيه، أصبح الآن قصرًا فخمًا ولكن بلا أبعاد”.
وهكذا يغدو المسجد في التصور الإسلامي الجامع كما يقول غوستاف لوبون: “مركز الحياة الحقيقي عند العرب، فالعرب يتخذون من المسجد محلًا للاجتماع والعبادة والتعليم والسكن عند الاقتضاء. وملاجئ للغرباء ومراجع للمرضى. لا للعبادة فقط كبِيَعِ النصارى. ومن توابع المساجد على العموم: حمامات وفنادق وأصابل ومشاف ومدارس وهكذا يتجلى اختلاط الحياة الدينية بالحياة المدينة عن المسلمين في مساجدهم”.
في هذه الظروف الحالية العصيبة التي يمر بها المجتمع العالمي على وجه العموم، والمجتمع الإسلامي على وجه الخصوص، هل تظن أننا فقدنا الكثير بسبب منع صلاة الجماعة في المسجد؟ لا أعلم هل أنت متأثر بالفعل بسبب ذلك أم لا، فلو رجع بنا الزمن وكل شيء على حاله، فما ظنك بشخص استمع إلى ما يقارب 1500 درس ديني؟ ومدة الدرس الواحد 50 دقيقة (أي 75 ألف ساعة)، تخيلوا هذه المدة الطويلة قضاها شخص واحد من عمره في الاستماع إلى الدروس والمحاضرات الدينية ومجالس العلم الشرعي، بالتأكيد سيكون له شأن كبير في هذه الأمة، وسيكون على علم بكل كبيرة وصغيرة في دينه أو على الأقل أساسيات ومبادئ دينه، وسيكون في أعلى درجات الالتزام، إذا طبّق ما تعلمه.
المفاجأة أن هذا الدرس المقصود: هو خطبة الجمعة لمدة ثلاثين عام، فالكثير والكثير قضى أكثر من تلك المدة من السنين في الاستماع إلى خطب الجمعة! فما هو الخلل؟ أين العِلة التي تمنعنا من التفقه في ديننا؟ فأنا هنا أتحدث على خطبة صلاة الجمعة التي تأتي مرة واحدة كل أسبوع وهي واجبة من الناحية الشرعية على كل مسلم بالغ قادر عاقل.
المسجد هو نقل بصري لرؤية العقيدة الإسلامية الكونية، كان المسجد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم المؤسسة العامة المختصة بكل شؤون المسلمين وحياتهم، يتعلمون داخلها العلوم الشرعية والدنيوية ومكارم الأخلاق، ولا ينفكون عن ممارسة حياتهم الطبيعية، فالمسجد بالنسبة لهم كان الجامع لكل أفكارهم ومخططاتهم، يقول الدكتور المفكر علي شريعتي: “المسجد في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان له ثلاثة أبعاد، بُعدٌ ديني معبد، وبُعدٌ تربوي مدرسة، وبُعُد سياسي برلمان، وكان كل مواطن عضوًا فيه، أصبح الآن قصرًا فخمًا ولكن بلا أبعاد”.
وهكذا يغدو المسجد في التصور الإسلامي الجامع كما يقول غوستاف لوبون: “مركز الحياة الحقيقي عند العرب، فالعرب يتخذون من المسجد محلًا للاجتماع والعبادة والتعليم والسكن عند الاقتضاء. وملاجئ للغرباء ومراجع للمرضى. لا للعبادة فقط كبِيَعِ النصارى. ومن توابع المساجد على العموم: حمامات وفنادق وأصابل ومشاف ومدارس وهكذا يتجلى اختلاط الحياة الدينية بالحياة المدينة عن المسلمين في مساجدهم”.
في هذه الظروف الحالية العصيبة التي يمر بها المجتمع العالمي على وجه العموم، والمجتمع الإسلامي على وجه الخصوص، هل تظن أننا فقدنا الكثير بسبب منع صلاة الجماعة في المسجد؟ لا أعلم هل أنت متأثر بالفعل بسبب ذلك أم لا، فلو رجع بنا الزمن وكل شيء على حاله، فما ظنك بشخص استمع إلى ما يقارب 1500 درس ديني؟ ومدة الدرس الواحد 50 دقيقة (أي 75 ألف ساعة)، تخيلوا هذه المدة الطويلة قضاها شخص واحد من عمره في الاستماع إلى الدروس والمحاضرات الدينية ومجالس العلم الشرعي، بالتأكيد سيكون له شأن كبير في هذه الأمة، وسيكون على علم بكل كبيرة وصغيرة في دينه أو على الأقل أساسيات ومبادئ دينه، وسيكون في أعلى درجات الالتزام، إذا طبّق ما تعلمه.
المفاجأة أن هذا الدرس المقصود: هو خطبة الجمعة لمدة ثلاثين عام، فالكثير والكثير قضى أكثر من تلك المدة من السنين في الاستماع إلى خطب الجمعة! فما هو الخلل؟ أين العِلة التي تمنعنا من التفقه في ديننا؟ فأنا هنا أتحدث على خطبة صلاة الجمعة التي تأتي مرة واحدة كل أسبوع وهي واجبة من الناحية الشرعية على كل مسلم بالغ قادر عاقل.
أبرز أسباب ضعف خطبة الجمعة والاستفادة منها
أتحدث في السطور القليلة القادمة عن الأسباب التي منعتنا -في وجهة نظري- من الاستفادة بخطبة الجمعة في مصر كما ينبغي، وأضاعت علينا شعيرة مهمة من شعائر الإسلام:
1.امتلأت مساجدنا بأصحاب الفكر المدخلي، الذين دلّسوا على الناس دينهم، والذين خانوا ولم يستغلوا العلم الذي رزقهم الله تعالى به وسيكون حجة عليهم بإذن الله، يحدثون الناس عن نواقض الوضوء، ويتركون مشاكل عصرنا، وإن كان الحديث عن نواقض الوضوء والطهارة من أهم أساسيات هذا الدين، ولكنه ليس كل الدين. يقول العز بن عبد السلام:
2.تحديد وقت الخطبة من الأمور السيئة كما نراه في مصر، فمثلًا تضع السلطات المصرية وقتًا محددًا لخطبة الجمعة وموضوعًا محددًا وموحدًا على جميع مساجد الجمهورية، ولا أعلم ما الفائدة من ذلك! نفس الدولة لا تضع وقتًا محددًا لحفلات المطربين ومباريات كرة القدم ومثل هذه الأمور، فإن تحديد خطبة الجمعة آفة سيئة بغض النظر عن طولها أو قصرها، فيجب أن يرجع الأمر كله للخطيب حتى يقدم الموضوع تقديمًا ممتازًا.
3.اليوم أصبح كل من هب ودب يصعد على المنبر ويخطب في الناس حتى من لا يعلم أساسيات النحو واللغة! حتى لو كان غير مؤهلًا لذلك، فالناس لا تفهم أن الواعظ شيء والخطيب شيء آخر تمامًا.
يقول محمد قطب رحمه الله:
فهناك فرق كبير جدًا جدًا بين الخطابة والوعظ، فهذا من أحد أهم أسباب عدم وجود محتوى حقيقي يقدّمه الخطيب للناس، وكل كلامه مرتكز حول اتقِ الله يا مسلم، ولا نعرف حتى الآن معنى للتقوى!
4.الناس لم تعد تهتم بـخطبة الجمعة، وتعتبرها أمرًا هامشيًا على الرغم من أنه من الواجبات، وفضل يوم الجمعة لا يمكن تعويضه، يجب أن ينتبه الجميع أن هذه الساعة لا تتكرر طوال الأسبوع، وألزمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضورها وحسن الاستماع إليها، فمن العجب أن البعض إذا حضر الخطبة تجده ناعسًا أو غير منتبه للخطيب وحديثه، حتى إذا بدأ الخطيب في الدعاء في خاتمة الخطبة تجده منتبهًا خاشعًا مركزًا يردد: آمين، آمين! وكل هذا التركيز لأنها الخاتمة وانتهى أمر الخطب.
ويجب أن يراعي المستمع في جلسته الإقبال على الخطيب بوجهه، فقد كان ذلك فعل الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم، يقبلون عليه بوجوههم إذا صعد المنبر، ويجب ألا يضيّق على من قاربه ويراعي إخوانه ولا يشوش عليهم، فكل هذا من أدوار المصليين.
وأنقل في هذا المقام كلام الأستاذ محمد عبده حفظه الله حيث قال: “أوضاع المساجد في مصر حالياً مزرية للغاية، دع عنك هذا التسلّط الحكومي على أنفاس وحركات اﻷئمة! دع عنك هذا التغوّل السلطوي في تحديد وقت الخطبة وعنوانها وموضوعها، ودع عنك الخطبة الموحدة التي تشترك عدة جهات في صياغتها؛ لتكون عريضة بلهاء خالية من الروح، منبتة عن الحياة، دع عنك تلك القبضة الحديدية التي منعت قرآن المغرب في رمضان والاعتكاف وحلقات تحفيظ القرآن بألف حجة وحجة، لكن اﻷمر الذي يعنيني هو تطاول كثير من الطغام على اﻷئمة، وعلوّ أصواتهم عليهم في بيوت الله، وتدخلهم في كل صغيرة وكبيرة من أمور التنظيم الداخلية، حتى صارت المساجد ميدانًا للاحتراب وحياكة المؤامرات؛ لا مكانًا للعبادة! حتى آخرها بلغ اﻷمر ببعض المتهوّرين أن يعتدي بالسب والضرب على أحد أئمة المساجد استنادًا لعلاقته الوثيقة بالأمن”.
أهذه هي المساجد التي جُعلت لذكر الله وإقام الصلاة؟! ستبقى جروح وكلوم بعد انتهاء تلك الحقبة الكالحة السوداء في الجسد الاجتماعي المصري لا تكاد تندمل قبل مرور عقود طويلة.
وما خطبة الجمعة إلا مثال بسيط على تدهور الحال في مساجدنا في مصر، فيقول الكاتب الكبير فهمي الهويدي في أحد مقالاته عن قرارات وزير الأوقاف في مصر محمد مختار جمعة الذي لا يريد أن يقيم بيننا خطبة الجمعة: “ليس سرًا أن الاعتبار الأمني صار العنصر الأساسي في كل الإجراءات التي اتخذت لممارسة أي نشاط في المساجد حتى صار الاعتكاف مشروطًا بإبراز بطاقة الرقم القومي. كما أنه وراء اشتراط الحصول على تصريح للخطابة. وقد وجدوا أن ذلك لم يكن كافيًا لأن الأجهزة الأمنية لم تكتف بتوجيه الخطباء للحديث في موضوعات بذاتها، ومن ثم ظهرت الفكرة العبقرية التي تبناها وزير الأوقاف ودعت إلى إلزام الأئمة بخطب مكتوبة سلفًا. وذلك لكي لا يتم التحكم في أفكارهم فقط ولكن أيضًا في الصيغة التي يعبرون بها عن تلك الأفكار. ولست أشك في أن الخطب سيكتبها لغويون فصحاء ربما كان في مقدمتهم الوزير أستاذ البلاغة، لكننا سنكون واهمين إذا تصورنا أن ممثلي الأجهزة الأمنية لن يتولوا إجازتها وربما تنقيحها”.
1.امتلأت مساجدنا بأصحاب الفكر المدخلي، الذين دلّسوا على الناس دينهم، والذين خانوا ولم يستغلوا العلم الذي رزقهم الله تعالى به وسيكون حجة عليهم بإذن الله، يحدثون الناس عن نواقض الوضوء، ويتركون مشاكل عصرنا، وإن كان الحديث عن نواقض الوضوء والطهارة من أهم أساسيات هذا الدين، ولكنه ليس كل الدين. يقول العز بن عبد السلام:
من نزل بأرض تفشى فيها الزنى فحدث الناس
عن حرمة الربا فقد خان
2.تحديد وقت الخطبة من الأمور السيئة كما نراه في مصر، فمثلًا تضع السلطات المصرية وقتًا محددًا لخطبة الجمعة وموضوعًا محددًا وموحدًا على جميع مساجد الجمهورية، ولا أعلم ما الفائدة من ذلك! نفس الدولة لا تضع وقتًا محددًا لحفلات المطربين ومباريات كرة القدم ومثل هذه الأمور، فإن تحديد خطبة الجمعة آفة سيئة بغض النظر عن طولها أو قصرها، فيجب أن يرجع الأمر كله للخطيب حتى يقدم الموضوع تقديمًا ممتازًا.
3.اليوم أصبح كل من هب ودب يصعد على المنبر ويخطب في الناس حتى من لا يعلم أساسيات النحو واللغة! حتى لو كان غير مؤهلًا لذلك، فالناس لا تفهم أن الواعظ شيء والخطيب شيء آخر تمامًا.
يقول محمد قطب رحمه الله:
ولكن حين ينقلب كل كلامنا وعظًا فإنه يضر أكثر مما ينفع، يقول الصحابة رضوان الله عليهم: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوّلنا بالموعظة (أي بين الحين والحين) مخافة السآمة، فإذا كان هذا حال رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صحابته الكرام رضوان الله عليهم، الذين كانوا يتلقفون كل كلمة ينطق بها، ليتعلموها ويعملوا بها، يقينًا منهم أنها طريقهم إلى الجنة، فكيف بنا نحن البشر العاديون إذا حوّلنا كل قولنا إلى وعظ؟!إن للوعظ مكانه، ومكانتهُ
فهناك فرق كبير جدًا جدًا بين الخطابة والوعظ، فهذا من أحد أهم أسباب عدم وجود محتوى حقيقي يقدّمه الخطيب للناس، وكل كلامه مرتكز حول اتقِ الله يا مسلم، ولا نعرف حتى الآن معنى للتقوى!
4.الناس لم تعد تهتم بـخطبة الجمعة، وتعتبرها أمرًا هامشيًا على الرغم من أنه من الواجبات، وفضل يوم الجمعة لا يمكن تعويضه، يجب أن ينتبه الجميع أن هذه الساعة لا تتكرر طوال الأسبوع، وألزمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضورها وحسن الاستماع إليها، فمن العجب أن البعض إذا حضر الخطبة تجده ناعسًا أو غير منتبه للخطيب وحديثه، حتى إذا بدأ الخطيب في الدعاء في خاتمة الخطبة تجده منتبهًا خاشعًا مركزًا يردد: آمين، آمين! وكل هذا التركيز لأنها الخاتمة وانتهى أمر الخطب.
ويجب أن يراعي المستمع في جلسته الإقبال على الخطيب بوجهه، فقد كان ذلك فعل الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم، يقبلون عليه بوجوههم إذا صعد المنبر، ويجب ألا يضيّق على من قاربه ويراعي إخوانه ولا يشوش عليهم، فكل هذا من أدوار المصليين.
وأنقل في هذا المقام كلام الأستاذ محمد عبده حفظه الله حيث قال: “أوضاع المساجد في مصر حالياً مزرية للغاية، دع عنك هذا التسلّط الحكومي على أنفاس وحركات اﻷئمة! دع عنك هذا التغوّل السلطوي في تحديد وقت الخطبة وعنوانها وموضوعها، ودع عنك الخطبة الموحدة التي تشترك عدة جهات في صياغتها؛ لتكون عريضة بلهاء خالية من الروح، منبتة عن الحياة، دع عنك تلك القبضة الحديدية التي منعت قرآن المغرب في رمضان والاعتكاف وحلقات تحفيظ القرآن بألف حجة وحجة، لكن اﻷمر الذي يعنيني هو تطاول كثير من الطغام على اﻷئمة، وعلوّ أصواتهم عليهم في بيوت الله، وتدخلهم في كل صغيرة وكبيرة من أمور التنظيم الداخلية، حتى صارت المساجد ميدانًا للاحتراب وحياكة المؤامرات؛ لا مكانًا للعبادة! حتى آخرها بلغ اﻷمر ببعض المتهوّرين أن يعتدي بالسب والضرب على أحد أئمة المساجد استنادًا لعلاقته الوثيقة بالأمن”.
أهذه هي المساجد التي جُعلت لذكر الله وإقام الصلاة؟! ستبقى جروح وكلوم بعد انتهاء تلك الحقبة الكالحة السوداء في الجسد الاجتماعي المصري لا تكاد تندمل قبل مرور عقود طويلة.
وما خطبة الجمعة إلا مثال بسيط على تدهور الحال في مساجدنا في مصر، فيقول الكاتب الكبير فهمي الهويدي في أحد مقالاته عن قرارات وزير الأوقاف في مصر محمد مختار جمعة الذي لا يريد أن يقيم بيننا خطبة الجمعة: “ليس سرًا أن الاعتبار الأمني صار العنصر الأساسي في كل الإجراءات التي اتخذت لممارسة أي نشاط في المساجد حتى صار الاعتكاف مشروطًا بإبراز بطاقة الرقم القومي. كما أنه وراء اشتراط الحصول على تصريح للخطابة. وقد وجدوا أن ذلك لم يكن كافيًا لأن الأجهزة الأمنية لم تكتف بتوجيه الخطباء للحديث في موضوعات بذاتها، ومن ثم ظهرت الفكرة العبقرية التي تبناها وزير الأوقاف ودعت إلى إلزام الأئمة بخطب مكتوبة سلفًا. وذلك لكي لا يتم التحكم في أفكارهم فقط ولكن أيضًا في الصيغة التي يعبرون بها عن تلك الأفكار. ولست أشك في أن الخطب سيكتبها لغويون فصحاء ربما كان في مقدمتهم الوزير أستاذ البلاغة، لكننا سنكون واهمين إذا تصورنا أن ممثلي الأجهزة الأمنية لن يتولوا إجازتها وربما تنقيحها”.
هل غيابنا عن المساجد وصلاة الجماعة مؤثر فعلًا أم هي مشاعر عابرة
اليوم تمر بلادنا العربية والإسلامية بأزمة شديدة منعتنا من صلاة الجماعة، فهل عندما تعود الأمور لحالها سيتغير الأمر ولو قليلًا، ونعلم أن خطبة الجمعة -مثلًا- هي نعمة من نعم الله سبحانه وتعالى التي رزقنا بها، لتجديد الإيمان في قلوبنا، والتذكير بالغاية الحقيقية لكل مسلم من وراء هذه الدنيا. عودة المساجد لسابق عهدها أمر ضروري وليس فقط الاهتمام بخطبة الجمعة وصلاة الجماعة بل أن يعود المسجد كمدرسة لكافة العلوم الشرعية كما كان من قبل منذ زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا مفر لنا كمسلمين من الانتباه لهذه الحقيقة الثابتة.
أخيرًا أحب أن أوجه كلمة للخطباء وأئمة المساجد، أنتم أمل هذه الأمة للخروج من النفق المظلم، والسبيل الأمثل لتغيير الناس وتوجيههم، فاتقوا الله واعلموا جيدًا شأن المسئولية الواقعة على كهولكم، ولا تكتموا الحق مهما كانت النتيجة، فقال الله سبحانه وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللَّاعِنُونَ) (البقرة: 159).
كما عليكم مسئولية اختيار المواضيع الهامة الفعالة المفيدة لمجتمعنا اليوم، كل يوم نحكي قصص الأنبياء بنفس التفاصيل والطريقة السردية التي يعلمها أغلبنا، فيجب بين الحين والآخر أن نستخدم الأساليب الحركية في تفسير القرآن وسرد قصص الأنبياء وهكذا، وتجديد أساليب الخطابة والإلقاء وتعلمها والتطوير من ذاتكم، والتفقه في الواقع ومعرفة شئون المجتمع، فكل هذا يضيف الكثير لكم على المنبر أمام الناس.
للأسف نحن بدأنا نفقد أهمية المسجد، فيجب علينا السعي جاهدين إلى عودة مكانته العالية مرة أخرى، ونصحح الأوضاع شيئًا فشيء، بالنسبة لخطبة الجمعة؛ فنختار مسجد معينًا، ونتحرى وجود خطيب معروف عنه ثقافته وبلاغته وفصاحته وصحة علمه الشرعي وسلامة عقيدته، حتى لا نضيّع على أنفسنا الفائدة الكبيرة، وعلينا أن نقوم بدورنا من حيث المتابعة وحسن الاستماع، ورحم الله القائل:
وقفتُ لتذكير ولو كنتُ مُنصِفًا *
لذكّرْتُ نفسِي فهي أحـوجُ للذكرى
إذا لم يكن مني لنفسيَ واعـظ *
فيا ليت شعري كيف أفعلُ في الأخرى؟
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين والحمد لله رب العالمين.
المصادر
1- مقال للرد على الفكر المدخلي.
2- جاهلية القرن العشرين محمد قطب.
1- مقال للرد على الفكر المدخلي.
2- جاهلية القرن العشرين محمد قطب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق