“المونديال” .. بين جلد الفاجر وعجز الثقة!
محاولة تزيين باطل “المونديال” بما نعرفه عن خلفيته وتفاصيله والمنكرات التي ترافقه والباطل الذي يخفيه مع كثرة الهتاف والتصفيق الذي تقوده المؤسسات والقنوات الإعلامية وكذلك الحسابات التي حشدت حشدا لرفع الحدث كإنجاز عظيم وانتصار مهيب للأمة المسلمة! جريمة كبرى بحق هذه الأمة.
فالمونديال منكر عظيم ومحاولة جعله مشروعا يهدف إلى الدعوة لدين الله تعالى هو محض كذب وظلم، وإنما أصبحت “شماعة الدعوة لله” وسيلة للتماهي مع الباطل وتزيين المنكر العظيم، ولا يجب الخلط بين حب دعوة الكافرين للإسلام الذي هو أصل أصيل في الإسلام ولا يذمه عاقل والذي فطرة يفرح له كل مؤمن! وبين استغلال هذا الحب لتمرير الباطل والمنكر وتزيينه والدعوة إليه.
نحن اليوم أمام كومة باطل وإبرة حق!! والناس مع المونديال أقسام:
- 1-قسم مطبع مع الحدث كله جملة وتفصيلا، فهو لا يرى في حدث المونديال أي ضرر أو باطل وهم غالبية شباب الأمة للأسف وهذا ثمن ندفعه من تبعات “الهيمنة” وتربية الأجيال على حب “كرة القدم” وهو موضوع سأتناوله بإذن الله في مقالة مخصصة لسبر أغوار هذه الهيمنة.
- 2-قسم يحب دينه وينافح عنه ويعتز به ويتفاعل مع كل خبر لصالحه، ويظهره، يغار على الإسلام وشعائره، نواياه إصلاحية، في ظل فقه الواقع من استضعاف وهيمنة مطبقة على الأمة، لكنه يرى الحدث من زاوية واحدة “الإيجابيات” من فتح باب للدعوة لله في المونديال، وهذا الصنف فطرة يفرح بمثل أخبار الدعوة لله في قلب المونديال، مع ما يراه من حملة مسعورة للشواذ والملحدين، لكن حبه هذا يجعله يغفل أو ينسى الباطل الذي يحمله المونديال بالمقابل من منكرات وفجور وفسق ومعصية لله وإسراف وهلم جرا مما لا يخفى على متابع.
وكلاهما (القسم الأول والثاني) في موجة التطبيع مع المونديال بقصد أو بدون قصد. ولذلك أسبابا لا تخفى، منها تكاليف العيش تحت الهيمنة، والجهل الكبير بدين الله، وواقع الأمة، وضعف الوعي والحس بما هو منكر وما هو حق. وهذا لكثرة تزيين الباطل على أيدي “إسلاميين” و”دعاة” وظيفتهم لا تخرج عن التماهي مع الباطل بشعارات إسلامية. - 3-القسم الثالث من ينكر المونديال جملة وتفصيلا، ويعلم خطورته ويعلم أبعاده وأبعاد كل تفصيل فيه، ولكنهما على قسمين:
- *قسم فظ غليظ، لا يراع أفهام الناس، فيعاديهم ويستعديهم دون تمييز لطبقاتهم وأفهامهم يفتقد لأساليب الدعوة والإصلاح، ولذلك لا يُسمع صوته لطريقته المنفرة، وغالبا ما يصادمون الجميع حتى ممن يقف معهم نفس الموقف من المونديال، فلا يكسبون حليفا ولا يقهرون عدوا! لضعف بصيرتهم وقلة صبرهم.
- *قسم يبصر درجة الجهل التي بين المسلمين والعبث الذي يجري، فيتعامل مع الحدث بحكمة وبصيرة ويراعي أفهام الناس فينكر الباطل ولكنه يحفظ لكل ذي حق حقه، ولا يحارب من معه في نفس الموقف من الإنكار ولا يستعديه ويحسن التمييز بين الصديق والعدو، بين الحليف والمحارب! يستفيد من كل ما يعينه على دعوته ويتخلص من كل عقبة في سبيل الله.
ونحن اليوم بحاجة لدعاة مصلحين، لا دعاة يتماهون مع الباطل ولا دعاة يرمون الناس جميعا بقوس واحدة بلا أدنى فهم ولا استيعاب لعقولهم ومراتبهم وتمييز درجات الخير والشر فيهم.
نحن بحاجة لدعاة يصححون المفاهيم دون بخس ولا ظلم، بضبط للعبارات بلا تمادي ولا تماهي مع الباطل أو الطغيان.
نحن بحاجة لدعاة يعملون على تعزيز عوامل الانبعاث في الأمة وتبيان الحق من الباطل دون هدم كل خير في الأمة، دون استعداء القلوب الطيبة التي تحب الخير. دون زراعة لليأس والقنوط! وحرمان الناس من معرفة الحق!
كسب المسلمين في معركة الحق والباطل بحسن دعوتهم وفهمهم واجب! وليس مجرد اختيار نتخلى عنه إن شئنا، لأن الدعوة لله على بصيرة أصل أصيل في دين الله.
وإن أخطر ما يهدد فرص نهوض هذه الأمة صنفان من الناس:
صنف أخذ الدين بإفراط فلم يرحم مسلما!
وصنف أخذ الدين بتفريط فجعل الكافر بطلا!
وهكذا نحن نعاني من التيارين، ونسأل الله أن يقيمنا على الاستقامة كما أمر ويرضى.
لقد ابتلينا في زماننا بجلد الكافر وعجز الثقة!
وفي حين نجاهد لنحفظ الحق من الباطل ونحكم بين الناس بالعدل، نجد من يريدها إفراطا أو تفريطا، ولا يبالي بحق ولا عدل.
ولذلك من المهم أن نجمع الناس على الأصول، من تبيان المنكر وعدم قتل حب الخير فيهم وتشويه فطرتهم في حبه!
ولتحقيق ذلك نحن بحاجة للصدق!! الصدق في كل وصف وتشخيص، ثم للأمانة والعدل، وعدم تجاوز الحد.
فكل من أنكر المونديال وكشف ما يحيكه القوم من مكر لهذه الأمة، مطالب بنشر الوعي بهذا المنكر ولكن بحكمة وبصيرة وحفظ حقوق الناس ممن يفرح لدعوة لله أو يفرح لإنكار منكر!
وكل من لا يزال يطبع مع المونديال ويعتبره خيرا كبيرا، يجب أن يستمع لصوت الناصح الأمين ويحذر من الانجرار لسياسة “القطيع” التي عشنا عليها عقودا وكانت نتيجتها العيش تحت الاستضعاف والتخلف العقدي والخلقي.
وما يزيد الطين بلة أن النخب والقائمين على الحسابات الدعوية لا يقدرون على التعامل مع الحدث بكفاءة وعلم! إنما هي ردود عاطفية بتصديق كل خبر عن إسلام مئات الكافرين! وينسون في الواقع أن الأمر مجرد دغدغة لمشاعر المسلمين بل استغفال صفيق لمشاعرهم.
سنبقى نعاني كثيرا حتى نعيد المفاهيم للحق والعدل، لأننا نعاني تبعات العيش في تخلف عقدي وخلقي كبير ولذلك ترى طالب علم بلسان فاجر لا تقوى فيه.
وترى العامي الطيب القلب السليم النية يجهل أساسيات دينه ولا يفرق بين الكفر والإيمان!
لابد من نهضة عقدية خلقية من جديد لانتشال الأمة من هذه الكارثة التي نعيشها.
والله مولانا وناصرنا ويكفينا عزاء أن الله لا يصلح عمل المفسدين وأن الله متم نوره ولو كره الكافرون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق