الاثنين، 21 نوفمبر 2022

كاتب في «البوكر» وكاتبان في «ستاربكس» !

 كاتب في «البوكر» وكاتبان في «ستاربكس» !

خواطر صعلوك


لاشك أن الكتابة الإبداعية أصبحت هاجس الكثير من الكُتاب ومدربي الكتابة الإبداعية، وأهم ما يُعطى كتلميحات وإشارات في هذا الموضوع هو الطقوس والروتين الذي كان يمارسه الكُتاب المبدعون في حياتهم اليومية... متى يستيقظون ومتى يعملون وماذا يأكلون ويشربون؟... نجيب محفوظ كان يتجول في شوارع القاهرة المملوكية والحواري الشعبية والمقاهي البلدي من أجل شرارة الإبداع، الشاعر نزار قباني كان يُسرف في التأنق قبل الكتابة ويستخدم العطر، ويستلقي على الأرض وأمامه عدد كبير من الأوراق الملونة، الروائي جمال الغيطاني يغير أقلامه قبل أن يبدأ في كتابة رواية ما، ويستمع إلى الموسيقى أثناء الكتابة، فيما يعتزل الروائي صنع الله إبراهيم تدخين السجائر وشرب القهوة أثناء عملية الكتابة.

أمَّا الروائية أحلام مستغانمي فقد كانت تمارسُ طقساً تفضِّل فيه العُزلة وتغيير رقم هاتفها، والسفر إلى بلد يجهله الجميع، ناهيك أنها تكتب بعد منتصف الليل على سريرها بألوان مائية، وغالباً ما تُفسد ملاءات السرير! أمَّا الكاتب واسيني الأعرج فإنه يميل إلى الكتابة في بيته، وذلك في ساعات الفجر.

الروائية جين أوستن مثلاً كانت تكتب في غرفة جلوس العائلة محاطة بالضجيج... أما أغاثا كريستي فلولا غسيل المواعين والعزف على البيانو ما حَاكَتْ لنا قصصها البوليسية، كافكا كان يكتب في الليل بعد أن تخلد عائلته إلى النوم، أما بلاث فكانت تكتب في الصباح قبل أن يستيقظ أطفالها، واعتاد بلزاك أن يحتسي خمسين كوباً من القهوة يومياً! وغوته يشم رائحة التفاح العفن، أما الكاتب شتاينبك فكان يبري اثنى عشر قلم رصاص قبل الشروع في العمل.

عزيزي القارئ، إن طقوس العملية الإبداعية سواء في الكتابة أو غيرها ينبغي أن تكون روتيناً يُشبه صاحبه، وليس «كتالوجاً» ندرسه في الدورات من أجل اتباعه أو نسخه كما هو، ومما يؤسف عليه أن نلاحظ كُتاباً شباباً يعتقدون أن جلوسهم اليومي في «ستاربكس» هو الحافز الأقوى لإطلاق شرارة إبداعهم... بالتأكيد أنا لا أعترض على جلوس أحد في المكان الذي يشعر فيه بالراحة وقدرته على أن يكون خلاقاً ومبدعاً مع كوبين من «الموكا»، ولكني أشير إلى أهمية أن يكون روتينك اليومي وطقوسك الإبداعية بنت بيئتك وشخصيتك وقدرتك على تطوير هذه الطقوس... لأن المحصلة النهائية بعد جلوس كثير من المبدعين على كراسي الكافيهات، أنه سيكون عندنا كاتب في «البوكر» وكاتبان مازالا في «ستاربكس»! ولو كان شباب هذه الأيام يقرؤون الكتب، خصوصاً الكتب التي ليست ضمن قائمة أفضل الكتب مبيعاً، لعرفوا أن العملية الإبداعية لا علاقة لها بالطقوس، بقدر ما لها علاقة بالنفوس وقدرتها على تنظيم مدخلاتها ومخرجاتها.

في النهاية، أريد الإشارة إلى مدى سعادتي بما رأيته في معرض الكتاب الدولي بالكويت، حيث رأيت الأسرة الكويتية ومعها أبناءها وبناتها يتجولون في المعرض ويشترون الكتب، وتطور واضح في أدب الطفل، وفي قدرات دور النشر الكويتية والاهتمام بالمساحات المختلفة الهامشية للمعرض. 

وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله...أبتر.

Moh1alatwan@

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق