الأحد، 30 أبريل 2023

تحت نيران قناصة حميدتي.. هكذا رأيت الحرب!

 

تحت نيران قناصة حميدتي.. هكذا رأيت الحرب!

هُدنة عبثية للقتال

هكذا هي العاصمة السودانية الخرطوم، فجر الخميس، حين تسللت خلسة أنا وأسرتي من مقرن النيلين، على مقربة من القصر الجمهوري، الذي وقع تحت يد ميليشيا قوات الدعم السريع، هو ووزارة الداخلية والخارجية أيضًا، وكل المباني الحكومية التي تطل على ضفة النيل الأزرق، وفي الضفة الأخرى، تحديدًا عند قصر الصداقة والديار القطرية، تربض السيارات المدججة.

عبرت وسط الخرطوم إلى المينا البري جنوبًا، لم يقابلني سوى ارتكاز واحد للجيش في شارع الغابة، دلفت إلى منطقة أبو حمامة، خفت أصوات الرصاص قليلًا، الأسواق ومحلات القهوة والشيشة تعمل، في مفارقة عجيبة، كانوا ينظرون إلينا بغرابة، لكنه الفرار من أقدار الله إلى أقدار الله، وبدا لافتًا الانتشار الكثيف لقوات الدعم السريع جنوب الخرطوم، أو ما يُطلق عليهم في دارفور اسم الجنجويد، بمعنى جن يعتلي جوادًا، المواصلات متوافرة وقيمة التذكرة مُضاعفة، الصفوف حول طلمبات الوقود القليلة على مد البصر.

وأوقفنا جنود الدعم السريع:

أوقف جنود الدعم السريع “الباص” الصغير الذي يقلنا، وأشهروا في وجوهنا السلاح، ثم طلبوا منا هوياتنا، وأي بطاقة عسكرية يتم التحفظ على صاحبها، وقبل ذلك كانوا يطلبون من السائق ما يتوفر له من وقود، وأحيانًا صناديق التبغ (السجاير) لأن سياراتهم التي تتحرك كثيرًا نفد منها الوقود، ولذلك قاموا بكسر الطلمبات، وكان بعضهم في الأطراف ينهبون الهواتف القيمة، سألوني عن اسمي ووجهتي أخبرتهم دون تردد، دون أن أخبرهم أنني أعمل في مجال الصحافة، ومن ثم سمحوا لنا بالعبور.

وأثناء المرور بطريق ولاية الجزيرة رأيت هياكل الدبابات والسيارات المُحترقة، مؤكد هذه آثار معركة ليست بعيدة، بينما اكتفى الجيش بالسيطرة على الفضاء والمواقع العسكرية والاستماتة في الدفاع عن القيادة العامة للقوات المُسلحة، قبل الانتشار الميداني والبدء في مرحلة التمشيط، والاعتماد على سلاح الطيران الذي دمر معسكرات الميليشيا كلها، وشتت قواتها وهم يهيمون على وجوههم، ورجّح كفة الجيش حتى الآن، وجعل أفراد الدعم، وأغلبهم من الصغار، يهربون إلى الأحياء والمستشفيات، يختبئون من الموت بعد أن جعلوا من المواطنين دروعًا بشرية.

هكذا هي الحرب في السودان، وعلى وجه الدقة في الخرطوم، الناس جميعهم يتمنون نهايتها، وكثير منهم يتمنون نهايتها لصالح الجيش، الذي يمكن إصلاحه بخلاف هذا المشروع الخطير الذي يريد اختطاف الدولة لصالح أسرة مدعومة من الخارج.

وكثير منا يتذكر هتاف الثوار الشهير “ما في ميليشيا بتحكم دولة”.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق