وحشية الأنظمة.. وشراسة المعركة بين الحق والباطل
م .محمد إلهامي
كثير من المنشورات تتحدث عن الأحوال المأساوية في مصر، كوارث في الدين وكوارث في الدنيا!!
أتفهم جدا صدمة الناس الذين لم يتوقعوا وحشية هذه الأنظمة ومدى شراستها واجترائها على شرب الدماء وتقطيع البشر وإذلال الناس!!
كيف لا أتفهم، وأنا الذي نشأت في ظل الحركة الإسلامية أرى أن من أشد وأعظم الخطأ الذي وقعنا فيه أننا لم نتربّ جيدا على المفاصلة وعلى معاني شراسة المعركة.. لم نعرف حقا معنى قوله تعالى: {كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة}، {إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم}، {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم}، {لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف، ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى}
مع أن القرآن حافل، والسنة حافلة بمعنى عنف المعركة وشراستها بين الحق والباطل، إلا أن الحركات الإسلامية التي اختارت مهادنة هذه الأنظمة اضطرت أن تعيد تكييف المسألة باعتبارها معركة شركاء في الوطن، أو معركة بين مسلمين على أمور بسيطة، أو حتى معركة بين صالحين وبين أهل فسق وضلال!!
فإن كان هذا هو شأن أبناء الحركة الإسلامية، فكيف يكون شأن الناس الذين يحسبون أنها معركة سياسية ومعركة اختلاف في الرأي، أو على أقصى تقدير معركة بين اتجاهات وطنية مختلفة على قاعدة من حب الوطن والانتماء له؟!
كان لا بد أن تكون الصدمة عاتية.. وأن تكون المفاجأة صاعقة حقا!!
لقد تصرفت الأنظمة مع الثورات بطبائعها الأصيلة الراسخة الدفينة، طبائع العملاء أبناء الاحتلال الأجنبي.. طبائع أخس أعداء الأمة وأكثرهم بغضا لها ولأبنائها.. طبائع من باعوا أنفسهم للعدو وللشيطان، وباعوا آخرتهم بدنياهم ودنيا أسيادهم!
طوفان النار والدم والمذابح والقصف والتدمير كان بالنسبة لهم حقا طبيعيا ووسيلة وحيدة.. هذه الزنازين التي طُحِنت فيها عظام البشر، وسُلخت فيها جلودهم هي بالنسبة للأنظمة وسائل علاج وأدوات تهذيب وتأديب وإصلاح!!
وأما عموم الناس فعاجز خائف أو مخدوع مغرور أو فاجر منافق يبحث عن مكان له في مركب الظالمين!!
وهذه الأصناف الثلاثة يجب أن تبذل في هذه المعركة ما يجعلها تكسب في دنياها، أو تتجنب غضب الأنظمة وشكوكها.. وكل واحد يعطي في معركة الباطل بحسب ما سمحت له خسة نفسه!
ولا تزال الصدمة حتى الآن تلف الكثيرين.. بل تلف الكثيرين من المهزومين.. فكثير من المهزومين لا يزال يرى أنه كان بالإمكان تجنب المعركة أو تخفيفها بتقديم المزيد من التنازلات، أو إعلان الانسحاب، أو عدم دخول هذه المعركة من الأساس.. كأن عدو الأمة كان سيتركهم في حالهم ما داموا مسالمين!!
لعل درس هذه الثورات الأكبر هو هذا الذي تعلمناه بالدم وبالمذابح.. نحن نواجه عملاء مجرمين لا أنظمة وطنية، ونواجه أعداء في الدين مثلما هم أعداء في الدنيا.. سواء أكنت مسلما أو علمانيا فأنت أمام نظام عدو بميزان الدنيا أو بميزان الوطنية العلمانية القطرية!!
هذا هو الدرس الذي يجتاحني الرعب كلما تخيلت أنه قد يُنسى أو يخفت أو يبهت من النفوس!!
ولئن عجزنا عن مواصلة المقاومة والثورة في زماننا، فسيكون أحسن ما نقدمه لمن بعدنا هو أن نورثهم هذا الدرس.. فإن لم نفعل، فنحن الذين نخون أبناءنا وأحفادنا ونسلمهم لعدوهم وجلادهم وسجانهم وقد علمناهم ودربناهم أن هذا العدو السفاح الجلاد هو رئيسنا الوطني أو أن معركتنا معه على أقل الأحوال هي مجرد خلاف سياسي!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق