الثلاثاء، 11 يوليو 2023

الطريقة الإسلامية لـ «السنغل ماذر»!

 الطريقة الإسلامية لـ «السنغل ماذر»!

خواطر صعلوك

محمد ناصرالعطوان

في ظل تفجر الأفكار النسوية والذكورية معاً، والحركة العلمانية والمفاهيم الليبرالية وأفلام «نتفليكس» ومقاطع «التيك توك» وما بعد الحداثة وما أحدثتها من سيولة وسهولة للتعاطي مع أنماط حياة مختلفة، ظهرت في العالم الإسلامي ثلاث مقاربات للزواج و«مؤسسة الأسرة»، وإحصائيات الزواج والطلاق في الوطن العربي تدلل على وجود هذه المقاربات الثلاث بالتساوي جنباً إلى جنب.

المقاربة الأولى، تعتقد أن الهدف من الزواج هو إعادة إنتاج لواقع منتج أصلاً مع تحسينه، وأن على الزوجين أن يقوما بما يجب عليهما فعله، وهو النجاح في إنجاب الذرية أولاً، ثم تربيتهما ثانياً تربية صالحة، ثم توفير أسباب حماية هذا المجتمع الصغير صحياً وفكرياً وسلوكياً من خلال توفير المسكن والملبس والمأكل والمفاهيم الاجتماعية المتوارثة، وفي حالة عبور الزوجين بالأبناء تكون الأسرة حققت رسالتها وأعطت الدليل على أهمية تكرار إنتاجية مؤسسة الزواج جيلاً إثر جيل.

المقاربة الثانية، تنظر للزواج على أنه حياة «ذاتية» ترفع من قيمة الحرية، وتسجل أدنى مستوياتها في قيمة المسؤولية، وتراعي أن تكون العلاقة بعيدة عن الملل والتكرار، وأنه يجب أن يُوضع الاهتمام بالذات والبحث عنها محور العلاقة، لذلك تظهر فيه مسألة حبوب منع الحمل، ودون غاية الإنجاب، وعدم الخضوع لإكراهات العرف الاجتماعي... وتُشجع الصحافة النسائية على هذا النوع من الزواج لأنها تركز على الجسد الذي تعتبره الهاجس الأول في الحياة الذي على المرأة الحفاظ على إغرائه وأنوثته، وذلك من خلال التقارير الصحافية والنصائح النفسية والعرافين ومفكرين متخصصين في النساء والذين مهمتهم الإساءة لمؤسسة الزواج عبر تصويره على أنه مجموعة إكراهات ينحتها المجتمع أمام أحلام أفراده.

وما بين المقاربة الأولى والمقاربة الثانية، ظهرت مقاربة ثالثة تأخذ من الزواج «الذرية» ولكن من دون تكاليف الأسرة، وتقدم شكلاً جديداً للأسرة والتربية الفردية، فظهرت «السنغل ماذر» بنسب كبيرة في المجتمع، ونسب الطلاق بعد الإنجاب مباشرة تدلل على هذا النوع.

وبالتالي، ظهرت لدينا أمهات بأبناء، وآباء غير موجودين في الصورة... وكله وفق عقود زواج بالطريقة الإسلامية.

وبالتالي فنحن لم ننجح فقط في أسلمة القوانين وأسلمة الاقتصاد والدولار، ولكننا أيضاً أسلمنا الأدوار الاجتماعية الليبرالية في مجتمعات إسلامية... فالأم العزباء التي كنا نشاهدها في أفلام هوليوود في المجتمعات العلمانية أصبحت موجودة لدينا بنسب كبيرة في المجتمعات الإسلامية، فحسب إحصائية وزارة العدل للربع الأول من 2023م فنحن لدينا ثلاثة آلاف حالة زواج أمام ألفي حالة طلاق.

للكاتبة والناقدة الأدبية الفرنسية كاترين كليمنت، مقال مهم حول هذا الموضوع، بعنوان «سيسيولوجيا الزواج»، كذلك هناك كتاب في علم الاجتماع بعنوان «الحب السائل» لزيجمونت باومان، يشرح باستفاضة سؤال (ماذا حدث لشبكة العلاقات خلال قرن من الزمان؟).

أعتقد، أنه ينبغي على المؤسسات المعنية بالأسرة والأمومة والطفولة أن تضع إستراتيجية عمل مشتركة، قبل أن تضعنا هذه السياقات أمام كوارث مجتمعية، فغياب الحديث عن المشكلات الاجتماعية في الثقافة العربية هو غياب غير مبرّر من وجهة نظري، وربما الدرس المستفاد وما يمكن الخروج به من مقالة الكاتبة أو كتاب الكاتب هو أنّ 

كل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

moh1alatwan@

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق