قصتي مع صهر سيد قطب!
هذه الكلمات التي أكتبها الآن.. كم أسالت الدمع من عيني.. عند تذكرها من قبل.. لأنني عشت أحداثها قرابة (ربع قرن) من الزمان!
أذكر أنني عندما كنت في المرحلة الإعدادية.. كنت أعتكف مع والدي في رمضان.. وكان هناك أولاد يأتون مع والدهم.. ليعتكفوا عند والدي!
هؤلاء الأولاد كانوا في مثل سني تقريبا.. وقد لفت نظري أدبهم الجم.. وأخلاقهم العالية.. فتعرفنا على بعض.. وعرفوني على والدهم.. فتعرفت عليه.. وكان رجلا ذا خلق متواضعا.. ذا أدب رفيع.. يبتسم دائما.. وكان دكتورا في الطب.. وبعدما انتهى من دراسته التحق بكلية الشريعة.. وحضر فيها الماجستير والدكتوراة!
المهم!! صار بيني وبين هؤلاء الأولاد صداقة لعدة سنوات.. وذات مرة بعد خمس سنوات من تعرفي عليهم.. كنت في زيارة لهم.. وبينما نحن ننزل على درج السلم في منزلهم.. لنذهب الى الصلاة.. إذ بأحد أصدقائي هؤلاء يقول لي:
(تعرف يا سيف!! الحاجة زينب كبرت قوي؟!).
فقلت له: (من تقصد بالحاجة زينب ؟!).
فقال لي: (الحاجة زينب الغزالي.. التي تسكن في بيتنا في الدور الأول؟!).
فهنا وقفت في مكاني وقلت له:
تقصد الحاجة زينب.. المرأة المجاهدة.. التي سامها العسكر أيام عبد الناصر سوء العذاب ؟!).
فقال لي: نعم.
وهنا اكتشفت (مفاجأة عجيبة) لا أتوقعها:
اكتشفت لأول مرة منذ خمس سنوات – وأنا لا أعرف – أن أصدقائي هؤلاء.. جدتهم مباشرة هي (أخت: سيد قطب!!).. وأن الشقة التي يسكنون فيها هي شقة (الشيخ محمد قطب!!).. والشقة التي في الدور الأول من نفس العمارة.. هي شقة: (الحاجة زينب الغزالي!!).
المهم!! بعد فترة جاء والدهم ويسمى (الشيخ: عبد الفتاح شايف!) عند حصار غزة عام ٢٠٠٨.. فذهب الى حدود غزة مرتين مع قافلة الإغاثة حتى يدخلوها.. وتم إرجاع القافلة ولم يسمح لها بالدخول!
وفي المرة الثالثة.. وافقت الحكومة المصرية على دخول الأطباء أثناء القصف لغزة.. ودخل الشيخ غزة.. وأرسل ورقة استقالته للجامعة.. التي كان يعمل فيها في إحدى الدول العربية!! وباع الدنيا تحت قدميه من أجل نصرة إخوانه!
ولما جاء الانقلاب في مصر.. كان مع إخوانه ضد الانقلاب.. وبعد أحداث رابعة.. لم يجلس الشيخ يردد شعارات جوفاء.. لا تسمن ولا تغني من جوع!
بل ذهب الى هناك.. وهو ابن الستين سنة:
ذهب إلى أرض العزة والكرامة! ذهب إلى أرض المحشر والمنشر! ذهب إلى الأرض التي بارك الله فيها للعالمين!!
ذهب إلى سوريا أرض الشام!
وكأنني أقول في نفسي وقتها:
– لماذا يا شيخ لا تجلس وتهتف: «سلميتنا أقوى من الرصاص»، كما يردد البعض؟!
– لماذا يا شيخ لا تجلس وتستمع الى معتز مطر ومحمد ناصر الليبراليين، وهم يدسون السم في العسل.. ويعطون للناس شحنات تلبيس وتخدير دون أن يشعروا؟!
– لماذا يا شيخ لا تنتظر.. وهناك في الجيش والشرطة أناس شرفاء.. سوف ينقلبون على السيسي؟!
وكأني بالشيخ ينظر إلي ويقول لي:
(ما لي ولمخدراتكم التي تضحكون بها على أنفسكم!! فقوام الدين: كتاب يهدي؛ وسيف ينصر!).
وبعد مدة قصيرة من ذهاب الشيخ الى أرض الرباط:
إذ بي أجد هاتفا يتصل علي، وإذ به ابن الشيخ عبد الفتاح يقول لي:
(أخي سيف!! أبي نسأل الله أن يتقبله في الشهداء!! نحسبه شهيدا عند الله!! فقد استشهد في قصف جوي من جنود بشار؟!).
وهنا تمالكتني دموع الحزن ودموع الفرح.. وكنت في صدمة ودهشة شديدة من الخبر.. لا أدري أأحزن على موت الشيخ.. أم أفرح على هذه الخاتمة التي كان يتمناها.. حيث كان يقول لأولاده:
(لا أريد منكم يا أولادي أن تأتوا يوم القيامة تستجدون من الناس حسنات.. بل أريد أن يأتي أحدكم يومئذ شهيدا يشفع في سبعين من أهل بيته!).
والذي جعلني أبكي منذ أيام.. أنني رأيت الشيخ «عبد الفتاح» في المنام.. وأنا جالس معه أنا وأولاده على الطعام.. فوجدته يقول لي:
(يا سيف!! ابني محمد يريد أن يتزوج.. فقلت له: أنتظر يا بني حتى تتزوج من الحور العين؟!).
فقمت من منامي.. وقلت في نفسي:
هنيئا لك يا شيخ.. جلوسك مع الحور العين بإذن الله!
فأنت رسمت لنفسك طريقا للجنة!! ونحسبك صدقت مع الله.. فأعطاك الله ما تشتهي.. وتجلس الآن في جنة ربك مع الحور العين.. تتنعم في نعيم الجنة!
وأخيرًا أقول:
رحم الله (الشيخ: عبد الفتاح شايف).
ورحم الله (آل قطب).
فالناس يكتبون عن الإسلام بـ(مداد أقلامهم!!).
و (آل قطب) يكتبون عن الإسلام بـ(دماء أجسادهم!).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق