كفاح الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي
تمّ بحمد الله تعالى إكمال الجزء الاول من موسوعة كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وهي في طريقها للمطابع بإذن الله تعالى وأثناء هذا البحث عشت مع الأمير عبدالقادر يوماً بيوم، وشهراً بشهر، وسنة بسنة، واتّضحت لي سيرته كقائد رباني ومجاهد إسلامي، وناقشت بكل موضوعية وحياد الشبهات والأكاذيب التي أُلصقت به، وإليك شيء من سيرته من مقدّمة كتابي الجديد
( كفاح الشعب الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي ) :
1_ ظهور المقاومة وبيعة الأمير :
كان الحديث عن ظهور المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي وتطورها مع ظهور الشريف محي الدين الحسني الذي كان يحظى باحترام ووقار وهيبة مميزة وكلمة مسموعة بين القبائل وحقق الجزائريون بقيادته انتصارات عظيمة ضد الاحتلال ولكن تقدم سن محي الدين جعله يتأخر في القيادة لصالح ابنه عبد القادر، الذي اشتهر بالشجاعة والذكاء والعلم والحزم والصفات الحميدة والخلال العظيمة وتمت بيعته من قبل قبائل الجزائر على السمع والطاعة وكان اختياراً شعبياً موفقاً.
وقد أصبح حكم الأمير بعد البيعة الشعبية وامتداد سلطانه حتى شمل ثلاثة أرباع القطر الجزائري.
2_ بناء مؤسسات الدولة الوليدة :
وبعد أن استقام للأمير الأمر شرع في تنظيم أمور الدولة وتشكيل الكوادر الحكومية، فعيّن الأكفاء من الرجال، واعتمد الفقه الإسلامي أي التشريعات المنبثقة من القرآن الكريم والسنة نظاماً لحكمه وبناء الدولة والجهاد لتحرير الوطن من الغزاة المحتلين.
وسارع الأمير عبد القادر في تأسيس الجيش النظامي وطور استراتيجيته العسكرية واهتم بتطوير حرب العصابات وأصبح يتقنها اتقاناً كبيراً وكان يفاجئ ويربك الخصم وهي التي جعلت الأمير أشهر والمع رواد هذا النوع من الحرب وهو بذلك سبق الأمير عبد الكريم الخطابي زعيم حرب الريف بالمغرب والشيخ عمر المختار بليبيا واستفاد منه الكثير من قادة التحرر الذين جاءوا من بعده.
واهتم الأمير بتفعيل وتقوية الحكومة المركزية في دولته وقسم البلاد إلى ثماني ولايات وجعل عليها خلفاء يدورونها من خلال مجلس شورى وادارات محلية فعّالة ووضع معايير في تعيين موظفي الدولة ومناصبهم من ذوي الكفاءات والقدرات والملكات الإدارية والقيادية، وأعطى رعاية خاصة للمؤسسة القضائية لتسهم في رفع الظلم وإقامة العدل، وأسس الأمير مجلس شورى للدولة مكون من أحد عشر عضواً، وكان كثير الاستشارة والاستماع لأصحاب الخبرة والمعرفة والتجارب العملية في الشأن العام.
واهتمت دولة الأمير بالاقتصاد والموارد المالية وترشيد المصروفات وشجعت حركة التجارة الداخلية والخارجية وكان لدولة الأمير جهاز دبلوماسي متميز ونشط ساهم في انجاح مفاوضات عدة منها معاهدة ديمشال ومعاهدة التافنة.
واهتمت دولة الأمير بجهاز المخابرات ونشر الثقافة من خلال المدارس والمساجد والزوايا والتشجيع على العلم والتعلم والتفقه، وركزت دولة الأمير على الصناعة الحربية واحتياجتها لاهميتها في حركة الجهاد ضد الاحتلال واستجلبت من الخارج خبراء وأهل تخصص في ميادين الصناعة وعلم المعادن.
وخاض الأمير معارك ضد العدو واضطر العدو للمعاهدة، فقد توالت الضربات المتتالية على الحاميات الفرنسية في المدن الساحلية الكبرى من كل حدب وصوب وقد استفاد من الهدنة في تطوير وتقوية مؤسسات الدولة الناشئة وفتح مجال للعلاقات الخارجية مع الدول، فقد اعترف به سلطان مراكش وعمل الأمير على بسط نفوذه وإقرار الأمن والسلام في المناطق الخاضعة لسلطانه.
3_ مراجعة علماء المغرب :
وظهرت عبقرية الأمير وقيادته الفذة في الحرب والسلم ومحاربته للشعوذة والدجل بين الناس، ووقف ضد العمل الاستخباراتي الفرنسي الموجه لاختراق دولته، واستشعر خطورته في إضعاف حركة الجهاد، واهتم بالعمل على تنظيم دولته بسائر أنواع الضبط التشريعي والإداري، وكان يضطر إلى إنزال العقاب بالقبائل العاصية المتعاونة مع العدو وأراد أن يحيط علماء المغرب ببعض المشاكل التي تواجهه وطلب منهم الإجابة، فأرسل بعثته برئاسة عبد الله سقاط تحمل أسئلة موجهة إلى علماء المغرب الأقصى، طالباً منهم الإجابة عليها وقد أجاب عليها شيخ الإسلام التسولي.
وكان قصد الأمير من هذه الاستشارات القانونية من علماء المغرب إبراء ذمته أمام الله وتجنبه من أن يعاقب خارج أحكام الشريعة وتقوية موقفه أمام الناس الذين سيشعرون بأن الأمير يطبق عليهم ما أمر الله به بشهادة علماء متعمقين في الشريعة وأصول الدين .
4_ نقض فرنسا لمعاهدة التافنة واندلاع الحرب :
وعمل الاحتلال الفرنسي على نقض معاهدة التافنة وحرص الأمير على إطالة أمد الهدنة ولكن القتال اندلع من جديد ووجّه الأمير نداءه للشعب وأوامره إلى خلفائه وبدأت مرحلة جديدة من الزحف على معسكرات العدو وحصونه وتكبد الفرنسيون خسائر رهيبة فقد لخص بسيسكا توري معاناة الفرنسيين هذه فقال: إن إفريقيا هي الخراب في السلم والانهاك في وقت الحرب، ولقد قام الجنرال بوجو بردود أفعال عنيفة فدمر الأرياف والقرى وحرق المحاصيل وقطع الأشجار المثمرة وعاقب كل قبيلة وقعت تحت سلطانه ساهمت في دعم الأمير عبد القادر وجرّدها من أراضيها وكانت خطته مبنية على إبادة الشعب، فقد قتل من أبناء الشعب الجزائري عشرات الألوف رجالاً ونساء وأطفالاً وشيوخاً.
واضطرت فرنسا للنفير العام وواصلت بلا انقطاع، تزويد الجنرالات الفرنسيين وجيوشهم في الجزائر بالامدادات والمؤن والعتاد والرجال والسلاح والذخائر وكانت احدى هذه الدفعات ووصلت يوم 22/ 2/ 1841م وكان عدد القوات 88000 جندي علاوة على ما هو موجود بالجزائر وكان رد الأمير عبد القادر رسالة إلى الجنرال بوجو جاء فيها: أعلموا أنني بعونه تعالى وقوته لا أخشى كثرتكم ولا أعتبر قوتكم، لعلمي أنكم لا تضرونني بشيء، إلا أن يضرني الله به، ولا يلحقني منكم إلا ما قدره الله علي.
وقد استمرت المعارك مع الجيوش الفرنسية وكانت خطط الأمير عبد القادر متنوعة ومتجددة وهزم الجنرال بيجو في معارك أيالة وهران ومتيجة على الرغم من كثرة جنوده وحداثة الأسلحة.
وكانت قوة الأمير تكمن في استحالة العثور عليه إنها في المكان الرحب الواسع في حرارة شمس أفريقيا المحرقة في مكان ندرة المياه، إنها أيضاً في حياة الترحال التي خطها كأسلوب لمحاربة فرنسا.
لقد اعترف خصومه القادة العسكريون بعبقريته الفذة وأظهروا اعجابهم بالأمير مثل المارشال بيجو، ولامورسيير وشاغارنيه.
لقد قال الجنرال بيجو عن الأمير عبد القادر: خصم صنديد نخشى بطشه، وأصبحت الإمدادات تتوالى من فرنسا على قواتها بالجزائر ووضع قادة الاحتلال خطط جديدة للزحف الشامل، اعتمدت على تدمير المدن ومطاردة القبائل وارتكاب المجازر.
5_ مدينة الخيام المتنقلة :
وفي تلك الفترة الحرجة من تاريخ شعب الجزائر ابتكر الأمير عبد القادر مدينة الخيام المتنقلة لتجنيب المدن الدمار، ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
وكان الأمير يقوم بزياراته الميدانية مع القادة العسكريين والعلماء والأطباء في المناطق التي لازالت تحت سلطته، وكان يتواصل مع جنوده وضباطه في الجبهات والثغور يقدم لهم العون المعنوي والمادي ويرسل إليهم الرسائل والقصائد التي تحثهم على الجهاد والكفاح والنضال.
وتعرضت المدينة المتنقلة للهجوم من قبل قوات الاحتلال الفرنسي في إحدى غيبات الأمير واستطاع أن يرد رداً سريعاً على القوات التي هاجمت وأعاد بناء المدينة.
6_ السجن ثم الهجرة إلى الشام :
عملت فرنسا على تشديد الخناق على الأمير ودولته ومارست ضغوطاً سياسية وعسكرية على سلطان المغرب لكي ينحاز ضد الأمير واضطر الأمير في نهاية المطاف إلى طلب الأمان للهجرة إلى ديار المسلمين في اسطنبول أو الشام ولكن فرنسا نقضت العهد وغدرت وسجنت الأمير.
وقد تحدثت عن الأيام التي قضاها في سجون فرنسا ثم مغادرتها إلى اسطنبول ثم استقراره في مدينة بورصة بالدولة العثمانية ثم انتقاله إلى دمشق حيث مقر إقامته الأخير، وتكلمت عن تفرغه للعبادة والعلم والتدريس ومخالطة العلماء وعن جهوده الاجتماعية.
7_ وحدة الوجود :
وناقشت الاتهامات التي وجهت إلى الأمير مثل: اتهامه بوحدة الوجود وتأثره بفكر بن عربي ونسبة كتاب المواقف إليه، واثبت بالدليل والبرهان بطلان الكثير مما نسب إليه وبراءته من عقيدة وحدة الوجود والانتساب إلى المحافل الماسونية.
لقد تعرض الأمير عبد القادر لحملات تشويه مركزة ومنظمة واختلقوا له الأكاذيب وزعموا أنه سلم نفسه لفرنسا واستسلم في نهاية المطاف، ونسبوا إليه رسائل ومعاهدات سخيفة ومخزية وزعموا أنها بخطه ثم اختلقوا قصة انتسابه للجمعية الماسونية وزوروا عليه رسائل بهذا الخصوص، وكل ذلك كي يسقط اعتباره عند الناس كرجل مخلص لأمته، وحتى لا يكون قدوة للأجيال المتعاقبة في نضاله وكفاحه وجهاده وروحه الثائرة ضد الظلم والجور، ولكن الله أبى إلا أن يخرج الحق للناس بفضل منه ثم جهود الباحثين المخلصين.
إن الأمير عبد القادر اشتهر بين الناس بنزعته الإسلامية، واهتمامه بالقرآن والسنة والتصوف السني الرشيد على نهج الشيخ عبد القادر الجيلاني الذي أثنى عليه علماء السلف من أمثال ابن تيمية وابن القيم وغيرهم كثير.
وقد درَّس الأمير عبد القادر بالجامع الأموي صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك ورسالة أبي زيد القيرواني وأشاد بمبحث العقائد الذي في مقدمة الرسالة، وكل هذه الكتب تخالف تماماً العقائد الموجودة في كتاب "المواقف" المنسوب إليه بالباطل والبهتان والافتراء.
إن الأمير عبد القادر الجزائري لم يعتقد يوماً من الأيام لا بوحدة الوجود ولا الحلول ولا الاتحاد، بل كانت عقيدته سنية صافية من البدع اشتهر بالتقوى والخوف من الله عز وجل والإيمان به وباليوم الآخر وحفظ القرآن في سن مبكرة من حياته مالكي المذهب، متقيد بشرع الله في حياته الخاصة وأسرته ومجتمعه ودولته وما نسب إلى الأمير من الرموز ووحدة الوجود والعقائد الفاسدة ما هي إلا أباطيل واتهامات ثم كشفها وبيّن بطلانها بالعلم الرصين والحجج الدامغة والأدلة القاطعة في هذا الكتاب.
فالأمير عبد القادر منهجه في الحياة عبر عنه في أبيات شعرية قال فيها:
عليك بشرع الله فالزم حدوده ** حيثما سار سر وحيثما وقف قف
ومن شعره العذب الجميل قوله:
الحمد لله الذي قد خصني **** بصفات كل الناس لا النسناس
الجود والعلم النفيس وإنني **** لانا الصبور لدى اشتداد الباس
وتحدثني شكراً لنعمة خالقي **** إذ كان في ضمني جميع الناس
وهناك أمر مهم ويحدث كثيراً في ما يتعلق بتشابه الأسماء فهناك غير الأمير عبد القادر من العلماء والأسماء المتطابقة مع اسمه وكتبوا كتباً وألفوا في مواضيع التصوف واختلط الحابل بالنابل على بعض الناس.
8 _ الماسونية :
إن الحقيقة التاريخية التي وصلت إليها من خلال الدراسة العميقة والبحث الجاد وتتبع سيرة الأمير يوم بيوم وشهر بشهر وسنة بسنة وفي الجزائر وفي الحج وفي السجون وفي المنافي وفي المهجر وفي مجالسه العلمية والحربية والسياسية تبين لنا أن الأمير لم يكن يوماً ماسونياً ولا خادماً لفرنسا، والمبادرة التي قام بها الأمير في الدفاع عن المسيحيين في الشام كانت خالصة لوجه الله الكريم، ولم تكن لدنيا يصيبها أو وسام يبتغيه.
لقد حاول تشرشل صاحب كتاب "حياة عبد القادر" ومن سار على طريقته من أمثال جرجي زيدان وغيرهم ربط الأمير عبد القادر بالمحافل الماسونية ولكنهم عجزوا عن تقديم الدليل مما يبطل هذا الخبر المزعوم من أساسه إن حياة الأمير صفحة مفتوحة للباحثين ناصعة البياض نقية طاهرة، واتهامات أعدائه الباطلة تتساقط أمام الحقائق الراسخة وتتلاشى مع الحجج الدامغة، وتذهب جفاء لأنها زبد، وسيرته العطرة تبقى خالدة في معانيها وقيمها ومبادئها لأنها تنفع الناس.
إن كل الذين إدَّعوا انتساب الأمير عبد القادر إلى هذه الجمعية لم يقدموا أي دليل مادي أو مستند وثائقي يثبت صحة إدعائهم، ومنهم من يعتذر خشية الإطالة عن عدم تقديم الأدلة أو الوثائق، ويكتفي بإبراز صورة الأمير عبد القادر المعروفة وهو يرتدي الأوسمة التي وصلته من ملوك ورؤساء العالم، وعلى صدره وشاح الفروسية الأحمر الذي أهداه إليه ملك إيطاليا فكتور عمانوئيل مع الوسام الذي جاءه بمناسبة إنقاذ أرواح خمسة عشر ألف مسيحي في الفتنة المشهورة في الشام، وهذا من دون أي تعليق سوى عدم الرغبة في الإطالة، والحقيقة أن هذه الحجة هي أيضاً باطلة لأنه لو توافرت الوثيقة مهما كانت لما أحجموا عن ذكرها.
والحقيقة أنه لا يوجد أي مستند سوى أقوال تدخل في القيل والقال نقلاً عن مصدر بريطاني بقصد الدعاية للمحافل الماسونية وخدمة غايات إستعمارية مكشوفة، فكثير من المستشرقين كانوا يقدمون خدمات قيِّمة لبلادهم تشجعهم عليها حكوماتهم لأغراض استعمارية غير خافية ولكن مما يزعج الباحثين عن الحقيقة أن نرى إفكهم واختلاقهم وقد تناقلتها أقلام كتَّاب ومؤرخين من ابناء شعوبنا وكأنهم ظفروا بصيد ثمين، ولم يكلفوا أنفسهم عناء البحث والتمحيص والتدقيق، فذكروا ما ذكروه نقلاً، لا تحقيقاً وبحثاً بدون أن يقدموا وثائق علمية ومستندات حقيقية وبراهين عملية.
إن إتهام الأمير عبد القادر بالانتساب إلى الماسونية تتهاوى أمام البحث العلمي ولا وجود لها في حقائق التاريخ، وإنما تدخل ضمن الحرب الاستخباراتية في تشويه رموز النضال والكفاح في هذه الأمة، ويأبى الله إلا أن تظهر الحقيقة بأنوارها لتزيل ظلام البهتان والأكاذيب.
9_ وفاته :
وتحدثت في هذا الكتاب عن الأمير الإنسان وعلاقته بأمه وزوجته وأولاده واقاربه وأصحابه وأصدقائه وأبناء شعبه، وعن مواهبه الأدبية والشعرية ونشرتها حسب المواقف والمناسبات.
ودوَّنت في هذا الكتاب أيامه الأخيرة ومرضه ووفاته ودفنه ونقل رفات الأمير بعد تحرير الجزائر عام 1966م إلى بلاده في احتفال شعبي ورسّْمي مهيب، وما أن حطت الطائرة بجثمان الأمير في مطار العاصمة وأطل جثمانه الملفوف بالعلم الجزائري حتى امتدت أيادي رئيس الجمهورية "هواري بومدين" والوزراء لتحمله، وفي تلك اللحظات علت أصوات عشرات الألوف من الجزائريين والجزائريات "الله أكبر" تشق عنان السماء، وكانت ترافق الهتافات زغاريد النساء، وكانت دموع الفرح تملأ مآقي الجميع وتسيل مدراراً.
وقد نظم الشاعر الكبير محمد الأخضر السائحي قصيدة عصماء بمناسبة هذا الحدث التاريخي الكبير حيَّا بها دمشق الفيحاء، جاء فيها:
يا دمشق الفيحاء ألف تحية
قد عرفناك في الندى أُموية
أي بُشرى حَملْتِها لبلادي
برُفات الأمير أي هدية
وخاطب في قصيدته الجيش الجزائري فقال:
من عُلاها استمدَّ جيش بلادي **** ذلك العزم يوم خاض المنايا
هي ليست كما سمعتم رُفاتاً **** بل تُراث مقدَّساً وعطايا
وقال مخاطباً روح الأمير:
ذهب الغاصبون لا دوميشيل **** ولادورليان، ولا صليل السلاح
مات بيجو وألف بيجو وأوّدى **** كل جيش رمته هُوجُ الرياح
أنت في كل ثائر كنت تحيا **** عبقريَّاً محنكاً في الكفاح
إن الله عز وجل أعلى ذكر الأمير في تاريخ البشرية المعاصر وأصبح من رموز النضال وأحرار العالم الذين ناضلوا وكافحوا وجاهدوا لتنال شعوبهم الحرية والكرامة، لقد أثار كفاحه البطولي ضد فرنسا الغازية إعجاباً كبيراً في كافة أنحاء العالم والدول الأوربية، كما كان له صدى كبير حتى في الولايات المتحدة الأمريكية، ففي سنة 1846م أسست مدينة صغيرة بولاية إيوا "iowa" من طرف ثلاثة رواد أمريكيين يسمون جون تومسون، وتيموثي ديفيس وتشنز سايج أطلق عليها اسم القادر على شرف الأمير.
إن الذين كانوا يتجاهلون الوزن الكبير، لمكانة الأمير العالمية هم الذين اندهشوا لتعدي سيرته المحيطات والبحار والفيافي والصحاري والقفار والقارات في زمن كادت به الاتصالات أن تنعدم، فقد كانت شعوب أوربا وحكوماتها تتابع بإعجاب ملحمة الأمير وقتاله البطولي وعبقريته التنظيمية ووطنيته الفياضة وقيمه الإنسانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق