السبت، 6 نوفمبر 2021

الحركات الباطنية.. غلاة الشيعة (8)

 

الحركات الباطنية.. غلاة الشيعة (8)

تأطير واجب:

انتهينا فيما سبق إلى أن عقيدة الباطنية هي عقيدة مصاغة بمنأى عن القرآن والسنة

ما يدل على عبث بشري لغاية ومأرب في نفوس هؤلاء الضالون،

أما استشهادهم بالقرآن والأحاديث ليس إلا تحقيق لغاياتهم وهي تفتيت المتن الإلهي «بالتأويل» وقد حقق ذلك لهم ما يطمحون إليه وهو:

عدم رفض القرآن ككتاب ديني مقدس (ليلبسوا على العوام فيظهرون لهم على أنهم مسلمون)

التخلي عن تعاليم القرآن شعائر وشريعة من خلال بدعة “التأويل”

وهذا التخلي قادهم بالطبع إلى فراغ فكري يفتح المجال ليكتبوا عن الهوى من خلال «التأويل»

لتفريغ الدين من محتواه الإلهي ومضمونه ومقصد المشرع من تنزيله وهو هداية بني آدم بعد أن عبث أهل الملل السابقة على الإسلام في كتبهم فضلوا وأضلوا.

وهذا مثال جامع شامل:

فقد جاء أحدهم يسأل عن عقيدتهم فبدأ بالسؤال عن الصلاة والزكاة فقيل له:

معنى الصلاة والزكاة عندهم محمد وعلي، فمن تولاهما فقد أقام الصلاة وآتى الزكاة،

فإذا قبل منهم قالوا له قرب قربانك يكون لك سلما ونجوى،

ونسأل مولانا أن يحط عنك الصلاة، ويضع عنك هذه الآصار (الفرائض)،

فيدفع إثني عشر دينارا فيقول الداعي: يا مولانا إن عبدك فلانا قد عرف الصلاة ومعانيها،

فاطرح عنه الصلاة وضع عنه هذا الآصر،

وهذه نجواه اثني عشر دينارا فيقول إشهدوا أني قد وضعت عنه الصلاة، ثم يقول له الداعي:

الآن قد عرفت الصلاة وأنا أرغب أن يبلغك الله أرفع الدرجات،

فاسأل وأبحث فيقول السائل:

عم أسأل فيقال له سل عن الخمر والميسر فاعرف معناهما، فإن الدين لا ينال إلا بالعلم،

الخمر والميسر الذي نهى الله عن قربهما هما أبو بكر وعمر، لمخالفتهما عليا وأخذ الخلافة دونه،

وأما ما يعمل من الزبيب والعنب والحنطة وغير ذلك فليس بحرام لأنه مما تنبت الأرض،

ثم يقول له الداعي هل تحب أن تدخل الجنة، فيقول وكيف لي ذلك، فيقوم الداعي بتلاوة

 {قلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ

قلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}

 (32 الأعراف)

الزينة هنا

فالزينة هنا ما خفي على الناس من سرائر النساء التي لا يضطلع عليها إلا المخصوصون بذلك، ثم يقول له ادفع إثني عشر دينار تكون لك قربانا، فيمضي به ويقول:

يا مولانا هذا عبدك فلانا قد صحت سيرته وصفت سريرته، وأصبح جديرا أن تبلغه حد الأحكام، وتدخله الجنة وتزوجه الحور العين، فإني قد وثقت به وأمنته،

فيقول فإذا صح عندك فاذهب به إلى زوجتك، فيقول سمعا وطاعة لله ولمولانا، فيمضي به إلى زوجته فيبيت مع زوجته،

فإذا كان الصباح قرع عليهما الباب، وقال قوما قبل أن يعلم بنا هذا الخلق المنكوس، فيشكره،

فيقول له ليس هذا من فضلي بل من فضل مولانا، فإذا خرج من عنده سمع به أهل هذه الملة «كجديد» بينهم فلا يبقى منهم أحدا إلا وبات مع زوجته،

ثم يقول له الداعي لابد أن تشهد المشهد الأعظم عند مولانا فادفع قربانك،

وبعد أن يدفع إثني عشر دينارا، يمضي إلى سيده ويقول: يا مولانا هذا عبدك فلان يريد أن يشهد المشهد الأعظم، وهذا قربانه،

حتى إذا جن الليل ودارت الكؤوس وجاء كل منهم بزوجته وأطفئت الشموع والسرج، فيقوم كل منهم بجذب أي واحدة تقع بين يديه،

فيقول الداعي هذا من فضل مولانا فاشكروه ولا تكفروه على ما أطلق من وثاقكم ووضع عنكم من أوزاركم وحط عنكم من آصاركم،

ووضع عنكم من آثقالكم، وأحل لكم بعض الذي حرم على جهالكم.

حادثة خلع الحجر الأسود:

في عام 317هـ زحف أبو طاهر القرمطي إلى مكة قاصدا قتل الحجاج وهدم الكعبة لأن شعائر الحج في معتقده جاهلية وعبادة للأصنام،

فدخل مكة وأصحابه فأحدثوا في الحجاج القتل والنهب وقتل الحجاج وهم معلقون بأستار الكعبة وردم بهم زمزم، وفرش بهم المسجد وما يليه،

قتل من أهل خراسان والمغاربة ثلاثين ألفا، ظل بمكة ستة أيام،

ولم يقف أحدا بعرفة في ذلك العام، وكان يدعو أصحابه فيقول أجهزوا على الكفار عبدة الأحجار، ودكوا أركان الكعبة،

وأقلعوا الحجر الأسود حتى لا يبقى منه أثرا، وطلع أبو طاهر الكعبة وقلع بابها وأخذ ينشد:

أنا بالله وبالله أنا يخلق الخلق وأفنيهم أنا

وصاح أحد أتباعه وهو يقتل واحدا من الحجاج:

يا حمير ألستم قلتم في هذا البيت من دخله كان آمنا، وكيف يكون آمنا وقد قتلته الساعة بحضرتكم.

ويروي أحد الناجين أن واحد من أتباع أبي طاهر،

وأنا بين القتلى جريح مطروح فداسني بحافر فرسه فلما رآني تحركت تقدم إلي وقال أتعرف سورة الفيل؟ فقلت نعم أعرفها فقال أين الطير الأبابيل؟

فقلت حيث شاء ربك، فصاح بي أيها الحمير إنكم تسجدون للحجارة، وتطوفون حولها، وترقصون إكراما لها وتمسحون وجوهكم بها.

رسائل إخوان الصفا:

عرفت هذه الجماعة في منتصف القرن الرابع الهجري بين عامي 334هـ، 373هـ،

في هذه الفترة كانت الخلافة العباسية في حالة من الضعف والتفكك ما جعل كل أمير ينفرد بمقاطعته

مما أغرى آل بويه الشيعة على دخول بغداد والاستيلاء على مقر الخلافة العباسية،

وأقدم من قدم للقارئ رسائل إخوان الصفا كان أبو حيان التوحيدي الذي قال إنه لما سأله الوزير أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن سعدان عن زيد بن رفاعة وحقيقة معتقده فأجاب:

أنه أقام بالبصرة زمنا طويلا، وصادق بها جماعة جامعة لأصناف العلم وأنواع الصناعة فصحبهم وخدمهم،

وكانت هذه العصابة قد تآلفت بالعشرة، وتصافت بالصداقة، واجتمعت على القدس والطهارة والنصيحة،

فوضعوا بينهم مذهبا زعموا أنهم قربوا به الطريق للفوز برضوان الله والمصير إلى جنته،

وذلك أنهم قالوا أن الشريعة قد دنست بالجهالات، واختلطت بالضلالات،

ولا سبيل إلى غسلها وتطهيرها إلا بالفلسفة، وذلك لأنها حاوية للحكمة الاعتقادية، والمصلحة الاجتهادية،

وزعموا أنه متى انتظمت الفلسفة اليونانية والشريعة العربية، فقد حصل الكمال،

وصنفوا خمسين رسالة في جميع أجزاء الفلسفة، علميها وعمليها، وأفردوا لها فهرسة وسموها «رسائل إخوان الصفا وخلان الوفا»

وخفوا أسماءهم وبثوها على الوراقين ولقنوها للناس،

ولكن دعاة الإسماعيلية يقولون عنها أن مؤلفها هو أحد أئمتهم المستورين ويستدلون على ذلك بأن أول من ذكر رسائل لإخوان الصفا كان أحد دعاتهم المسمى بالحامدي

الذي اعتمد في مناقشاته على آراء الشخص الفاضل صاحب الرسائل الجامعة ونظرياته، وينقل أثنائها عبارات كثيرة من الرسائل يدعم فيها أقواله.

ثم يأتي الداعي الإسماعيلي إدريس عماد الدين في كتابه عيون الأخبار فيقول:

«لما خشي السيد أحمد بن عبدالله، أن يزيغ المسلمون عن الشريعة المحمدية إلى علوم الفلسفة،

ألف رسائل إخوان الصفا وخلان الوفاء، وجمع فيها من العلوم والحكمة والمعارف الإلهية والفلسفة الشرعية»

وينقل أيضا عن صاحب كتاب قلائد الجواهر المصنف بالفارسية قوله:

«أن العلامة الفهامة أحمد بن عبد الله هو مصنف اثنين وخمسين رسالة مسماة رسائل لإخوان الصفا وخلان الوفاء»

ذكر الداعي الإسماعيلي أبو المعالي في رسالته المسماة (الأصول والأحكام)

زعم أنه لما انتقل محمد بن إسماعيل إلى دار البقاء تسلمها ولده المستور أحمد الوفي، وهو أول من ستر نفسه عن الأضداد من أهل عصره المخالفين،

لأن زمانه كان زمان فترة ومحنة (نظرا لملاحقة العباسيين لهم حفاظا على بيضة الدين من فساد معتقدهم) حسدا وبغضا من العباسيين لهم،

فأوجب ذلك الاستتار الذي يعتقدونه في أئمتهم، فكتب هؤلاء الأربعة مع غيرهم اثنتين وخمسين رسالة عرفت باسم رسائل إخوان الصفا وخلان الوفا،

وهم عبد الله بن ميمون، عبد الله بن مبارك، عبد الله بن حمدان، ومحمد بن إسماعيل.

ويزعم أغاخان زعيم الطائفة الإسماعيلية الحالي في كتابه «نور مبين حبل الله المتين»

المصنف باللغة الأردية أن سبب تأليف رسائل إخوان الصفا أن عوام المسلمين

توجهوا إلى الإمام (وفي أحمد) يسألونه عن الفرق بين الدين والفلسفة فأجابهم بكتابة هذه الرسائل وأخفى إسمه لأسباب سياسية.

يدل هذا المؤلف وما به من ذخائر علمية وفنية على خبث طوية كتّابه ومنهجهم في التخفي في دعواهم

حتى يستدرجوا العوام بإبهارهم بمحتواه الذي يبثون فيه فساد معتقدهم

مما يؤثر على من هو مصاب برقة في الدين وما أكثرهم، أولئك الذين أضلهم الله على علم، فلنحذر أي مؤلف عليه اسم شيعي.

وللحديث بقية إن شاء الله





الحركات الباطنية.. غلاة الشيعة (1)


الحركات الباطنية.. غلاة الشيعة (2)


الحركات الباطنية.. غلاة الشيعة (3)


الحركات الباطنية.. غلاة الشيعة (4)


الحركات الباطنية.. غلاة الشيعة (5)

الحركات الباطنية.. غلاة الشيعة (6)

الحركات الباطنية.. غلاة الشيعة (7)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق