الأحد، 16 أبريل 2023

احذروا غضب الحليمة

احذروا غضب الحليمةجعفرعباس

نبشت في أرشيفي من القصاصات الصحفية وعثرت على حكاية سيدة مصرية من منطقة ميت عقبة بالعجوزة بمحافظة الجيزة اسمها هويدا، ترملت وهي شابة، وأنصح القراء بالابتعاد عنها وعن مثيلاتها، لأنها كانت تواجه تهمة قتل زوجها، وملخص قضيتها هو أنها كانت متزوجة برجل وصفته بأنه «جِلدة/ قيحة» يعني بخيل جدا: البيت ما فيهوش لحمة. 
وما تنساش تجيب معاك رغيف مرحرح.. يا ولية انتي متعرفيش إن اللحمة فيها كولسترول وتسبب النقرس.. وبعدين فين الرغيف اللي اشتريناه يوم الأحد اللي قبل اللي فات؟ وتكرر المشهد والسيناريو حسب رواية هويدا، عندما سألها يوما ما عن وجبة الغداء فقالت له: منين يا حسرة وإحنا لينا أسبوع ما اشتريناش لا عيش ولا لحمة، فانفعل البعل واتهمها بالتبذير، ففقدت هويدا أعصابها بعد أن فاض بها الكيل وهجمت على الزوج وغرزت أسنانها في صدره، فصارت أرملة. يعني زوجها مات فورا.
ولكن العض الذي مارسته هويدا لم يكن بطريقة أكلة لحوم البشر، بل اكتفت أن غرست أسنانها في صدره لبضع ثوان ثم تركته. 
يعني عضة على خفيف لم تسبب له نزفاً في الصدر ولم تنهش قطعة من صدره بل كانت عضة من النوع الذي يترك آثاراً بسيطة. نعم كانت عضة شخص (مقهور) وغاضب ولم تكن عضة «وحشية»، ولكن الرجل سقط جثة هامدة ونقلوه إلى المستشفى وقال الطبيب إن السبب المباشر للوفاة السكتة القلبية، ومن المؤكد أن العضة سببت تلك السكتة، ليس لشراستها، ولكن لأن البعل الراحل لم يصدق أن زوجته «النعجة» قادرة على التمرد المسلح ولو بالأسنان وهي التي لم تكن تحتج حتى باللسان إلا في حدود مقبولة كما هو الحال في معظم البيوت

تابعت قضية هويدا ويسعدني أن أقول إنها انتهت على خير وتم إطلاق سراحها بعد اعتبار المدة التي قضتها رهن الاعتقال للاستجواب عقوبة كافية لانتفاء القصد الجنائي وسبق الإصرار والترصد، ولكن الدرس الذي يجب علينا نحن معشر الرجال أن نتعلمه من حكاية هويدا هذه هو: الفلوس رايحة رايحة.. اشتر راحة بالك وسلامتك بفلوسك، لأن ذلك الكائن الوديع الجالس أمامك والذي قد يرتجف أحياناً إذا رمقته بنظرة حادة قد يملك مخالب وأسناناً تسبب الفشل الكلوي أو انسداد الشرايين. 
والمرأة صبورة وطويلة البال، ولكن حكماءنا نصحونا بتجنب غضب الحليم، وأنا أنصحك بتجنب غضب «حليمة»، وكلنا سمعنا بزوجات قمن بتقطيع أزواجهن ترنشات بالساطور ووضعنهم في أكياس القمامة، وأفادت دراسات اجتماعية بأن أكثر من نصف الرجال في أحد البلدان العربية يتعرضون للضرب على أيدي زوجاتهم.

وبالمناسبة فإنني لا أتهم أولئك الزوجات بالشراسة، فمن الثابت في الشرق والغرب وفي كل الملل والنحل أن المرأة أكثر رقة وحناناً ورحمة، وأقل ميلاً إلى العنف.. 
وفي معظم الأحوال فإن الزوجة لا تلجأ إلى العنف ضد الزوج إلا في حالتين: يفيض بها الكيل فتفقد السيطرة على أعصابها وتوازنها لأن في الزوج عيوبا كبيرة لم يفلح في معالجتها أو الإقلاع عنها، أو لأن الزوج ضعيف الشخصية (وما يجيش إلا بالضرب).. وأعرف رجالاً كثيرين يستأهلون الضرب بالجزمة القديمة: رجل يكفي دخله الشهري بالكاد لتوفير الخبز وينفق جانباً كبيراً منه على السجائر أو الخمر أو حتى شراء الجرائد.. نعم فشراء الصحف والكتب يكون ضرباً من السفه والبذخ إذا كان المشتري قليل الحيلة مالياً، وراتبه لا يكفي لشراء ضروريات الحياة لأفراد أسرته.. وكذلك الرجل الذي لا يقصر في أمور أناقته ومظهره الاجتماعي فيزور المطاعم الراقية ويشتري فاخر الثياب وزوجته حبيسة الجدران وتستحي حتى من زيارة أهلها كي لا يروها في الأسمال التي كانت قبل خمس سنوات ملابس زفافها. 
هذا لا ينفي أن هناك نساء شرسات، ولكن لجوء المرأة إلى العنف ضد الرجل يكون في غالب الأحوال بسبب عيب في الرجل... 
وبعيداً عن عالم الغم والضرب: يقال إن رجلاً قال لزوجته إنه قتل ثلاث ذبابات من الذكور وأنثى واحدة وسألته كيف عرف جنس الذباب، فقال إن الذكور كانوا يجتمعون فوق السكر بينما الأنثى كانت على المرآة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق