الاثنين، 17 أبريل 2023

أطماع الخارج وأطماع اللصوص فى السودان

أطماع الخارج وأطماع اللصوص فى السودان

ما دور الإمارات ومصر وإسرائيل في القتال بالسودان!؟

سمير يوسف

رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم”

إنّ “ما يحدث في السودان جزء لا يتجزأ من صراع محاور إقليمية تستهدف بالأساس تفتيت السودان أرضاً وشعباً خدمة للمصالح الدولية”.

إنّ “القاهرة لاعب رئيسي في الأزمة فهي تدعم البرهان، منذ بداية الأزمة في حين تدعم أبو ظبي حميدتي”.

في الحقيقة، الأزمة السودانية لن تنتهيَ سوى بقضاء أحد الطرفين على الآخر”، موضحاً أنّ “كلا الطرفين يملك السلاح والعتاد والدعم الإقليمي والدولي، ولا يستبعد أن يكون تسخين القاهرة للأزمة نكاية في تراجع الدعم الخليجي خاصة الإماراتي للقاهرة”.

 أنّ “السيسي الآن في حالة عدم اتزان بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها، وبالتالي فليس لديه مانع من اللعب بكل الأوراق حتى القذرة منها، للضغط على الرياض وأبو ظبي وربما واشنطن من أجل توفير السيولة له”.

عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان “حميتى ” عملا الإثنين تحت جناح عمر البشير

من المشتركات القليلة بين البرهان وحميدتي أنهما نالا الرتب والتمكين بأوامر مباشرة من الرئيس المخلوع. لكن في حين صعد البرهان السلّم المهني بما عرف عنه من انضباطية عسكرية وطاعة للأوامر، متدرّجًا من قيادة حرس الحدود، ثم قيادة القوات البرية، ثم مفتشًا عامًّا للجيش، ومن رتبة جندي صف، إلى رتبة فريق أوّل بصكّ من البشير في عام الثورة؛ كان طريق حميدتي نحو السلطة والنفوذ، في المقابل، غوغائيًّا، معبّدًا بالصفقات والثروة والمطامع الشخصية، داميًا في كثير من فصوله.

البداية كانت من تجارة الجمال على امتداد الحدود الغربية من مسقط رأسه في دارفور، عبر ليبيا إلى مالي فتشاد. على عكس القبائل الأفريقية التي تقطن في مأمن عند منابع الماء، وتعتمد بشكل رئيسي على الزراعة في معيشتها، كانت القبائل العربية في دارفور رعوية، وكانت الماشية والإبل مصدر رزق وحيد، مهدد دائمًا بالنهب والسرقة. ولجدارته في حماية قوافل التجارة، بدأ حميدتي، الذي غادر مقاعد الدراسة مبكّرًا، يكوّن ثروته، وكذلك نواته العسكرية.

بدأ اسم حميدتي يبرز كشخصية قيادية بين القبائل العربية؛ وهو ما سيمهّد له الطريق لاحقًا ليصبح أحد “أمراء الحرب” داخل مليشيا “جنجويد”، حينما أطلقت الحكومة السودانية يدها في دارفور عام 2003، لقمع تمرّد بدأته حركات مسلّحة تتبع للقبائل ذات الأصول الأفريقية بالمنطقة. اقترفت “جنجويد” مجازر دامية، وكلَّ ما يلحقها من جرائم الاغتصاب والنهب والحرق والتشريد، وهو ما لحقه إصدار مذكّرة قبض بحقّ البشير عام 2009 من قبل المحكمة الجنائية الدولية، في سابقة غير معهودة لرئيس لا يزال في المنصب.

خلاف شخصي على حساب الشعب السودانى

والمتفحص للأمور فإن المشكلة ليست في الشارع الذي لا يملك سلاحا سوى الاحتجاج بل بالخلافات بين العسكر أنفسهم، فقد وصل التنافس بين حميدتي والبرهان مرحلة لم يعد يمكن وقفها ويهدد مجمل الوضع الأمني في البلاد. واحتفظ البرهان وحميدتي منذ انقلاب تشرين الأول/أكتوبر 2021 بعلاقة صعبة.
ويعتمد كل منهما على مصادر للثروة والقوة وداعمين دوليين مختلفين.

فكقائد للقوات السودانية المسلحة، يسيطر على قاعدة ومجمعات إنتاج عسكرية واسعة ويحظى البرهان بدعم من مصر، والرموز الإسلامية التي كانت في السلطة حتى سقوط البشير. أما حميدتي، فقد كان مرة زعيم ميليشيا الجنجويد، سيئة السمعة والتي لعبت دورا في جرائم دارفور في بداية القرن الحالي، ويسيطر اليوم على مناجم الذهب، فلديه بعض المؤيدين المؤثرين في الإمارات والسعودية. ويدعم الاتفاق الذي لم يوقع بعد، لأنه يحابيه.
ونظرا للخلافات بينهما ففي السودان اليوم سياستان خارجيتان، حيث يلتقي كل منهما بمسؤولين كبار من الحكومات الأجنبية بمن فيها الولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل. كما ويستخدم كل منهما التهديد بالمواجهة بين الجيش وقوات الدعم السريع كوسيلة للحصول على تنازلات من المدنيين.

ويشكل موضوع الإسلاميين داخل الحكم مجالا للخلاف، ففي الوقت الذي يقول فيه حميدتي إن الموضوع عولج، ينفي البرهان وجودهم داخل صفوف القوات المسلحة.

وتظل الخلافات الشخصية بين البرهان وحميدتي ثانوية للمؤسسات التي يمثلانها ومصالحهما الأوسع، كما يقول هدسون، فهذا يصح على البرهان والقوات المسلحة التي يمثلها والتي تؤثر عليها القوى الإسلامية المتشددة والرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس مصر الحليف الأقوى للبرهان.

القتال في السودان

ويعتقد، أنّ “تسخين الأزمة في السودان مع كون مصر الجار الأول للخرطوم والعلاقات قوية بين النظامين، كل هذا يعني توفير السلاح والإمداد للسودان، وربما للطرفين سراً، فيستطيع بذلك حل جزء من الأزمة الدولارية لديه”.

 أنّ “هذه الأزمة لها تأثيرها على الأمن القومي المصري من خلال عدم ضبط الحدود بين البلدين مع موجات الهجرة من السودان إلى القاهرة”.

اعتقال ضباط وجنود مصريين في مطار مروي

كان لافتاً إعلان قوات الدعم السريع اعتقال ضباط وجنود مصريين في مطار “مروي”، ما أثارَ تعليقات عن صحة تدخل مصري في اضطرابات السودان، ودعم السيسي للبرهان بقوات عسكرية ضد حميدتي.

ودفع نشر مقاطع مصور تظهر اعتقال الجنود المصريين في السودان، للتعليق، إذ قال المتحدث باسم الجيش المصري العقيد غريب عبد الحافظ، إنّ الجيش يتابع من كثب الوضع في السودان، موضحاً أنّ الجيش ينسّق مع السلطات السودانية المعنية لضمان تأمين القوات المصرية.

وتابع البيان كاشفاً عن سبب تواجد القوات المصرية في السودان: “وفى إطار تواجد قوات مصرية مشتركة لإجراء تدريبات مع نظرائهم فى السودان جار التنسيق مع الجهات المعنية في السودان لضمان تأمين القوات المصرية”.

إن تصوير الضباط والجنود المصريين وهم يرفعون أيديهم، هو تعمّد إهانة من قوات الدعم السريع لهم، لتوصيل رسالة إهانة للنظام المصري

لماذا لم يخاطب البرهان السودانيين بعد أكثر من 3 أيام على القتال مع قوات حميدتي؟

مؤامرة خارجية”
ولأن المعركة بدأت بعد يومين من لقاء رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، ورئيس الإمارات محمد بن زايد في القاهرة، الأربعاء الماضي، فإنه لهذا يثار التساؤل حول حقيقة الدور الذي تلعبه القاهرة في الأزمة، ومدى دقة ما يثار عن تورطها مع جانب، وتورط الإمارات وإسرائيل مع جانب آخر.
وهنا جزم الكاتب السوداني حسن إبراهيم، في حديثه بأن ما يجري من اقتتال اليوم بين المكون العسكري الحاكم في السودان بشقيه ويدفع ثمنه الشعب السوداني، هو نتاج واضح لمؤامرة خارجية على السودان، محددا أطرافها بالقول إنها “مؤامرة إماراتية إسرائيلية”.
وحول هذه النقطة، قال المفكر السوداني الدكتور تاج السر عثمان، إن “ما يحدث في السودان جزء لا يتجزأ من صراع محاور إقليمية تستهدف بالأساس تفتيت السودان أرضا وشعبا خدمة للمصالح الدولية”.

وراح يوجه الاتهامات لحكام أبوظبي، بقوله إن “الإمارات فقاسة مليشيات، لا تدعم جيشا برأس واحد بل فصائل متعددة قد تكون متضادة”، مشيرا إلى أنها “دعمت البرهان القريب من مصر، وحميدتي القريب من إثيوبيا، وفي اليمن تدعم فصيلا وحدويا وآخر انفصاليا، وفي ليبيا كذلك”.
وأجمل رأيه مؤكدا أن الإمارات “تُفخخ البلدان بأمراء الحرب لتنفجر يوما ما خدمة للصهيونية والإمبريالية العالمية”.
وانهالت تدوينات وتغريدات لمصريين، يرجحون تورط الإمارات في السودان، كما تورطت في ليبيا وفي اليمن وفي غيرهما.

 سيرة البرهان، تاريخ طويل من الوصوليّة على ظهور رؤسائهن ومن ابتزاز ذوي السلطة بمقدرته العسكرية، والتهديد علنًا بالتمرّد.

شارك البرهان، أيضًا، في حرب دارفور بصفة قائد منطقة في الجيش، وكوفئ بترقيته لاحقًا إلى قيادة حرس الحدود، تمامًا كما كوفئ غريمه، دقلو، بتقديمه من قبل البشير على قائد “جنجويد” السابق، موسى هلال؛ ثمّ بعد تقنين المليشيا عام 2007 تحت مسمّى “استخبارات حرس الحدود”، وبعد منح دقلو رتبة عسكرية في 2009، أنشئت أخيرًا قوات الدعم السريع عام 2013، في خضمّ تجدد نشاط جبهة التمرّد في دارفور وجنوب كردفان، ونصّب حميدتي قائدًا عليها بأمر من الرئيس المخلوع.

في ذلك العام، تجاوز حميدتي مهمّته الدامية في الجنوب إلى مركز البلاد، الخرطوم، حيث أمعنت قوّاته في قمع تظاهرات العاصمة، وقتلت نحو 200 متظاهر.

بذور التمرّد

لحميدتي، على عكس الظاهر لنا من سيرة البرهان، تاريخ طويل من الوصوليّة على ظهور رؤسائه، ومن ابتزاز ذوي السلطة بمقدرته العسكرية، والتهديد علنًا بالتمرّد. أوّل عهده في هذا كان ضدّ قائد مليشيا “جنجويد” الأوّل، موسى هلال، وهو الذي منحه في الأساس دورًا قياديًّا داخل المليشيا خلال حرب دارفور. بعدما أخمدت مليشيات هلال التمرّد في الإقليم، بدأ حميدتي يتقرّب أكثر إلى البشير، حتى تعيينه قائدًا لـ”الدعم السريع”، وريثة “جنجويد”، في 2013.

بعد عام من ذلك، انشق هلال عن حزب المؤتمر السوداني الحاكم، وأقام تمرّدًا في معاقله بدارفور. انتدبت السلطة المركزية قوات حميدتي للتصدي له، وقد أتمّت مهمتها في عام 2017 باعتقال هلال. قبل ذلك، وتحديدًا في 2009، توعّد حميدتي السلطة المركزية بـ”حرب حتى يوم القيامة”، وبدأ يسعى في عقد تحالفات مع قبائل دارفور التي حاربها بالأمس، والسبب كان تقصير الحكومة في دفع رواتب جنوده. انتهى به الأمر متبوّئًا أوّل منصب رفيع، حينما عيّنه البشير مستشارًا أمنيًّا لحاكم جنوب دارفور، زيادة على دفع رواتب قوّاته بأثر رجعي، ومنحه وضبّاطه رتبًا عسكرية.

من لحظتها، صار حميدتي يسمّى بـ”الضابط العميد”. ينقل عنه معلّق “فورين بوليسي” قوله، معلّقًا على أحداث تلك الفترة: “لم نرد حقًّا التمرد، أردنا فقط جذب اهتمام الحكومة؛ أن نقول لهم: نحن هنا، من أجل أن ننال حقوقنا: الرتب العسكرية، المناصب السياسية، والتطوير في مناطقنا”.

في 2009، توعّد حميدتي السلطة المركزية بـ”حرب حتى يوم القيامة”، وبدأ يسعى في عقد تحالفات مع قبائل دارفور التي حاربها بالأمس

لكن في المحصلة، فإن حالة حميدتي، الذي صنعه البشير وعزّزته حرب اليمن وطبّعه الغرب لاعتبارات تمتدّ من مكافحة الهجرة إلى تلبية رؤيتها للمنطقة، تقدّم لنا مثالا ملخِّصا عن كيف تتداخل مصالح الحكام الضيقة، وصراعات المعسكرات في الإقليم، ومطامع الدول الكبرى، في زرع ألغام التشظية والانقسام داخل بلداننا. يبقى الخاسر الأكبر هو ثورة السودانيين، الذين ربما يرون بلادهم وقد ارتدّت إلى فصل جديد من سلطة العسكر، وأحكام الطوارئ، وحال كحال سورية، أو اليمن، أو ليبيا.

مقبرة جماعية

وكشف الباحثون في الموقع المكتشف عام 2020 عن 50 جثة لمحتجين قتلوا عام 2019 في واحدة من أسوأ المجازر في السنين الماضية. وقال شهود إن القتلة هم عناصر الدعم السريع، وقال بعضهم إنهم شاهدوا أخ دقلو في المكان.

وأوقف انقلاب 2021 جهود الولايات المتحدة للكشف عن الحقيقة في الموقع حيث استعانت بخبراء أنثروبولوجيين في الفحص الشرعي من الأرجنتين ومشاركة كلية القانون في جامعة كولومبيا لفحص المكان وصلوا عام 2020. وقال طيب العباسي المحامي الذي يقود التحقيق «لا توجد إرادة سياسية» و«هذا هو ثمن الانقلاب». ويرى وولش أن المبارزة بين الجنرالين المتناحرين هما الأبرز وسط مجموعة محيرة من القوى منهم: متمردون وثوريون، إسلاميون وشيوعيون، رجال أعمال وأنصار الرئيس المخلوع، وكلهم يتنافسون على مستقبل السودان، ولا تنسى المصالح الخارجية التي تدعم كل طرف، مصر والإمارات والسعودية، إلى جانب الولايات المتحدة والدول الأوروبية الداعمة للديمقراطية ومواجهة التأثير الروسي.

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق