أ. د. زينب عبد العزيز أستاذة الحضارة الفرنسية
في مقال نشر يوم أول أمس، 25/6/2021، بقلم جيل مونييه، في موقعه الخاص، تناول فيه المسكوت عنه فيما يتعلق بالنشاط الذري الذي تمتلكه دولة الصهاينة، وأماكن المفاعلات النووية الأحد عشر، بما فيها موقع دايمونا ـ الوحيد الذي يعرفه الجميع وأقربها لمصر. والمواقع شديدة الوضوح على الخريطة فهي محددة بتلك الدوائر الصفراء التي تحتوي على ثلاث نقاط سود.
ويبدأ الكاتب بتأكيد ان هذه الصورة بكل ما عليها من مواقع، والتي نشرها الكيان الصهيوني، لا بد وان تكون قد وصلت وتتجول على وبين مكاتب البنتاجون، الذي يحاول رئيس الكيان الحربي للصهاينة أن يؤكد له أن هذه اللافتات المنشورة بالقرب من المواقع الأحد عشر لا ضرر منها، وأنها لحماية المواطنين الصهاينة، بتعريفهم هذه الأماكن، فيكونوا على حذر منها عند وقوع أي هجوم على الأرض المنهوبة. فذلك هو اسمها وواقعها التاريخي مهما امتد بها الزمن.. فالصهاينة غزاة، لا صلة تاريخية أو دينية لهم بهذه الأرض المقتلعة من أصحابها الحقيقيين: من أصحابها الفلسطينيين.
والمعروف للجميع ان الكيان الصهيوني هو الدولة الوحيدة في العالم التي ترفض الموافقة على ان تقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية (AIEA) بتفتيش مواقعها ومراقبة مفاعلها الذرية، وأنه بات من الضروري فتح أبواب كل هذه المفاعلات المسكوت عنها لمفتشي الهيئة الدولية.
والمعروف أن جميع دول العالم، بما فيها الدول العربية، التي لها أنشطة نووية، قد انضمت لمعاهدة عدم استخدام الأسلحة الذرية ووافقت على كل القرارات الدولية التي تطالب بأن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من استخدام الأسلحة الذرية، بينما رفض الكيان الصهيوني ولا يزال يرفض بإصرار ودأب الانضمام الي هذه الاتفاقية الدولية، بل ويصر على عدم السماح للمراقبين الدوليين بمراقبة برنامجه النووي المثير للغضب والتعليقات.. فمن الواضح أن لهم اليد العليا في قيادة التحركات السياسية للعالم، خاصة بعد أن خرج الفاتيكان عن عقيدته وتعاليم دينه سنة 1965 وبرأهم من دم المسيح، بعد أن ظل يلعنهم لمدة الفا عام على أنهم قتلة الرب.. وتحالف الفريقان على محاربة الإسلام والمسلمين بنظام التسلل البطيء.
وما كان قد قيل في حينه وتم التعتيم عليه فورا: ان ضرب ميناء بيروت العام الماضي تم بقنبلة نووية محدودة القدرة، أطلقها ذلك الكيان العربيد الذي لا يجد من يحد من صلفه.. بل ان الجميع يعلمون ان الكيان الصهيوني سبق له واستخدم البلوتونيوم المخضب لصنع أسلحة ذرية.
ففي سنة 2020 أعلن المعهد الدولي للأبحاث حول السلام في استكهولم "أن الرؤوس النووية في إسرائيل وصلت الي عدد 90 رأسا". وفي سنة 2015 كان معهد العلوم والأمن الدولي في واشنجتون دي سي قد أعلن: "أن إسرائيل انتجت 115 قذيفة نووية منذ ان بدأ تصنيعها لهذا السلاح سنة 1963"..
ومن الواضح ان هذه التصريحات لا ترمي الي الضغط على الصهاينة وإنما للتلويح لمن يفهم أو لا يريد أن يفهم: "أن إسرائيل باتت دولة لا تُهزم"..
والغريب أنه بدلا من أن يقوم الكاتب بالمطالبة برفض هذا التعنت المتفرد، راح يحذر قائلا: "لو ان دولة ما امتلكت بحرية قوية يمكنها الاقتراب من السواحل الإسرائيلية، في حالة ما إذا نشب نزاع جديد بين غزة وإسرائيل، فإن هذه الترسانة النووية القابعة على أرضها ليست إلا بمثابة أسلحة انتحارية".. أي أنها ستنفجر في الصهاينة أنفسهم.
ولو أخذنا في الاعتبار ان السيد نفتالي بينت، خليفة نتنياهو، كان مديرا لمكتبه من 2006 الي 2008، ورئيسا لحزب "البيت اليهودي" (2012ـ2018)، ووزيرا للتعليم، ثم وزيرا لشؤون الهجرة، ثم وزيرا للتعليم (2015ـ2019)، ثم وزيرا للدفاع (2019ـ2020) في حكومة نتنياهو، وأنه قد استقال من حزب "البيت اليهودي" ليؤسس حزب اليمين الجديد: "تسالاخ"، وأنه كان قد أعلن رفضه القاطع أكثر من مره، وأعيدها: رفضه التام والقاطع لاختلاق دولة فلسطينية في الأراضي المحتلة.. بل انه يطالب بضم مزيدا من الأراضي الفلسطينية التي باتت تحت سيطرتهم باتفاقيات أوسلو.. وأنه في سنة 2014 كان قد كتب مقالا لجريدة "نيويورك تايمز" قال فيه حرفيا: "بالنسبة لإسرائيل، فكرة الدولتين ليس حلاً".. كما أنه سبق وأعلن عن "ضرورة سيطرة اليهود على منطقة المسجد الأقصى، المعروف بالنسبة لليهود باسم "جبل المعبد"، لأن اليهود الشديدي التطرف ينوون إعادة بناء المعبد، وأنه ـ أي نفتالي بينيت، قد اتخذ الإجراءات التي سوف تؤثر أخيرا على ضم الجانب الشرقي للقدس، وأن ذلك سيتضمن تلقائيا جبل المعبد"..
ولو فهمنا معني هذا الكلام، لأدركنا ما هو القادم في الترتيبات المسكوت عنها.. وكل ما سوف يتمخض عنها.. وأنه لا حل لهذا الاحتلال الصهيوني إلا بإعادة النظر في وعد بلفور وخطابه المشئوم، الذي أدي إلى احتلال أرض فلسطين، وتدمير مئات القري، وتهجير سكانها قهرا وقمعا، بحيث من بقي منهم باتوا يعيشون في سجن مكشوف تتسلل إليهم المواد الحياتية بالقطارة، نقطة.. نقطة.. مزلّة، وإهانة من الغزاة، لأصحاب الأرض الحقيقيين..
وقد سبق أن أشرت بالصور إلى ان المعبد مبني فعلا بنظام المباني السابقة التجهيز، أي أنه يتم تركيبه في بضع ساعات، إن جاز التعبير. وبعد فترة صمت أضيف بهدوء: ومن الواضح أنني لم أدرك بعد أنني أُؤَذن في مالطة.. زينب عبد العزيز 27 يونيو 2021
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق