إن الخصومة التي تظهر للناس على سطح السياسة الدولية بين الأمريكان وبعض الدول المجاورة للعراق، هي خصومة خادعة ومكر خبيث، الهدف منها القضاء على كيان أهل السنة واستئصال تاريخهم الذي بدأ بناؤه في العهد الراشدي الذي يبغضه بعض من يدعون الإسلام ومحبة أهل البيت هذا العهد الذي قضى على الدولة الفارسية، وأقام الحضارة الإسلامية التي أوقدت نار الحقد في قلوب المهزومين الذين كانوا يتربعون على عرش إمبراطورية مترامية الأطراف.
وإن المخطط الشيعي ضد أهل السنة في العالم الإسلامي، ومنه الدول العربية، قد بدأ من عام 1979م الذي قامت فيه أول حكومة أعلنت تصدير سياستها للسيطرة على العالم الإسلامي، وبدأت بإحداث الاضطرابات في مواسم الحج، واستضافة كثير من شباب أهل السنة للدراسة في مدينة "قم" ليعودوا إلى بلدانهم آياتٍ وحُجَجاً إلى يحدثون فيها فتنا واضطرابا بين أهل السنة، وقد حصل ذلك فعلا وانخدع بهم في حينه كثير من أهل السنة في الدول العربية وغيرها، ومنهم بعض العلماء والدعاة وأيدتهم بعض الصحف الإسلامية ظنا بزعم أن الخلافة الإسلامية التي ستجمع المسلمين في كل الأقطار الإسلامية في ظل رايتها قد آذنت بالرجوع إلى هذه الأمة... ثم اكتشف المتفائلون أن ما كانوا يظنونه ماء ليس سرابا بقيعة فقط، بل هو مشروع لتصدير مذهب معين بالقوة إلى المسلمين الذين استمروا في السير على مذهب أهل لسنة والجماعة المستند إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الذي طبقه الجيل المباشر لتلقي الهدى الرباني من القدوة الحسنة للأمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبعد أن ظهرت للمتفائلين أهداف المشروع الخميني وفي طليعتها هدف تصدير ما يسمى بـ(الثورة الإسلامية) كفوا عن الثناء والمديح الذي كالوه للزعيم الشيعي، بل بدأت الصحف الإسلامية التي كانت تؤيده تكفر عن إطرائها له بكشف ماكان مستورا عن المسلمين، وأذكر من تلك الصحف "مجلة المجتمع الكويتية"
وكان من المتفائلين والمؤيدين للخميني بعض الدعاة من أساتذة أهل السنة الذين التقيتهم في مناسبات كثيرة من المؤتمرات والندوات الرسمية والأهلية، وحصل بيني وبينهم حوار حول اندفاعهم المؤيد للزعيم الشيعي، وكان بعضهم يرد علي بصيغة المزاح: الشيخ القادري متأثر بالعقل الجمعي الذي يسيطر على زملائه العلماء في بلده، وأذكر أن زعيما سودانيا قال لي عندما حذرت من العقائد الشيعية الإني عشرية: إنكم تبعثون عقائد من قبور، قد ماتت واندثرت.
ومن الأساتذة الذين ذهبوا في وفد إلى الخميني لتهنئته، الشيخ سعيد حوا رحمه الله، ولكنه انقلب 190 درجة بعد أن كُشِفت له حقائق الزعيم في عقائده وفي سياساته وبخاصة موقفه من المظلومين من أهل السنة، في بعض الشعوب التي تسلط عليها من هم للخميني حلفاء خلصاء، إضافة إلى اضطهاد أهل السنة في إيران، فكتب ناقدا له رسالة بعنوان: :الخميني شذوذ في العقائد شذوذ في المواقف"
ولقد احتضنت الدولة الإيرانية بعض المراجع الشيعية التي كانت أصولها وافدة إلى العراق ودرب أفرادَها الحرسُ الإيراني منتظرة اليوم الذي تسلمها أمريكا السلطة في العراق، فكانت الهجمة الأمريكية التي تواطأت معها الزُّمَر الشيعية في أمريكا وبريطانيا، هي الفرصة السانحة لتنفيذ الخطة الإيرانية الأمريكية على العراق في الحرب الأخيرة، فتدفقت الكتائب الشيعية المدربة في إيران – وعلى رأسها – ما يسمى "لواء بدر" ومدربوه الإيرانيون بعد الغزو الأمريكي مباشرة إلى العراق على مرأى ومسمع من الجيش الأمريكي الذي اصطف وراءه لهدم المدن السنية على رءوس أهلها.
ولتغطية الخداع الشيعي الأمريكي المعتدِيَيْنِ على أهل السنة في العراق، رفعت أمريكا وإيران عنوان الخلاف والشقاق بينهما، وكانت أمريكا تصرح بأن إيران ترسل السلاح والمقاتلين إلى العراق، وهي - أمريكا – تشكو من اجتياز المقاتلين الإيرانيين الحدود الشرقية للعراق، وتجمع جيشها و"لواء بدر" للهجوم على أهل السنة في الغرب والوسط!
ولقد حذرنا مرارا من الخداع الأمريكي الإيراني، ودعونا أهل السنة في العراق إلى اجتماع كلمتهم وتوحيد مرجعيتهم في شئونهم السياسية ليقوا أنفسهم من الحرب الشيعية الأمريكية عليهم.
ولكنهم – مع أسفنا الشديد – تفرقوا في سياستهم، فقسم منهم أعلنوا عدم دخولهم في الألاعيب السياسية الأمريكية الشيعية المرسومة لتمييع أهل السنة وإذابتهم والسيطرة في نهاية الأمر عليهم، واغتر بعضهم ببريق السياسة ودخلوا في زنزانة سجنها السياسي البغيض، في الوقت الذي تنزف دماء ابنائهم في وسط العراق وغربه.
وها هي اليوم أمريكا تهدد السلطة الإيرانية في وسائل الإعلام وتشكو من تدخلها في العراق، ويصطف جيشها مع الجيش الموالي لإيران، ضد أهل السنة في سامراء، ثم يعلن كلا الطرفين قبول التفاوض مع الأخر بطلب في الشأن العراقي من الربيب الإيراني زعيم "لواء بدر"
وإن الواجب على علماء أهل السنة ومفكريهم وسياسييهم أن يبينوا لهم ما يضرهم وما ينفعهم، سواء تعلق بعقيدتهم أو اقتصادهم أو سياستهم أو العدوان على بلادهم، و السكوت عن ذلك مع العلم به غير لائق بهم، فهاهم مراجع الشيعة وعلماؤهم وسياسيوهم واقتصاديوهم ومقاتلوهم يقوم كل منهم بدوره.
وهاهي فضائياتهم في كل من إيران والعراق ولبنان، بل وفي بعض الدول الغربية، تبث لكل تلك الفئات عقائدهم وأفكارهم وسياساتهم، وموضوعاتهم موجهة توجيها ذكيا ونشيطا إلى شبابنا وشاباتنا منطلقين في ذلك من أساس يدعونه، وهو منهم براء، ونحن أولى به منهم، وهو الولاء لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي يرفعون رايته مع إهانة لصفوة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهدفهم من ذلك تكثير سوادهم لينقضوا على أهل السنة في العالم وليس في العراق فقط، وإن أول البلدان التي ستنال قسطها من عدوانهم إذا تمكنوا هي الدول المجاورة – وبالأخص دول الخليج – التي بها من المغريات الدينية والاقتصادية ما لا يوجد في غيرها.
إن الأمريكان واليهود والبريطانيين وبعض الدول الغربية، يعلمون علم اليقين أن العقبة الكأداء أمام تحقيق أهدافهم هم أهل السنة وليس الشيعة، لأن الشيعة قد تعاونوا مع المعتدين على البلدان الإسلامية من قديم الزمن، كما هي الحال مع التتار، وهم اليوم قد تعاونوا معهم في أفغانستان وركبوا دباباتهم عندما احتلوا العراق، ولا تخدعنا تصريحات خلافاتهم المعلنة فالنار تحت الرماد.
وللشيعة في البلدان الإسلامية مواطنون يوالونهم ضد أهل البلد الذي يستوطنونه، لا يجوز الاستهانة بهم، في الجزيرة العربية وغيرها.
لقد صدرت تصريحات من بعض المسئولين الحكوميين على مستويات عليا في بعض الشعوب الإسلامية السنية تحذر من الخطر الشيعي ثم سكتت.
والمسئولون الرسميون قد يضطرون إلى السكوت لأسباب سياسية ودبلوماسية ...ولكننا نحن الشعوب لا يجوز لنا السكوت على خطر نسمعه بآذاننا ونراه بأعيننا، ولا ينبغي أن نخفي الحقائق عن شعوبنا تحت لغة دبلوماسية غير واضحة، خشية من وقوعنا فيما وقع فيه أهل الكتاب قبلنا الذين نهاهم تعالى عن ذلك نهيا صريحا فصيحا في الكتاب العربي المبين:
((وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42) [البقرة]
فهل سينتبه أهل السنة للخطر المحدق بهم من قبل العدو اليهودي والصليبي ومن يواليه عليهم؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق