أولياء الدَّمِ قد كتبوا!
1- طارق مصطفى، الغزَّاويُّ الوسيم وجهاً وخُلقاً، استشهدتْ عائلته كلها، ولم يبقَ غيره! جمعَ أشلاءهم بيديه، دفنهم وغادر غزَّة، تواصلَ معي بعدها بخصوص كتابٍ قد ألَّفه، وطلبَ مني أن أقرأه وأكتب له تقديماً، وقد فعلتُ، وكان كتابه في معرض إسطنبول منذ أيام، وهناك التقيته فإذا هو جميل الروح والأخلاق!
2- الدكتور رائد الدية استشهدت حفيدته في الحرب، فقرر أن يوثّق استشهاد أطفال غزَّة، وألَّفَ كتاباً أسماه المحرقة، وطلبَ مني أن أكتب له تقديماً لكتابه قبل طباعته، ففعلتُ أيضاً، وتمت طباعة الكتاب!
3- الطفل الموهوب رمضان أبو جزر كتبَ مجموعة قصصية بلغته الغضَّة الطريّة، وتواصل معي والده لأكتبَ له تقديماً للكتاب، ففعلتُ، وتمت طباعة المجموعة القصصية!
4- زوج حفيدة خنساء فلسطين أم نضال فرحات تواصل معي بخصوص كتاب يوثّق مجازر غزّة بأسلوب قصصي، كتبته الفاضلة زوجته بمشاركة مجموعة من أخواتنا في غزَّة، وطلب مني أن أكتب تقديماً لهُنَّ، ففعلتُ، ولكن لم يتم إدراج تقديمي في الكتاب بعد طباعته بناءً على نصيحة الدار الناشرة خشية أن يتم حجب الكتاب في الدول التي حجبت كتبي!
5- الدكتورة سجى حمدان ابنة غزة لها رواية جميلة بعنوان هذا الحجر لي، تواصلت معي بخصوص كتابة تقديم للرواية، ففعلتُ، وتمت طباعة الرواية، وكانت مشاركة في معرض إسطنبول للكتاب!
6- سارة عودة من غزّة فقدت الكثير من أهلها، وكتبت رواية، وأرسلتها لي طلباً لرأيي، فوجدتُ الرواية جميلة، وأوصلتها مع دار نشر وأوصيتُ عليها لتسهيل طباعتها، وبالفعل تمّت طباعة روايتها، وكانت الرواية متوفرة في جناح دار الرموز العربية في معرض الكتاب العربي في إسطنبول!
7- دعاء طحلة ابنة الشهيد والقائد القسامي أرسلت لي فصولاً من رواية لم تكتمل بعد تطلبُ رأيي بها، فشجعتها أن تكمل، ولا أدري أن وصلت بها!
وغير هؤلاء الكثير ممن راسلوني، وهم إما يكتبون أو بصدد أن يبدأوا، هؤلاء جميعاً لا أحد يستطيع أن يُزايد عليهم، لهذا أنا عندما دافعتُ عن أيمن العتوم إنما دافعتُ عن فكرة وليس عن شخص، ولو كان أيمن مخطئاً لكنتُ أول من سيقول له هذا!
ثمَّ من قال إنَّ الكتابة عن غزَّة تدرُّ مالاً، الكتابة ضد غزَّة يجني مالاً أكثر، وكلكم تعرفون هذا!
الدفاع عن كتائب العزِّ قضيّة خاسرة مادياً أساساً، ولكنها قضيَّة عقديّة نقومُ بها بغض النظر عن تبعاتها، ومن بداية الحرب على غزَّة تمّ حجب كتبي في ثلاثة دول عربيّة لم أنتقدها ولو بحرف، وقلتُ في نفسي فدى أحذية كتائب العزِّ، وسأبقى أنافح عنهم تقرباً إلى الله ولو أُحرقتُ حياً مع كتبي!
ثمَّ كيف يستقيم أن أقول للناس، لا تعتادوا مشهد موت أهل غزّة، لا تألفوا مصابهم، لا تتركوهم وحدهم، وإذا ما كتبوا ذهبتُ أهاجمهم؟!
وبأي منطق تكون كتابة المقالة والقصيدة شيئاً جميلاً لأنها مجانيّة، وإذا صارت رواية تُباع غدتْ أمراً قبيحاً؟!
علينا أن نفهم أنَّ كل إنسانٍ مطالب بما يستطيع، وبما يجيد، ومن وقف معنا ولو بالكلمة قدَّرنا وقوفه معنا في زمن صار للكلمة ثمنها، لا أن نُذهب جهودنا في معاركة جانبية لا طائل منها!
والله المستعان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق