خواطر صعلوك
اضغط هنا... اصفع هنا!
عندما تدخل إلى أي موقع إنترنت عربي لا يحترم زواره ولا يحترم قراءه، من أجل تحميل كتاب أو وثيقة pdf، تجد نفسك دخلت في دوامة...
فبمجرد أن تجد الكتاب، وتلاحظ جملة «للتحميل اضغط هنا»، تضغط فتجده يرحل بك إلى موقع آخر يقول لك «هل جربت هذا الحذاء؟»... اضغط هناك، انزل آخر الصفحة، حمل تطبيق للمواعدة، اشرب قهوة هنا، تضغط هنا وهناك وتجد نفسك في النهاية وصلت لمدونة تخبرك كيف تخسر 30 كيلوغراماً خلال ثلاثة أيام، تحاول الخروج والعودة لصفحة تحميل الكتاب فتجد إعلاناً ظهر في وجهك «تعلم الإنكليزية في أسبوع»، في النهاية تنسى الكتاب وتنسى لماذا دخلت أصلاً على الإنترنت!
إن ما يحدث معنا في مثل هذه المواقع الخاصة بتحميل الكتب أو الدراسات يحدث معنا عندما نتناقش أيضاً في السياسة ووضع البلد، فتبدأ نقاشاتنا بأسباب وجود حفرة في الشارع «اللي جدام الديوانية»، فنجد أنفسنا وصلنا للواسطة والمحاصصة ثم نجد أنفسنا أمام مجلس الأمة، واقفين أمام البوابة نُصنِف الأعضاء «واضغط هنا...»، ثم التجار والعوائل والقبائل والمذاهب، والمناصب والكراسي والشيوخ...
ثم نجد أنفسنا وقفنا أمام بوابة ديوان سمو رئيس مجلس الوزراء وقد كُتب عليها «اضغط هنا»، فنضغط، فنجد أنفسنا أمام قضية الوافدين والإسكان والتعليم والصحة وبرنامج الحكومة الوهمي والمعارضة الوهمية والحالة الوهمية ثم نغني الموال نفسه، ثم نجد أن العشاء وصل وقد كُتب عليه «ادفع هنا»، وما هي إلا دقائق حتى نجد أنفسنا نتحدث عن المطاعم والسينما وآخر فيلم وأجمل رواية وآخر فضيحة، وكأن النقاش السياسي كان سببه الجوع والنهم وانتظار شيء ما قادم، ونبقى في انتظار هذا الشيء القادم، ثم نعود لنجد أحد أصدقائنا متأخراً قد وصل وهو يشكو من الحفرة، فنقول له «اضغط هنا» وبعد الضغط نعيد الاسطوانة فنجد انفسنا واقفين أمام البوابات مرة أخرى، وما أن ننتهي نخرج من الديوانية ونرتدي أحذيتنا واثناء الانحناء من أجل الارتداء، نلاحظ أننا جميعاً مكتوب علينا من الخلف «اصفع هنا».
Moh1alatwan@
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق