عبد اللطيف الذي لجأت إليه حملة الفرنسيس!
د. عاطف معتمد
تمكنت الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت على مصر قبل أكثر من 220 سنة من ترسيخ العلم الاستعماري أو الاستعمار القائم على العلم.
وكانت هذه الحملة فتحا جديدا في عالم الاستعمار المنظم،
فكلّما زادت المعلومات التي يجمعها المستعمر عن البلاد زادت قدرته على إحكام قبضته عليها.
والمدهش أن علماء الحملة الفرنسية بعد أن أتموا كتابة موسوعتهم الضخمة عن «وصف مصر»
قالوا إنهم يتمنون أن تكون لديهم موسوعة بنفس الحجم والقدر عن «وصف فرنسا»،
إذ لم تكن هناك وقتها موسوعة ضخمة تحمل كل تلك المعلومات عن فرنسا ذاتها!
ولا عجب، فالمعلومات التي جمعها الفرنسيون عن مصر خلال أقل من أربع سنوات هي مدة وجودهم في مصر لم تكن في الحقيقة سوى طبقة حديثة من البيانات الطازجة اكتسبت أهميتها من الخبرة المباشرة.
أما الأبطال المجهولون الذين استعانت بهم حملة الفرنسيس على مصر فكانت مراجع سابقة على وصولهم إلى مصر، معلومات كتبها رحالة سابقون أو كتبها مصريون وعرب عن مصر.
ويقابلنا في عشرات الصفحات في موسوعة حملة الفرنسيس على مصر إشارات عديدة إلى «عبد اللطيف» فيأخذ عنه علماء الحملة معلومات شتى عن البيئة والعمران والآثار.
وعبد اللطيف المقصود في موسوعة وصف مصر وضع كتابه قبل وصول الحملة الفرنسية بنحو 600 سنة ومع ذلك يلجأ إليه علماء الحملة وكأنه مرجعا طازجا.
وعبد اللطيف هو عبد اللطيف البغدادي الذي وضع كتابا صغير الحجم لا يمكن مقارنته بموسوعة وصف مصر لكنه يمثل النواة الأولى شديدة التركيز لأعمال كثيرة عن أحوال مصر وأهلها عبر القرون.
«الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر»
ففي مثل هذه الأيام من أشهر رجب /رمضان قبل 820 سنة، ختم عبد اللطيف البغدادي كتابا أعطى له مسمى
«الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر».
يضم الكتاب معلومات نادرة عن موقع مصر وخصوصية تربتها وأرضها ونيلها،
والحياة النباتية والغذائية والحيوانات النهرية والبرية، والآثار المصرية،
والمجاعة التي ضربت أرضها وقضت على كثير من سكانها وأفسدت أخلاق أهلها.
وكل فصل من فصول هذا الكتاب يعد مرجعا مهما في بابه.
فالكتاب شهادة عيان مفجعة عن حال الفقر والمجاعة التي ضربت مصر في السنوات التي دون فيها المؤلف الكتاب،
والتي لم تنقشع سوى في عام 600 هجرية بعد أن صارت البلاد خرابا وبعد أن أكمل الزلزال المدمر على حياة المصريين.
وعبد اللطيف هو المصدر الأصلي لكل المراجع اللاحقة عن المشاهدات المفزعة
لأكل المصريين بعضهم بعضا حتى أن بعض سكان القاهرة كانوا يطبخون صغارهم ليأكلوهم نجاة من الجوع !
وكتاب عبد اللطيف ثروة كامنة في علم الآثار المصري،
ويقول عنه أحد علماء الآثار المصريين إن ما كتبه عبد اللطيف البغدادي قبل 800 سنة لا يقل أهمية عما يكتبه أي عالم كبير في الآثار اليوم.
®®®
اضغط لقراءة ⇐ كتاب عبد اللطيف البغدادي
وعليك أن تصبر على المقدمة المربكة التي أعدها المحقق قبل أن تبدأ نص الكتاب بداية من صفحة 32.
ولمتابعة نص ما كتبه عالم الآثار المصري زكي محمد حسن عن عبد اللطيف البغدادي. اضط ⇐ هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق