السبت، 31 أغسطس 2024

حياة الماعز وقناة العربيَّة!

 

حياة الماعز وقناة العربيَّة!


أدهم شرقاوي


ليس من عادتي متابعة أي “ترند”، لأني أعرف أنَّ “الترندات” في الغالب كفقاعات الصابون، فارغة من الداخل، وسرعان ما تتلاشى! ولكن من باب الفضول ليس إلا شاهدتُ فيلم “حياة الماعز”! 
وقد خرجتُ منه بعدة انطباعات:

1. لستُ ناقداً سينمائياً، ولكني أعرف كما تعرفون جميعاً أن “بوليود” قائمة بالأساس على المبالغات، والمغالطات المنطقيَّة! فيها يمشي البطل على الماء ويطير في الهواء، ويمسك الرصاص الذي يُطلق عليه بأسنانه ثم يعيد إطلاقه من فمه بقوة دفعٍ أقوى مما هي في المسدس الحقيقي! لهذا فإنَّ العاقل لا يأخذ شيئاً تقدمه بوليود بالتسليم كأنما يتلقى وحياً!

2. إطلاق اسم “حياة الماعز” على الفيلم ليس بريئا برأيي، وإنما الهدف منها إشارة تهكميّة إلى المكان الذي تدور فيه قصة الفيلم، ومحاولة إيحاء بصورة الرعي، المرتبط بأذهان غالبية النّاس بالبعد عن الحضارة! وقد نسيَ الهنود أنه في حين يرعى الناس في بلادنا الأغنام ويحلبونها، فهم في المقابل يعبدون الأبقار والفئران في بلادهم!

3. القصة قد تكون حدثتْ بالفعل، ولنُسلِّمْ جدلاً أنها نُقلت دون تضخيم ولمسات بوليوديّة، مع أنَّ هذا مستبعد! فهل يوجد بلد في العالم لا يُساء فيه إلى العمال؟! في كل الدُّنيا يسيءُ بعض أرباب العمل إلى عمالهم، وبعض هؤلاء العمال من أبناء وطنهم وجلدتهم!

طبعاً، هذا ليس تبريراً للإساءة، وقوانين العمل- بالفعل- بحاجة إلى مراجعة في الكثير من بلدان الأرض، وليس في السعودية وحدها، ولكن التعميم لغة مقيتة. ومحاولة وصم شعب كامل بالعنصرية لأن بعض أفراده قاموا بعملٍ عنصريّ هو تجنٍّ على بلد كامل! لا يوجد شعب إلا وفيه الطيب والخبيث، والمحسن والمسيء، وحمل الناس في سلة واحدة خبثٌ مقصود!

4. أتفهم جيّداً شعور أهلنا في السعودية تجاه هذا العمل، وتجاه الحملة التي رافقته، حيث اتخذها البعض مطية للتشفي وتسوية الحسابات! الشعور بالظلم والتّجني وقلب الحقائق مرٌّ، وهذا ما تُذيقنا إياه قناة العربيّة صباح مساء وهي تتبنى رواية الاحتلال، فتصف مقاومتنا بالإرهاب، ومجاهدينا بالتطرف والتبعيّة، حتى أننا صرنا نرى “يديعوت أحرونوت” الصهيونيّة أكثر إنصافاً لنا من قناة العربيّة، ومذيعي القناة الثانيّة عشرة الإسرائيليّة أكثر مهنيّة من مذيعي قناة العربيّة!

مقاومتنا لم تُسىء إلى أي بلدٍ عربيٍّ، لا إلى السعودية ولا إلى غيرها، ولم تحمل السلاح يوماً في وجه أحد غير وجه هذا العدو الذي احتل أرضنا.. ونحن والله بغالبيتنا- لأن الحمقى يوجد منهم في كل الشعوب- نتمنى الخير والأمن لكل الدول، ولكننا في المقابل نأمل أنه إذا لم نسانَد أن لا نُعادى!

إنَّ التي تقاتل هي مقاومتكم أنتم أيضاً، تقاتل عن مسرى نبيكم، ومهبط أفئدتكم! وهذه الدماء التي تُسفك هي دماء أهلكم، والأعراض التي تُستباح هي أعراضكم، ونحن حين خُذلنا من الجميع عزّينا أنفسنا بالظرف والواقع، والمعادلات والحسابات، ولكن أن يُنهش لحمنا على الهواء مباشرة، وليس في فيلم، فهذا طعمه مرٌّ جداً!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق