السبت، 25 فبراير 2023

29 عاماً على مجزرة الحرم الإبراهيمي..العدوان مستمر ولا محاسبة للاحتلال

29 عاماً على مجزرة الحرم الإبراهيمي.. العدوان مستمر ولا محاسبة للاحتلال




لا تزال "المجزرة" هي الكلمة الرديفة للحرم الإبراهيمي في أذهان الفلسطينيين، وخاصة أهالي مدينة الخليل جنوبيّ الضفة الغربية، رغم مرور 29 عاماً على المجزرة التي نفذها المستوطن الإرهابي باروخ غولدشتاين وقوات الاحتلال الإسرائيلي بحق مصلّي الفجر في الحرم، في شهر رمضان، ومن ثَمَّ مشيِّعوهم.

راح ضحية مجزرة الحرم الإبراهيمي التي يوافق ذكراها اليوم السبت، 50 فلسطينياً، فيما أصيب 150 آخرون، ولم تحاسَب إسرائيل حتى الآن، فيما لا تزال الذاكرة نابضة حية بكل تفاصيل تلك المجزرة، رغم مرور الزمن، ولا يزال أهالي الخليل يعانون تبعاتها العدوانية.

عدوان مستمر حتى الآن

كانت مجزرة الحرم الإبراهيمي نقطة تحولٍ سلبية ألقت بظلالها على واقع الحرم الإبراهيمي ومحيطه في البلدة القديمة من الخليل، منذ لحظة وقوع المجزرة فجر الخامس والعشرين من فبراير/ شباط عام 1994، الموافق للخامس عشر من رمضان، إلى وقتنا الحالي.

غير أن تبعات المجزرة لم تقف عند حدود القتل، حتى أغلقت بعدها آلاف المحلات التجارية في البلدة القديمة من الخليل في محيط الحرم الإبراهيمي، ومنع الناس من المرور في شارع الشهداء، وأغلق سوق الخضار المركزي، وباتت المنطقة تحت سيطرة إسرائيلية كاملة تصنف (H2)، وذلك حسب ما ورد في بروتوكول الخليل بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي في الخامس عشر من يناير/كانون الثاني 1997.

ويقول مدير الحرم الإبراهيمي غسان الرجبي في حديثٍ لـ"العربي الجديد": "إن تبعات المجزرة طاولت تقسيم الحرم مكانياً وزمانياً، وفرض قرارات من شأنها إعاقة وصول المسلمين إلى مسجدهم (الحرم الإبراهيمي)، وذلك بعد إغلاق الحرم مدة ستة أشهر بدعوى إجراء تحقيق إسرائيلي بالمجزرة، إذ أوصت لجنة التحقيق بتقسيم الحرم إلى شقّين، أحدهما إسلامي والآخر كنيس يهودي على مساحة 63 بالمائة، إضافة إلى فرض أمر واقع لليوم، تمثّل بوضع بوابات تفتيش إلكترونية، وحواجز حديدية على أبوابه منعاً لوصول الناس".

ومنذ يوم المجزرة لغاية الآن، لم يرفع أذان صلاة المغرب في الحرم الإبراهيمي، ولم يرفع الأذان يوم السبت إلا لصلاة العشاء، وبدأ العمل بصمت على تجهيز مصعد كهربائي لتغيير معالم الحرم، رغم أنه رابع أقدس الأماكن الدينية للمسلمين، وفق ما يؤكده الرجبي.

ويشير الرجبي إلى تكثيف الاحتلال من تفعيل المسارات السياحية إلى الحرم الإبراهيمي للترويج ليهودية المكان، والاستمرار بحفريات غير معروفة المغزى أسفل الحرم.

ويعاني الحرم الإبراهيمي من تهويد يستهدف تغيير معالمه الشكلية والتاريخية، رغم إعلانه على قائمة التراث العالمي باعتباره موقعاً تراثياً عالمياً فلسطينياً، حسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" عام 2017.

في المقابل، ورغم التشديد الأمني، يقول الرجبي: "نسعى لزيادة وجود المواطنين في الحرم، من خلال إحياء الفجر العظيم بدعوة الناس للصلاة في الحرم، وتسهيل وصولهم إليه، إضافة إلى إعلان عقود الزواج في المكان الديني، وإقامة فعاليات الوعظ الديني للنساء كل يوم سبت، والعمل على تنظيم طقوس الاحتفالات الدينية داخل الحرم".

هكذا وقعت المجزرة

لا ينسى شهود عيان على المجزرة ما حدث بذلك اليوم. لقد كان مشهد جثث الشهداء أبلغ من أن يوصف، حين اخترق الرصاص المتفجر رؤوس 29 مصلياً، وأصاب 150 في أطراف أجسادهم، بعد أن احتمى المستوطن الإسرائيلي باروخ غولدشتاين بأحد أعمدة الحرم، وعلى مرأى جنود الاحتلال، فتح نيران سلاحه الرشاش على المصلين العزّل، وهم سُجّد.

كان سلوك المستوطنين قبل موعد صلاة الفجر في ذلك اليوم لافتاً، كما يروي أحد شهود المجزرة حفظي أبو سنينة، وهو المدير السابق للحرم الإبراهيمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، متحدثاً عن لحظات ما قبل وقوع المجزرة، حين كان المستوطنون يرحّبون بالوافدين للصلاة باستهزاء، وينتظرون أكبر عدد ممكن للتجمع في الحرم، وكأنّ أمر المجزرة مدبر ومخطط له مسبقاً.

يقول أبو سنينة: "لاحظنا وجود المنفذ غولدشتاين قبل المجزرة بيوم عند موعد صلاة العشاء، وكان يحمل رشاشاً، ويقف أمام المسجد الإبراهيمي بحماية جنود الاحتلال، لكنه لم يفعل شيئاً، لأن عدد المصلين في حينها لم يكن كبيراً، وانتظر موعد صلاة الفجر حتى توافد الناس، واقتحم المسجد في أثناء سجود المصلين، وأطلق الرصاص عشوائياً في ثلاثة اتجاهات".

بعدها، أغلق الاحتلال أبواب المسجد الإبراهيمي، كي لا يخرج المصلّون، "كانت الدماء تغطي أرض المسجد، الأشلاء على الأرض، ورؤوس متفجرة، وإصابات تحتاج لإسعاف، وآثار الرصاص على الجدران، وأصوات التكبيرات من المصلين"... هذه أبرز المشاهد التي عاينها أبو سنينة لحظة الحدث، إلى أن انتهت المجزرة بعد أن انقضّ المصلّون على المنفذ الإرهابي باروخ غولدشتاين، وقتلوه ضرباً حينما حاول الهرب، ومع ذلك استمر الاحتلال بإغلاق المسجد منعاً لدخول أحد لمساعدة المصابين.

لم يكتفِ الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب المجزرة، حتى طاول ذلك المشيّعين في جنازة الشهداء، وصار عدد الضحايا 50 في مدينة الخليل، وعشرة آخرين استشهدوا في الأراضي الفلسطينية، بعد موجة غضب عمّت أوساط الشعب الفلسطيني.

لا محاسبة للاحتلال حتى الآن

في 18 مارس/ آذار 1994، أصدر مجلس الأمن في الأمم المتحدة بياناً أدان فيه مجزرة الحرم الإبراهيمي، وطالب باتخاذ إجراءات لتوفير الحماية للفلسطينيين، لكن لم يحاسَب الاحتلال والمستوطنون على تلك الجريمة حتى الآن.

الأمم المتحدة أرسلت بعد مجزرة الحرم الإبراهيمي بعثة دولية إلى الخليل لمراقبة جرائم الاحتلال هناك، إلى أن قرر رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طرد البعثة عام 2019.

ويؤكد مساعد وزير الخارجية الفلسطيني عمر عوض الله، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن ما يعوق محاسبة الاحتلال على جريمة مجزرة الحرم الإبراهيمي "متلازمة المعايير المزدوجة" المصاب بها المجتمع الدولي، حسب تعبيره.

وكشف عوض الله عن أن منظمة التعاون الإسلامي ستصدر بياناً خلال أيام، تطالب فيه بتشكيل حماية دولية للشعب الفلسطيني، يكون من ضمنها حماية الأماكن الدينية والمسيحية، وعلى رأس أولوياتها الحرم الإبراهيمي الشريف بمدينة الخليل.


اليوم 25 فبراير يوافق الذكرى السنوية التاسعة وعشرين للمجزرة البشعة التي ارتكبها المستوطن الإرهابي باروخ غولدشتاين، داخل المسجد الإبراهيمي بالخليل، وإطلاقه النار صوب المصلين، ما أسفر عن ارتقاء 29 منهم وإصابة 150 آخرين.

ونفذ المجرم غولدشتاين مجزرته يوم الجمعة الخامس والعشرين من فبراير لعام 1994، داخل المسجد الإبراهيمي،

وأغلق جنود الاحتلال أبواب المسجد لمنع المصلين من الخروج، كما منعوا القادمين من الخارج للوصول لإنقاذ الجرحى.

وأثناء تشييع جنازات الشهداء، أطلق جنود الاحتلال النار صوب المشاركين، ما رفع إجمالي الشهداء إلى 50 شهيداً، 29 منهم استشهدوا داخل المسجد.

وتصاعدت الاحتجاجات مع قوات الاحتلال في الخليل وقراها وكافة المدن الفلسطينية،

وبلغ عدد الشهداء الذين ارتقوا نتيجة هذه المواجهات إلى 60 شهيداً ومئات الجرحى.

إغلاق المسجد الإبراهيمي 6 أشهر

بعد المجزرة، أغلقت قوات الاحتلال المسجد الإبراهيمي والبلدة القديمة لمدة ستة أشهر كاملة،

بزعم التحقيق في الجريمة، وشكلت ومن طرف واحد لجنة «شمغار»، للتحقيق في المجزرة وأسبابها.

وخرجت سلطات الاحتلال في حينه بعدة توصيات، منها:

تقسيم المسجد الإبراهيمي إلى قسمين، وفرضت واقعا احتلاليا صعبا على حياة المواطنين في البلدة القديمة،

ووضعت الحراسات المشددة على المسجد، وأعطت للاحتلال الحق في السيادة على الجزء الأكبر منه.

وضم الجزء الذي استولى عليه الاحتلال من المسجد الإبراهيمي، مقامات وقبور أنبياء، وشخصيات تاريخية، إلى جانب صحن المسجد، وهي المنطقة المكشوفة فيه.

وضعت سلطات الاحتلال كاميرات وبوابات إلكترونية على جميع مداخل المسجد الإبراهيمي،

وأغلقت معظم الطرق المؤدية إليه في وجه المسلمين، باستثناء بوابة واحدة عليها إجراءات عسكرية مشددة.

سياسة ممنهجة

ولا يزال الاحتلال الصهيوني يحاول، ضمن سياسة ممنهجة، السيطرة على المسجد الإبراهيمي وإلغاء السيادة الفلسطينية،

وإلغاء اعتباره وقفا إسلاميا خالصا، ففي عام 2020، أغلق الاحتلال المسجد الإبراهيمي 77 يوما ومنع رفع الأذان فيه 599 وقتا.

كما شهد المسجد، طيلة العام المذكور، اقتحام العشرات من جنود جيش الاحتلال،

إضافة إلى قيام رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتياهو، يرافقه عدد من وزرائه، باقتحامه،

وهو أمر أدى إلى زيادة الاقتحامات والانتهاكات للمسجد،

وأدى إلى تجرؤ المستوطنين على نصب «شمعدان» كبير على سطح الحرم الإبراهيمي.

نسف درع الحرم الإبراهيمي والبوابة الرئيسية

ولم تتوقف سلطات الاحتلال عن تنفيذ مخططاتها الخبيثة فيه منذ احتلال الخليل عام 67،

فعلى سبيل المثال لا الحصر منعت دائرة الأوقاف الإسلامية من فرشه بالسجاد في نوفمبر 1967،

وبعد أقل من شهر أدخلت إليه خزانة حديدية فيها أدوات عبادة يهودية،

ثم أدخلت كراسي خاصة بهم إلى القاعة الإبراهيمية في يونيو 1968،

وبتاريخ 25/9/1968 سمحت سلطات الاحتلال لفئة يهودية بالصلاة فيه، في تحدٍّ سافر لمشاعر المسلمين،

وبعد أقل من شهر نسفت سلطات الاحتلال درع الحرم الإبراهيمي والبوابة الرئيسية المؤدية إليه وهما أثران تاريخيان.

وبتاريخ 11/10/1971 أدخل المستوطنون طاولة خشبية إلى القاعة الإبراهيمية،

وفي 9/9/1972 مُنع المصلون المسلمون من أداء صلاة العصر في الحرم لأن المستوطنين

كانوا ينشدون الأناشيد الدينية بأصوات مرتفعة وينفخون في البوق،

وفي 17/12/1972 أصدر الحاكم العسكري الصهيوني أوامره بإغلاق الباب الشرقي للحرم الشريف.

وبتاريخ 1/10/1973 سمح الحاكم العسكري في الخليل بإدخال 50 كرسيًّا خشبيًّا إلى القاعة اليعقوبية من الحرم الشريف،

وقامت سلطات الاحتلال بتغطية صحن الحرم 10/11/1973 في محاولة لتغيير معالمه الإسلامية.

وفي يونيو 1974 قامت سلطات الاحتلال بسلسلة من الحفريات في محيط الحرم الإبراهيمي، وأسفل الباب الثلاثي إلى الداخل، وإلى الغرب منه، وأسفل المدرسة الحنفية.

منع المسلمين من أداء الصلاة الحرم الإبراهيمي

وفي مطلع عام 1976 اقتحم ثلاثة مسلحين يهود الحرم برفقة سبعة مستوطنين وعبثوا بمحتوياته،

وبتاريخ 16/3/1976 منع المستوطنون المسلمين من أداء الصلاة في القاعتين اليعقوبية والإبراهيمية.

وفي 21/10/1976، حول جنود الاحتلال قسما من الحرم إلى ثكنة عسكرية ووضعوا فيه أسرَّة وأمتعة للنوم،

وفِي 2/11/1976 اعتدى مستوطنون على الحرم وداسوا نسخا من القرآن بأقدامهم، واعتدوا على المصلين بالضرب،

وفي 18/11/1976 أعلن الحاخام المتطرف مائير كهانا أنه سيحوِّل الحرم الإبراهيمي إلى قلعة للمتطرفين اليهود بهدف ترحيل المواطنين الفلسطينيين من مدينة الخليل.

اختفاء مفقودات ذات قيمة

وفي 8/3/1977 أعلنت الهيئة الإسلامية عن اختفاء مفقودات ذات قيمة بعد فترة من منع المسلمين دخول الحرم الشريف،

وبتاريخ 16/5/1977 اقتحم عدد من المستوطنين الحرم برفقة الحاخام ليفنجر وقاموا بالرقص داخل القاعة الإبراهيمية،

وأشهر أحد المستوطنين مسدسه تجاه عدد من المصلين أثناء صلاة الظهر بتاريخ 4/7/1977.

وفي 27/2/1978 اقتحم أحد المستوطنين الحرم وعبث بمحتوياته،

وفِي 24/4/1978 أدخل مستوطنان إليه نسخة جديدة من التوراة وأقاما احتفالاً كبيراً بحماية جنود الاحتلال.

اقتحام القاعة الإبراهيمية

وفي 31 /5/1979 اقتحم جنود الاحتلال القاعة الإبراهيمية، ووضعوا فيها الكراسي، ومنعوا المسلمين من الوصول إلى الحرم،

وفِي 27/2/1979 اقتحم 20 مستوطنًا الحرم وهم يرفعون الأعلام الصهيونية،

وفي 24/6/1984 أجرى المستوطنون ختان طفل في القاعة الإبراهيمية،

وفِي 11/9/1984 قام الجنود بتركيب عدسات تلفزيونية داخل الحرم لمراقبة المصلين.

وزرعت قوات الاحتلال في المسجد ومحيطه عددا من البؤر الاستيطانية وأغلقت شوارع البلدة القديمة من الخليل،

وارتكبت فيها أفظع الانتهاكات لحقوق الإنسان، من قتل وتدمير، وحظر للتجول،

وحصار اقتصادي متواصل أدى إلى شلّ الحركة التجارية في أسواقها القديمة.

كما تستمر الاعتداءات على ممتلكات أهلها بهدم المباني الأثرية والتاريخية في أبشع مذبحة

تستهدف طمس معالمها الحضارية وتغيير هويتها العربية الإسلامية،

وبشق طريق استيطاني يربط بين مستوطنة «كريات أربع» والحرم الإبراهيمي الشريف وجميع البؤر الاستيطانية، بهدف تهويد المدينة.

مجزرة الحرم الإبراهيمي شاهدة على إجرام الاحتلال

قالت حركة الجهاد الإسلامي إنَّ ذكرى مذبحة المسجد الإبراهيمي تأتي وما يزال الاحتلال يرتكب المزيد من الجرائم التي تطال العشرات من أبناء الشعب الفلسطيني، والتي كان آخرها مجزرتي جنين ونابلس.

وأضافت في بيان صحفي: أن الاحتلال أصبح أكثر إجرامًا وإرهابًا بحق كل ما هو فلسطيني على هذه الأرض،

لافتةً إلى أن الشعب الفلسطيني ما يزال صامدًا صابرًا يدافع عن وجوده وحقه بهذه الأرض ولن يتنازل عنها.

وأكدت الحركة أن الاحتلال إلى زوال مهما حاول ومهما فعل، فكل سياسات التهويد للمقدسات والمصادرات والهدم والتهجير والقتل والدمار في كل ساحات فلسطين،

لن ترهب الشعب الفلسطيني ومقاومته، موضحةً أن ذكرى مذبحة المسجد الإبراهيمي ستتحول إلى دافع للاستمرار على خط الجهاد والمقاومة.

وحثت أهالي مدينة الخليل على نبذ الفتن الداخلية والتخلص منها لأنها لا تخدم إلا الاحتلال وأعوانه،

داعيةً إلى رص الصفوف وتوحيد الجهود خلف رؤية فلسطينية واحدة جامعة تستند إلى مشروع واحد وهو تفعيل العمل المقاوم المسلح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق