هبلتك الهَبُول وثكلتك الثواكل
خواطر صعلوك
تقدم صديقي العزيز، عبدالعزيز، لدرجة الدكتوراه في علم الاجتماع برسالة علمية عنوانها «أزمة اتخاذ القرار لدى المواطن الكويتي في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، وأثر ذلك على عمليات الادخار والانتخاب والزواج والطلاق وطلبات المطاعم واختيار وجهات السفر، وخياطي العيد ومتابعة المنصات التلفزيونية، وعلاقة كل ذلك بالدوام الصباحي وأزمة السير وخطوط الإنتاج»، وأشياء أخرى لا أذكرها ولكنها من هذا القبيل...
وقد تعتقد عزيزي القارئ أن صديقي العزيز عبدالعزيز، قد اختار عنواناً طويلاً لرسالة الدكتوراه، وأنه لا توجد رسائل علمية تحمل هذا الكم من الهموم، ولا يُوجد محكمون يستطيعون تحمل هذا الكم من المشاكل...
ولكن صدقني إذا قلت لك - أو لا تصدقني فلا أحد يصدق أحداً في هذه البلد - أن عبدالعزيز نفسه لا يعلم كيف وصل إلى هذا العنوان، لأنه في البداية أراد أن يتقدم برسالة للدكتوراه في تنمية الصناعات غير النفطية، مثل تنمية الاقتصاد الرقمي وتطوير الصناعات الإبداعية والواعدة، وتطوير قطاع التجزئة وقطاع السياحة.
أو رسالة في تصميم هياكل حكومية أكثر مرونة وفعالية، أو تحسين أداء الجهات الحكومية وتطوير إنتاجية الموظف الحكومي أو تطوير الحكومة الإلكترونية والارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطنين.
ولكن بعد أن أخبره مرشده الأكاديمي أن هذه العناوين لا تجعله يأكل الخبز فضلاً عن حلو القهوة أو المكسرات، وأنه عليه أن يفكر في رسالة يمكن تطبيقها على الأرض، وأنه ليس من وظيفة العلم أن يحدث الناس عن «فانتازيا» بل عن واقعهم بالتجربة...
ورغم اعتراض عبدالعزيز، قائلاً، إنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، متخذاً وضعية دفاعية عن مبادئه، ليفكر في الكثير من الردود ولكن المرشد قاطع أفكاره قائلاً له «استرح بس»... فقال له إذاً اسمح لي أن أتقدم برسالة دكتوراه في تنمية المهارات وبناء القدرات وتنوير المدارك وصقل المواهب ودعم الهوايات الشبابية، والتي تتحول إلى صناعات إبداعية في المستقبل.
أصدر المرشد الأكاديمي صوتاً يشبه صوت شخير النائم ولكن وهو يقظان قائلاً له «هبلتك الهَبُول وثكلتك الثواكل».
وبعد أن هبلته الهبول وثكلته الثواكل، وأدرك أنه من رحم التفاهات تتولد معانٍ جديدة رائعة، في النهاية أصبحت الرسالة الأكاديمية التي يفترض أن تغير واقعنا وبالتجربة هي «أزمة اتخاذ القرار لدى المواطن الكويتي في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، وأثر ذلك على نفسه وأسرته ومجتمعه ووطنه، وعلاقة كل ذلك بما نعيشه من سبات عميق في كل المستويات، وعلى المستوى الفردي في عمليات الادخار والانتخاب والزواج والطلاق وطلبات المطاعم، واختيار وجهات السفر، وخياطي العيد ومتابعة المنصات التلفزيونية، ومتابعة (تويتر) وعلاقة كل ذلك بالدوام الصباحي وأزمة السير وخطوط الإنتاج» وأشياء أخرى من هذا القبيل.
وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله...أبتر.
moh1alatwan@
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق