إشراقات قرآنية سورة الغاشية
بين يدي سورة الغاشية
أسماء سورة الغاشية ووقت ومكان نزولها وعدد آياتها وسبب نزولها
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد:
اليوم عندنا سورة الغاشية:
وهذه السورة اسمها (الغاشية) في المصاحف وكتب التفسير والحديث، وسماها البخاري رحمه الله سورة: ((هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ))[الغاشية:1]، وجاء هذا في السنة النبوية أيضاً عند مالك في الموطأ .. وغيره، وبعضهم كما في تفسير ابن عطية سماها سورة: ((هَلْ أَتَاكَ))[الغاشية:1]، وذلك على سبيل الاختصار.
وأما وقت نزولها: فهي مكية، كما ذكر ذلك جمهور المفسرين كـابن الجوزي و القرطبي و ابن كثير و الرازي .. وغيرهم، ولم أجد من ذكر غير هذا، فكأنه لا يعرف قول آخر لغير هذا، فهي من السور المكية قولاً واحداً.
أما عدد آيات هذه السورة فهي ست وعشرون آية باتفاقهم.
أيضاً لم يُعرف لها سبب للنزول، ولكن ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكره ابن كثير عن ابن أبي حاتم .. وغيره: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على امرأة وهي تقرأ فأنصت إليها، فإذا بها تقرأ: ((هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ))[الغاشية:1]، فهز النبي صلى الله عليه وسلم رأسه وقال: نعم. قد أتاني حديث الغاشية) .
إشراقات في قوله تعالى: (هل أتاك حديث الغاشية)
وفي هذه السورة معان عظيمة، افتتحها الله تعالى بهذا السؤال: ((هَلْ أَتَاكَ))[الغاشية:1] وهذا السؤال الأقرب كما ذكرنا سابقاً أن (هل) بمعنى: قد، يعني: هذا تقرير، بمعنى أن الله تعالى يقول: (قد أتاك حديث الغاشية).
وهذا فيه إشارة إلى أن تفاصيل يوم القيامة مما لا يمكن للإنسان معرفته إلا عن طريق الوحي.
نعم، الإنسان يعرف بالعقل، ويعرف بالفطرة، ربما الإيمان بدارٍ آخرة ينال فيها المحسن جزاءه، ويقتص فيها للمظلوم من الظالم، وتبين فيها الحكمة الربانية من خلق هذا الإنسان العاقل البصير الرشيد، وابتلائه وامتحانه؛ وأن هذا الإنسان ليس كالحيوان، الحيوان عنده خط واحد، وهكذا الطير يأكل ويشرب ويسافد ويتوالد، لكن الإنسان لا! عنده خيارات وطرق متعددة واحتمالات، وممكن تذهب هنا أو هنا، تختار هذا المذهب أو ذاك، هذا القول أو ذاك، هذا العمل أو غيره، فهذه الخيارات لا بد من ورائها من حكمة يتبين فيها صواب الاختيار من عدمه؛ فلذلك جاءت الرسالات لتحدد وتوضح وتفصِّل ما تؤمن به الفطر السليمة، والعقول المستقيمة من الدار الآخرة، فجاء حديث الغاشية وحديث القيامة في القرآن الكريم مفصلاً، كما لم يأت عند الأنبياء السابقين وفي الكتب السابقة، فجاء من تفصيله في القرآن والسنة، ما لم يأت عند من سبقوا من الأمم الأخرى.
إذاً: هذا تقرير، ولكنه جاء بصيغة السؤال، والسؤال عادة يلفت نظر الإنسان، ويشده أكثر من غيره: ((هَلْ أَتَاكَ))[الغاشية:1]، يعني: قد جاءك وقد أتاك.
ثم قال: ((حَدِيثُ))[الغاشية:1] والحديث يطلق على الكلام، ويطلق على الخبر، ويطلق على القصة، كما في قوله: ((مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى))[يوسف:111] ، في قصة يوسف عليه السلام، فالحديث إذا هو القول والكلام والخبر والقصة.
ثم قال: ((الْغَاشِيَةِ))[الغاشية:1]، والغاشية صفة، ولم يذكر الموصوف ما هو، ومن هنا اختلف المفسرون على أقوال ثلاثة أو أربعة في الغاشية، أشهرها وأصحها: أن الغاشية هي القيامة، وقيل: هي النار؛ لأنها تغشى وجوه أصحابها.
ولكن الأرجح أن المقصود بالغاشية هنا القيامة، أو صيحة البعث؛ لأنه ذكر بعد الغاشية ما يقع فيها، وذكر أهل الجنة وأهل النار، فدل على أن المقصود بالغاشية إذا هنا القيامة.
إذاً: هي الحادثة الغاشية، أو الصيحة الغاشية؛ لأنها تغشى الناس جميعاً، ولا مخلص لأحد منها.
إشراقات في قوله تعالى: (وجوه يومئذ خاشعة...)
ثم قال: ((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ))[الغاشية:2] وهنا مناسبة جيدة وعظيمة بين قوله: ((وُجُوهٌ))[الغاشية:2] وبين: ((الْغَاشِيَةِ))[الغاشية:1]؛ لأن الغاشية غالباً ما يبين أثرها على وجه الإنسان، كما في قوله سبحانه وتعالى: ((فَإِذَا جَاءَتْ الصَّاخَّةُ))[عبس:33]، وكما في قوله: ((فَإِذَا جَاءَتْ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى))[النازعات:34] وذكر أثرها على وجوه الناس.
وهنا قال: ((الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ))[الغاشية:1-2] فيبين أثر الغاشية على وجوه الناس؛ لأن ما في قلب الإنسان من الخوف أو الحياء أو الارتباك يبين أثره على وجهه، ولهذا ناسب أن يعبر بـ(وجوه)، وإن كان المقصود بالوجوه أصحابها، أصحاب هذه الوجوه.
((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ))[الغاشية:2]، (يومئذ) يعني: يوم الغاشية، يوم القيامة.
إذاً: يجب أن تكون هذه الأوصاف -وهي أوصاف كثيرة جداً لأصحاب هذه الوجوه- أوصافاً لهم في الآخرة، ولهذا الشيخ السعدي رحمه الله قال: هذا يعني أنه مقطوع به، أن هذه أوصافهم في الآخرة، وليست أوصافهم في الدنيا، بينما أكثر المفسرين ذكروا في المسألة أقوالاً، وخلاصة الأقوال المذكورة هنا ثلاثة:
بعضهم قالوا: إن هذه أوصاف لهم في الآخرة، فوجوههم في الآخرة خاشعة، يعني: ذليلة كما في قوله سبحانه في سورة فصلت، في أوصاف الناس في الدار الآخرة، يعني: ذكر أنه يغشاهم من الذل والخشوع، لا أذكر الآية الآن.
المقصود أن المعنى خاشعة أي: ذليلة في الدار الآخرة.
وكذلك: ((عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ))[الغاشية:3] يعني: في الآخرة أيضاً، في الموقف، من ركضهم وذهابهم وإيابهم وقلقهم وحركتم، وأيضاً في النار، فإنهم يعملون وينصبون في النار، ويكلفون أحمالاً، ويكلفون صعوداً، كما ورد تفصيله في القرآن الكريم.
إذاً: القول الأول أن هذه أوصاف لهم في الدار الآخرة.
القول الثاني: أنها أوصاف لهم في الدنيا، وبناءً عليه قال: (خاشعة) من الخشوع، يعني: أنهم كانوا يعبدون الله على غير هدى، كعبادة مثلاً الرهبان.. وغيرهم، أو عبادة الخوارج ..وسواهم من أهل الضلالة والبدعة، الذين قد يكون عندهم خشوع في ظاهر الأمر من العبادة، ولكنه على غير هدى.
وهكذا عندهم عمل في الدنيا، قد يكون عملاً بعبادة، قد يكون عملاً بأمر من الأمور الدنيوية، أو يكون عملاً في دنيا، أو في أمور لا تنفعهم في الدار الآخرة، وهكذا: (ناصبة)، يعني: تعبة، من النصب وهو التعب.
إذاً: الاحتمال الثاني: أن تكون هذه الأوصاف أوصافاً لهم في الدنيا.
والاحتمال الثالث: أن تكون مشتركة، فبعضها في الدنيا وبعضها في الآخرة، مثلاً: الخشوع يكون في الدنيا، ما كانوا خاشعين، والعمل والنصب في الآخرة أو العكس، ونحن نختار القول الأول الذي رجحه جماعة؛ لظاهر النص، أن هذه الأوصاف لهم في الدار الآخرة وليست في الدنيا، وبناءً عليه نقول: (خاشعة) أي: ذليلة من هول ما ترى.
((عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ))[الغاشية:3] ، في الموقف بما يقع لها من الحيرة والتبلبل والذهاب والإياب، كما ورد مثلاً في مجيئهم إلى الأنبياء، وترددهم عليهم، وما يقع لهم من ذلك، وأيضاً حينما يصيرون إلى النار، فإنهم ينصبون ويتعبون فيها تعباً شديداً.
إشراقات في قوله تعالى: (تصلى ناراً حامية)
ثم قال سبحانه وتعالى: ((تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً))[الغاشية:4] يعني: هذه الوجوه وأصحابها، ولا شك أن أشد ما يصلاه الإنسان بوجهه، ولذلك كونهم يتقون النار بوجوههم، من أشد ما يكون عليهم؛ لأن الحرق مثلاً لو كان في رجل الإنسان أو في يده، أهون بكثير من أن يكون في وجهه، فإنه يجد في وجهه من أثر الحر وألمه الشيء العظيم، ولهذا هنا قال: ((تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً))[الغاشية:4] ولاحظ الألفاظ: ((تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً))[الغاشية:4].
أولاً: (تصلى)، ما قال: تكوى، وإنما تصلى، فكأن النار هي مسكنهم، والعرب يعبرون بالصلي إذا قالوا مثلاً: شاة مصلية، فإنهم يضعون حفرة ويضعون فيها جمراً شديداً، ثم يضعون فيه الشاة أو اللحم الذي يريدون شيَّه أو إنضاجه، فهذا أشد ما يكون.
ثم قال سبحانه وتعالى: (ناراً)، وهذا تنكير للنار، إشارة إلى عظمتها وهولها، وأنها إن كانت تشبه نار الدنيا من جهة أصل المعنى، إلا أنها شيء آخر مما يعلمه الله ولا يتصوره البشر قط، وكل صورة تخطر في بالك عن نار الآخرة فالأمر ليس كذلك، وليس في الآخرة مما في الدنيا إلا الأسماء، ولهذا عبر هنا بقوله: (حامية)، وكل نار فهي حامية.
إذاً: لماذا عبر بقوله: (حامية) هنا؟ هذا له أكثر من معنى:
إما أن يكون المعنى إشارة إلى أن هذه النار لا تفتر ولا تبرد، فليست كنار الدنيا التي تستعر ثم تهدأ وتخبو، وإنما هذه النار تتوقد وتتلهب أبداً، هذا معنى.
وإما أن يكون المعنى أن النار حامية، أي: أنه زيادة على حرها وسعيرها إلا أنها هي أيضاً تتغيظ على هؤلاء الكافرين، وهذا المعنى صحيح، ويرشد له قوله سبحانه وتعالى في سورة الملك: ((تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنْ الْغَيْظِ))[الملك:8] يعني: تتقطع من شدة غضبها وحنقها على الكافرين.
وقال بعضهم: من معاني: (حامية) أنها سبب في الحماية، بمعنى أن النار هذه تحمي الإنسان من الوقوع في المعاصي؛ لأنه إذا تذكر النار امتنع عن الذنوب، وهذا بعيد، فالأقرب المعنيان الأولان اللذان ذكرتهما.
((تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً))[الغاشية:4] .
إشراقات في قوله تعالى: (تسقى من عين آنية)
((تُسْقَى))[الغاشية:5] تلك الوجوه ((مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ))[الغاشية:5] فكأن الإنسان لما تصور هذا المعذَّب وهو يصلى بالجمر والنار، تذكر الماء، وأن الماء هو الذي يطفئ النار، وهو الذي يطفئ حر العطش، فجاء الجواب مباشرة: ((تُسْقَى))[الغاشية:5]، وهنا فيه نوع من الاستدراج، يعني: أول ما يسمع الإنسان: ((تُسْقَى))[الغاشية:5] يقع في باله احتمال أنه يوجد شيء، نعم: (تسقى)، ولكن ماذا؟ ((تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ))[الغاشية:5] عين من الماء، لكنها آنية، ومعنى (آنية) أي: شديدة الحرارة، بالغة في الحرارة مبلغها ومنتهاها، كما في قوله سبحانه وتعالى في سورة الرحمن: ((هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ))[الرحمن:43-44] فالحميم هو الماء الحار، و(الآن) الآني يعني: هو البالغ في الحرارة منتهاه، وليست كحرارة مياه الدنيا، فهذا شرابهم إذا استسقوا، ولهذا قال سبحانه في سورة الكهف: ((وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا))[الكهف:29] وأيضاً هنا لاحظ الاستدراج.. ((وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا))[الكهف:29] ولكن يغاثوا بماذا: ((بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ))[الكهف:29]، يشوي الوجوه حتى قبل أن يشربوه، فإذا شربوه وذهب إلى أجوافهم ما الذي يحصل؟ ((وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ))[محمد:15].
طيب الإنسان إذا تقطعت أمعاؤه في الدنيا ما الذي يحصل له؟ يموت، لكن هيهات منهم الموت؛ لأنه لو كانت الآخرة فيها موت لمات الواحد منهم بمجرد وضعه في النار، وإنما أمر الآخرة لا يقاس بنواميس وقوانين وسنن الحياة الدنيا المعروفة، فهذا عذاب.
وهنا يتذكر الإنسان يقول: سبحانه الله! من الذي يعذبهم بهذا؟ إنه أرحم الراحمين، الرحمن الرحيم، الذي وسعت رحمته كل شيء، وسبقت رحمته غضبه، ولكن هذا حكمه، وهذا عدله، وهذا قضاؤه فيمن خالفوا أمره، وكذبوا رسله، وارتكبوا محارمه، وأصروا على ذلك، ولا يهلك على الله تعالى إلا هالك، ويكفيك قوله تعالى: ((وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ * فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السَّعِيرِ))[الملك:10-11]، يعني: الناس في الدنيا لما يدخل الإنسان السجن ماذا يقول؟ يقول: مظلوم.
لن يدخل السجن إنسان فتسأله ما بال سجنك إلا قال مظلوم
لكن في الآخرة هل يوجد واحد يدخل النار وهو يقول: يا رب مظلوم؟ ما يوجد، وهذا من كمال عدله، أنه ما يوجد أحد يدخل الناس وهو يصرخ ويقول: مظلوم. وإنما يوبخ نفسه: ((لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ))[الملك:10] فلا تشغل نفسك بالخواطر والهواجس والوساوس، ولكن اشغل نفسك بالفرار من هذه النار، بصلاح قلبك وجوارحك وحياتك وظاهرك وباطنك.
إشراقات في قوله تعالى: (ليس لهم طعام إلا من ضريع...)
((تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ))[الغاشية:5]، وإذ ذكر الشراب وبيَّن ما هو، فإنما يخطر في البال دائماً مع الشراب الطعام، فجاء الجواب: ((لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ))[الغاشية:6]، والضريع: هو -على قول جمهور أهل اللغة وأهل التفسير- نوع من نبات الصحراء، سام وشوكي تأكله الإبل، وتسميه العرب: الشبرق (بالشين والباء والراء والقاف)، فإذا يبس سمِّي ضريعاً، وقد تأكله الإبل فلا ينفعها ولا يسمنها.. وقيل غير ذلك.
ووصف الله تعالى الضريع هنا بأنه: ((لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ))[الغاشية:7]؛ لأن الإنسان إذا أكل طعاماً يأكله لأحد غرضين: إما يأكله بقصد الاستمتاع بالطعام وإذهاب الجوع، وكأن هؤلاء الكفار يعذبون يوم القيامة بألوان من العذاب، منها: الجوع، يسلط عليهم الجوع والعطش، فيشربون الماء الحار، ويأكلون الضريع.
فذكر الله تعالى أن الضريع: ((لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ))[الغاشية:7]، والإنسان إما أن يأكل الطعام من أجل إذهاب ألم الجوع، أو يأكله من أجل إذهاب الهزال وتحقيق نوع من السمنة في بدنه، فنفى الله تعالى الأمرين عنه.
وقد وردت في القرآن الكريم تسمية طعامهم بغير ذلك، كما سماه الله تعالى في مواضع: الزقوم ((إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ * كَغَلْيِ الْحَمِيمِ))[الدخان:43-46].
وأيضاً يوجد طعام ثالث ذكره الله لأهل النار: الغسلين: ((فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلا طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ * لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخَاطِئُونَ))[الحاقة:35-37].
فكيف نجمع بينها وبين قوله: ((لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ))[الغاشية:6] هنا؟
إما أن نقول: إن هذه أسماء لمسمى واحد وهي أنواع داخله، أو نقول: إن هذه حسب مقام الإنسان في النار، فلكل دركة نوع من الطعام، أو يقال: إن هذا في أحوال مختلفة، والله تعالى أعلم، وإنما المقصود الوعيد.
((لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ ضَرِيعٍ))[الغاشية:6] ، ((لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ))[الغاشية:7]، هذا ما وصف الله تعالى به حال أصحاب تلك الوجوه.
إشراقات في قوله تعالى: (وجوه يومئذ ناعمة)
ثم ذكر الله تعالى كما هي العادة في القرآن أن الله تعالى يذكر النار والجنة، وهذا من معاني كون القرآن مثاني: ((اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ))[الزمر:23]، فيذكر الله تعالى الوعيد الشديد والمشاهد المفزعة المفجعة المخيفة في النار، ثم يعقبها بذكر النعيم والجنة، حتى تطمئن القلوب والنفوس وترتاح وتلين؛ ولهذا قال هنا: ((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ))[الغاشية:8]، أيضاً (يومئذ) دل على أن الغاشية هي القيامة، التي فيها الأبرار والفجار، وأهل الجنة وأهل النار، وقال هنا: ((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ))[الغاشية:8] ، أي: وصفها في الدار الآخرة أيضاً.
((نَاعِمَةٌ))[الغاشية:8] من النعيم.. ((تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ))[المطففين:24]، الجمال، والوسامة، والحسن، والراحة، والرضا، وهذا يبدو في وجوههم، فهو صفة ظاهرة.
إشراقات في قوله تعالى: (لسعيها راضية)
ثم قال: ((لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ))[الغاشية:9]، أي: أنها رضيت سعيها في الدنيا، فلما رأوا المصير حمدوا ما سعوا في الدنيا، وما تعبوا وما عملوا وما جاهدوا وما صبروا.
ويحتمل أن يكون المعنى أي: راضية لنتيجة سعيها، لما رأوا نتيجة المسعى وثوابه وجزاءه في الدار الآخرة، حصل منهم كمال الرضا، والرضا هنا معنى قلبي، إذا كان النعيم والنعومة في الوجه فالرضا يكون في القلب.
إشراقات في قوله تعالى: (في جنة عالية...)
ثم قال سبحانه وتعالى: ((فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ))[الغاشية:10] يعني: أولئك في النار الحامية، وهؤلاء ((فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ))[الغاشية:10]، والعلو هنا علو حسي للجنة، فإن الجنة في السماء، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم، كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب؛ لتفاضل ما بينهم، قالوا: يا رسول الله! تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال: لا، والذي نفسي بيده، بل رجال آمنوا بالله، وصدقوا المرسلين).
إذاً: الجنة عالية علواً حسياً في مكانها ومقامها وارتفاعها، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (في الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيله، بين كل درجة والتي تليها كما بين السماء والأرض)، فانظر هذا الذي عنده نار حامية وجمر وكي وعقوبة وصلي، عنده أيضاً جنة عالية فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وهو سبحانه يتحبب إلى عباده ويصبر عليهم ولا يعاجلهم، ويقيم عليهم الحجج، منها الحجج الشرعية، والحجج الكونية، وآيات الأنفس، وآيات الآفاق، وربما عصى العبد فأمهله الله تعالى، وربما سلط الله عليه بعض مصائب الدنيا وأعراضها من مرض، أو فقر، أو جوع، أو دين، أو هم أو غم؛ حتى يعود إلى الله عز وجل.
فهنا قال: ((فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ))[الغاشية:10] علو حسي بارتفاعها وعظمتها وسعتها، وأيضاً علو معنوي بارتفاع رتبتها، وكونهم في جوار ربهم تبارك وتعالى، وما فيها من رفعة المنزلة، ورفعة الخلق، ورفعة الشأن.
إذاً: هو علو حسي وعلو معنوي؛ ولهذا قال: ((لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً))[الغاشية:11]، وهذا من العلو المعنوي، أي: لا يسمع في الجنة كلمة فيها لغو، وأصل اللغو هو الكلام الذي ليس له معنى، ولهذا قال: ((لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ))[البقرة:225].. ((وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا))[القصص:55].
إذاً: اللغو هو الكلام الذي ليس له معنى، فنفى الله تعالى عن الجنة أن تسمع فيها لاغية، يعني: كلمة (لاغية) أو عبارة (لاغية)، أو مجلساً لاغياً، أو شخصاً لاغياً، ليس فيها لغو: ((لا لَغْوٌ فِيهَا وَلا تَأْثِيمٌ))[الطور:23].
إذاً: من باب أولى أنه ليس فيها الكلام الفاحش، أو الكلام البذيء، أو الكلام المحزن، وإنما كل كلام أهلها خير وبر، حتى ورد أنهم يلهمون التسبيح كما تلهمون النفس، فكلامهم ذكر وخير وبر وشكر وحمد وثناء وكلام طيب، ولهذا قال الله تعالى: ((وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنْ الْقَوْلِ))[الحج:24] من غير تكلف؛ لأن الجنة ما فيها تكليف أصلاً، فلا يتكلف الإنسان، هذه الأشياء تجري منه كما يجري النفس، وهي جزء من النعيم أيضاً الذي يتلذذون به في الجنة.
إشراقات في قوله تعالى: (فيها عين جارية)
ثم قال سبحانه وتعالى فيما يتعلق بمآكلهم ومشاربهم ومجالسهم، قال: ((فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ))[الغاشية:12]، (عين) هل عين واحدة؟ لا، وإنما المقصود عيون جارية، جنس، هذا يسميه النحاة: اسم جنس، يعني: فيها عيون جارية: ((فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ))[الغاشية:12] وفي حديث عند ابن ماجه ولكن سنده ضعيف، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا هل مشمر إلى الجنة، فإن الجنة لا خطر لها، هي والله عين جارية، ونهر مطرد، وريحانة تتلألأ).. إلى غير ذلك.
فالمقصود أجناس هذه الأشياء وليس مفرداتها، فيها عيون جارية، وعيون الجنة تجري على أرضها وعلى ظاهرها، من غير أن يكون لها أخاديد تمشي فيها أو سواق، كما في قوله سبحانه وتعالى: ((مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى))[محمد:15] لكن هذه الأشياء تجري على الأرض، ويجريها الإنسان كيف شاء من غير حاجة إلى أن يكون النهر له ضفتان، والماء يجري في وسطه؛ لأن هذه مقاييس الدنيا، وهذه أنظمة الحياة الدنيا، وقوانين المادة، بينما الجنة ليس يدخل فيها قوانين المادة التي يعرفها الناس في هذه الدار، فهذه العين جارية مطردة سائرة.
إشراقات في قوله تعالى: (فيها سرر مرفوعة)
((فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ))[الغاشية:13]، والسرير معروف، لكنه وصفه بأنه مرفوع، إشارة إلى رفعة السرير، وهنا الإنسان إذا كان تعوَّد على سرير في الدنيا بنصف متر، أو متر يتوقع أن السرر المرفوعة يمكن أن تكون بحجم ما يعرف من المباني أو القياسات، لكن الشيء الذي في الآخرة لا تستطيع أن تتخيله، رفعته ربما أرفع من قدر الأرض، وأرفع من قدر السماء، وأرفع مما يعلم الناس بشيء عظيم جداً، ولهذا يكفي أن الله تعالى وصفها بأنها سرر مرفوعة.
وأيضاً فيه إشارة إلى رفعتها المعنوية؛ لأن الناس تعودوا في الدنيا على سرر يجلسون عليها، أو ينامون عليها، وقد يرتكبون عليها الحرام، ويعاقرون البغايا والمومسات والزواني، فهنا الله تعالى قال: ((سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ))[الغاشية:13]؛ لأنها أعدت للأطهار الأبرار، الذي نقَّوا فروجهم عما لا يحل، وطهروها وادخروها لذلك اليوم.
إشراقات في قوله تعالى: (وأكواب موضوعة)
((وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ))[الغاشية:14] والأكواب يقول العلماء وأهل اللغة والتفسير: إن الكوب هو الإناء أو الكوز الذي لا يكون له مقبض أو عرى، ولا يكون له أيضاً مصب يصب منه الماء، يعني: هو بهذا الشكل أو بهذا القدر، ليس له مقبض كالإبريق مثلاً يمسك به، فهذا هو الكوب: ((وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ))[الغاشية:14].
(موضوعة) تحتمل أكثر من معنى، هي أولاً في مقابل قوله: (مرفوعة)، فهذه موضوعة أي: قريبة وفي متناولهم وعند الماء، ومن معاني موضوعة أيضاً: أنها مقدرة، مصنوعة بمقدار، يناسب كل حال، كما في قوله سبحانه في سورة (هل أتى على الإنسان): ((وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ * قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً))[الإنسان:15-16] فهي مقدرة مناسبة.
إذاً: فيها ألوان من الصنعة والنعيم والسرور والبهجة والترف والتحف ما تخطر على بال.
إشراقات في قوله تعالى: (ونمارق مصفوفة)
((وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ))[الغاشية:15]، النمارق: جمع نُمرقة أو نَمرقة وهي الوسادة، الوسائد، (مصفوفة) بعضها إلى جنب بعض لقعودهم ومتكئهم.
((وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ))[الغاشية:16] الزرابي جمع زِربي أو زَربي وهي البُسط، ويقول بعض المحققين: إن الزرابي معروفة عند العرب، أنها تأتي من بلاد ما وراء النهر، بلاد المشرق من إيران ، وتعرفون الآن أفخر أنواع السجاد في العالم هو السجاد الإيراني، وأذربيجان ، أذربيجان بجوار إيران أيضاً، وبينها حدود مشتركة، وتلك المناطق من أنعم ما يكون صوفها وحيوانها، فإذا صنعوا البسط والسجاجيد والتحف التي يجلس عليها كانت من أجمل وأبدع ما يكون، حتى إنها تحفظ في بعض المتاحف وتباع بمئات الآلاف، بل بملايين الريالات، وهذه هي الزرابي في الدنيا.
وهذه ليست زرابي الجنة، هذه زرابي الدنيا، حتى قالوا: إن كلمة زرابي مأخوذة من (أذربي)، يعني: أذربيجان اختصاراً، أذربية، فصارت يقولون: زربية؛ لأن الذال لا توجد في لغة الفرس، فاستخدموا الزاي فصارت: أزربية، ونقلها العرب، هذه أفخر ما كانوا يعرفون، لكن ربنا سبحانه وتعالى لما يقول عن الجنة أن فيها هذا اللون، فهو ليس مما تعود الناس وتعاهدوا أن يجدوا نعومته أو شكله الجميل، وإنما هذا فقط من باب تقريب المعنى لعقل الإنسان، الذي يعيش في هذه الدنيا، ويشاهد مثل هذه الأشياء.
هذا ما كانوا يجلسون عليه، وهذا ما ينامون عليه، وهذا ما يأكلون، وهذا ما يشربون، وهكذا تَقَابلَ الأمران، وهنا يأتي السؤال: هل يستويان؟
((لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ الْفَائِزُونَ))[الحشر:20].
إشراقات في قوله تعالى: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت)
ثم انتقل السياق نقلة قريبة، وسؤالاً مباشراً: ((أَفَلا يَنْظُرُونَ))[الغاشية:17]، خطاب للعرب وغير العرب الذين كانوا يخاطبون بالقرآن، وتعرض عليهم الحجج هذه، يقول الله سبحانه وتعالى: ((أَفَلا يَنْظُرُونَ))[الغاشية:17] ، أفلا يعتبرون؟ أفلا يؤمنون؟ وذكر لهم حججاً من حججه سبحانه في الدنيا.
وقد جرت عادة العرب أنهم كانوا غالباً في الصحراء، الواحد منهم ليس عنده ماء ولا مزرعة ولا بستان، وإنما يركب بعيره، ويضرب في البيداء يلتحف السماء ويفترش الأرض، ويلتفت ذات اليمين وذات الشمال، وقد يكون الأعرابي على بعيره ليس له أنيس، كما قال الشاعر:
وقرية ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيس
وقد يكونون تعودوا كثيراً على نوع من الوحدة، فالواحد منهم يتلفت، ولذلك تجده يعرف الصحراء طريقاً طريقاً، وجبلاً جبلاً، وتلاً تلاً، ومكاناً مكاناً، لكثرة ما ترددوا فيها وعرفوها، فأقام الله تعالى عليهم الحجج بآثار البيئة من حولهم، ودعاهم إلى التأمل أولاً: ((يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ))[الغاشية:17]، هذا البعير الذي تركبه وهو أقرب المخلوقات إليك الآن، ((كَيْفَ خُلِقَتْ))[الغاشية:17]، وهذا قدر بسيط يعرفه كل أحد، فيتعجب الإنسان من هذا البعير وخلقه وقوته وطول رقبته، وصبره، واحتماله للجوع والعطش، وقدرته على حمل الأمتعة والأثقال، وليونته وانقياده، وهذا فيه مصالح عظيمة، إضافة إلى أكل لحمه وشرب لبنه، ولذلك اختار الله الإبل هنا، مع أنه يوجد في الحيوانات ما هو أقوى منه أو أشد منه، أو أكثر غرابة، ذكر الله تعالى الإبل، بينما هناك لو ذهب الإنسان مثلاً إلى حديقة الحيوان فوجد الفيل، ووجد الأسد، وجد التماسيح، ووجد النمور.. ووجد أشياء وأشياء، لكن الله تعالى هنا ذكر الإبل؛ لعجب خلقها أولاً، ولأنسيتها وكونها قريبة من الإنسان، يراها كل الناس، وهذا القدر المتفق عليه الذي يحتاج إليه كل أحد ويعرفه؛ لأن الإبل هنا كما أن الإنسان يركبها، يأكلها، يشرب ألبانها، يعيش معها، يستخدمها، فهي أشياء قريبة من الإنسان، يحتك بها الإنسان في حياته ويشاهدها، فهي أكثر إلحاحاً وأكثر عجباً، فهذا من معاني الاختيار.
وهذا لا يمنع أبداً ولا يعارض أن يبتكر ويخترع ويكتشف العلماء من دقائق المعاني في خلق الإبل، ما لم يكن الناس يعرفونه، كما ذكرت لكم غير مرة: أن القرآن وإن كان يخاطب عامة الناس، إلا أنه يكون فيه معان دقيقة، مثلاً قرأت في بعض مواقع الإنترنت عدداً من الدراسات التي تتكلم عن أن خلية البعير على وجه الخصوص، تختلف عن خلية الحيوانات والإنسان إطلاقاً، من حيث النيوترون والإلكترون والنواة وما فيها.
وهذه الأشياء احتمال، أنا لم أقرأها موثقة بحقائق علمية، لكن إذا صدق هذا وصح قلنا: هذا من أسرار التنزيل، هو أو غيره مما يكتشفه علماء الحيوان أو علماء التشريح من خصائص الإبل ودقة خلقها.
فهذا ما تركبه أيها العربي وهو أقرب الأشياء إليك الآن، انظر إليه.
إشراقات في قوله تعالى: (وإلى السماء كيف رفعت)
طيب وارفع رأسك تجد السماء فوقك: ((وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ))[الغاشية:18]، والعربي يرى هذه القبة الزرقاء، ويرى النجوم، ويرى القمر، ويرى الشمس، وهذا كله مما يدخل في لفظ السماء، يتعجب منه الإنسان!
إشراقات في قوله تعالى: (وإلى الجبال كيف نصبت)
انظر أسفل منك، أو انظر إلى يمينك وإلى شمالك ترى الجبال: ((وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ))[الغاشية:19] ، فيرى الإنسان هذه الجبال، وما فيها من القوة ومعالم الأرض، إضافة إلى ما فيها من حفظ الأرض، فإن الله تعالى جعل الجبال أوتاداً، تحفظ الأرض وتستقر بها، وتحفظ توازنها، ومن هنا بعض المفسرين قالوا: ((وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ))[الغاشية:19]؛ لأن نصب الجبال يعني استقرار الأرض.
إشراقات في قوله تعالى: (وإلى الأرض كيف سطحت)
ودخل عدد من المعاصرين والمتأخرين في مسألة الأرض هنا، وهل الأرض ثابتة أو متحركة وتدور، وفي نظري أن هذا ليس من مباحث القرآن أصلاً، القرآن ما جاء كتاب جغرافيا ولا جاء كتاب فلك؛ ليعطي الناس معلومات عن حجم الأرض، وشكل الأرض، أو حجم السماء، أو حجم القمر أو الشمس، لا، القرآن كتاب هداية، ومن أعظم الخطر أن يعرض القرآن للشك بنسبة بعض المعلومات الواهية إليه، والتمسك بها مما يعارض حقائق العلم القطعية، فيكون في ذلك ابتلاء لبعض الناس، وخروجاً عن الجادة المستقيمة، وتحميلاً لنصوص القرآن ما لا تحتمل ، كما في قوله أيضاً: ((وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ))[الغاشية:20]، فإن هذه الآية فيها إشارة إلى العبرة بالأرض، التي تمشي عليها أنت، وتبني عليها وتزرعها، وتعلم أن سطح هذه الأرض مناسب للمشي للنوم للبناء للزراعة للماء.. لغير ذلك من الحكم الربانية العظيمة.
لكن لا يلزم من ذلك أن الأرض بكليتها مسطَّحة، بمعنى أنها غير كروية كما حاوله بعض الجهلة، وظنوه ونسبوه إلى القرآن، فترتب على ذلك نوع من تلبيس الحقائق، ونحن كنا صغاراً نجد كثيراً من الريبة والشك في عقل الطفل الصغير، الذي هو مصدق بالقرآن ويريد الجنة، وفي نفس الوقت ربما يقرأ أو يسمع حقائق علمية معينة، فينشطر عقل الإنسان بين هذه وتلك، فنقول: لا، القرآن كلام الله، والكون خلق الله، ويستحيل قطعاً عند كل عاقل -فضلاً عن مسلم- أن يقع في القرآن من الأخبار، خلاف ما تدل عليه حقائق العلم المشهودة في الكون، فالحقائق العلمية الكونية القطعية هي محل القبول والتسليم عند المسلم وغير المسلم، ويستحيل أن يكون في القرآن ما ينقضها.
وإنما المقصود هنا: ((وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ))[الغاشية:20] بالقدر الذي يعرفه الإنسان أنه التسطيح الذي نراه ونستفيد منه، ولا يعارض هذا كروية الأرض، وقد أشار إلى هذا المعنى كما ذكرت عدد من العلماء، وفي هذا الموضع بالذات أشار إليه الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله.
إشراقات في قوله تعالى: (فذكر إنما أنت مذكر...)
قال الله تعالى: ((فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ))[الغاشية:21-22]، إذاً: الوعيد بالنار والوعد بالجنة تقدَّم، إقامة الحجج على الناس بالآيات في الأنفس والآفاق تقدم أيضاً.
هنا جاء الختام المناسب: ((فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ))[الغاشية:21-22] أي: بمتغلب أو متسلط، وهذا معنى عظيم عظيم جداً، يجدر بنا أن نقف عنده، أن الله سبحانه وتعالى يقول لمحمد صلى الله عليه وسلم: ذكرِّ هؤلاء: ((فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ))[ق:45] ذكِّرهم أنذرهم: ((إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ))[الغاشية:21] يعني: مهمتك التذكير، وإنما هنا للحصر، يعني: أنت مذكر فحسب، لست سلطاناً تقهرهم، ولا حاكماً متغلباً تأخذهم بالقوة، وإنما أنت نبي مبلِّغ، وهذا معنى عظيم يا أيها الإخوة، للتأكيد على أن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى ليست قهراً وإلزاماً، وإنما أصلها قائمة على الحرية في اختيار الناس، ويشبه تماماً هذا المعنى في السورة ما في سورة الكهف: ((وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ))[الكهف:29]، ثم قال سبحانه وتعالى: ((إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً))[الكهف:29]، ثم قال سبحانه وتعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً))[الكهف:30].. إلى آخر الآيات.
إذاً: أصل المخاطبة بالإيمان لا تقوم على أساس القهر والعسف والإلزام، وإنما تقوم على أساس التذكير والإقناع: ((فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ))[الكهف:29]، ((إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ* لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ))[الغاشية:21-22].
بينما اليوم ربما غفل الكثيرون عن هذا المعنى، تجد الأب مثلاً حينما يربي أولاده، كثيراً ما يربيهم على الخوف منه، بدلاً من أن يربيهم على الخوف من الله، أو تراه يربيهم على الخوف منه بدلاً من أن يربيهم على محبته واحترامه، وهكذا تجد الدعاة في كثير من الأحيان يربون الناس على الخوف من المجتمع، ومراقبة الناس، والنفاق للناس، حتى إن الإنسان مثلاً قد يشق عليه أن يترك الشيء الذي ينتقده الناس عنده، ولو كان حلالاً، ولكنه قد يرتكب المآثم والمظالم والفظائع؛ لأن قلبه خاوٍ من الإيمان أو ضعيف الإيمان.
وهكذا تجد الكثيرين من الناس يعتبرون أو يعولون على وجود السلطة، التي تقهر الناس على الخير، وتمنع الناس من الشر، وهذا إذا وجد بالقدر الصحيح المعتدل الراشد، كما كان الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، فهو مطلوب: [وإن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن]، لكن الغالب أنه لا يوجد عبر العصور كلها، وأيضاً حتى وجد أو لم يوجد، فإن الأساس في مخاطبة الناس هو مخاطبة قلوبهم بالتذكير والقرآن والإيمان، وليس فقط بوازع الخوف والسلطة.
ولهذا ربنا هنا قال: ((لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ))[الغاشية:22] اليوم مثلاً في الأمصار كلها في العالم كله ليس هناك سلطان يسوط الناس ويأخذ الناس بالقوة، وأصبح أمر الناس إلى أنفسهم، أن يختار الإنسان ما يشاء مما يقرأ، أو يشاهد كالقنوات الفضائية، أو يدخل في المواقع، أو يتصرف في الأحوال، أو يسافر في البلدان، وحتى لو كان في بعض البلدان حال أفضل، كما نجد هنا مثلاً أن أوضاعنا الاجتماعية بحمد الله لا زالت أفضل من غيرها، إلا أن الإنسان بإمكانه أن يسافر إلى أماكن أخرى في طرفة بصر، أو غمضة عين، ويجد كل الأشياء أمام عينيه وناظريه.
فهنا ترجع القضية إلى أهمية بناء الإيمان والتذكير، والرغبة في الجنة، والخوف من النار، يمارس هذا الأزواج مع زوجاتهم، لا يجعل قضيته والله أنه يضع على الزوجة جهازاً يتصنت على اتصالاتها أو يراقبها، أو يفاجئها بالدخول، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخل الرجل أو يأتي المسافر أهله ليلاً، يتخونهم ويبحث غراتهم أو الأب مع ولده أن يكون يراقبه من بعد مثلاً، ويجعل القضية كأنه شرطي عليه، لا، أو حتى الحاكم مع رعيته، لا، يجب أن يكون أساس العلاقة في كل هذه الارتباطات الزوجية أو الأبوية الأسرية، أو مسئولية الداعية أو مدرس الحلقة أو مدير المدرسة، أو الحاكم، أن يكون أساس العلاقة علاقة الود والاحترام، وحسن الظن، والتوجيه والتذكير، وليس السلطة.
هذا مهم، وهو معنى عظيم، وقد يستغرب بعضهم لماذا ألح عليه، أو يفهم بعضكم خطأ أيضاً، أنا لا أقصد بهذا إلغاء جانب مسئولية الأب عن ولده، أو مسئولية الزوج عن زوجته، أو مسئولية المدرس، أو مسئولية الحاكم عن رعيته، لا أحد يلغي هذا قط يا أخي رضي الله عنك، لا، وإنما المقصود ينبغي أن يكون أساس العلاقة هو الإيمان الذي في القلوب والصدور، وهنا تأتي مسئولية الرقابة والحظر والمنع تؤدي دوراً وقائياً، وإلا فالإنسان إذا لم يكن عنده إيمان، حتى لو منعته من الشر لم يفعل الخير، وهنا لا فائدة، فينبغي أن نراعي هذا المعنى، ونتذكر كيف الله تعالى هنا قال: ((لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ))[الغاشية:22]، وهذا ذو علاقة وطيدة جداً في موضوع الجهاد في سبيل الله، البعض يظن أن الرسل بعثوا للجهاد، يعني لقتل الناس، وهذا من أعظم الجهل، الرسل بعثوا للهداية، وأكثرهم لم يبعث بقتال أصلاً، والقتال يشرع في ظروف خاصة، ليس من أجل التوسع، ولا من أجل جباية الأموال، وإنما من أجل إزالة الظلم، ونصر الحق، ومقاومة الباغين والمعتدين، وحماية المشروع الإسلامي.
إشراقات في قوله تعالى: (إلا من تولى وكفر..)
ولهذا قال هنا: ((لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ))[الغاشية:22]، أي بمتغلب، يعني: على من؟ على الكفار، ولهذا قوله: ((إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ))[الغاشية:23]، الاستثناء هنا ليس على وجهه، هذا ليس استثناءً، وإنما استثناء حقيقته بمعنى (لكن)، (لكن من تولى وكفر)، يعني: قال: ((لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ))[الغاشية:22]، فكأن سائلاً لو سأل ربما تسألون أنتم: طيب الناس الذين يكفرون ويعاندون، والذين يكتبون في الصحف، والذين ينشرون في مواقع الإنترنت، والذين يخرجون في الفضائيات، والذين يقيمون أماكن الفساد والانحلال والربا والبغاء في بلاد العالم الإسلامي كله، وفي بلاد غير المسلمين ما شأنهم؟
فهنا الله تعالى قال يعني: لكن ((مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ))[الغاشية:23-24]، إذاً: عذابه إلى من؟ إلى الله، ولذلك بعضهم قالوا: ((إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ))[الغاشية:23] هذا استثناء، والمقصود أن الله يسلطك عليهم بأن تعذبهم بالجهاد، كما في قوله: ((قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ))[التوبة:14]، وهذا معنى ضعيف، ضعيف جداً، لماذا؟ لأن المذكور هو المستثنى، الله سبحانه وتعالى لما قال: ((لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ))[الغاشية:22]، يعني: لست على الكفار بمسيطر، فما يليق أنه يرجع ويقول: إلا الكفار، يعني: لست مسيطراً على الكفار إلا على الكفار، هذا لا يستقيم في الكلام العربي الفصيح، وإنما المقصود (لكن) -معنى جديد مستأنف- من تولى وكفر وأعرض، ((فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ))[الغاشية:24]: أمره إلى الله ليس إليك، أنت لست عليهم بمسيطر، وإنما أنت مذكراً، الداعية يجب أن يستحضر معنى كونه مذكراً، ليس بمتسلط على الناس، ولا متفوق، ولا يقهرهم ولا يأخذهم، وإنما يدعوهم إلى الله تعالى، فمن تولى وكفر يعذبه الله العذاب الأكبر.
وسمى عذابه في الآخرة العذاب الأكبر، كما ذكر في أول السورة: ((تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً))[الغاشية:4]، وذلك لأنهم عذبوا عذاباً أدنى في الدنيا، بما يحصل لهم من ألوان العذاب من المصائب والأمراض والشرور والفتن.. وغيرها مما يقع عليهم، والهم والغم وسواها، كما في قوله سبحانه وتعالى: ((وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ))[السجدة:21].
إشراقات في قوله تعالى: (إن إلينا إيابهم...)
ثم قال سبحانه وتعالى: ((إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ))[الغاشية:25] ، يعني: لا تعجل عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون، فأمر الدنيا يسير، ومهما طال فهو قصير، وإلى الله تعالى إيابهم يعني: رجوعهم، ((إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ))[الغاشية:25] وهذا يشبه قوله سبحانه في سورة الفجر: ((إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ))[الفجر:14].
((ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ))[الغاشية:26] فيحاسبهم الله تعالى بما عملوا.
الأسئلة
بيان الغاية التي يدعى الناس إليها
السؤال: إذا كان الرسل أرسلوا لدعوة الناس، فما هي الغاية التي ندعو الناس لها؟
الجواب: الغاية هي الإسلام، دعوة الناس إلى الدخول في دين الله عز وجل: ((وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً))[النصر:2].
حكم المرتد وعلاقة ذلك بقوله تعالى (إلا من تولى وكفر)
السؤال: قوله: ((إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ))[الغاشية:23]، أليس يقصد سبحانه وتعالى لست على الكفار بمسيطر في حال أنهم كفار، لكن من ارتد وكفر؟
الجواب: هذا يعني وارد، (من تولى وكفر) يعني: وإن كان النص لا يساعده، لكن الذين يكفرون بعد دخولهم في الإسلام، فهؤلاء لا شك أن أمرهم معروف، كما ورد في السنة من إقامة الحد على المرتد وقتله، وقد ورد أنه يمهل أياماً فإن رجع إلى الإسلام وإلا قتل.
وهذا لا يعارض قضية مسئولية الإنسان؛ لأن الإنسان دخل في الدين باختياره، فلا يكره على الدخول في الإسلام، ولا يسمح له بعد أن دخل فيه أن يخرج منه؛ لما في ذلك من التلاعب والعبث، وتعريض إيمان المؤمنين للاضطراب والتشويش، لكن لو أنه كفر بينه وبين نفسه هذا منافق، ليس لنا من أمره شيء، ويترك إلى الله ولا يبحث عنه ولا ينقب، وإنما إذا أعلن كفره وأصر عليه، فإنه لابد من حماية المجتمع منه، إما أن يعود إلى الإسلام وإما أن يقتل على ما هو معروف.
لبس العقال لطلبة العلم في مناطق المملكة ودول الخليج
السؤال: ذكرت أن العقال ليس من صفات طالب العلم فلماذا؟
الجواب: لا، أنا أقول بـبريدة بس، وإلا طلبة العلم في الرياض وفي الشرقية وفي الحجاز وفي الخليج ، يعني: هذه أمور عادية تماماً، لكن بعض العادات ليس أكثر.
الحكم على حديث (أن الإبل خلقت من الجن)
السؤال: هل صحيح أن الإبل مخلوقة من الجن؟
الجواب: والله هذا ورد فيه حديث، وفي نفسي منه شيء.
حكم السفر للخارج للالتحاق بدورات علمية
السؤال: اشتركت في مسابقة برمجية لشركة أسبانية، وحصلت على المركز الثالث، ودعيت إلى دورة، فما رأيك في حضوري أو عدم حضوري؟
الجواب: والله هذا يعتمد على هذه الدورة وموضوعها وأين تقام، وإن كان فيها فرصة إذا فيها خير.
حقيقة تمني الشيخ ابن باز وابن حميد رؤية الإبل للعبرة
السؤال: العلامة ابن باز كان يتمنى رؤية الإبل لما فيها من العبرة؟
الجواب: أنا والله سمعت هذا المعنى عن الشيخ ابن حميد رحمه الله.
طلب الدعاء لمريض
السؤال: هذا الأخ أبو معاذ من الرياض عن طريق حامل المسك وموقع الإسلام اليوم، أيضاً حامل المسك يقول: والدي مريض ادع الله أن يشفيه؟
الجواب: اللهم اشفه يا حي يا قيوم، وجميع مرضى المسلمين.
حقيقة القول بأن ابن باز يقول بعدم كروية الأرض
السؤال: سمعت ابن باز يقول بعدم كروية الأرض؟
الجواب: لا، هذا غير صحيح.
استفسار عن وجود غناء في الجنة
السؤال: حتى في الجنة (ذِكر) ما توجد أغان؟
الجواب: يوجد كل خير، إذا وصلت أبشر بالخير.
شكر وتقدير للشيخ سلمان من قناة حامل المسك
السؤال: قناة حامل المسك تحييكم، وتشكر لكم دروسكم وشرحكم، وتدعوكم لتشريفها؟
الجواب: جزاكم الله خيراً وبارك في هؤلاء الإخوة، وشكر الله مجهودهم معنا في هذه الدورة، الدورة متواصلة بطبيعة الحال كما هو معروف.
براءة ذمة المسلم بسؤال أهل العلم في أمور دينه
السؤال: هل تبرأ ذمة المسلم إذا سأل عن أمور دينه من يظنه أقرب إلى الحق؟
الجواب: نعم، ليس عليه أكثر من هذا، إذا اجتهد فليس عليه أكثر من ذلك.
من معاني (عاملة ناصبة)
السؤال: ((عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ))[الغاشية:3] على الذين يعملون ولا ينفعهم عملهم؟
الجواب: ذكرنا هذا القول احتمالاً أن يكون المقصود في الدنيا، ويشمل الكفار، والذين يعبدون الله على ضلال.
تقديم رعاية الوالدين على طلب العلم عند الحاجة
السؤال: شخص أحد والديه مريض، هل له أن يطلب العلم في مكان بعيد؟
الجواب: إذا كان يحتاجه فليس له أن يتركه، بل يمرضه.
من خصائص لبن الإبل
السؤال: يقول علماء الأحياء: إن اللبن الوحيد الذي يحتوي على (فيتامين ج) المهم لجسم الإنسان هو لبن الإبل؟
الجواب: وارد هذا.
سؤال عن سجن الشيخ وشعوره بالظلم بسبب سجنه
السؤال: هذا سؤال طريف يقول: هل عندما دخلت السجن قلت: أنا مظلوم؟
الجواب: أنا قلت لك بيت الشاعر، الشاعر عم ولم يخص.
ذكر الجنة والنار في القرآن من حيث التقديم والتأخير بحسب السياق
السؤال: لماذا غالباً ما يذكر الله سبحانه وتعالى النار أولاً ثم يعقبها بذكر الجنة؟
الجواب: هذا ليس مطرداً، بل بحسب السياق.
الفرق بين الكأس والكوب
السؤال: أليس الفرق بين الكوب والكأس أن الكأس مملوء والكوب فارغ؟
الجواب: لا، الفرق هو ما ذكرناه، وقد يقال كما في قوله: ((وَكَأْساً دِهَاقاً))[النبأ:34].
من معاني (عاملة ناصبة)
السؤال: ألا يمكن أن نقول في تفسير قوله: ((عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ))[الغاشية:3]: إنها كانت تعمل وتنصب في الدنيا؟
الجواب: هذا ذكرناه أخي.
الإشارة إلى الشكل الرباعي (السماء، الأرض، الإبل، الجبال)
السؤال: نرجو الإشارة إلى الشكل الرباعي: الإبل، السماء، الجبال، الأرض؟
الجواب: هذا معنى صحيح، يعني: السماء الأرض، الإبل الجبال.
من معاني قوله تعالى (موضوعة)
السؤال: لقد فات عليك أن تكمل الأقوال في معنى كلمة: (موضوعة)؟
الجواب: ذكرنا قولين، إما أن تكون موضوعة يعني: قريبة من التناول، أو تكون مصنوعة على قدر مناسب.
نفي التكليف الشرعي في الآخرة
السؤال: العلماء يقولون: الآخرة ليس فيها عمل وإنما جزاء، فكيف نقول صفة ((عَامِلَةٌ))[الغاشية:3]؟
الجواب: الآخرة ليس فيها العمل الذي يكلف به الإنسان تكليفاً شرعياً.
المراد بقوله (لست عليهم بمسيطر)
السؤال: هل لنا أن نقول: إن المراد بقوله تعالى: ((لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ))[الغاشية:22] الناس، ويكون الاستثناء على معناه؟
الجواب: لا، ليس المقصود هذا؛ لأنه بالنسبة للمؤمنين فإن له عليهم سلطاناً صلى الله عليه وسلم، بمقتضى إيمانهم به، أو قبولهم لولايته صلى الله عليه وسلم.
حكم قطع النافلة إذا أقيمت الفريضة
السؤال: إذا كان الإنسان في صلاة نافلة ثم أقيمت الفريضة هل يقطعها؟
الجواب: إذا كان يستطيع أن يتمها خفيفة ويدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام أتمها وإلا قطعها.
تنبيه الشيخ وتذكيره بآية فيها استشهاد على معنى (خاشعة)
نعم هذا الأخ ذكرني بالآية الكريمة: ((وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنْ الذُّلِّ))[الشورى:45] هذه الآية في سورة الشورى التي أردتها وعزبت عني: ((وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنْ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ))[الشورى:45] هذا المقصود الخشوع والذل.
بيان من ينكر المنكر
السؤال: كيف نجمع بين إنكار المنكر باليد واللسان والقلب، وأن على الداعية التذكير فقط؟
الجواب: إنكار المنكر هو لمن له قدرة وسلطان ومسئولية.
سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق