ماذا سيحدث في نوفمبر؟
خواطر صعلوك
محمد ناصر العطوان
الأسرار الثلاثة للمطبخ الفرنسي هي، أولاً ضع قليلاً من الزبدة على أي طعام، ثانيا ضف قليلاً أيضاً من الزبدة نفسها، ثالثاً ضف ما تبقى منها حتى النهاية، ستخرج طبخة رائعة... أما المطبخ الكويتي السياسي لا يختلف كثيراً عن ذلك، سوى في استبدال الزبدة بالملح... فتصبح الأمور «ماصخة» جداً، انتهاء دولة الرفاهة، ثم الموس الذي على كل الروس، وأخيراً يصرح وزير المالية بأن الكويت تواجه شحاً في السيولة، وأن الحكومة قد لا تستطيع أن تدفع رواتب شهر نوفمبر القادم، ما هو المتوقع منا كمواطنين عندما نسمع تصريحاً مثل هذا: «ليس لدينا المال الكافي لدفع رواتبكم»، تماماً مثل أن تصرح لنا وكالة ناسا: «هناك صخرة كبيرة بحجم الكوكب ستضربه»، ما هو المتوقع منا، أن نغير مكان سكننا على ظهر الكوكب ونسكن باطن المحيط؟ أم نركب سفن الفضاء ونغادر فورا؟
من أهم سمات السياسة الكويتية أنها تقدم تصاريح للشعب مليئة بالمشاكل، وبعيدة عن الحلول والبدائل، ومن أهم سمات الإعلام الكويتي أنه يساهم في نشر هذه التصاريح، من دون أن يكون هناك أحد ليسأل السؤال الأهم بعد كل تصريح حكومي... وهو: هل هذا الكلام صحيح، دقيق، كم مقدار الحس العلمي فيه؟
وسائل الإعلام تنقل التصاريح فقط... ثم ماذا... يخرج الأرنب من القبعة وتصفق الجماهير عندما تنزل الرواتب في شهر نوفمبر، من دون أن تعرف لماذا حدث الشح، وكيف توفرت السيولة؟!
حسنا... ما الذي يتوقعه مستشارو السيد وزير المالية من الشعب بعد أن يسمعوا تصريحاً مثل هذا؟ وما الذي يتوقعه الوزير نفسه منا - نحن المواطنين - الذين نعيش على رواتبنا؟ هل يشكو لنا الحال، أم يفضفض معنا بصوت عالٍ وجماهيري؟ أم أن الأمر برمته تصريح من أجل لعبة سياسية وتصاريح بهلوانية رفيعة المستوى؟
لن أتدخل في كل هذا، رغم أني مواطن حر، ولكن بالتأكيد أشعر أن اختياراتي الحرة لا تتعدى نوع معجون الأسنان الذي أستخدمه، أو المشروب الغازي الذي سأشربه على طاولة عشاء في مطعم مقابل ما سأدفعه، أو اسم الكتاب الذي سأقرأه في المساء، أما اختيار الوزراء وسياسة البلد، فهذا شيء خارج متناول يدي ولا أجده مكتوباً حتى في «مينو» المطاعم أو برامج الانتخابات، لذلك فأنا لا أبالي من هو وزير المالية السابق، ولا من هو الموجود حالياً، ولا من هو القادم، ولم أعرف لماذا تم استجواب الوزير الحالي في المجلس ولماذا حصل على ثقة المجلس... ولست من أعدائه، كما أني لست من محبيه، ولا أبالي من هم الذين يدافعون عنه، ولا الذين يريدون له الخروج السريع... كل ما أعرفه أنه بصفته وزيراً «لا يعنيني» ولا أبالي.
أنا مواطن يعمل في وظيفته وينتظر راتبه آخر الشهر، حالي حال الكثيرين في هذا الوطن، ومنذ مدة طويلة أيضاً لم أعد أبالي بأخبار الرعاية السكينة، وما الذي سيحدث في مدينة المطلاع أو غيرها... نحن ننتظر رواتبنا فقط، والأغاني الوطنية الجديدة في شهر فبراير لكي نشعر أننا ما زلنا منتمين لوطننا.
أما الدخول معنا في ألعاب سياسية، نحن الذين لا نلقي بالاً للسياسة ورجالها، فهذا مما سيثير الغضب على الجميع.
نتفهم حالة «الإصلاح» التي تتم حالياً، ولكننا أيضاً نفهم أن الأمر برمته هو أن مجموعة من رجال الدولة قررت أن تلقي من النافذة مجموعة أخرى من رجال الدولة على مرأى ومسمع الشعب... حسناً... افعلوا ما يحلو لكم... ولكن إياكم والمساس أو التهديد برواتب الناس... فهذا لا يعنيكم... وإنما يعنينا نحن.
وليست وظيفتكم أن تعرضوا علينا المشاكل، بل أن تجدوا الحلول والبدائل، فلا تجعلوا الرجال الموكل إليهم حل مشاكل الوطن... هم أنفسهم المشكلة!
السيد وزير المالية... كما تلاحظ فإن هذا المقال يفتقد التوازن الانفعالي، والخطاب العقلاني، والحكمة... ولكنه في النهاية يشبه تصريحك الذي صرحت به... وكل ما لم يذكر فيه اسم الله... أبتر.
@Moh1alatwan
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق