صعود الطالبان.. (٣) بين تبريد وتصعيد الأمريكان..!
تسعى أمريكا منذ جاء بايدن.. في تبريد الساحات الساخنة في المنطقة العربية والإسلامية، بطريقة لا تبدو طبيعية ولا منطقية، لمن لايرقب ان وراءها أجندة خفية، فهي وجهت بإنهاء النزاعات المسلحة في اليمن وليبيا وسوريا ، وأمرت بإعادة العلاقات بين قطر ودول المقاطعة، ونصحت بتحسين العلاقات بين تركيا ومن كانوا يناصبونها العداء،وأشارت بتوسيع علاقات التطبيع بين إسرائيل ومن تبقى من القطيع ..ويأتي توجهها للانسحاب النهائي من أفغانستان، لإفساح الطريق أمامها لتمكينها أو توريطها؛ في نفس سياق التناسق الرامي لتهيئة المسرح العالمي لأحداث ما؛ تتعلق بالنظام العالمي وإعادة ترتيب قواه..
★.. في ذات وقت التبريد؛ هناك موجة عالية من التصعيد والتسخين ضد الصين على وجه الخصوص، فهي تواجه تحريضا أمريكيًا وغربيًا ضدها، وبخاصة عندما عزم الصينيون على شق ( طريق الحرير) ذلك الطريق الذي كان يربط الصين بالعالم قبل ثلاثة آلاف سنة، وكانت الأنشطة التجارية تمر من خلاله، لكن هذا الطريق تعطل لأزمنة طويلة خلال حكم العثمانيين، وقد جرت محاولات عديدة لاستعادة تشغيله، لكنها أخفقت، حتى جاء عام 2013 ، حيث أطلق الرئيس الصيني (شي جين بينغ) مبادرته عن خطة لتأسيس طريق حرير جديد يصل الصين بأوروبا، وعُرف هذا المشروع باسم "استراتيجية الحزام والطريق"
★.. المشروع يهدف للربط بين 60 دولة، باستثمارات متوقعة تتراوح بين 4 و8 تريليونات دولار. ومن المخطط له أن يخدم نحو 4 مليار و400 مليون إنسان، أي نحو 63% من سكان العالم، وهو ما سيمكن الصين – كما يرى المختصون - من تقوية نفوذها الدبلوماسي والسياسي في آسيا وإفريقيا وأوروبا، وهو ما سيعوّضها عن الضغط الجيوسياسي الذي تواجهه في شرق آسيا من الولايات المتحدة واليابان .
★..الصين تتحرك باندفاع في المزاحمة نحو شراكة مفروضة - مهما كانت مرفوضة - في عالم ما بعد القطبية الواحدة، واختارت المجال الاقتصادي والتقني ميدانًا للتنافس، ريثما تتمكن من المجالات الأخرى، ولذلك فهناك إشارات كثيرة على أن أمريكا بصدد تكوين تحالف غربي وإسلامي ضدها، لتأخير أو تعطيل صعودها، والصين بدورها تحاول الإقدام على إنشاء تحالف آسيوي شرقي مضاد، يجمع بينها وبين وروسيا وإيران. خاصة وأن إيران تمهد طريقها للوصول إلى منطقة الخليج وما حولها، من خلال اتفاقية التعاون الاستراتيجي بينهما لمدة ٢٥ عاما..
★.. وفي سياق تسخين الأجواء ؛ بدأ الأمريكيون مؤخرًا يستدرون عواطف المسلمين، ويستثيرون غضبهم في آن واحد، بحجة انتهاك الصين لحقوق الإنسان في قضية تركستان الشرقية (الإيغور)؛ مع أن هذه " الأمريكا " التي سبقت باستباحة حرمات المسلمين فوق كل أرض وتحت كل سماء؛ تريد اليوم إقناع شعوب العالم الإسلامي بأنها تدافع عن حقوقهم وحرماتهم..
وامريكا إلى جانب هذا تسعى لحشد رأي عام عالمي ضد الصين، بدعوى دورها في إضرار العالم من خلال " تخليق" ثم تسويق فيروس كورونا.. الذي اسماه ترامب( الفيروس الصيني)..
★..هذا الحشد المشبوه؛ يذكرنا بمواقف أمريكا إبان الغزو الروسي لأفغانستان، حيث جيَّشت عالم المسلمين جميعا للوقوف ضد الروس، لا محبة في المسلمين؛ ولكن دفعًا وإبطالًا للمخطط الروسي الهادف وقتها، للتسلل إلى المياه الدافئة ومنابع النفط عن طريق أفغانستان،ثم إيران، ثم العراق، وهو ما انتهى فعليًّا بهزيمة ثم سقوط الاتحاد السوفييتي برمته، بعد انتهاء الحرب بسنوات قليلة..
★.. وأمريكا البائسة.. تحاول يائسة بعد إسقاط هيبتها على أيدي المسلمين المستضعفين؛ تثبيت وجودها على رأس القطبية الدولية بدمائهم وأموالهم ومستقبل أجيالهم، لتصعد مرة أخرى على أكتافهم في " حرب مقدسة" جديدة؛ ضد الشيوعية الصينية، بعد سقوط الشيوعية الروسية، خاصة وأن عموم الإنجيليبن من الساسة ورجال الدين الغربيين، يعتقدون جازمين .. بأن (قوم ياجوج ومأجوج) الوارد ذكرهم في التوراة والإنجيل..هم الأجناس المنتمية إلى شعوب الصين ..!!
★..وأيا كانت دقة هذا التحليل عن خبايا ونوايا بايدن ..فإننا في حاجة لمراقبة تسلسل الأحداث فيما يخص مصير المسلمين، خاصة وأن مانعتقده..أن مصير اتحاد الفساد الأمريكي..لن يكون أقل سوءا ولا أبعد شبها من مصير اتحاد الإلحاد السوفييتي..
والصعود القادم بإذن الله لن يكون فقط لطالبان، ولكن لكل الصفوف المواجهة بحق لتحالف قوى البغي والطغيان بدفع من كيد الشيطان.. ( إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) [النساء/٦٧]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق