اضاءة
بلد متوسط المساحة .. سكانه 27 مليون .. فيه أكثر من 18 ديانة وعرقية .. كانوا حتى عام 1981 يعيشون في الغابات .. ويعملون في زراعة المطاط .. والموز وصيد الأسماك .. وكان متوسط دخل الفرد أقل من ألف دولار سنوياً .. حتى جاء من كان يحمل رؤية .. ليست حلماً فقط .. بل رافق الحلم عمل واستراتيجية طموحة ..
إنها قصة ماليزيا .. وقصة رجلها "مهاتير محمد" ..
والده لم يكن سوى معلم عادي .. لم يكن يملك مالاً ليحقق حلم ابنه محمد بشراء دراجة يذه بها المدرسة .. ليبدأ وقتها مهاتير يعمل بائعاً للموز .. فيجتهد ويكافح ليدخل كلية الطب ويصبح رئيساً لإتحاد الطلاب المسلمين بالجامعة قبل تخرجه ..
ليعمل بعدها طبيباً في الحكومة الإنجليزية المحتلة لبلاده حتى استقلت "ماليزيا" في عام 1957 .. ويفتح عيادته الخاصة كـ "جراح" ويخصص نصف وقته للكشف المجاني على الفقراء .. ويفوز بعضوية مجلس الشعب عام ويخسره بعد 5 سنوات .. ليألف كتاب عن "مستقبل ماليزيا الاقتصادي" في عام 1970 ..
وبعدها يعاد انتخابه .. ويتم اختياره وزيراً للتعليم ثم مساعداً لرئيس الوزراء ثم رئيساً للوزراء في عام 1981 لتبدأ النهضة الشاملة ..
وأول أعماله أنه رسم خريطة لمستقبل ماليزيا حدد فيها الأولويات والأهداف والنتائج، التي يجب الوصول إليها خلال 10 سنوات .. وبعد 20 سنة .. حتى عام 2020 ..
لن تتسع سطورنا بأعماله .. ولكنه زرع العلم وزرع التدريب .. زرع الطموح والحلم .. أعلن أن ماليزيا ستصبح المصدر الأول لزيت النخيل .. فزرع وزرع شعبه مليون شتلة في غضون عامين لتصبح ماليزيا الأولى عالمياً ..
بنى أكبر جامعة إسلامية في العالم .. إستثمر إمكانيات بلده .. تحول للقطاع الصناعي وبناه من لا شيء ..
باختصار .. استطاع "مهاتير" من عام 1981 إلى 2003 أن يحلق ببلده من أسفل سافلين لتتربع على قمة الدول الناهضة التي يشار إليها بالبنان، بعد أن زاد دخل الفرد من 1000 دولار سنوياً عندما تسلم الحكم إلى 16 ألف دولار سنوياً .. وأن يصل حجم صادرات ماليزيا لأكثر من 200 مليار دولار، فلم يتعلل بأنه تسلم الحكم في بلد به 18 ديانة، ولم يعاير شعبه بأنه عندما تسلم الكرسي في عام 1981 كان عددهم 14 مليوناً والآن أصبحوا 28 مليوناً ..
باختصار مهاتير لم يستسلم .. وضع لنفسه هدفاً سام وعظيم .. وسار إليه متفائلاً واثقاً بنجاحه ..
"وقتي انتهى .. لن أتولى أي مسؤوليات رسمية بعد 31 أكتوبر 2003 مـ .. لأنه من المهم أن يتولى قيادة ماليزيا جيل جديد بفكر جديد" ..
هذا آخر ما تحدث به هذا العبقري .. إبداع في البدايات .. وروعة في النهايات .. لحقاً هو إحدى المعجزات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق