دوافع الفتوحات الإسلاميةد. علي محمد عودةأستاذ متخصص في تاريخ الحروب الصليبية،
وتاريخ العدوان الفكري الغربي على الإسلام
وتاريخ العدوان الفكري الغربي على الإسلام
دوافع الفتوحات الإسلامية بين تفسيرات المستشرقين المغرضة وحقائق الواقع التأريخي.
لقد أثارت الفتوحات الإسلامية ونجاحها السريع حفيظة المستشرقين في الغرب فشرعوا يفسرونها بأسباب مختلفة وأهم تلك الأسباب التي زعموها الأسباب الاقتصادية وشبهوا العرب المسلمين بالأمم الجائعة مثل الشعوب الجرمانية التي غزت أراضي الإمبراطورية الرومانية وعلى رأس أولئك المستشرقين برنارد لويس وبيكر وغيرهما.
والحق أن هذا الزعم مسروق من نصراني قديم عاش في القرن الرابع الهجري هو الفيلسوف والطبيب النصراني يحي بن عدي في رسالة صنفها تحت اسم مستعار هو عبد المسيح بن إسحاق الكندي حيث زعم في رسالته أن العرب المسلمين كانوا يعيشون في صحراء مقفرة ولا يجدون ما يقتاتون به سوى القليل مثل لحم الضب…..الخ
والحق أن هذا زعم باطل تفنًده حقائق التاريخ.فلو كانت الدوافع الاقتصادية هي السبب لاكتفى المسلمون بالبلاد الخصيبة في العراق والشام ومصر،
ولما تحملوا المشاق والأهوال في فتوح المغرب التي خسروا فيها خسائر بشرية ثقيلة.
والحق أن المتأمل في أخبار الفتوحات الإسلامية يلاحظ عددا من العوامل ساعدت على نجاح حركة الفتوحات الإسلامية،
وأهمها:-
١- أن الدعوة الإسلامية قامت على أساس التوحيد الخالص لله سبحانه وتعالى وحده وإفراده بالعبودية دون سواه
وهذا ما يوافق الفطرة السليمة لذلك انتشرت عقيدة الإسلام بين شعوب البلاد المفتوحة
فدخل الكثير منهم في الإسلام عن اقتناع كامل وإرادة حرة.
٢-أن مبادئ الإسلام العادلة جعلت شعوب البلاد المفتوحة تتوق الى حكم المسلمين لما رأوه من عدل ورحمة لم يجدوها عند حكامهم السابقين.
٣-أن المسلمين كانوا شديدي الإيمان بقضاء الله وقدره فدخلوا سائر المعارك
دون أن يخشوا الموت بل كانت الشهادة مطلبا غاليا للكثير منهم فطلبوا الموت فوُهِبت لهم الحياة.
٤-وجود الصحابة الذين رباهم النبي ﷺ أمثال أبي بكر وعمر وأبي عبيدة وسعد بن أبي وقاص وخالد بن الوليد وغيرهم رضي الله عنهم
الذين تخلقوا بأخلاق القرآن السامية وطبقوها واقعا عمليا في حياتهم وضربوا أروع الأمثلة بالفداء وحب الاستشهاد
وبذلك أثًروا في سائر العرب الذين تابوا بعد حركة الردة فاعتنقوا الإسلام بصدق
واقتدوا بالصحابة في الفداء وحب الاستشهاد مثل طليحة بن خويلد الأسدي وغيره.
٥-شجاعة الجندي العربي وخشونته التي تربى عليها فزادها الإسلام رسوخا وقوة بدعوته إلى الخشونة والتقشف والزهد.
٦-أن الجهاد أصبح ذروة سنام الإسلام وأفضل الأعمال الصالحة التي تقرب إلى الله.
٧-إيمان المسلمين العميق بأن الله تعالى سوف ينصر دين الحق على سائر الأديان كما وعد:
(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون).
ولعل أبلغ دليل نرد به على هؤلاء المستشرقين وأسلافهم ما شهد به أحد قادة الروم
الذين انهزموا أمام المسلمين ردا على الإمبراطور هرقل الذي أرسل إليه يوبخه على عجزهم عن صد المسلمي،
فرد ذلك القائد بهذا القول:
(إنهم أقل منا عددا ولكن عربيا واحدا يعادل مئة من رجالنا ذلك أنهم لا يطمعون في شيء من لذات الدنيا ويكتفون بالغذاء القليل والكساء البسيط
ولا يرغبون إلا في الموت والاستشهاد لأنه أفضل طريق يوصلهم إلى الجنة في حين نتعلق نحن بأهداب الحياة ونخشى الموت يا سيدي الإمبراطور).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق