الثلاثاء، 1 مارس 2022

أوكرانيا ليست سوريا!

 أوكرانيا ليست سوريا!
سيف الهاجري

 بالرغم من قرار القوى الغربية بدعم الشعب الأوكراني بالسلاح وفتح باب التطوع لمواجهة المحتل الروسي، وهي التي حرمته من قبل على الشعب السوري، لمواجهة المحتل نفسه فإنها لن تغير من سياساتها اتجاه الأمة وشعوبها وستواجه أي شعب يثور سواء بدعم الأنظمة المستبدة أو بالتدخل المباشر.

فهي كقوى صليبية ترى الأمة ودينها مهددا حقيقيا وتاريخيا، ولا زالت الحملات الصليبية وتاريخها وحروبها تشكل العقلية السياسية والعسكرية في الغرب والشرق المسيحي على حد سواء ولو دارت بينهم الحروب كما نشاهد اليوم في أوكرانيا.

فأحداث التاريخ منذ الحروب الصليبية تؤكد هذا وخاصة ما واجهته الخلافة العثمانية من حملات وحروب حتى أسقطتها الحملة الصليبية البريطانية الفرنسية الروسية في الحرب العالمية الأولى ودخول قواتها القدس عام ١٩١٧ لتدق كنائس ألمانيا حليفة الدولة العثمانية نواقيسها فرحا بدخول الجنرال البريطاني اللنبي القدس!

النظام الدولي

ومع هذا التاريخ والذي لا زلنا نعيشه أحداثه وآثاره فلازال هناك في ساحات ثورة الربيع العربي،

من ينتظر من قوى النظام الدولي الدعم لمواجهة نظامه المستبد،

ويتطلع لهذه القوى الصليبية أن تنصفه وتمنحه الحقوق التي نصت عليها المواثيق الدولية

ولا يدرك، إن أحسنا الظن به، بأن هذه المواثيق الدولية إنما وضعتها القوى الدولية الاستعمارية لتحافظ على هيمنتها العالمية بعد قرون من الحملات الصليبية

لتسقط الخلافة وتخرج الإسلام من المعادلة الدولية!

إن ثورة الربيع العربي بحاجة إلى وعي عميق بطبيعة النظام الدولي والمنظومة العربية الوظيفية من دول وجماعات ونخب،

ولا نغتر بسياسة القوى الغربية بوقوفها مع الشعب الأوكراني المظلوم ضد المحتل الروسي،

فهذا ليس تحولا في سياستها الخارجية بل هو متناغم مع تفسيرها الفلسفي والأخلاقي لمنظومة القواعد والقوانين الدولية النابعة من قلب الحضارة الغربية المسيحية،

فهو تؤمن بأنها وضعت لحماية هذا الحضارة سواء من الداخل بمنع الحروب بين دولها

أو من الخارج بمنع أي مهدد لهيمنتها على الحضارة الإنسانية.

فما يجري في أوكرانيا هو من لطف الله عز وجل بهذه الأمة بأن دخلت روسيا الصليبية في حرب في أوربا،

فسواء انتصرت أو انهزمت فقد انهار أمن الغرب من الداخل،

وانتقل الصراع بين القوى الصليبية من مناطق النفوذ الخارجية إلى داخل أوربا نفسها،

وهذا بحد ذاته سيجعل هذه القوى تنكفئ على نفسها لتؤمن حدودها،

مما سيؤدي بطبيعة الحال إلى انهيار هيمنتها على العالم العربي وانكشاف كل القوى الوظيفية فيه له،

وسيكون أمام قوى الثورة الحقيقية فرصة لاستعادة الثورة المخطوفة من قوى وظيفية مؤمنة بالفكر السياسي الغربي وبروح استشراقية ولا علاقة لها بالإسلام وأحكامه.

‏﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ


الاثنين ٢٧ رجب ١٤٤٣هـ

٢٨ / ٢ / ٢٠٢٢م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق