ما تقييمكم لتعامل السلطات المصرية مع دعوات التظاهر في 11/11؟
السلطات المصرية تعاملت مع هذه الدعوات كما تتعامل مع غيرها من دعوات التظاهر من خلال القمع الاستباقي؛ فرأينا قبل أسابيع من موعد المظاهرات انتشارا مكثفا لقوات الأمن في أنحاء مصر، ورصدنا عمليات توقيف عشوائي، وتفتيش للهواتف دون إذن قضائي، كما أننا رصدنا في منظمة العفو حالات اعتقال لـ 184 شخصا، تم اعتقالهم ثم التحقيق معهم أمام نيابة أمن الدولة العليا على خلفية الدعوة لمظاهرات 11/11، ورأينا أيضا خلال يوم 11/11 انتشارا مكثفا لقوات الأمن، مع إغلاق العديد من الأماكن والأعمال، وتعطيل جزء من المواصلات، وغيرها من محاولات السلطات المصرية القضاء على أي مظاهرات حتى قبل اندلاعها.
هل أعاد مؤتمر المناخ أوضاع حقوق الإنسان في مصر إلى صدارة المشهد؟
بالتأكيد أعاد مؤتمر المناخ أوضاع حقوق الإنسان في مصر إلى الصدارة، خاصة مع وجود هذا الكم الهائل من التركيز الإعلامي، ومن ناحية أخرى هناك المجهود الذي قامت به منظمات حقوق الإنسان والنشطاء المصريون المدافعون عن حقوق الإنسان الذين يجب تحيتهم على شجاعتهم وتحديهم لكل القيود المفروضة، ومحاولات السلطات المصرية إسكات أصواتهم، فنتج عن ذلك تصدر أزمة ومأساة حقوق الإنسان في مصر للمنصات الإعلامية، ليس فقط داخل مصر وإنما في خارجها أيضا؛ فقد رأينا محاولات السلطات المصرية تجميل وجهها أو إخفاء انتهاكات حقوق الإنسان من خلال مؤتمر المناخ، لكن ما حدث هو عكس ذلك تماما، إذ تصدرت عناوين حقوق الإنسان، بينما في المقابل غاب صوت السلطات المصرية في الإعلام الدولي.
لماذا لم تدعُ منظمة العفو الدولية إلى أي احتجاجات في شرم الشيخ؟
لم ندع إلى احتجاجات في شرم الشيخ بسبب السجل التاريخي لتعامل السلطات المصرية مع المظاهرات؛ فالجميع يتذكر فض اعتصامي رابعة والنهضة في 14 آب/ أغسطس 2013 وقتل ما لا يقل عن تسعمائة متظاهر، ثم عمليات القبض والاعتقالات الواسعة منذ ذاك التاريخ وحتى الآن لكل مَن يدعو إلى مظاهرة أو يتظاهر.. السبب الثاني هو القيود التي وضعتها السلطات المصرية للتظاهر في شرم الشيخ؛ فمثلا يجب إخطار الجهات الأمنية قبل موعد المظاهرة بـ 36 ساعة، وأن يكون التظاهر بين الساعة العاشرة والخامسة، وداخل منطقة مُحددة في شرم الشيخ، ورأينا أن هذه القيود مُقيدة بشدة لحرية تنظيم التجمع السلمي.
كما أننا رأينا القيود المفروضة على المصريين والتي تمنع الذهاب إلى شرم الشيخ، كأن يحصل الشخص على تصريح خاص لدخول المنطقة الخضراء، وهو ما جعل الحضور أشبه بالمستحيل على أغلب المصريين، والسبب الثالث هو أن منظمة العفو الدولية ليس لديها مكتب في مصر؛ فهذه ثلاثة أمور منعتنا من الدعوة إلى التظاهر، لكننا في المقابل قمنا بتوثيق حالات لانتهاكات متعلقة بحرية التجمع السلمي من قِبل السلطات المصرية.
هل من المحتمل أن تقوم منظمة العفو الدولية بفتح مكتب لها في القاهرة خلال الفترة المقبلة؟
بالنظر لقانون الجمعيات الأهلية في مصر الآن، وبالنظر للمخاطر التي تواجه المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، والتقييد الشديد وغير المسبوق على المجتمع المدني في مصر.. فنحن لا نرى أن هناك إمكانية حقيقية لفتح مكتب في مصر في ظل هذه الظروف، وإذا كنّا نريد أن نفتح مكتبا في مصر فيجب أن نكون قادرين على العمل بكامل الحرية، وممارسة أعمالنا دون وجود أيّة مخاطر تواجه العاملين والعاملات في منظمة العفو الدولية، وهو أمر غير ممكن في هذه الأوقات.
كيف تتابعون التطورات المتعلقة بقضية المدون والناشط علاء عبد الفتاح؟
نحن قلقون بشدة على وضع علاء عبد الفتاح بشكل خاص لإضرابه عن الطعام منذ أكثر من مئتي يوم، وقد بدأ إضرابا عن الماء منذ سبعة أيام، لذا فنحن قلقون بشدة على حالته الصحية وعلى حياته، وما يقلقنا أكثر هو رفض السلطات المصرية السماح لأسرته بزيارته، أو التواصل معه حتى من خلال خطابات مكتوبة، أو من خلال مكالمة تليفونية، وقد رفضت السلطات المصرية السماح للقنصلية البريطانية بزيارته، ورفض تنفيذ قرار النيابة العامة بالسماح لمحاميه بزيارته، بالإضافة إلى الأخبار التي نقلتها والدته عندما أخبروها بأن هناك تدخلا طبيا قد حدث، وأيضا بالنظر لبيان النيابة العامة الذي ادعى زورا وكذبا أن علاء عبد الفتاح ليس مضربا عن الطعام، وأن أسرته تمكنت من زيارته خلال هذا الأسبوع.
لذا، فنحن قلقون جدا من حالة التعتيم، ومن أسباب قلقنا أن الأطباء العاملين في قطاع السجون في مصر –طبقا للقانون المصري- تابعون مباشرة لمأمور السجن، وليسوا مستقلين، وغير قادرين على اتخاذ قرارات مستقلة في صالح الشخص المهددة حياته.
لهذا، نكرر مطالبنا للسلطات المصرية بالإفراج الفوري وغير المشروط عن علاء عبد الفتاح، ونكرر أيضا أهمية السماح لأسرته، وللقنصلية البريطانية، ولمحاميه بزيارته، ونقله إلى مستشفى من اختيار أسرته حيث يكون هناك أطباء مستقلون يستطيعون تحديد الأفضل لإنقاذ حياته في هذا الوقت.
هل خطفت قضية علاء عبد الفتاح الأضواء من مؤتمر المناخ؟
ليس فقط قضية علاء عبد الفتاح، بل وضع حقوق الإنسان في مصر بشكل عام قد طغى بالفعل إعلاميا على أخبار مؤتمر المناخ، وهو نتيجة للتعتيم الذي تمارسه السلطات المصرية على أوضاع حقوق الإنسان في مصر، فلسنوات عدة قامت السلطات المصرية بحجب المواقع الصحفية، وإلقاء القبض على المعارضين، وعلى بعض الصحفيين، وإغلاق بعض وسائل الإعلام، ومحاولات كثيرة لمنع المجتمع المدني والنشطاء من الحديث مع المجتمع الدولي، وملاحقات لمَن يتعاملون مع الأمم المتحدة؛ فالسلطات المصرية على مدى السنين الماضية قامت بمحاولات هائلة لحرمان المصريين من حقهم في التعبير عن الأوضاع الكارثية أو مأساة حقوق الإنسان في مصر.
إلا أنه عندما حضر الإعلام الدولي في شرم الشيخ، وبالرغم من محاولات السلطات المصرية تخويف وتهديد ومنع التواصل بين النشطاء المصريين والإعلام، فقد تمكن البعض مرة أخرى من تعريف العالم بمأساة أوضاع حقوق الإنسان التي تعاني منها مصر، وذلك بسبب شجاعة المدافعين والمدافعات المصريين، وأيضا دور المجتمع الدولي وحركة المناخ التي تضامنت بشدة مع حقوق الإنسان في مصر، فكان من الطبيعي أن يطغى هذا على مؤتمر المناخ أو على أخبار المؤتمر نفسه.
هل فشلت الضغوط الدولية في الإفراج عن علاء عبد الفتاح؟
من المعروف أن قرار إطلاق سراح علاء عبد الفتاح في يد السلطات المصرية، ومن المفهوم أن القرار في يد الرئيس عبد الفتاح السيسي قانونيا؛ فهو الشخص المخول بإصدار عفو عن علاء عبد الفتاح، أما عن الضغوطات الخارجية فتجدر الإشارة إلى أنها ليست ضغوطات من دول فقط، فنحن نتحدث عن حملة عالمية، فهناك أكثر من 80 دولة، ونشطاء وعلماء من الحائزين على جائزة نوبل، وأكاديميون وإعلاميون.. فهي حملة عالمية رسالتها الوحيدة هي مطالبة السلطات المصرية بإطلاق سراح علاء عبد الفتاح، لكن هل ستنجح الحملة أم لا؟ القرار متروك في نهاية الأمر للسلطات المصرية وللرئيس عبد الفتاح السيسي، ونتمنى تغليب العقل، وتغليب المنطق، والالتزام -ولو لمرة واحدة- بحماية حرية التعبير، والالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر، وإطلاق سراح علاء عبد الفتاح بدلا من "تغليب منطق العند، وتغليب منطق القوة والبطش".
هل تتوقع قرب الإفراج عن علاء عبد الفتاح؟
أتمنى أن نسمع عن الإفراج عن علاء عبد الفتاح في أسرع وقت، والأمر بالفعل متروك للرئيس السيسي، وأكرر ندائي وطلبي، وطلب منظمة العفو الدولية، وطلب الآلاف حوال العالم لإطلاق سراح علاء عبد الفتاح؛ فحياته في خطر فعلا، ونحن لا نعرف وضعه الآن كيف هو، وخاصة في ظل التعتيم الذي حوله.
ماذا لو توفي علاء عبد الفتاح داخل محبسه جراء تصعيد إضرابه عن الطعام والشراب؟
يجب الإشارة إلى أن السلطات المصرية حاليا لديها عدة التزامات، يجب أولا إطلاق سراح علاء عبد الفتاح، ويجب أن تضمن له رعاية صحية مستقلة، ويجب أن تضمن له السماح بزيارة أسرته، ومحاميه، والقنصلية الإنجليزية، وحتى الآن تحتجزه السلطات المصرية دون أي وجه حق، فقط بسبب ممارسته لحقه في التعبير السلمي، وفي حالة موته -مع الأسف– فستكون هناك مسؤولية كبيرة على السلطات المصرية؛ فهناك حملة عالمية، وهناك شخصيات تهتم بالقضية، والعالم لن ينسى، ومرة أخرى نحن لا نتحدث عن دول حيث تتغلب الاهتمامات الاستراتيجية أو المصالح الضيقة، وهؤلاء الأشخاص الذين اهتموا وتضامنوا لن ينسوا ما حدث.
وإذا مات علاء عبد الفتاح في محبسه فستتحول هذه الجملة إلى شيء أكبر بكثير للمطالبة بمحاسبة السلطات المصرية، والمسؤولين المصريين بشكل خاص عن موت علاء عبد الفتاح.
وأخيرا أكرر النداء للمرة الثالثة: نتمنى ألا نصل لهذه النقطة، ونتمنى أن تدرك السلطات المصرية، وتستجيب لدعوات الإفراج عن علاء عبد الفتاح، ليس فقط من أجل الخارج، ولكن من داخل مصر سواء على أساس منطق إنساني أو حقوقي أو قانوني، نتمنى تغليب العقل في هذه القضية.
هل بات نجاح مؤتمر المناخ في شرم الشيخ مُهددا بفعل تداعيات قضية علاء، وانتهاكات حقوق الإنسان؟
هناك شقان: الأول هو المحادثات الخاصة بالمناخ، والعدالة البيئية، فعندما نتحدث عن هذا الشق فأهم النقاط التي يدور الحديث حولها الآن هو مسؤولية الدول التاريخية الملوثة للمناخ، وهو أمر تتم مناقشته بالفعل، ولا تهدد به السلطات المصرية، وإن كان هناك هدف آخر للسلطات المصرية من هذا المؤتمر وهو محاولة تجميل وجه النظام، وإظهار مصر كدولة لا يوجد فيها انتهاكات لحقوق الإنسان.. فاعتقدت السلطات المصرية أنه عندما يذهب إعلام المجتمع الدولي إلى شرم الشيخ بعيدا عن المدن المصرية الكبرى، وحرمان المصريين من التواصل مع المجتمع الدولي فسيؤدي ذلك إلى النسيان، واعتبار أن كل ما يُقال هو مجرد ادعاءات. لكن العكس هو ما حدث، وبالفعل أدرك المجتمع الدولي أن هناك كارثة حقوقية توجد في مصر الآن؛ فنحن نتحدث عن عشرات الآلاف من المعتقلين، وعمليات تعذيب، وإخفاء قسري، وحجب المواقع، وهذا أصبح واضحا جدا للمجتمع الدولي بسبب ممارسات السلطات المصرية بشكل أساسي.. فمن هذا المنطلق فشلت السلطات المصرية فشلا ذريعا في تجميل وجهها من خلال مؤتمر المناخ، بل إنها قدمت هدايا للمصريين من خلال إعطائهم فرصة لإظهار جزء ولو قليل من مأساة حقوق الإنسان في مصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق