دروس تربوية من القرآن الكريم
الدكتور فرج كٌنديقال تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن....) البقرة ١٢٤
يقول تعالى منبّهًا على شرف نبيه وخليله إبراهيم عليه السلام، وأن الله جعله إماما للناس يقتدى به في توحيد الله تعالى، حين قام بما كلفه الله تعالى به من الأوامر والنواهي، فقال تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات) أي: واذكر يا محمد لهؤلاء المشركين الضالين وأهل الكتابين المحرفين من الذين يدّعون أنهم ينتحلون ملة إبراهيم وليسوا عليها، وإنما الذي هو عليها مستقيمًا أنت والذين معك من المؤمنين إلى يوم الدين.
اذكر لهؤلاء ابتلاء الله إبراهيم، أي: اختباره له بما كلفه من الأوامر والنواهي (فأتمهن)، أي قام بهن كلهن على أكمل وجه وحسب ما كلفه الله، كما قال تعالى: (وإبراهيم الذي وفّى) أي: وفّى بتنفيذ جميع ما شرع له؛ فعمل به صلوات الله عليه ولم ينقص منها شيئا، قال تعالى: (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفًا ولم يكن من المشركين)، وقال تعالى (ما كان إبراهيم يهوديا) .... أي نفى عنه صفة اليهودية التي كان بني إسرائيل يدّعونها كذبا وبهتانا وزورا.
وقوله تعالى (بكلمات) أي: بشرائع وأوامر ونواهٍ، فإن ((الكلمات)) تطلق ويراد بها الكلمات القدرية، كقوله تعالى عن مريم عليها السلام: (وصدّقت بكلمات ربها) وتطلق ويراد بها الشرعية كقوله تعالى: (وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا) أي: كلماته الشرعية.
وهي: إما خبر صدق، وإما طلب عدل إن كان أمرًا أو نهيًا، ومن ذلك هذه الآية الكريمة: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن) أي: قام بهن (قال إني جاعلك للناس إمامًا) أي: جزاء على ما فعل، كما قام بالأوامر وترك الزواجر جعله الله للناس قدوة وإمامًا يُقتدى به ويُحتذى حذوه.
وعلى الله جزاء كل من آمن وصدق في إيمانه ووفّى بتنفيذ الأوامر الإلهية واجتنب النواهي؛ فجزاه الجزاء الأوفى من الله تعالى في الدارين الأولى والأخر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق