الجمعة، 18 نوفمبر 2022

نواقض الإيمان(1)

 نواقض الإيمان(1)

إن الإيمان هو رأس مال العبد في هذه الحياة، وهو التجارة التي يفد بها على الله بعد الممات، وخسارة الإيمان لا تعدلها خسارة، ولا تقبل فيها الفدية ولو كانت ملء الأرض ذهبًا (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ) [آل عمران: 102].

وقال تعالى: (وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران: 91]. وما أتعسها من حالةٍ حين يهيم الإنسان على وجهه في هذه الحياة حيران قلقًا بعيدًا عن نور الإيمان، وتتردى حالته بعد فلا ينقضي النكد، ولا يُخفف العذاب (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ) [فاطر: 36].

نواقض الإيمان وهادمات الإسلام

فإذا علمتم قدر الإيمان وحقيقته، وكان الاعتقاد سليمًا والعملُ صائبًا، فأنتم محتاجون لتكميل ذلك إلى معرفة نواقض الإيمان، وهادمات الإسلام.

ولقد اعتنى العلماء قديمًا وحديثًا بنواقض الإيمان وأوسعوها بحثًا وتفصيلاً، دعوةً للحق ونصحًا للخلْق.

وما أحرى المسلم أن يتنبه لهذه النواقض فيعلمها ويحذرها، ومن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه، ومن ضل فإنما يضل عليها.

وأحصى الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، يرحمه الله، أصولاً عشرة اعتبرها نواقض للإسلام، حذر الأمة منها ودعا إلى العلم بها فقال يرحمه الله1:

اعلم أن نواقض الإسلام عشرة نواقض:

الأول: الشرك في عبادة الله وحده لا شريك له

الشرك في عبادة الله، قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ) [النساء: 48]، (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) [المائدة: 72]. ومنه الذبح لغير الله، كمن ذبح للجن أو للقبر.

الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة

(من جعل بينه وبين الله وسائط، يدعوهم، ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم، كفر إجماعًا).

وهذا الناقض من أكثر النواقض وقوعًا وأعظمها خطرًا، وذلك لأن كثيرًا من المنتسبين للإسلام- وهم لا يعرفونه حقيقة- جعلوا بينهم وبين الرب وسائط، يدعونهم لكشف الملمات، وإغاثة اللهفات، وتفريج الكربات، وهذا كفر، وإن زعم أصحابه أنهم لا يسألون الله مباشرة تعظيمًا منهم لله- بزعمهم – بل يحتاجون إلى وسائط، والله تعالى ينكر عليهم صنيعهم ويقول: (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً) [الإسراء: 56].

ويقول تعالى: (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ) [سبأ: 22].

أخلص العبادة لله وحده، وادعه وحده، واعلم أن غيره، كائنًا من كان، لا يملك جلب النفع ولا دفع الضر، واستمسك موقنًا بقوله تعالى: (وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ الظَّالِمِينَ * وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [يونس: 106، 107].

أجل لقد قال المشركون قديمًا (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) [الزمر: 3]. وما زال المشركون حديثًا يستغيثون بالأولياء ويستصرخون الموتى، ويطوفون حول الأضرحة، ويطلبون المدد والشفاعة ممن لا يملكها، والله يقول: (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ) [الزمر: 3].

الثالث: من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم

(من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر إجماعًا).

إن الإله الحق واحد، لا إله إلا هو، ولا رب سواه، وإن الدين الحق واحد وهو ناسخٌ لجميع الأديان قبله (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ) [آل عمران: 19]، (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران: 85].

فمن عبد مع الله غيره، أو ابتغى غير الإسلام دينًا، فهو كافرٌ لابد من تكفيره والبراءة منه ومعاداته، قال تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) [الممتحنة: 4].

تلك الحنيفية التي أُمِرْنا بالاقتداء بها، ومن رغب عنها فقد سفه نفسه، أما الاستمساك بالعروة الوثقى فشرطها الكفر بالطاغوت والإيمان بالله (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ) [البقرة: 256].

قال الإمام محمد بن عبد الوهاب، يرحمه الله: (وصفة الكفر بالطاغوت أن تعتقد بطلان عبادة غير الله، وتتركها، وتبغضها، وتُكفِّر أهلها، وتعاديهم)2.

أيها المسلمون، وحين تغيب هذه الحقائق المهمة في المعتقد، فيضعف الإحساس بالولاء للمؤمنين والبراءة من الكافرين، وتندثر في دنيا العلاقات المحبة في الله والبغض في الله، ويغيب التميز في الثقافات، وتُنسى أصالة الفكر واختلاف المعتقدات، هنا يقع الخلل، ويرتعُ الهملُ، وتشيع بين الناس دعوات باطلةٌ، وأفكار مضللةٌ، ظاهرها التسامحُ والحرية، وباطنها الكفرُ وفرضُ التبعية، وتُقامُ المؤتمراتُ العالمية، وتكثر الملتقيات والحوارات من أجل تقرير وحدة الأديان، ومقارنة الأديان، وإزالة الخلاف العقدي، وإسقاط الفوارق الأساسية بين الأديان، والثشبثُ بأمور بسيطة يخدعون بها الدهماء من الناس، ويجعلونها أساسًا للوحدة المزعومة، وربما سمعت مصطلح «الديانة الإبراهيمية» أو «الديانة العالمية»، وإبراهيم عليه السلام بريء من أي لون من ألوان

الشرك والوثنية، وقد برأه الله من اليهودية والنصرانية المحرفة، وألبسه لبوس الحنيفية المسلمة (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [آل عمران: 67]. وجعل أولى الناس به الذين اتبعوه (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) [آل عمران: 68].

تلك حاسمة الخلاف ومبتغى الحق لمن رامه، وكفى بالله شهيدًا وبالقرآن حكمًا، أما المخدوعون بالسراب فربما راقت لهم فكرة «زمالة الأديان» وإمكانيةُ التّعايشِ والتعاون بين أصحاب الديانات المختلفة في سبيل محاربة الإلحاد والعلمنة، ولا يخفى على أولي الألباب أن هذه الدعوات المحمومة نشأت في أحضان التنصير والصهيونية العالمية لتحطيم الإسلام، وتذويب الشخصية المسلمة، لأنهم يرون في الإسلام وأهله أكبر قوة تهددهم.

ويأتي النظام الدولي الجديد، عاملاً رئيسًا في إحياء تلك الشجرة الخبيثة، إذ تعقد الاجتماعات، ويستمر الملأ لهذا الغرض الخبيث3.

وينبغي أن يعلم الناس أن هذه الدعوات المشبوهة ليست وليدة اليوم، بل لجلجت في غابر القرون، ودعا إليها قومٌ آخرون.

وهذا شيخ الإسلام ابن تنمية، يرحمه الله، ينقل عن ملاحدة الصوفية كابن سبعين، وابن هود، والتلمساني أنهم وغيرهم كانوا يسوغون للرجل أن يتمسك باليهودية والنصرانية كما يتمسك بالإسلام ويجعلون هذه طرقًا إلى الله بمنزلة مذاهب المسلمين …

بل ذكر الشيخ أن هؤلاء المُخَرِّفين يميلون إلى دين النصارى أكثر من دين المسلمين لما فيه من إباحة المحظورات (كالخمر مثلاً) ولأنهم أقرب إلى الاتحاد والحلول، بل ربما استحيا الواحد منهم أن ينتسب للإسلام بحضرة هؤلاء الكفار4. نعوذ بالله من الخذلان والردة بعد الإسلام.

كما أن التتار نادوا بمساواة الأديان، وقال الأكابر من وزرائهم: إن دين الإسلام كدين اليهود والنصارى … وأن هذه بمنزلة المذاهب الأربعة عند المسلمين.

قال ابن تيمية معلقًا: (ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين، وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ اتباع غير دين الإسلام، أو اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، فهو كافر، وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض كما قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً [النساء: 150، 151]) 5.

الرابع: الذين يفضلون حكم الطاغوت على حكمه صلى الله عليه وسلم

من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسنُ من حكمه فهو كافر 6.

أيها المسلمون، لقد أجمع العلماء الذين يُعتد بإجماعهم على أن السنة هي الأصل الثاني من أصول التشريع الإسلامي، وهي كالقرآن في التحليل والتحريم7.

وثمة دعوات مغرضةٌ للتقليل من شأن السنة النبوية، أو التشكيك في صحة ما ورد فيها، وتلك طريق لهدم أحكام الإسلام، لأن السنة مستقلةٌ بتشريع الأحكام … وربما سمعت قولاً خبيثًا مفاده: دعونا نتحاكم إلى القرآن لأنه كلام الله، أما السنة فهي كلام محمد، ومحمد صلى الله عليه وسلم بشر؟ ! (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً) [الكهف: 5]، وهل جاء محمد صلى الله عليه وسلم بشيء من أمور الشرع من تلقاء نفسه؟ والله يقول عنه:

(وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) [النجم: 3، 4]. ويعصمه الله من الزلل والأقاويل الباطلة ويقول: (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ) [الحاقة: 44 – 46].

ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الصنف من الناس فقال فيهم: «لا أعرفن الرجل منكم يأتيه الأمر من أمري، إمَّا أمرت به أو نهيت عنه، وهو متكئئٌ على أريكته فيقول: ما ندري ما هذا؟ عندنا كتاب الله، وليس هذا فيه، وما لرسوله الله يقول ما يخالف القرآن، وبالقرآن هداه الله»8.

بل لقد جاء الأمر بلزوم سنته صريحًا في القرآن (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) [الحشر: 7]. فهل ينتهي المنافقون ويستيقظ الغافلون لما أراد بهم؟ .

على أن رفض هدي محمد صلى الله عليه وسلم يتخذ شكلاً آخر، يتجاوز القول إلى العمل، وذلك برفض التحاكم إلى شريعته في كل شيء، والعدول عنها إلى قوانين وضعية- سمّاها الشيخ «حكم الطاغوت» – زعموا أنها أصلح للحياة المعاصرة، وتلك وربي ردةٌ جديدة بُليَ بها شعوب العالم الإسلامي في القرون الأخيرة، ولقد عاش المجتمع الإسلامي قرونًا طوالاً يستظلُّ بشرع الله، وتهيمن الشريعة على حياة أفراده حُكامًا ومحكومين، مع وجود بعض المعاصي سواء كانت كبائر أم صغائر، ولكن النظام السائد هو شرع الله وحكمه، كما كان جهادُ الكُفَّار مُستمرًا، ونشر الإسلام متواصلاً.

أما أن تُرمى الشريعة المطهرةُ بالقصور، أو يُتهمَ المطالبون بتحكيمها بالرجعية فذلك لم يحدث إلا حين أنهيت الخلافةُ الإسلاميةُ، وتغربَ بعضُ أبناء المسلمين، ومُكنَ لهم في القيادة، وكانوا أداةً طيعةً في أيدي المستعمرين، وكانوا أبعدَ الناس عن نصوص الكتاب المحكم والسنة المطهرة، وإلا ففي القرآن زواجر رادعةٌ، وفي السنة أحكامٌ وتنظيمات شاملةٌ، أينَ هؤلاء من مثل قوله تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [المائدة: 50]. وأين هم من قوله تعالى: (وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة:44].

(وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [المائدة: 45].

(وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [المائدة: 47].

حكم من ترك التحاكم بما أنزل الله وحكم بالقوانين الوضعية

وأما من يدعون الإسلام وهم يحاصرون شريعة الإسلام في أمور خاصة لا تتجاوز الأحوال الشخصية، أما السياسات العامة والقضايا الكبرى المهمة فتلك يُحَكمون فيها أهواءهم، ويقلدون بها غيرهم، والله تعالى يقول: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [النساء: 65].

ولقد أحسن أحد العلماء في وصف من طُمِسَتْ بَصيرته فاستبدل بالشريعة القانون حيث قال: (إن مثل هذا مثل الجعل يتأذى من رائحة المسك والورد الفوّاح، ويحيا بالعذرة والغائط في المستراح)9.

لقد اعتبر العلماء قديمًا وحديثًا الحكمَ بغير ما أنزل الله كُفرًا مُخرجًا عن الملة، نقل الإجماع على ذلك ابن كثير10. وألف مفتي الديار السعودية فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم، يرحمه الله، رسالة في «تحكيم القوانين» وضح فيها الحالات التي إن فعلها الحاكم دخلت في الكفر المخرج من الملة، ولولا خشية الإطالة، لنقلتها لكم فليراجعها من يشاء.

الهوامش

(1) انظر الدرر السنية 8/ 89، 90، مؤلفات الإمام محمد بن عبد الوهاب 5/ 212، الولاء والبراء/ 75، التبيان للعلوان.

(2) أنظر: التبيان شرح نواقض الإسلام/ العلوان/ 27.

(3) انظر. د عبد العزيز العبد اللطيف. نواقض الإيمان/ 377، 379.

(4) انظر الفتاوى 14/ 164، 165 نواقض الإيمان، العبد اللطيف/ 378، الرد على المنطقيين/ 282.

(5) الفتاوى 28/ 524.

(6) الولاء والبراء/ 75.

(7) العلوان: التبيان في شرح نواقض الإسلام/ 34.

(8) أخرجه الترمذي وأبو داود ورزين وإسناده صحيح (جامع الأصول 1/ 83).

(9) الرسائل المنبرية: 1/ 139، الولاء والبراء، القحطاني/ 79.

(10) البداية والنهاية: الجزء الثالث عشر/ 139.

المصدر

كتاب: “شعاع من المحراب” ، د. سليمان بن حمد العودة (2/25-38).

اقرأ أيضا

ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه

إن الدين عند الله الإسلام

مصطلحات وتعريفات “الكُفر”

أعظم نواقض الإسلام عشرة

الاستهزاء بالدين من نواقض الإسلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق