في سيرة الحمير...!
خواطر صعلوك
قرأت رواية ممتعة للكاتب المغربي حسن أوريد وكانت بعنوان «سيرة حمار»، وأقول رواية ممتعة لأن الكاتب لديه أفكار ممتعة.
وتحكي تحول إنسان مثقف يدرس الفلسفة والقانون والسياسة وعاشق للفن والحكمة والجمال إلى مسخ «حمار» فعلياً وليس مجازياً، حمار ولكنه يحمل القدرات البشرية في التفكير والتحليل والربط والإسقاط، بل واصطياد المغالطات المنطقية... كيف حدث ذلك؟ كيف لإنسان بهذا الفكر أن يُمسخ إلى حمار؟
السبب عزيزي القارئ وحسب تحليلي للرواية - والتي يختلف معها قراء الـ goodreads - وهي أن هذا الإنسان كانت لديه ثقة عالية بالنفس، فانساق وراء رغباته حتى وقع في غرام امرأة متزوجة... ثم أراد أن يهربا معاً فأعطتهم الخادمة شراباً يحولهم إلى طيور تطير بعيداً ولكن لخطأ في الخلطة أو الحبكة تحول صاحبنا إلى حمار يسير على أربعة حوافر وله أذنان طويلتان، وينهق إذا تكلم!
بعيداً عن مسيرة ورحلة الحمار في الرواية والذي يطرح مسائل حول الاعتقاد والسياسة وتوزيع الثروة، والصفوة والنخبة مع ذرات ولمحات حول المسؤولين والتجار وحقوق الحيوان والحريات، فبالنسبة لي لم أكن مقتنعاً حول ما يطرحه الحمار من فلسفة حارة وآراء حكيمة ومقاربات للخلاص والعدالة، ليس لأن ما يطرحه غير جيد ولكنه لأنه هو الذي يطرحه، فطوال الطريق في الرواية كنت أتساءل، طالما أنك بهذا الذكاء والحكمة فلماذا تحولت إلى حمار، وكيف أصبحت حماراً يحمل أسفاراً من الحكمة ولكنك لم تستفد منها في حياتك وحكايتك؟ وطالما أنك بهذه القدرات العقلية كيف سقطت في حب امرأة متزوجة؟
بالتأكيد، هناك ذلك القارئ العميق الذي يقول «لا تحاكم بطل الرواية، ولكن انظر للسرد والأسلوب وما يُطرح»... أتفق معك تماماً أيها القارئ، ولكني أعتقد أيضاً أنه من المهم أن نحاكم الرواية والقيم التي تنادي بها تماماً مثلما يفعل أبطالها بالواقع الذي يتناولونه، وهذا تفاعل محمود وليس من الشر في شيء.
أذكر أني قرأت رواية لأيمن العتوم بعنوان «صوت الحمير»، بالنسبة لي كانت أكثر إمتاعاً وإقناعاً من رواية حسن أوريد... رغم أني أحب الكاتبين.
وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.
قصة قصيرة:
أما بعد:
فإنك لن تنال ما تريد، إلا بتركِ ما تشتهي،
ولن تنالَ ما تأمل، إلا بالصبر على ما تكره.
فليكن كلامك ذكراً، وصمتك فِكراً، ونظرك عِبراً.
*رسالة من سلمان الفارسي إلى أبي الدرداء «رضي الله عنهما».
Moh1alatwan@
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق