الاثنين، 16 يناير 2023

قانون سكسونيا...!

قانون سكسونيا...! 

خواطر صعلوك


هناك دول، القانون فيها لا يحمي المغفلين، وهناك دول، المغفلون وحدهم يظنون أن القانون يمكن أن يحميهم، وهناك دول ينطلق القانون فيها من معايير أخلاقية للمجتمع بحيث يحمي الجميع، المغفلون والأذكياء، الأغنياء والعمال.

«الغول»، هو فيلم مصري عرض عام 1983، بطولة فريد شوقي وعادل إمام ونيللي، ومن إخراج سمير سيف، الفيلم مأخوذ عن المسلسل الإذاعي «قانون سكسونيا»... 

يحكي الفيلم قصة صحافي (عادل الإمام) يعيش بمبادئ وأخلاق صاحبة الجلالة حيث الحق يعلو ولا يعلى عليه، ولكن الواقع مختلف، فهناك قضية النفوذ والسلطة التي تنال من البسطاء في هذه الفترة، وتعرف كيف تستخدم وتتلاعب بالقانون لتخدم مصالحها، فيمر الصحافي برحلة مدتها 120 دقيقة يكتشف خلالها أن قانون سكسونيا هو الذي يُطبق وتجعل منه الرحلة قاتلاً في النهاية... لكنه لم يرغب أن يقتل فريد شوقي، بل أراد أن يقتل قانون سكسونيا، وأن يحقق العدالة بمنطقه بعيداً عن القانون الذي لم ينصفه.

في فترة الثمانينات انتشر مصطلح «الغول»، على كل المتنفذين وأصحاب الثروة والسلطة، ولكن بعد الفيلم أصبحت لزمة «قانون سكسونيا» متداولة بين الناس البسطاء بسبب هذا الفيلم، رغم أنه ليس من الأفلام المشهورة كثيراً.

أُخذت فكرة الفيلم من القانون الذي وُضع في ولاية سكسونيا، وهي إحدى ولايات ألمانيا القديمة، ووضعته حاكمة ولاية سكسونيا في القرن الخامس عشر، وكان ذلك بواسطة مشرعين من طبقة الأغنياء، وارتبط اسمه باسم الولاية.

قانون سكسونيا من أغرب القوانين الموجودة في العالم، فبمقتضى ذلك القانون كان هناك تمييز في تنفيذ العقوبة بين المجرم من عامة الشعب والمجرم من طبقة النبلاء.

كان ذلك القانون يُفرِّق بين الناس في العقوبة وفق طبقتهم الاجتماعية. فكان يجري تنفيذ عقوبة الإعدام للقاتل إذا كان من عامة الشعب، وذلك بأن تُقطع رأسه بحيث تفصل عن جسده. أما إذا كان القاتل من طبقة النبلاء والأغنياء فكان يجري تنفيذ عقوبة الإعدام بطريقة «غريبة»، إذ كان يؤتى بالقاتل ليقف في الشمس وكانت تُقطع رقبة ظله!

وكذلك في تنفيذ عقوبة الجلد للسارق من عامة الشعب، بأن يُجلد ظهره، بينما السارق من طبقة النبلاء كان يؤتى به ليقف في الشمس ويُجلد ظهر ظله!

يُحاول الفيلم بشكل غامض معالجة فكرة الثغرات القانونية أو النظام القانوني الذي يعاقب المجرمين ولكنهم يُفلتون او يُورط البريئين دون قصد، وما هو الأثر المترتب عليه، ناقشت سينما هوليوود هذا الموضوع في فيلم «هاري القذر» عام 1971م، وكذلك فيلم «حجرة النجوم» عام 1983م.

في كتاب «الأثر- كيف يؤثر القانون في السلوك» والذي كتبه لورانس فريدمان، وترجمته «عالم المعرفة» مشكورة... يوضح الكاتب أن في المجتمعات التي تفتقد الحد الأدنى من الوعي القانوني، يفترض الناس فيها أنهم عاجزون عن عمل شيء وأنهم لن يحصلوا على العدالة، وتظهر رسائل خاطئة غير مقصودة. 

وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله...أبتر.

Moh1alatwan@

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق