كلما حلّ شارلوك هولمز معضلة أو توصّل لخيوط جريمة يُصاب واطسون بالاندهاش ويقول مبهوراً: كيف فعلتها، فيرد هولمز: إنها مسألة بديهية يا عزيزي واطسون... فأنت ترى، ولكنك لا تلاحظ!
الخيال عزيزي القارئ هو خيلك الذي يحملك إلى غدك، وعندما نعيش في عالم يفتقد للخيال، يصبح غدنا هو واقع أمسنا مع اختلاف في درجات الحرارة فقط، ومع اختلاف بسيط في أسماء أعضاء البرلمان!
أشركوا الخيال في الشأن الاجتماعي من أجل أن نحصل على بدائل لكثير من مشاكلنا، الذي ما زلنا ندور في فلكه منذ زمن، مثل حالات طلاق تملأ المحاكم ويدور حولها محامون يسعون لزيادة ساعات العمل، وسباق بين زوجين مَنْ يأخذ أكثر ومَنْ يثبت أن الآخر هو الأقل أخلاقاً ورجولة، حالات زواج تنتهي عندما تبدأ، وبيوت المسكوت فيها أكثر من المنطوق، والعبوس فيها أكثر من الابتسام، والروتين فيها أكثر من الدهشة، والصراخ أكثر من الإنصات... يمكن للخيال أن يأخذنا إلى مساحات أفضل من هذه بكثير.
أشركوا الخيال في الشأن السياسي، ربما تختفي عبارات مثل «بعد التوكل على الله ومشاورة الأهل والأصدقاء واثنين من عابري السبيل، قرّرت الترشح للبرلمان ورشق الجميع بالحجارة»، أو ربما تختفي تصريحات مثل «انتهاء دولة الرفاهة، ثم الموس الذي على كل الروس، وأخيراً يصرّح وزير المالية أن الكويت تواجه شُحاً في السيولة، وأن الحكومة قد لا تستطيع أن تدفع رواتب شهر نوفمبر المقبل».
أشركوا الخيال ربما نبدأ في طرح الحلول بدلاً من الإشارة للمشاكل، ربما نجد مساحات توافقية حول القضايا العالقة، ودراسات وأهدافاً متفقاً عليها بدلاً من المساحات المخفية ودفاتر الشيكات والاتفاقات الحزبية، والتشهير وطولة اللسان وقصر الفكر.
أشركوا الخيال في الشأن التعليمي، واسألوا الطلاب ما وجه الشبه بين الذبابة والقمر؟ وما وجه الاختلاف بينك وبين نفسك؟ وعلّموهم أنهم بجوار الفن والتطوع والمبادرة يحدث لهم النمو والازدهار، وليس فقط بجوار السوق وتقارير الاقتصاد وإحصائيات الناتج القومي التي تبشرهم بالنمو والازدهار، بينما هم في الفصول وخلف الشاشات ينتظرون الانطلاق للحياة وسوق العمل... أشركوا الخيال في التعليم.
أشركوا الخيال في الشأن الاقتصادي، فأي رجل لم يحظ قط بموهبة تأمل الأشياء لوقت طويل، سينتج اقتصاداً مبنياً على المعدة، أو وكالات عالمية للملابس ومضاربات عقارية لمساحة يختنق فيها الجميع.
في النهاية علينا أن نجد شكلاً يسمح بشراكة الخيال في إدارة المشهد العام... والخاص.
وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله أبتر.
Moh1alatwan
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق