السبت، 19 نوفمبر 2022

Facebook 1959!

 Facebook 1959!

خواطر صعلوك

محمد ناصر العطوان


- محمد أحمد إبراهيم، السن 18، هوايته الاستماع للراديو والتصوير، يرغب في مراسلة أصدقاء من البلاد العربية...عنوانه: بولاق شركة الوسطاني «44» القاهرة.

- محمد حسين بطي، المنامة البحرين، شارع براير، السن 17، يرغب في مراسلة أصدقاء من كافة انحاء الجمهورية العربية.

- سامية يحيى الشربيني، السن 15، هوايتها القراءة وجمع الطوابع، عنوانها القاهرة، حلمية الزيتون، شارع كمال.

- من ليبيا، شارع البلدية رقم 7، ترغب حميدة مختار مسلم، في مراسلة شاب أو فتاة من جميع البلدان، هوايتها التصوير والموسيقى.

- يوسف عيسى، السن 19، من الكويت، إدارة الكهرباء، هوايته تبادل الهدايا وجمع الطوابع.

- غالب رشيد، السن 17، هوايته الاطلاع والتصوير، يرغب في مراسلة أصدقاء في انحاء العالم، عنوانه: الكويت المرقاب، مخزن السعادة، قرب مدرسة صلاح الدين.

عزيزي القارئ، إذا تصفحت أي مجلة قديمة أو صحيفة من الزمن الجميل في الخمسينيات والستينيات لوجدت فيها «Facebook» وانستغرام ولكن على الورق، وقد كانت عادة جميلة أن يرسل الناس صور أبنائهم وتنشر مع تعريف صغير بأجمل صفاته.

لكل زمان وسائل اتصاله، تختلف الوسائل ولكن الرغبات تبقى كما هي، فنحن اليوم لدينا وسائل التواصل الاجتماعي، والأجيال الجديدة تستخدم هذه الوسائل للتعارف والتعرف على الآخر وتكوين صداقات... وربما يعتقد البعض أن هذا خاص بزماننا هذا فقط، ولكن في الواقع فإن فكرة «التواصل والتراسل» كانت موجودة أيضاً في الخمسينات ولكن بطريقة مختلفة عبر المجلات والصحف وصفحة حظك اليوم.

فمثلاً في مجلة «التحرير» والتي كانت تصدر عن جريدة «الجمهورية»، اعتادت أن تنشر «بايو» للراغبين في تكوين صداقات عابرة للحدود، ونشرت في عددها رقم 299، عام 1959 ما نقلته لك في أول المقال.

لا شك أن البراءة والاحترام كانا السمة الغالبة في التراسل والتواصل بين هذه الأسماء، وأن الحيطة والحذر هي السمة الغالبة لزماننا هذا، فقد اختلفت النفوس وتغيرت الهوايات من «جمع الطوابع» في دفاتر إلى «جمع المتفرجين» في المنصات، ومن التراسل من أجل التعرف على «الثقافات» إلى التراسل من أجل تبادل «الفيديوهات»... وأصبح العالم مفتوحا على مصراعيه، ولكن أجمل ما في التراسل والتواصل في فترة الخمسينيات أنه كان يتم بتشجيع ومراقبة وإشراف الأسرة، وتكون الأسرة في غاية السعادة لتبادل أبنائها رسائل عبر الحدود، وأسوأ ما في التواصل والتراسل في زماننا هذا أنه بعيد عن الأسرة، ولا يحتاج سوى «وصلة نت»!

لست من المُقدسين لكل شيء قديم، ولا من اللاعنين لكل ما هو جديد، ولكني أؤمن بأهمية الإشراف والمراقبة وتقديم الدعم وضبط المسارات. وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

Moh1alatwan@

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق