الروح الصليبية ، والصحوة الأنجيلية ، والبذرة الأولى للفكرة الصهيونية
أ . د / علي بن محمد عودة الغامدي.
الروح الصليبية ، والصحوة الأنجيلية ، والبذرة الأولى للفكرة الصهيونية.
كادت الروح الصليبية تموت في أواخر القرن 6 السادس الهجري لسببين:
الأول – نجاح صلاح الدين في منع الحملة الصليبية الثالثة من احتلال القدس
الثاني – انحراف الحملة الصليبية الرابعة إلى القسطنطينية ضد دولة الروم وإسقاط دولة الروم لحساب الغرب الصليبي الكاثوليكي.
لكن الصحوة الأنجيلية التي بعثها فرنسيس الأسيسي – بعدئذ – أحيت الروح الصليبية.
وإذا كانت الصحوة الأنجيلية قد بعثت الحياة في الروح الصليبية، فإنها أنجبت وليداً خبيثأ هو التنصير الموجه إلى المسلمين. فقد أفرد فرنسيس الأسيسي – الذي أحدث تلك الصحوة – في قوانينه التي وضعها لمنظمته فصلاً يتعلق بالرهبان المنصرين الذين يذهبون إلى بلاد المسلمين والشروط الواجب توفرها فيهم.
اما الإرسالية التنصيرية الأولى فقد قام بها فرنسيس الأسيسي نفسه وتزعم أول إرسالية تنصيرية الى الشرق الإسلامي فصحب الحملة الصليبية الخامسة (٦١٤ – ٦١٨ هجرية)وقابل السلطان الكامل محمد ودعاه إلى إعتناق النصرانية ولما أخفق في هدفه حصل منه على إذن بإقامة دير لرهبانه ( الرهبان الفرنسيسكان ) في القدس.
وأصبح دير الرهبان الفرنسيسكان في القدس مركزاً للتنصير وللتجسس على المسلمين لصالح القوى الأوربية طوال عصر الحروب الصليبية. ومن هذا الدير ” دير الرهبان الفرنسيسكان في القدس ” وُلِدت البذرة الأولى للفكرة الصهيونية.
أما كيف ظهرت البذرة الأولى للفكرة الصهيونية فكانت كالتالي :
اختار فرنسيس الأسيسي المكان الذي اقام عليه الدير في جبل صهيون بالقدس على انقاض ” عُليَّة ” تزعم الرواية النصرانية انها كانت بيت مرقص الذي تناول فيه المسيح العشاء الرباني الأخير مع حوارييه قبل صلبه المزعوم.
ومع مرور الزمن وسَّع الرهبان الفرنسيسكان الدير ، واثناء التوسعة عثروا على قبو قديم وداخله قبر ، فجاء اليهود وزعموا أن القبر قبر داود عليه السلام ، وطالبوا بامتلاك ذلك القبو. وحدث نزاع طويل بين الرهبان الفرنسيسكان وبين اليهود على امتلاك ذلك القبو.
وكان اليهود ينجحون أحياناً في اقناع السلطات المملوكية – عن طريق تقديم الأموال للمماليك – بتمليكهم ذلك القبو الذي فيه قبر داود المزعوم فيشتكي الرهبان الفرنسيسكان للدول الأوربية فتتدخل لدى السلطات المملوكية لإعادة القبو للرهبان الفرنسيسكان. وظل ذلك القبو مثل الكرة مرة يستحوذ عليه اليهود واخرى ينتزعه الفرنسيسكان.
وحينما استولت الدولة العثمانية على الشام ومصر ورثت تلك المشكلة القائمة بين الرهبان الفرنسيسكان وبين اليهود حول امتلاك ذلك القبو الذي يزعم اليهود انه قبر داود عليه السلام.
وتخلصت الدولة العثمانية من تلك المشكلة بأن طردت الرهبان الفرنسيسكان من ديرهم في القدس وهدمت المكان بما فيه القبو وبنت على انقاضه مسجداً بإسم النبي داود عليه السلام.
ورغم ذلك ظل اليهود يعتقدون ان المسجد بُني على قبر داود عليه السلام واعتبروا ذلك الموقع رمزاً لمملكة داود في العصر القديم.
ولما قامت دولة الكيان الصهيوني عام ١٩٤٨م كان أول عمل قامت به هو أنها هدمت مسجد داود وبنت على انقاضه مبنى الكنيست الصهيوني.
كتبه أ . د / علي بن محمد عودة الغامدي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق