روزنبرغ في محاضرة نبوءة مستقبل الشرق الأوسط
تناوَل الكاتب والخبير الاستراتيجي والمبشّر الصُّهيوني المسيحي، جويل روزنبرغ، نبوءة خراب مصر في الكتاب المقدَّس، في محاضرة تحت عنوان ‘‘Prophecy: The Future Of The Middle East’’، أو نبوءة: مستقبل الشَّرق الأوسط، نظَّمها صندوق يشوع (The Joshua Fund)، وهو صندوق خيري أسَّسه روزنبرغ بهدف “مباركة إسرائيل وجاراتها باسم يسوع”. وقد نشر الصُّندوق مقطعًا مصوَّرًا للمحاضرة في 12 مارس 2020م عبر قناته على موقع يوتيوب. يستهلُّ المبشّر الإسرائيلي، أمريكي الأصل، حديثه بالإشارة إلى تركيزه على مصر، عند حديثه عن مستقبل الشَّرق الأوسط في تلك المحاضرة، محدّدًا النُّبوءة الوارد في العهد القديم عن خرابها، والَّتي تقول (سفر اشعياء: إصحاح 19، آيات 1-10):
“وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ مِصْرَ: هُوَ ذَا الرَّبُّ رَاكِبٌ عَلَى سَحَابَةٍ سَرِيعَةٍ وَقَادِمٌ إِلَى مِصْرَ، فَتَرْتَجِفُ أَوْثَانُ مِصْرَ مِنْ وَجْهِهِ، وَيَذُوبُ قَلْبُ مِصْرَ دَاخِلَهَا. وَأُهَيِّجُ مِصْرِيِّينَ عَلَى مِصْرِيِّينَ، فَيُحَارِبُونَ كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ: مَدِينَةٌ مَدِينَةً، وَمَمْلَكَةٌ مَمْلَكَةً. وَتُهْرَاقُ رُوحُ مِصْرَ دَاخِلَهَا، وَأُفْنِي مَشُورَتَهَا، فَيَسْأَلُونَ الأَوْثَانَ وَالْعَازِفِينَ وَأَصْحَابَ التَّوَابعِ وَالْعَرَّافِينَ. وَأُغْلِقُ عَلَى الْمِصْرِيِّينَ فِي يَدِ مَوْلًى قَاسٍ، فَيَتَسَلَّطُ عَلَيْهِمْ مَلِكٌ عَزِيزٌ، يَقُولُ السَّيِّدُ رَبُّ الْجُنُودِ. وَتُنَشَّفُ الْمِيَاهُ مِنَ الْبَحْرِ، وَيَجِفُّ النَّهْرُ وَيَيْبَسُ. وَتُنْتِنُ الأَنْهَارُ، وَتَضْعُفُ وَتَجِفُّ سَوَاقِي مِصْرَ، وَيَتْلَفُ الْقَصَبُ وَالأَسَلُ. وَالرِّيَاضُ عَلَى النِّيلِ عَلَى حَافَةِ النِّيلِ، وَكُلُّ مَزْرَعَةٍ عَلَى النِّيلِ تَيْبَسُ وَتَتَبَدَّدُ وَلاَ تَكُونُ. وَالصَّيَّادُونَ يَئِنُّونَ، وَكُلُّ الَّذِينَ يُلْقُونَ شِصًّا فِي النِّيلِ يَنُوحُونَ. وَالَّذِينَ يَبْسُطُونَ شَبَكَةً عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ يَحْزَنُونَ. وَيَخْزَى الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الْكَتَّانَ الْمُمَشَّطَ، وَالَّذِينَ يَحِيكُونَ الأَنْسِجَةَ الْبَيْضَاءَ. وَتَكُونُ عُمُدُهَا مَسْحُوقَةً، وَكُلُّ الْعَامِلِينَ بِالأُجْرَةِ مُكْتَئِبِي النَّفْسِ…”.
يثير روزنبرغ حقيقة أنَّ الغالبيَّة العظمى من سُكَّان منطقة الشَّرق الأوسط، حتَّى من أبناء الكنيسة الشَّرقيَّة، لا يدرسون نبوءات العهد القديم، ويُرجع ذلك إلى العداء بين سُكَّان المنطقة وإسرائيل، حيث فقَد كثيرون من العرب ذويهم من جرَّاء الاعتداءات الإسرائيليَّة المتكرّرة على دار الإسلام. وبالتَّساؤل عمَّا إذا كانت تلك النُّبوءة تحقَّقت من قبل، يؤكّد روزنبرغ أنَّها لم تتحقَّق بعد؛ ويستدلُّ على ذلك بما جاء في إحدى آيات النُّبوءة: “فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَكُونُ مِصْرُ كَالنِّسَاءِ، فَتَرْتَعِدُ وَتَرْجُفُ مِنْ هَزَّةِ يَدِ رَبِّ الْجُنُودِ الَّتِي يَهُزُّهَا عَلَيْهَا” (سفر اشعياء: إصحاح 19، آية 16). فعبارة “فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَكُونُ” تشير إلى أنَّ تحقُّق تلك النُّبوءة يكون في آخر الزَّمان، خاصَّة مع ذكْر فَتَرْتَعِدُ وَتَرْجُفُ مِنْ هَزَّةِ يَدِ رَبِّ الْجُنُودِ الَّتِي يَهُزُّهَا عَلَيْهَا”؛ ممَّا يعني أنَّ ذلك يتزامن مع المجيء الثَّاني للمسيح، أو مخلّص بني إسرائيل. وبرغم ما مرَّ بمصر من نكبات وما خاضته من صراعات دمويَّة على مدار 5 آلاف سنة مضت، لم يحدث أن تعرَّضت للجفاف والحرب الأهليَّة، بالصُّورة الَّتي تروي عنها النَّبيُّ اشعياء. ولعلَّ في استهلال النُّبوءة بالآية الَّتي تقول “وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ مِصْرَ: هُوَ ذَا الرَّبُّ رَاكِبٌ عَلَى سَحَابَةٍ سَرِيعَةٍ وَقَادِمٌ إِلَى مِصْرَ”، ما يؤكّد على أنَّ المسيح سيأتي إلى مصر في آخر الزَّمان، وربَّما تكون محطَّته الأولى بين أقطار العالم. غير أنَّ من الواضح أنَّ المسيح إلى مصر ستستبقه محنة عصيبة يمرُّ بها أهلها، وتكون نتيجتها شيوع الإيمان به وتقديسه بين المصريين، كما تكشف النُّبوءة: “فَيُعْرَفُ الرَّبُّ فِي مِصْرَ، وَيَعْرِفُ الْمِصْرِيُّونَ الرَّبَّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، وَيُقَدِّمُونَ ذَبِيحَةً وَتَقْدِمَةً، وَيَنْذُرُونَ لِلرَّبِّ نَذْرًا وَيُوفُونَ بِهِ” (سفر اشعياء: إصحاح 19، آية 21).
تكشف الآيات السَّبعة الأولى في النُّبوءة عن حدوث حرب أهليَّة بين أبناء مصر بتدبير من الرَّبّ، “وَأُهَيِّجُ مِصْرِيِّينَ عَلَى مِصْرِيِّينَ، فَيُحَارِبُونَ كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ: مَدِينَةٌ مَدِينَةً، وَمَمْلَكَةٌ مَمْلَكَةً” (2)، ويفسّر روزنبرغ ذلك بحدوث سلسلة من الثَّورات الشَّعبيَّة، ربَّما نتيجة لسوء الأوضاع المعيشيَّة، وبخاصَّة في حالة حدوث شحّ في المياه. ويبدو أنَّ تلك المحنة ستغربل المصريين، وتختبر إيمانهم الحقيقي، وتميّز المؤمن عن المنافق؛ حيث سيلجأ البعض إلى الكهنة والعرَّافين للحصول على المشورة، كما سيمارس بعضٌ طقوسًا وثنيَّة بسبب ما يصيبهم من شتات الذّهن والاضطراب الرُّوحي: “وَتُهْرَاقُ رُوحُ مِصْرَ دَاخِلَهَا، وَأُفْنِي مَشُورَتَهَا، فَيَسْأَلُونَ الأَوْثَانَ وَالْعَازِفِينَ وَأَصْحَابَ التَّوَابعِ وَالْعَرَّافِينَ” (3). تشير النُّبوءة كذلك إلى تولّي زمام الأمور في مصر ملك ظالم، “وَأُغْلِقُ عَلَى الْمِصْرِيِّينَ فِي يَدِ مَوْلًى قَاسٍ، فَيَتَسَلَّطُ عَلَيْهِمْ مَلِكٌ عَزِيزٌ” (4)، ويعتقد روزنبرغ أنَّ ذلك الملك الظَّالم هو ضدُّ المسيح (Anti-Christ)، الَّذي سيتسلَّط على العالم بأسره، وليس على مصر وحدها. غير أنَّ المبشّر الصُّهيوني يتجاهل أنَّ قبل الملك الظَّالم، يتولَّى أمر المصريين “مَوْلًى قَاسٍ”، لم يكشف عن هويَّته. على كلّ حالٍ، يتبع تسلُّط “المولى القاسي” ومن بعده “الملك العزيز” على مصر حدوث جفاف في نهر النّيل يفضي إلى خراب واسع وحالة من القحط، ربَّما لم تعرفها مصر في تاريخها؛ ببساطة، وكما يؤكّد روزنبرغ “بدون النّيل، لا حياة…لا حياة في مصر بدون مياه، ولا مياه بدون النّيل”.
دون تحديد تاريخ بعينه، أشار جويل روزنبرغ إلى التقائه بالرَّئيس المصري، عبد الفتَّاح السّيسي (يونيو 2014م-إلى الآن)، قبل أسبوع من إلقاء تلك المحاضرة، تلبيةً لدعوة السّيسي له، أثناء وجوده في مدينة نيويورك الأمريكيَّة، غالبًا للمشاركة في مؤتمر الجمعيَّة العامَّة للأمم المتَّحدة الـ 74، الَّذي انطلق يوم الثَّلاثاء 24 سبتمبر 2019م. وكان من بين المسائل الَّتي طُرحت خلال اجتماع الرَّئيس المصري بعدد من كبار الشَّخصيَّات السّياسيَّة البارزة، ومن بينهم روزنبرغ، مسألة سدّ النَّهضة، وخشية الرَّئيس المصري من تداعيات تخزين إثيوبيا الكميَّات الَّتي تحتاج إليها، بزعمها، في توليد الكهرباء بوتيرة زمنيَّة سريعة. يقدّر روزنبرغ حجم التَّهديد الَّذي يشكّله إتمام مشروع سدّ النَّهضة على مستقبل دولة مثل مصر، يتجاوز عدد سكّانها 100 مليون نسمة، وإن كانت من أغنى دول المنطقة بالثَّروات الطَّبيعيَّة، على حدّ قوله. يذكّر روزنبرغ بأنَّ فشْل المفاوضات الَّتي كانت تجري بين الطَّرفين، واستمرَّت حتَّى نهاية يونيو 2021م، قد يفضي إلى الحرب. وتوضح النُّبوءة طبيعة أحوال مصر خلال فترة الجفاف: “وَتُنَشَّفُ الْمِيَاهُ مِنَ الْبَحْرِ، وَيَجِفُّ النَّهْرُ وَيَيْبَسُ. وَتُنْتِنُ الأَنْهَارُ، وَتَضْعُفُ وَتَجِفُّ سَوَاقِي مِصْرَ، وَيَتْلَفُ الْقَصَبُ وَالأَسَلُ. وَالرِّيَاضُ عَلَى النِّيلِ عَلَى حَافَةِ النِّيلِ، وَكُلُّ مَزْرَعَةٍ عَلَى النِّيلِ تَيْبَسُ وَتَتَبَدَّدُ وَلاَ تَكُونُ” (5-7). ونتيجة لذلك، تحدث حالة من الكساد بسبب العجز عن الزّراعة والصَّيد؛ وحينها يصاب البعض بالضّيق والغمّ: “وَالصَّيَّادُونَ يَئِنُّونَ، وَكُلُّ الَّذِينَ يُلْقُونَ شِصًّا فِي النِّيلِ يَنُوحُونَ. وَالَّذِينَ يَبْسُطُونَ شَبَكَةً عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ يَحْزَنُونَ. وَيَخْزَى الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الْكَتَّانَ الْمُمَشَّطَ، وَالَّذِينَ يَحِيكُونَ الأَنْسِجَةَ الْبَيْضَاءَ. وَتَكُونُ عُمُدُهَا مَسْحُوقَةً، وَكُلُّ الْعَامِلِينَ بِالأُجْرَةِ مُكْتَئِبِي النَّفْسِ” (8-10). وتقول باقي آيات النُّبوءة (سفر اشعياء: إصحاح 19، آيات 19-25):
“فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ مَذْبَحٌ لِلرَّبِّ فِي وَسَطِ أَرْضِ مِصْرَ، وَعَمُودٌ لِلرَّبِّ عِنْدَ تُخْمِهَا. فَيَكُونُ عَلاَمَةً وَشَهَادَةً لِرَبِّ الْجُنُودِ فِي أَرْضِ مِصْرَ. لأَنَّهُمْ يَصْرُخُونَ إِلَى الرَّبِّ بِسَبَبِ الْمُضَايِقِينَ، فَيُرْسِلُ لَهُمْ مُخَلِّصًا وَمُحَامِيًا وَيُنْقِذُهُمْ. فَيُعْرَفُ الرَّبُّ فِي مِصْرَ، وَيَعْرِفُ الْمِصْرِيُّونَ الرَّبَّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، وَيُقَدِّمُونَ ذَبِيحَةً وَتَقْدِمَةً، وَيَنْذُرُونَ لِلرَّبِّ نَذْرًا وَيُوفُونَ بِهِ. وَيَضْرِبُ الرَّبُّ مِصْرَ ضَارِبًا فَشَافِيًا، فَيَرْجِعُونَ إِلَى الرَّبِّ فَيَسْتَجِيبُ لَهُمْ وَيَشْفِيهِمْ. فِي ذلِكَ الْيَوْمِ تَكُونُ سِكَّةٌ مِنْ مِصْرَ إِلَى أَشُّورَ، فَيَجِيءُ الأَشُّورِيُّونَ إِلَى مِصْرَ وَالْمِصْرِيُّونَ إِلَى أَشُّورَ، وَيَعْبُدُ الْمِصْرِيُّونَ مَعَ الأَشُّورِيِّينَ. فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ إِسْرَائِيلُ ثُلُثًا لِمِصْرَ وَلأَشُّورَ، بَرَكَةً فِي الأَرْضِ. بِهَا يُبَارِكُ رَبُّ الْجُنُودِ قَائِلًا: «مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ، وَعَمَلُ يَدَيَّ أَشُّورُ، وَمِيرَاثِي إِسْرَائِيلُ»”.
ينتقل روزنبرغ إلى جزء آخر من النُّبوءة، يتحدَّث عن وجود عداء شديد بين مصر و ‘‘أرض يهودا’’، الَّتي يُقصد بها في الغالب دولة إسرائيل، الَّتي تكون مصدر تهديد كبير وخوف شديد للمصريين: “وَتَكُونُ أَرْضُ يَهُوذَا رُعْبًا لِمِصْرَ. كُلُّ مَنْ تَذَكَّرَهَا يَرْتَعِبُ مِنْ أَمَامِ قَضَاءِ رَبِّ الْجُنُودِ الَّذِي يَقْضِي بِهِ عَلَيْهَا” (17). ومن بين الأمور الَّتي يقف عندها المبشّر الصُّهيوني ورود ذكر ‘‘مَدِينَةُ الشَّمْسِ’’ في النُّبوءة، مذكّرًا بأنَّ مدينة مصريَّة قديمة حملت ذلك الاسم، وأنَّ في عشرينات القرن الماضي أعيد بناء تلك المدينة في القاهرة وسُمّيت هليوبوليس، أو مدينة الشَّمس باليونانيَّة، وتُعرف باسم مصر الجديدة. ويشير روزنبرغ إلى أنَّ القصر الرّئاسي يقع في ‘‘مَدِينَةُ الشَّمْسِ’’، الَّتي تكون في مرحلة تحقُّق النُّبوءة ضمن “خَمْسُ مُدُنٍ تَتَكَلَّمُ بِلُغَةِ كَنْعَانَ وَتَحْلِفُ لِرَبِّ الْجُنُودِ، يُقَالُ لإِحْدَاهَا «مَدِينَةُ الشَّمْسِ»” (18). وتجدر الإشارة في هذا السّياق إلى تأسيس عاصمة إداريَّة جديدة في مصر، شرقي القاهرة، على امتداد مصر الجديدة، أو ‘‘مَدِينَةُ الشَّمْسِ’’، وهي تضمُّ قصرًا رئاسيًّا وكاتدرائيَّة سُمّيت كاتدرائيَّة ميلاد المسيح، هي الأكبر مساحةً على الإطلاق في الشَّرق الأوسط، ومسجدًا كبيرًا باسم مسجد الفتَّاح العليم.
مسجد الفتَّاح العليم وكاتدرائيَّة ميلاد المسيح
وقد افتُتح مسجد الفتَّاح العليم وكاتدرائيَّة ميلاد المسيح في 6 يناير 2019م، بحضور رئيس الجمهوريَّة وكبار رجال الدَّولة، تزامنًا باحتفال الكنيسة الأرثوذكسيَّة بميلاد المسيح. وبخصوص ما تشير إليه الآية الَّتي تقول “فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ مَذْبَحٌ لِلرَّبِّ فِي وَسَطِ أَرْضِ مِصْرَ، وَعَمُودٌ لِلرَّبِّ عِنْدَ تُخْمِهَا” (19)، فيفسّره روزنبرغ بأنَّ المصريين سيمرُّون بضيق شديد، وسيتوجَّهون حينها إلى الرَّبّ بالتَّضرُّع والابتهال لكي يخرجهم من تلك الحالة بعد بناء “مَذْبَحٌ لِلرَّبِّ”، أي مكان لعبادته؛ فيرسل الرَّبُّ لهم المخلّص بعد أن يعودوا إليه: “لأَنَّهُمْ يَصْرُخُونَ إِلَى الرَّبِّ بِسَبَبِ الْمُضَايِقِينَ، فَيُرْسِلُ لَهُمْ مُخَلِّصًا وَمُحَامِيًا وَيُنْقِذُهُمْ” (20). ويتَّضح عفو الرَّبّ عن مصر وأهلها، بعد أن يعبدوه حقَّ العبادة، أكثر في الآتين التَّاليتين “فَيُعْرَفُ الرَّبُّ فِي مِصْرَ، وَيَعْرِفُ الْمِصْرِيُّونَ الرَّبَّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، وَيُقَدِّمُونَ ذَبِيحَةً وَتَقْدِمَةً، وَيَنْذُرُونَ لِلرَّبِّ نَذْرًا وَيُوفُونَ بِهِ. وَيَضْرِبُ الرَّبُّ مِصْرَ ضَارِبًا فَشَافِيًا، فَيَرْجِعُونَ إِلَى الرَّبِّ فَيَسْتَجِيبُ لَهُمْ وَيَشْفِيهِمْ” (21-22). وهكذا، يخرج المصريون من حالة التَّخبُّط والاضطراب العقائدي الَّتي تعبّر عنها الآية 14 في الإصحاح 19 في سفر اشعياء، “مَزَجَ الرَّبُّ فِي وَسَطِهَا رُوحَ غَيٍّ، فَأَضَلُّوا مِصْرَ فِي كُلِّ عَمَلِهَا، كَتَرَنُّحِ السَّكْرَانِ فِي قَيْئِهِ”، بعد أن يرجعوا إلى الرَّبّ “فَيَسْتَجِيبُ لَهُمْ وَيَشْفِيهِمْ” (22). على ذلك، يعتبر المبشّر الصُّهيوني أنَّ الأزمة الشّديدة الَّتي تخبر بها نبوءة اشعياء عن مصر هدفها صدمة المصريين ليعودوا إلى ربّهم، معتبرًا أن تقوية الكنيسة المصريَّة في هذه الفترة من الضَّرورات؛ حيث أنَّ تعزيز الإيمان بالمسيح لدى المصريين من الممهّدات لمجيء الرَّبّ، وإن كان ذلك في مرحلة متأخّرة من سنوات المحنة الكبرى (Great Tribulation)، وهي فترة حُكم ضدّ المسيح، الَّتي أخبر عنها إنجيل متَّى (إصحاح 24، آيات 21-29)، ورؤيا يوحنَّا اللاهوتي (إصحاح 17، آية 14).
المصدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق