الخميس، 17 نوفمبر 2022

آسف، أعتذر، سامحني

آسف، أعتذر، سامحني

خباب مروان الحمد 

إن أخطأت في حقِّ أحدٍ عوِّد لسانك على قول: آسف، أعتذر، سامحني.

ودعك من المكابرة والملاججة، فإنَّ طبع المعاندة والمناكدة ونشافة الرأس شينة، والسماحة والملاينة والمرونة زينة.

وحذار من العناد وركوب الراس فإنّه طبعٌ رديء جعل بعض الناس يعرفون الحق ولا يدخلون في الإسلام عناداً، لهذا قيل: الكفر عناد.

إن الاعتذار قوّة في النفس لا تكسرها بل ترفعها، والاعتذار من شيم الكبار.

والاعتذار ليس ذل ومهانة، بل عزّة ومكانة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله :

«ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله»

(رواه مسلم في صحيحه).

ولسنا أفضل من رسول الله  حيث كان يُعدّل صفوف صحابته في غزوة بدر، وفي يده قدحٌ يُعدّل به القوم؛

فمر بسواد بن غْزيَّة رضي الله عنه وهو مبتعدٌ عن الصف، فطعن في بطنه بالقدح وقال له:  «استوِ يا سواد» فقال: يا رسول الله!

أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقِدني! فكشف رسول الله  عن بطنه فقال: «استقد» فاعتنقه سواد فقبَّل بطنه فقال له :

«ما حملك على هذا يا سواد؟»

قال: يا رسول الله حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك، فدعا له رسول الله  بخير.

( حديث حسن الإسناد وله عدّة طرق).

فإن أخطأت اعتذر،

اعتذر من ابنك، وزوجتك، واعتذري من زوجك، وقدّمي له التأسف،

ولنتعوّد ونتمرّن ونعتاد على ذلك؛ ولنُشعر من حولنا أنَّ الاعتذار تصحيح للنفس،

وتعديل للسلوك، حتى ينتبه المرء من تصرفاته وكلماته لئلا يلجأ للاعتذار؛

لكن لو حصل ما أساء فيه لغيره؛ فإن الحل الأمثل الاعتذار.

إذا كانت التوبة واجبة في حقّ الرب تبارك وتعالى؛

فإنّ الاعتذار واجب على المخطئ والمُقصّر، لا أن يقول: لم أقصد، ولم أنتبه، فكلّ هذه تحتاج لتوثقة من الاعتذار والتأسف الصادق،

ولا تجعل اعتذارك لغيرك يظهر على كُره وعدم رضا؛ فهذا يتسع الخرق على الراقع.

كما أنَّه ليس من المناسب أن يُخطئ الشخص في حقّ آخر ثم يعتذر منه وحده، فإن قَبِل منه عذه منفرداً فذلك خير،

لكن الأصل أنّ الاعتذار يكون أمام الخلق، وقد جاء في المثل: «تسبني في زفة؛ وتصالحني في زقاق!»،

أو «تفضحني في حارة؛ وتصالحني في مغارة!».

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي  قال:

«من كانت عنده مظلمة لأخيه مِن عرضه، أو مِن شيء، فليتحلله منه اليوم،

قبل ألا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته،

وإن لم يكن له حسنات، أخذ من سيئات صاحبه فحُمل عليه»

(رواه البخاري في صحيحه).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق