هل يفترق الخليج العربي في ذكرى النكسة؟
الدوحة ليست مضطرة للانسحاب من مجلس التعاون الخليجي، لو لم يكن إلا معنى بقاء الترابط الاجتماعي، الذي لن تُفرّط به الدوحة، لأن رابطة الشعوب أعمق وأقدم من تاريخ الدول.
مهنا الحبيل
نكسة حزيران الخليجية
نفت الدوحة نية الانسحاب من مجلس التعاون الخليجي، وكانت الشائعة هذه المرة قد انتشرت كثيراً، لكني كنتُ أدرك عدم صحتها من البداية، لا لأن المجلس الخليجي بعد أن سحقه مشروع أبوظبي بقيت له قوة نوعية استراتيجية اليوم، فقد هدمت الرياض وأبوظبي كل فرصه، ونجحت أبوظبي في سحب مصالح الرياض ذاتها، من تميز شخصيتها في المجلس الخليجي.
وهو واقع بائس يذكر بحجم الكارثة التي سببها قرار حصار قطر، وخَلق حالة عبثية مدمرة باسم الأزمة الخليجية، ولذلك أطلقتُ عليها منذ عامها الأول نكسة حزيران الخليجية.
الترابط الخليجي
إن الدوحة ليست مضطرة إلى الانسحاب من مجلس التعاون الخليجي، لو لم يكن إلا معنى بقاء الترابط الاجتماعي، الذي لن تُفرّط به الدوحة، لأن رابطة الشعوب أعمق وأقدم من تاريخ الدول، فضلاً عن تاريخ الأزمة، وهناك تفهم للغضب الشعبي القطري، لكن موقف الدولة ومركز القرار يرى أن تنوع علاقاته وتأمينه الاستراتيجي.
بعد أن فُرضت عليه تهديدات خطيرة، شملت خطط الغزو العسكري، يجب ألا يُسقط الروابط العربية الاجتماعية العميقة للشعب القطري، ومن ضمنها الأسرة الاميرية ذاتها، خاصة أن الحملات الغبية المسيئة تضرب اليوم عمان والكويت لا الدوحة فقط.
فلماذا تحقق قطر هدف خصمها الاستراتيجي؟
غير أن الافتراق هنا له معنىً آخر، ولنبدأ من قضية التسريب المقنّن للقاء القذافي بالسيد يوسف بن علوي، فحصول الرياض على هذا التسريب قديم، لكن من قام بإعادة بثه قناة تيوب مدعومة من أبوظبي، القضية تحتاج إلى كتاب لا إلى مقال فقط، فتقديم الأحساء كإقليم طائفي ضد هويته العربية الإسلامية، وامتزاجه الوطني لمذهبيه.
إحباط الوساطة العمانية
مشروع يسبق اهتمام القذافي بمدة طويلة، تهيئة للرؤية الأمريكية في حال سقوط الدولة السعودية، وإشارة بن علوي لها، حين قال إن الرياض ترى الخطر من طهران، هو تأكيد لفهمه لا تأييده، بأن التقاطع الأمريكي الإيراني، وخاصة في إعادة صناعة الهوية طائفياً ضد عروبة الأحساء، هو مركز المشروع.
وقد كتبنا قديماً عن ذلك، فالقضية هنا ليس التسريب إنما هدف التسريب، وهو إحباط الوساطة العمانية، وفت عضدها، وإقناعها باستحالة عقد اتفاق فك اشتبك بين الدوحة والرياض، وتهديد مسقط لو واصلت الوساطة، ومن ثم يحدث افتراق تاريخي بين دول محورَي الخليج، هذا وارد، غير أن رأيي الشخصي أن قدرة عُمان وخبرتها أعمق وأطول نفس لفك الاشتباك بين الدوحة والرياض، من مراهنات أبوظبي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق