الخميس، 17 سبتمبر 2020

عن التَّطبيع وأشياء أخرى

 عن التَّطبيع وأشياء أخرى


كان النَّبيُّ ﷺ جالساً بين أصحابه فقال لهم: لا يَحْقِرَنَّ أحدُكم نفسه
فقالوا: يا رسول الله،
وكيف يحقر أحدنا نفسه
فقال: يرى أمراً لله عليه فيه مقال، ثم لا يقول فيه، فيقول الله عزَّ وجلَّ له يوم القيامة: ما منعكَ أن تقول فِيَّ كذا وكذا؟
فيقول: خشية النَّاس
فيقول الله تعالى: فإيَّايَ كان أحقَّ أن تخشى!
انتشرتْ ظاهرة التطبيع هذه الأيام، وتسابقت الأنظمة للارتماء في حضن الصهاينة، وكأنَّ الخلاف بيننا وبينهم كخلاف بين جارين على جدار، أو بين تاجرين على بضاعة! وكأنَّ الأمر ليس ديناً وعقيدة، ومسرى نبي، ودعوة ضاربة في عمق التاريخ، وصراع بين حق وباطل هو ذاته ولكن المحاربين يتغيرون!
ومما يندى له الجبين، أننا صرنا نرى الإعلامي، والمثقف، والأديب، والداعية، الذين لا يترك أحدهم موضوعاً في هذا الكوكب إلا وأدلى برأيه فيه، حتى لو أنَّ دابة عثرت عند شاطىء الفرات لصدَّع رؤوسنا بمنشورات الإنسانية والتعاطف! ثم لما جاء التطبيع ، صار صاحبنا شيطاناً أخرس، يخاف على كتبه أن تُحجب، وعلى منبره أن يُنزع منه، وعلى صحيفته أن تطرده، وعلى قناته التلفزيونية أن تستغني عنه!
انحنت الرؤوس لأجل رغيف خبز مغموس بالذل، فباللهِ عليكم يا كلَّ هؤلاء ، إذا لم تقولوا كلمة الحق الآن فمتى تقولونها؟!
إنَّ للهِ عباداتٍ تُؤدى غير الصيام والصلاة، منها كلمة الحق التي قال عنها النبي ﷺ : سيد الشهداء حمزة، ورجل قام إلى إمام ظالم، فأمره ونهاه، فقتله!
إنَّ نُخبة القوم إذا ما اتخذوا السلامة مركباً، فلن يقوم للناس دين ولا دنيا، تخيلوا لو أن أحمد بن حنبل آثر السلامة على قول الحق في فتنة خلق القرآن؟!
تَعِستِ السلامة حين تُمسُّ العقيدة
وتعسَ عيش الأذلاء
وتعست اللقمة التي من طحين المهانة، وماء الذل
وتعس المنصب الذي يريدك شاهد زور، ومقبض باب يحركون رأسك بأيديهم كما شاؤوا!
تعس الكتاب الأكثر مبيعاً، والمقالة الأكثر قراءة، والفيديو الأكثر مشاهدة، والخطبة الأكثر استماعاً، وأنتَ الأكثر خذلاناً لقومك ودينك!
التطبيع خيانة فلا تخجلوا بها، والمُطبّع خائن فقولوها، فإذا كان صاحب الباطل لا يخجل بباطله، فعلامَ يخجل صاحب الحقِّ بحقه؟!
ولأن الأمر دين وعقيدة:
كامب ديفيد خيانة
وأوسلو خيانة
ووادي عربة خيانة
وتطبيع الإمارات خيانة
وتطبيع البحرين خيانة
وتصفيق عُمان للتطبيع خيانة
وهرولة المجلس السوداني نحو تل أبيب خيانة
وزيارة الوفود الإسرائيلية إلى الدوحة خيانة
والتبادل التجاري التركي الإسرائيلي خيانة
وكل من سيطبع لاحقاً فإنه يمشي على درب من خان قبله
ضد المطبعين السابقين، وضد المطبعين الحاليين، وضد المطبعين المستقبليين
لسنا مع أحدٍ في كل شيء
ولا ضد أحد في كل شيء
ومن وقف معنا في الحق، فلن نقف معه في الباطل!
اللهمَّ إني قد بلَّغتُ فاشهد



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق