السبت، 5 سبتمبر 2020

لماذا هم أصدقاء بِلا صداقة!

لماذا هم أصدقاء بِلا صداقة!

خواطر صعلوك
محمد ناصر العطوان
 
احذروا الأصدقاء الذين ينظرون لكم من الأعلى، الذين يعتقدون أن خبراتهم في الحياة تسمح لهم أن يقولوا لكم ما الذي ينبغي عليكم أن تفعلوه، أو يقرروا بالنيابة عنكم ما مساراتكم التي ينبغي أن تسيروا فيها، أو ما شكل التطوير الذي تحتاجونه.
ربما يمكن للمعلم الحق في أن يمارس هذا الدور، داخل الفصول الدراسية، أو الطبيب النفسي أثناء الجلسات العلاجية، أما الصديق فينبغي أن يكون الطريق لا الشُرفة التي تَطُل على من أسفل منها.
رأيت فيديو منتشراً لفتاة تدعي أنها بسبب كُتبها وقراءاتها الكثيرة، أصبح هناك فجوة في الوعي والمعرفة بينها وبين صديقاتها، وأنها أصبحت تراهم من الأعلى، وتدعوهم أن يتركوا حياتهم ويصعدوا إليها!
عزيزي القارئ... لقد قابلت وصادقت أناساً في حياتي يشعرون بالمتعة وهم يلعبون دور «المرشدين الروحيين» لمن حولهم، ولحسن حظهم دائماً كانوا يجدون مَن يلتف حولهم، لأنه ورغم أن هناك أناساً توصلوا إلى الحقيقة من دون مساعدة أحد، واختطوا لنفوسهم الطريق، إلا أن هناك الكثير من الناس - وأنا أولهم - يحتاجون إلى مساعدة، فإنهم لا يتقدمون ما لم يسر أحد أمامهم، وهأنذا أحاول أن أتخلص من هذه العادة السيئة.
الحقيقة أيها القارئ الكريم داخل نفسك أنت، وليست بيد مرشدين حولك، ومن دون التفكير والنقد والنباهة لما في داخلنا، سنجد أنفسنا دائماً نتعلم دروساً بلا ثمار، من أشخاص يعتقدون أنهم خط غرينتش وجميع من سواهم إما يقع شرقهم وإما غربهم.
«صاد» الصديق هي صاد الأصيل، الذي يكون وجوده بجانبك قيمة مضافة لكليكما، ودال الدليل الذي يشير إلى الطريق ويسلكه معك، ليس كالتمثال الذي يحمل اللوحة بيد، وباليد الأخرى ويشير ولا يتحرك، والياء ياء المنادي والربط بين نقطتين، والقاف هي قاف قوامة المعنى المستمر على ما اتفق عليه من اختلافات متنوعة.
إن الذي لا يطيق الإنصات إليك، والذي لا يفكر في بناء الجسور لك حتى أثناء سقوطه، والذي يعتقد أن وجوده بجانبك هي خدمة في حد ذاتها، والذي يذكرك باستمرار أنك في حاجة ماسة إلى أن تكون شخصاً آخر غير الموجود الآن، ويبدي الملاحظة تلو الملاحظة حول نظرتك إلى الأمور، وسلوكك اليومي، ومفرداتك، وطريقة لبسك... في الغالب هذا ليس صديقاً... ربما كل ما يحتاج إليه هو منصة مرتفعة عن الأرض 60 سم، ومجموعة من الأفراد الفاغرة أفواههم أمامه، أو فصل دراسي ومجموعة تلاميذ على الطريقة التقليدية. إذا لم تكن تضحك معه كطفل، وتشارك وعيه كنغمة وتر يهتز على الجانبين، ويتفهم وتتفهم انكساراته وموطئ قدمه... فأنت غالباً في علاقة مسمومة... وكل ما لم يذكر فيه اسم الله... أبتر.

قصة قصيرة:
يقول الحكيم:
- لا تكن كتاباً مفتوحاً للناس لكي لا يضعوك على الرف.
ويقول القارئ:
- أي كتاب؟
ويقول النرجسي:
- أي ناس؟
ويقول السعيد:
- مَن أنت لتقول لي ما ينبغي وما لا ينبغي فعله؟
@moh1alatwan

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق