الثلاثاء، 9 يونيو 2020

حوارمع الكاتب فهمي هويدي

 حوارمع الكاتب  فهمي هويدي


حوار- محمود القيعي:


June 24, 2019

في أحد عصاري شهر رمضان الفائت، عبرتُ للسفير الراحل الكبير إبراهيم يسري عن رغبتي بإجراء حوار مع الكاتب الكبير فهمي هويدي، فاتفق معي في ضرورة أن يتكلم هويدي المغيب عن منبره ، وأردف السفير يسري – رحمة الله عليه – :

ومن سوى هويدي أحق بالكلام ؟!

وعدني السفير يسري بمهاتفة الأستاذ هويدي بعد الإفطار ومحادثته في الأمر، وقد كان !

فوجئت بمكالمة مسائية بعد الإفطار من سعادة السفير إبراهيم يسري يبشرني فيها بموافقة الأستاذ هويدي على إجراء حوار لـ ” رأي اليوم”، وأرجأ الحوار لعدة أسابيع لسفر داخلي  .

وقد صدق الأستاذ هويدي وعده معنا ومع السفير يسري الذي يكن له محبة وتقديرا، ووصفه بـ “الوطني الجليل”!، وخصنا بحوار عزيز هو الأول منذ منعه من الكتابة .

حوارنا مع الأستاذ هويدي تطرق الى موضوعات تهم الرأي العام في مصر والعالم العربي، بدءا من منعه عن الكتابة بـ ” الشروق”، مرورا بأوضاع مصر، وانتهاء بالجراح التي أثخنت الأمة العربية ولا تزال .

 سألته أولا عن  ” الغياب الغامض “،فتبسم ضاحكا، وأجاب بأريحية عُرف بها :

أولا غامض بأي أمارة ؟ كل الناس تعرف، ولكن الحاصل أن لا أحد يتكلم !

أنا ممنوع من الكتابة في الداخل، ولا أحب أن تكون كتابتي في الخارج، لأن أي كلام في الخارج، لأن أي كلام في الخارج يجري تأويله، أو يمكن تأويله وتصيده واستخدامه بغير مبرر للتنكيل والتشهير!

*منع الكاتب من الكتابة محنة لا ريب فيها،من وقف معك، ومن تآمر عليك؟

ما يهمني هو الناس، لم أكن في كتابتي أن أخاطب الحكومات ، وأنا أحمد الله أن من يفتقدونني هم الناس، أما الذين سعدوا برحيلي  واستراحوا، رغم أنني لم أكن مزعجا، وكنت أخاطبهم برفق شديد.

وأحمد الله أنني خرجت قبل أن تعود الصحافة لزمن

” المكتوبجي ” !

كنا سابقا نتكلم عن عسكرة السياسة، فحدثت عسكرة للصحافة ودخلنا فيما يسمى عسكرة الدراما، ثم  دخلنا مرحلة

” عسكرة التدين ” عند شيوخ أشبه بـ ” الجنرالات “، يتحدثون عن أشياء غريبة !

هذا بلد كما قيل أحد الأصدقاء- الذي لم أستأذنه في ذكر اسمه – تحفر تحت القاع!

وعندما نصل الى تلك المرحلة، فأنا أحمد ربي أنني سكت في مرحلة لم أتخيل أننا يمكن أن نصل اليها يوما ما.

 في ظل هذا الانكسار، أصبحت صفحات الرأي ترسل الى الرقابة ومعها بدائلها للرقيب الذي لا أعرف من يكون، هل هذا معقول ؟!

ما يحدث الآن في الإعلام هو فضيحة كبرى، وأحمد الله أنني سكت قبل دخول عصر الفضيحة الكبرى !

*كتب الأستاذ مكرم محمد أحمد أخيرا مقالا موجعا عن أسباب تدني الصحافة المصرية وانشغالها بتغطية أخبار الرئيس فقط، وحمل الدولة جزءا من المسؤولية، كيف كان صدى المقال عندكم؟

أعملُ في الصحافة منذ نحو ستين عاما، الذي يلوم الصحافة معه حق، ولكن الأحق أن تلام السياسة قبل الصحافة، الصحافة واجهة للسياسة في بلادنا، معقول أن تخلو الصحافة المصرية إلا من تلك الشريحة التي يستحيي المرء أن يذكر ضمنها .

الصحافة المصرية مليئة بالمواهب الشابة الواعدة الشجاعة بنين وبنات، وأنا لا أفهم لماذا يمنع شباب مبتدئون من الكتابة ؟ لا أفهم، أنا ألوم الصحافة،ولكن

في الحقيقة اللوم الأكبر منصب على السياسة .

ومن أراد أن يتهم الصحافة لابد أن يملك شجاعة  الإشارة الى الفاعل الحقيقي، الى الصوت وليس الصدى .

مكرم محق فيما قاله، ولكنه قول ينقصه مزيد من الصراحة .

*وأنت تتأمل المشهد من بعيد، كيف ترى الوضع الآن في مصر لاسيما بعد رحيل د. مرسي ؟

أولا قبل رحيل د. مرسي، إذا كان الأستاذ هيكل قبل رحيله، قال إننا مهددون بالخروج من التاريخ، فنحن بالفعل خرجنا من التاريخ، ومن قال قبل عدة أيام إن مصر أصبحت بلدا بلا قيمة، فهذا ليس مفاجئا، غابت مصر، فأصيبت الأمة العربية بالإغماء.

والمشهد الحاصل في موضوع مؤتمر البحرين شيء مروع، ومزاد لبيع الأوطان بالأموال !

وهو مؤتمر مهين لكل من حضر، مهين للأمة، ومهين للدول التي تحسب نفسها دولا كبرى .

زمن الأقزام

نحن في زمن الأقزام وليس في زمن الكبار، والذي يقرر مصائرنا  هم الأقزام الذين يحركهم آخرون من الخارج.

 من كوشنر هذا؟!

من يكون ؟! أعرف أن قصته طويلة !

ما يجري بحثه ومايقال عن ” الصفقة ” شيء مهين ومروع، نحن نباع بثمن بخس، نعترض على البيع أولا، ونعترض على الثمن ثانيا، وهذا شيء لا يحدث إلا في ظل مهانة الأمة العربية.

الرهان على الشعوب!

*راهنت كثيرا على الشعوب، كيف ترى ما يحدث الآن في السودان والجزائر؟!

الأمر الأول لابد أن لا نفقد الأمل في الشعوب، أي شاب صغير في فلسطين أشرف وأكرم من كل الزعماء العرب .

الأمر الثاني  أن الحقيقة حينما تسقط العواصم العربية، فلا ينبغي ألا نلوم الضحايا في الأقاليم والضواحي، مصر كانت عمود الخيمة العربية، فانكسر، فما كان من الخيمة إلا أن سقطت على الأرض.

بعد ما فعلته مصر مع إسرائيل، هل يمكن أن نلوم الخليج الآن ؟!

أخشى أن أقول إن الدعارة السياسية أصبحت مشروعة، فلا نلوم من فتح الباب، ولا نلوم من دخل في الساحة عارضا نفسه للبيع !

* كيف ترى إصرار السودانيين والجزائريين على إسقاط الحكم العسكري ؟

أظن أن ما يحدث في السودان والجزائر له وجاهته، التجارب مريرة، وواضح أن عسكر الجزائر لا يزالون يمارسون الدور الشرير، ولم تعد الجيوش في العالم العربي تحارب عدوها، بل باتت تحارب شعوبها .

في آخر نصف قرن حدث تقوية شديدة  للأنظمة والسلطات وإفقار شديد للشعوب،

ودعنا نتساءل :

ماذا تملك الشعوب الآن ؟

تظاهر سلمي؟ فيسبوك وسوشيال ميديا ؟

 في المقابل ما الذي يفعله العسكر ؟

 الذي حدث في السودان قتلوا في ليلة واحدة أكثر من مائة نفس.

السلاح الآن أدى الى توحش الأنظمة، خصوصا أنه طوال العقود الماضية كان هناك إضعاف مستمر للقوى المدنية، وللأسف الشديد مصر كانت رائدة في هذا !

*أخيراكيف تابعتم نتائج الانتخابات التركية الأخيرة وخسارة مرشح حزب أردوغان ؟

ما حدث هو إنذار لأردوغان وانتصار للديمقراطية، وأهم شيء عندي هو انتصار الديمقراطية .

اللافت أن من عبروا عن شماتتهم في خسارة أردوغان- في الإمارات والسعودية ومصر- ليست لديهم أثارة من ديمقراطية، وبرغم ذلك هللوا لخسارة أردوغان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق