السبت، 24 أغسطس 2024

كأنها الجولة الأخيرة!

 كأنها الجولة الأخيرة!


أدهم شرقاوي



إن زوال “إسرائيل” من الوجود حقيقة قرآنية، ووعد نبوي، لهذا نحن لا نسأل: أتزول أم لا؟ لأنها زائلة لا محالة! وإنما السؤال هو: متى؟!

وليس من مذهبي القعود عن العمل وانتظار المعجزات، بل إني أؤمن أن المعجزات إنما تأتي بعد أن يستنفد المؤمن أقصى ما يستطيع من العمل! حين يرمي الباطل بكل قوته فيبدو على بعد خطوة من الظفر، ويصمد الحق حتى آخر ذرة فيه من الصمود، فيبدو أنه قاب قوسين أو أدنى من الهزيمة، تأتي المعجزة!

القرآن الكريم يعلمنا حقيقة ثابتة، وهي أن صراع النفوذ يختلف عن صراع العقيدة؛ في صراع النفوذ يذر الله الناس لما بين أيديهم من الأسباب وموازين القوى، فمن ملك أقواها غلب، أما في صراع العقيدة، فلا يلزم أبدا أن تتكافأ القوى، ولا أن تتقابل موازين الأسباب!

كل الطغاة الذين أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر إنما أخذهم وهم في قوة جبروتهم!

حين أهلك الله فرعون لم يهلكه بتغيير موازين القوى، وإنما أهلكه وهو يقول: أنا ربكم الأعلى! أخذه وهو في أوج قوته، على رأس جيشه المدجج!

وحين أهلك الله النمرود لم يهلكه في لحظة ضعف، وإنما أهلكه وهو قمة غطرسته، ينادي في الناس: أنا أحيي وأميت!

وحين أهلك الله عادًا، لم يهلكها بتغيير الأسباب، وانقلاب الموازين، وإنما أهلكهم وهم يقولون: من أشد منا قوة!

وحين أهلك الله ثمود، فإنما أهلكهم وهم ما يزالون يجوبون الصخر بالواد!

وحين شتت الله شمل الأحزاب يوم الخندق، كانت الأرض قد ضاقت على المومنين بما رحبت، وبلغت القلوب الحناجر!

حين بدأت الحرب على غزة كنت أعتقد أنها جولة من جولات الحرب، ستنتهي كما انتهت كل الجولات التي قبلها، أما الآن فشيء ما في داخلي يقول إنها الجولة الأخيرة! وإنها لن تبقى على الشكل الذي هي عليه الآن، ستأتي ريح الأحزاب بإذن الله، ورياح الله لها ألف شكل وهيئة، وما يعلم جنود ربك إلا هو!

وحتى إن انتهت كما انتهت الجولات السابقة، فستكون قد بدأت من حيث انتهت!. ولكن الشيء المؤكد أن هذه الحرب خرجت منذ زمن من أيدينا وأيديهم، يد الله تسيِّرها!

لست ضد العقلانية، وحساب الأسباب، والنظر إلى الواقع، ولكن العقلانية ترفض كل هذا الصمود، كل ما يحدث هو ضد العقل أساسا! والأسباب لا تُنتج كل هذا الثبات! والواقع يقول إن دولا عظمى كانت ستنهار تحت كل هذا القصف والعدوان، فكيف يصمد قطاع هو أصغر مساحة من أيٍّ من عواصمنا؟! والأدهى من ذلك أنه بجغرافيته المسطحة بلا جبال ولا وديان ولا غابات.. هو منطقة ساقطة عسكريا عند أول هجوم من هذه الترسانة المهولة التي تملك البحر والجو واليابسة! وبالنظر إلى أن حروب إسرائيل السابقة مع جيوشنا كانت تنتهي بساعات، فالحديث عن الواقعية يبدو إيمانا ماديا غثيثا!

لا يوجد محتل بقي على احتلاله، هذه حقيقة ثابتة لا يستطيع أحد تكذيبها، بغض النظر عن عقيدة أصحاب الأرض! كل احتلال زال.. هكذا يخبرنا التاريخ، وكل الغزاة رحلوا نهاية المطاف، وهذا الاحتلال زائل طال الوقت أم قصر، وعسى أن يكون قريبا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق