«نصرتُ بالرعب مسيرة شهر»
وحديثي اليوم عن غزوة تبوك، وهي المعروفة في السيرة النبوية بغزوة العُسْرة، ومن أسمائها أيضاً الفاضحة لأنها فضحت المنافقين وكشفت نواياهم وأسقطت أقنعة الكفر التي تستروا بها لخديعة رسول الله والمؤمنين، فمنذ بداية التحضير لهذه الغزوة بدأ تمحيص المؤمنين وتمييزهم عن المنافقين، وقد عجبتُ لبعض المتفذلكين المعاصرين قولهم أنه لم يكن لهذه الغزوة أي داعٍ أو مبرر، فالمدينة في رأيهم لم تتعرض لهجوم أصلاً ولم يعتدِ أحد عليها أو على أهلها، وكان الأفضل تفادي الخروج من المدينة وعدم المبادرة بملاقاة جيش الروم للقتال؛ وبالأخص أنه صلى الله عليه وسلم ذهب إلى تبوك ولكنه لم يجد جيش الروم ولا غيره، لهذا فقد ارتأيتُ توضيح أهمية هذه الغزوة.
وقصة غزوة تبوك أنه بعد فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة وانتصار المسلمين في غزوة حُنَيْن بعدها بدأ الإسلام يسود في الجزيرة العربية ويتّسع انتشاره، فتخوَّفت الروم من ازدياد نفوذه، فبادروا بتجهيز جيش لإنهاء قوته وإيقاف تمدده، وكانوا قبل ذلك قد تعرضوا للمسلمين بقتل سفير الرسول صلى الله عليه وسلم واسمه الحارث بن عمير الأزدي إلى ملك بُصْرَى، والذي قتله هو شُرَحْبِيل بن عمرو الغساني عامل الروم على البلقاء، مما تسبب في نشوب غزوة مؤتة بين المسلمين وحلفاء الروم من العرب، فالعرف السائد في حينها عند كل الدول أن الرسل لا تقتل، وعلى الرغم من أن نتيجة غزوة مؤتة لم تكن مُرْضِيَة للمسلمين إلا أنها تركت أروع أثر لصالحهم في نفوس العرب ولدى هرقل قيصر الروم، فبدأ يهيئ لخوض معركة دامية فاصلة ضد المسلمين، وكانت هذه المعركة هي غزوة تبوك، والتي بدأت أحداثها في شهر رجب من السنة التاسعة للهجرة.
وذكر بعض المؤرخين عن سبب غزوة تبوك أن متنصّرة العرب ومنهم الغساسنة كتبوا إلى هرقل [إن هذا الرجل الذي قد خرج يدعي النبوّة هلك وأصابت أصحابه سنون أهلكت أموالهم] فرآها فرصة سانحة لتخويف المسلمين، فأشاع بأنه أرسل قائداً عظيماً من قادته على رأس جيش جرار يضم أربعين ألف مقاتل من قبائل لخم وجذام وغيرها وأن أوله وصل منطقة البلقاء، والهدف وصول الشائعة للمسلمين ليخافوا، وبالفعل وصل الخبر عن طريق التجار الأنباط الذين قدموا إلى المدينة بالزيت من الشام، فلم يَرَ صلى الله عليه وسلم بُدّاً من استنفار المسلمين لدفع هذا العدوان المبيّت.
استنهض صلى الله عليه وسلم همم أصحابه لرد هذا لعدوان المرتقب، ولتذكيرهم بعاقبة ترك فريضة الجهاد، ولإشعارهم بأن الله لا يقبل التفريط في حماية دينه ونصرة نبيه، وبأن التراجع أمام الصعوبات الحائلة دون قتال الروم يعتبر مزلقة إلى الردة والنفاق، وجاء هذا التهيؤ وسط تحديات كثيرة، فقد طابت ثمار المدينة وحان قِطافُها، واشتد الحر وقل الماء وأجدبت الأرض، والسير لملاقاة الروم يتطلب جهداً شاقّاً ونفقة كبيرة لبعد المسافة ووعورة الطريق وقلة الرواحل، ولهذه الظروف العصيبة سمي هذا الجيش بجيش العسرة، وأعلن الرسول صلى الله عليه وسلم نيته الخروج لملاقاة الروم، وكان من هديه في الغزوات السابقة إخفاء وِجْهته حفاظاً على السرّية وحرصاً على عنصر المباغتة والمفاجأة للعدو، وفي أثناء هذا الإعداد تجلت خبايا النفوس وظهرت حقيقة إيمانها وإخلاصها :
1- فهناك الأغنياء من المؤمنين الذين سارعوا ببذل ثرواتهم لتجهيز الجيش وإمداده بحاجته من السلاح والخيل، فعثمان بن عفان قدم ألف دينار، وعمر بن الخطاب دفع نصف ماله، وعبد الرحمن بن عوف قدم الف درهم، وغيرهم كثيرون رضي الله عنهم جميعاً، قال تعالى فيهم:
{لَٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ جَهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡخَيۡرَٰتُ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ * أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ}
التوبة 88-89.
2- وهناك الفقراء الراغبين بالجهاد والجود بأنفسهم في سبيل الله لكن أعجزتهم الوسائل التي تُبَلِّغُهُم الميدان، فلا هم يملكون ما يتجهزون به ولا الرسول صلى الله عليه وسلم استطاع تجهيزهم، فبكَوْا وذرفوا الدمع حزناً لعدم الخروج في سبيل الله، قال تعالى فيهم وفي صدق شوقهم للجهاد { لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ } التوبة 91-92.
وقال صلى الله عليه وسلم فيهم لما دنا من المدينة وهو عائد من تبوك { إن بالمدينة أقواماً ما سِرْتُمْ مَسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم، قالوا يا رسول الله : وهم بالمدينة؟ قال : وهم بالمدينة، حبسهم العذر } رواه البخاري.
3- وهناك الذين فترت أول الأمر همتهم، فلما جد الرحيل وانطلق الجيش أحسوا خطر التخلف على إيمانهم فانتصروا على انفسهم، ونهضوا للّحاق بالرسول صلى الله عليه وسلم فأدركوه في الطريق، وأدركوا أجر الخروج مجاهدين في سبيل الله، قال تعالى فيهم:
{لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}
التوبة 117،
ومن هؤلاء أبو خيثمة الأنصاري وعمير بن وهب الجمحي، وأما أبو ذر الغفاري فقد أبطأ به بعيره فنزل عنه وأكمل الطريق ماشياً حتى أدرك الجيش، رضي الله عنهم.
4- وهناك مؤمنون صادقون، لكنهم غلبهم شيطانهم بعد أن أعدوا للجهاد عدته، فتكاسلوا عن الخروج بغير سبب وبلا عذر مقبول، وكانوا ثلاثة هم كعب بن مالك ومرارة بن الربيع العامري وهلال بن أمية الواقفي رضي الله عنهم، فكان الإجراء العقابي لهم بعد عودة الرسول من تبوك مقاطعتهم مدة خمسين يوماً، ثم شملتهم توبة الله لتوبتهم وصدقهم وعدم تقديم الأعذار المكذوبة لتخلفهم عن الجهاد، قال تعالى فيهم
{وَعَلَى ٱلثَّلَٰثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّىٰٓ إِذَا ضَاقَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ وَضَاقَتۡ عَلَيۡهِمۡ أَنفُسُهُمۡ وَظَنُّوٓاْ أَن لَّا مَلۡجَأَ مِنَ ٱللَّهِ إِلَّآ إِلَيۡهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيۡهِمۡ لِيَتُوبُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ}
التوبة 118.
5- وهناك المنافقون الذين اعتادوا الفرار يوم الزحف فقد آثروا التخلف هذه المرة أيضاً، ولم يكتفوا بذلك؛ بل راحوا يثبطون المؤمنين عن الخروج وسط هذه الظروف الصعبة التي يعاني منها الناس، قال تعالى فيهم:
{فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَراً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ * فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}
التوبة 81-82
ولم يكتفِ المنافقون بذلك بل الْتمسوا أسخف الأعذار وأحطَّها، فقعدوا عن الجهاد وعن نصرة الإسلام كراهية له وللرسول وللمؤمنين، وأملاً بقضاء الروم عليهم، قال تعالى:
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ}
التوبة 49، وهذه الآية نزلت تحديداً في المنافق الجِدِّ بن قيس.
وأكثر من ذلك عملوا، ففور علمهم بإعداد الروم أنشأوا وكراً للتجسّس والتآمر بصورة مسجد يلتقون فيه متسترين بالعبادة، وورد في السيرة أنهم قبل توجهه لتبوك [ ذهبوا للرسول صلى الله عليه وسلم يقولون له يا رسول الله : إنا قد بنينا مسجداً لذي العِلَّةِ والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه، فقال إني على جَناحِ سَفَرٍ وحالَ شُغْلٍ، ولو قدمنا إن شاء الله فأتيناكم فصلينا لكم فيه ] أسس المنافقون هذا المسجد ليجتمعوا فيه ويَتَلَقَّوْنَ مراسلات وتعليمات أبي عامر الراهب وهو أشد أعداء الله ورسوله، وهو للأسف والد حنظلة الغسيل رضي الله عنه الذي استشهد يوم أحد، وكان أبو عامر طلب من المنافقين انتظاره في مسجد الضرار ووعدهم بالتوجه إلى هرقل يطلب منه جيشاً للقضاء على المسلمين، فاستجاب هرقل لطلبه فعلاً، لكن أبا عامر مات قبل تحقيق مخططاته الخبيثة. خرج المسلمون في تعبئةٍ وقوة لم يخرجوا من قبلُ في مثلها، فقد بلغ عددهم نحو ثلاثين ألف مقاتل، واستخلف صلى الله عليه وسلم علياً رضي الله عنه على المدينة، وانطلق الجيش شمالاً حيث تربض جيوش الروم، وعانى الجيش الذاهب إلى تبوك مصاعب ثقيلة منها العطش والعسرة في الماء، وهنا تظهر معجزة للرسول صلى الله عليه وسلم، إذ إنه رفع يديه إلى السماء داعياً الله مستسقياً، فلم يرجعهما حتى أمطرت السماء فشرب المسلمون وملأوا أوعيتهم.
وصل المسلمون تبوك، فلما نزلوا فيها قام صلى الله عليه وسلم بهم خطيباً، فكان مما قال {أيها الناس: أما بعدُ فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله وأوثقَ العرى كلمةُ التقوى، وخيرَ الملل ملةُ إبراهيم وخيرَ السنن سنةُ محمد، وأشرفَ الحديث ذكرُ الله وأحسنَ القَصص هذا القرآن، وخيرَ الأمور عوازمُها وشرَّ الأمور محدثاتُها، وأحسنَ الهُدَى هُدَى الأنبياء، وأشرفَ الموت قتلُ الشهداء..} رواه البيهقي.
لكن المسلمين لم يجدوا في تبوك أحداً ولم يواجهوا عدواً، فقد آثر الروم الفرار إلى الشمال وترك مواقعهم والاختفاء داخل حدودهم، فكانت النتيجة نصراً محققاً للرسول صلى الله عليه وسلم وللمسلمين بغير قتال أو اشتباك مسلح، لذا قال صلى الله عليه وسلم { أعطيتُ خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر… } رواه البخاري، وفي رواية أخرى أنه صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك {قام من الليل يصلي فاجتمع وراءه رجال من أصحابه يحرسونه حتى إذا صلى انصرف إليهم قال لهم : قد أعطيتُ خمساً ما أُعْطِيهُنَّ أحد كان قبلي: … ونصرتُ بالرعب، ولو كان بيني وبينه مسيرة شهر مًلِىءَ مني رعباً…}.
مكث الرسول صلى الله عليه وسلم فترة طويلة في انتظار الروم ولكنهم لم يظهروا، قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه { أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين يوماً… } رواه أبو داود، وفي أثناء هذه الفترة صالح رسول الله متنصّرة العرب الضاربين في هذه الأرجاء، فدخل في عهده أهل أَيْلَةَ (العقبة حالياً) وأَذْرُح والجَرْبَا (تقعان حالياً في معان) وتيماء ودومة الجندل (تقعان حالياً شمال السعودية).
وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه المدة عائداً من تبوك إلى المدينة المنورة، وقبل دخولها أرسل اثنين من أصحابه لهدم مسجد الضرار وحرقه قبل دخوله المدينة، فقد نزلت الآيات عليه تفضح المنافقين وتكشف غايتهم من إنشائه، قال تعالى فيهم وفي مسجدهم
{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}
التوبة 107-108
وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون المدينة في شهر رمضان المبارك منصورين مظفرين بعد غياب خمسين يوماً عنها، فبدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين، ثم جلس للناس فجاءه المنافقون الذين ذهلوا لعودته هو وجيشه سالمين على هذه الحال، وقد كانوا يأملون أن يقضي الروم عليهم ويفككوا دولتهم، فأخذوا يعتذرون ويحلفون وكانوا بضعة وثمانين رجلاً، فقَبِلَ علانيتهم ووكل سرائرهم إلى الله، فعاتبه الله سبحانه بقوله
{عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَٰذِبِينَ* لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ * إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ}
التوبة 43-45،
ولكن المؤكد أن هذا الصنف من الناس إنما هو مُرْجِفٌ مُثَبِّطٌ لا يفيد ولا ينفع في الحرب ولا يغني عن المجاهدين شيئاً فغيابه خير من حضوره، ولن يكون من ورائه إلا الفتنة، فهم ليسوا من هذه الأمة وقد اختاروا لأنفسهم أن يكونوا موالين لغير الله ورسوله والمؤمنين، قال تعالى فيهم أيضاً
{وَيَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنَّهُمۡ لَمِنكُمۡ وَمَا هُم مِّنكُمۡ وَلَٰكِنَّهُمۡ قَوۡمٞ يَفۡرَقُونَ }
التوبة 56.
كانت هذه الغزوة فاصلة وحاسمة، فعلى إثرها تبدلت موازين القوى في الجزيرة العربية، وتغيرت مواقف حلفاء الروم الموالين لهم والخاضعين لسيطرتهم، فقد تحالفوا مع المسلمين كقوة جديدة يحسب لها ألف حساب، وأصبحت الطريق ممهّدة لفتوحاتها في الشام والتي أسقطت إمبراطورية الروم بعد ستة أعوام فقط في معركة اليرموك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق