فيلٌ في المدينة في خلافة الصديق
كان ذلك بعد أول معركة واجه فيها المسلمون الفرس وهي معركة ذات السلاسل التي نتج عنها فتح الأبُلَّة وتسمى «فرج الهند»
وكانت أهم موانئ الفرس على الخليج وأشدها شوكة، وكان يحكمها هرمز، وكان هرمز يحارب الهند في البحر ويحارب العرب في البر.
وقد اشتهر هرمز بالخبث والمكر والدهاء حتى إن العرب في بلاد العراق كانوا يضربون به المثل فيقولون: «أخبث من هرمز»
فكتب إليه خالد بن الوليد رضي الله عنه كتابا يعرض عليه الدخول في الإسلام أو دفع الجزية أو القتال،
فأرسل هرمز كتاب خالد إلى شيرويه بن كسرى، وحشد هرمز جموعه وسار بهم إلى كاظمة للقاء المسلمين،
وقد قرن هرمز جيشه بالسلاسل حتى لا يفرون، ويبدو أنه فعل ذلك بسبب الرعب الذي أصابهم من جيش المسلمين رغم تفوق جيش الفرس في العدد والعدة.
ولما تواجه الجيشان،
شكى أصحاب خالد عدم وجود ماء في معسكرهم، وكان الماء خلف جيش الفرس، فقال خالد جالدوهم حتى تجلوهم عن الماء،
وقبل أن ينفذوا أمره، أرسل الله تعالى سحابة فأمطرت عليهم حتى أصبح لهم غدران من ماء، فقوي المسلمون بذلك، وفرحوا فرحاً شديداً،
وقبل أن يلتحم الجيشان ترجل هرمز وطلب النزال، فترجل خالد وبرز له، فاختلفا ضربتين، واحتضنه خالد وقتله،
وحاولت حاميته الخاصة تخليصه من يد خالد قبل قتله، فحمل عليها القعقاع ومعه بعض الرجال وقتلوهم،
فانهزم جيش الفرس بأكمله وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون فيهم.
وغنم المسلمون غنائم كثيرة كانت وِقْرَ ألف بعير، ومنها قلنسوة هرمز المرصعة التي كانت بمئة ألف.
وبعث خالد بخبر الفتح والبشارة والخمس، مع زِرّ بن كليب إلى المدينة، وكان من ضمنها فيل غنمه المسلمون من الفرس.
وحين سمع الخليفة أبوبكر الصديق بنبأ النصر نفل خالد سَلَب هرمز وضمنها قلنسوته التي قيمتها مئة ألف.
ولما وصل زر بالخمس إلى المدينة، ورأى نسوة المدينة الفيل قالت بعض ضعيفات النساء:
«أمن خلق الله هذا أم شيء مصنوع؟» فلما سمع الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه هذا القول، أعاد الفيل إلى العراق مع زر بن كليب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق