“القاهرة 22”.. غادة والي وقاضٍ قاتل ومتحدث رسمي
علي أبو هميلةغادة والي" الوزيرة السابقة ووكيلة الأمين العام للأمم المتحدة (يمين) مع "غادة والي" التي سرقت أعمال الفنان الروسي
علي أبو هميلةلم يستطع خيال الروائي العالمي نجيب محفوظ في روايته (القاهرة الجديدة) أن يصل إلى حال القاهرة في عام 2022، ورغم براعته في رصد الواقع واستشراف آفاق المستقبل، فإنه حين صوّر الفارق بين الطبقة العليا (طبقة نيروز هانم) وقاع المدينة في الطبقة الدنيا (طبقة محجوب عبد الدايم) بقميصه المهترئ وآثار المحبرة على قميصه، لم يكن يتصور الحال الذي وصلنا إليه، والذي يكشفه بوضوح حفل زفاف أقيم أخيرا للمتحدث الرسمي السابق لوزارة الصحة وقيل إنه تكلف أكثر من 15 مليون جنيه مصري.
لقد حاول كتّاب استشراف المستقبل ولكنهم جميعًا فشلوا في ما نجح فيه واقعنا الحالي، أسامة أنور عكاشة رصد متغيرات اجتماعية في أكثر من عمل منها مسلسله (أبو العلا 90) الجزء الثاني من مسلسله (أبو العلا البشري). ففي كل الأعمال السينمائية أو التلفزيونية، لم تستطع قريحة المؤلفين الاقتراب مما وصلنا إليه الآن.
غادة والي.. سرقات وقحة
ليست نموذجا وحيدا بل يمكن اعتباره النموذج الذي تم اكتشافه، غادة والي لا يمكن اعتبارها فنانة تشكيلية، ففي حالتين ضُبطت بهما كانت سارقة لأعمال فنية، ولولا اكتشاف سرقتها الثانية للوحة الفنية للفنان الروسي جورجي كوراسوف ما تم معرفة الأولي.
لم تكتف غادة والي الصغيرة باقتباس اللوحة الأصلية فهذا يحدث كثيرا، بل زيفتها، وقدمتها إلى الهيئة القومية لمترو الأنفاق على أنها جدارية قامت بتصميمها أو إبداعها، وهي في الأصل صورة منسوخة، ولم تقم بعمل جدارية مشابهة لها، كعمل جداري يقضي فيه الفنان التشكيلي أسابيع أو شهورا لتنفيذه، بل قامت بعمل “بوستر” للوحة ثم طباعته.
حتى هذا الوضع يمكن حله بنسب الجدارية المسروقة إلى صاحبها، والتعامل معها على أنها جدارية مطبوعة، لكن كارثة غادة الصغيرة (بنت أكابر القوم) أنها تعاقدت مع الهيئة القومية لمترو الأنفاق لتصميم جدارية وتقاضت نحو 134 مليون جنيه مصري، بدلا من القيمة الحقيقية لطباعة الصورة التي لا تتخطى 5 آلاف جنيه.
كُشفت السرقة الثانية لغادة والي المقربة من مؤتمرات الشباب، التي ألقت في أحدها كلمة المرآة المصرية، والتي يحتفظ أرشيفها الفوتوغرافي بصور مع وزيرة التضامن الاجتماعي السابقة غادة والي (يقال إنهما قريبتان).
قامت والي الصغيرة بسرقة مجهود ست فنانات تشكيليات من قبل حينما صممت طريق الكباش بالأقصر في حفل نُقل عالميا، جهد ست فنانات أخذتهم الفنانة المصنوعة إعلاميا، نجمة الفضائيات والحفلات والتكريمات، ولم تصل بالطبع الفنانات اللاتي سُرقن إلى نتيجة بالشكوى أو الصراخ، فحالهن يذكّرني بمسرحية كوميدية للممثل محمد عوض قُدمت في الستينيات عن تنازل مؤلف مسرحي عن مسرحية قام بتأليفها تسمى (الجنة البائسة) لصالح أحد أبناء الطبقة العليا، لكن حال الفنانات لا يشبه حال صاحب الجنة البائسة الذي كان يصرخ في نهاية المسرحية “أنا عاطف الأشموني مؤلف الجنة البائسة”، نعم، وكم في جنتنا البائسة من مآس!
القاضي المفترس والفاسد
لم تكن المفاجأة أن يرتكب قاضٍ في مركز قضائي مهم وفريد جريمة قتل لزوجته، فالقتل أصبح في الشارع المصري -وسط ظروف اجتماعية ونفسية وسياسية واقتصادية مريرة- عادة يومية، وفكرة التخلص من زوجات أيضا ليس بالحادث المتفرد.
المفاجأة المرعبة في طريقة القتل وبشاعته، فالقاضي الذي خطط لقتل زوجته لم يكتف بالقتل، فقد خطط -حسب بيان النيابة العامة- لإغرائها بشراء عزبة لها، حتى لا تكشف عن تربحه غير المحدود من وظيفته وعلاقاته. هو حين يفكر في قتلها فإن ذلك يعني أنه لا يثق فيها حتى بعد هذه الرشوة الكبيرة لها.
ما هذه البشاعة في القتل؟ ضرب ثم تشويه ومحاولة إذابة الجسد وتغيير معالمه ثم الدفن، هكذا بلا أي مراسم دفن، كيف تحوّل الإنسان إلى هذا النموذج من الإجرام والقتل المفترس؟ لا أعتقد أن الحيوانات المفترسة يمكن أن تقتل زوجاتها بتلك البشاعة.. مرة أخرى، ماذا حدث للمصريين؟ أي حياة تلك التي عاشها هذان الزوجان ليصلا إلى تلك النهاية.
جريمة قتل بشعة، والسبب تهديد الزوجة لزوجها بكشف انحرافاته، ها هي الانحرافات صارت على الملأ.
قاضٍ في مجلس الدولة، هذا الصرح الكبير الذي كان ملاذا للضعفاء، كيف أصبح يمتلك كل هذه الثروة؟ شقق بالملايين، شاليهات في أماكن سياحية متعددة، شركات من الباطن مع رجال أعمال، ملايين الجنيهات حجم الثروة.
كيف كوّن هذه الثروات؟ هل تعلّم هذا القاضي على أيدي قضاة كبار مثل المستشارين أحمد مكي، وهشام البسطويسي، وزكريا عبد العزيز، وهشام جنينة، ومحمود مكي، وأحمد الشاذلي؟
المتحدث الرسمي وفرح الملايين
المشهد الثالث والأخير في (القاهرة 22) كان المشهد الأقدم، إنه حفل الزفاف الأسطوري للمتحدث الرسمي لوزارة الصحة، وفي حضور للوزيرة المتغيبة عن وزارتها منذ سبعة أشهر، وفي ظهور فريد للفريق أحمد شفيق منذ إعلانه الترشح لرئاسة الجمهورية في عام 2018، ليختفي بعده حتى حفل زفاف الطبيب الذي صعد بسرعة الصاروخ في سنوات قليلة، ليصبح صاحب أشهر حفل زفاف في القاهرة المتجددة، ثم هذا الحشد من رجال الأعمال والإعلام والفنانين على رأسهم عمرو دياب الذي قيل إنه تقاضي 10 ملايين جنيه في فقرته الغنائية.
هذا الحفل كان كاشفا عن الفارق الطبقي الواسع جدا بين ملايين المصريين والطبقة المسيطرة والنافذة في المجتمع، فبينما يئن ملايين المواطنين من أبناء الطبقة الوسطى من السقوط إلى طبقات دنيا، ننظر إلى هؤلاء لنكتشف الفارق، ليس الفارق المادي فقط بل نكتشف طرق الفساد والثراء، وكيفية الصعود إلى قمة الهرم الاجتماعي في مصر، مثل ما قال محمد سمير أحد الشركاء في مجموعة صيدليات كانت شهيرة ثم أعلنت إفلاسها مؤخرا في لقاء تلفزيوني “من لا يصبح مليونيرا في سن الثلاثين في مصر فهو فاشل”. محمد سمير الآن خارج البلاد بعد هروبه، أما غادة والي فلا تعاني من شيء، فالجميع في منظومة كانت حاضرة حفل زفاف المتحدث الرسمي للوزيرة المختفية!
لم يستطع خيال الروائي العالمي نجيب محفوظ في روايته (القاهرة الجديدة) أن يصل إلى حال القاهرة في عام 2022، ورغم براعته في رصد الواقع واستشراف آفاق المستقبل، فإنه حين صوّر الفارق بين الطبقة العليا (طبقة نيروز هانم) وقاع المدينة في الطبقة الدنيا (طبقة محجوب عبد الدايم) بقميصه المهترئ وآثار المحبرة على قميصه، لم يكن يتصور الحال الذي وصلنا إليه، والذي يكشفه بوضوح حفل زفاف أقيم أخيرا للمتحدث الرسمي السابق لوزارة الصحة وقيل إنه تكلف أكثر من 15 مليون جنيه مصري.
لقد حاول كتّاب استشراف المستقبل ولكنهم جميعًا فشلوا في ما نجح فيه واقعنا الحالي، أسامة أنور عكاشة رصد متغيرات اجتماعية في أكثر من عمل منها مسلسله (أبو العلا 90) الجزء الثاني من مسلسله (أبو العلا البشري). ففي كل الأعمال السينمائية أو التلفزيونية، لم تستطع قريحة المؤلفين الاقتراب مما وصلنا إليه الآن.
غادة والي.. سرقات وقحة
ليست نموذجا وحيدا بل يمكن اعتباره النموذج الذي تم اكتشافه، غادة والي لا يمكن اعتبارها فنانة تشكيلية، ففي حالتين ضُبطت بهما كانت سارقة لأعمال فنية، ولولا اكتشاف سرقتها الثانية للوحة الفنية للفنان الروسي جورجي كوراسوف ما تم معرفة الأولي.
لم تكتف غادة والي الصغيرة باقتباس اللوحة الأصلية فهذا يحدث كثيرا، بل زيفتها، وقدمتها إلى الهيئة القومية لمترو الأنفاق على أنها جدارية قامت بتصميمها أو إبداعها، وهي في الأصل صورة منسوخة، ولم تقم بعمل جدارية مشابهة لها، كعمل جداري يقضي فيه الفنان التشكيلي أسابيع أو شهورا لتنفيذه، بل قامت بعمل “بوستر” للوحة ثم طباعته.
حتى هذا الوضع يمكن حله بنسب الجدارية المسروقة إلى صاحبها، والتعامل معها على أنها جدارية مطبوعة، لكن كارثة غادة الصغيرة (بنت أكابر القوم) أنها تعاقدت مع الهيئة القومية لمترو الأنفاق لتصميم جدارية وتقاضت نحو 134 مليون جنيه مصري، بدلا من القيمة الحقيقية لطباعة الصورة التي لا تتخطى 5 آلاف جنيه.
كُشفت السرقة الثانية لغادة والي المقربة من مؤتمرات الشباب، التي ألقت في أحدها كلمة المرآة المصرية، والتي يحتفظ أرشيفها الفوتوغرافي بصور مع وزيرة التضامن الاجتماعي السابقة غادة والي (يقال إنهما قريبتان).
قامت والي الصغيرة بسرقة مجهود ست فنانات تشكيليات من قبل حينما صممت طريق الكباش بالأقصر في حفل نُقل عالميا، جهد ست فنانات أخذتهم الفنانة المصنوعة إعلاميا، نجمة الفضائيات والحفلات والتكريمات، ولم تصل بالطبع الفنانات اللاتي سُرقن إلى نتيجة بالشكوى أو الصراخ، فحالهن يذكّرني بمسرحية كوميدية للممثل محمد عوض قُدمت في الستينيات عن تنازل مؤلف مسرحي عن مسرحية قام بتأليفها تسمى (الجنة البائسة) لصالح أحد أبناء الطبقة العليا، لكن حال الفنانات لا يشبه حال صاحب الجنة البائسة الذي كان يصرخ في نهاية المسرحية “أنا عاطف الأشموني مؤلف الجنة البائسة”، نعم، وكم في جنتنا البائسة من مآس!
القاضي المفترس والفاسد
لم تكن المفاجأة أن يرتكب قاضٍ في مركز قضائي مهم وفريد جريمة قتل لزوجته، فالقتل أصبح في الشارع المصري -وسط ظروف اجتماعية ونفسية وسياسية واقتصادية مريرة- عادة يومية، وفكرة التخلص من زوجات أيضا ليس بالحادث المتفرد.
المفاجأة المرعبة في طريقة القتل وبشاعته، فالقاضي الذي خطط لقتل زوجته لم يكتف بالقتل، فقد خطط -حسب بيان النيابة العامة- لإغرائها بشراء عزبة لها، حتى لا تكشف عن تربحه غير المحدود من وظيفته وعلاقاته. هو حين يفكر في قتلها فإن ذلك يعني أنه لا يثق فيها حتى بعد هذه الرشوة الكبيرة لها.
ما هذه البشاعة في القتل؟ ضرب ثم تشويه ومحاولة إذابة الجسد وتغيير معالمه ثم الدفن، هكذا بلا أي مراسم دفن، كيف تحوّل الإنسان إلى هذا النموذج من الإجرام والقتل المفترس؟ لا أعتقد أن الحيوانات المفترسة يمكن أن تقتل زوجاتها بتلك البشاعة.. مرة أخرى، ماذا حدث للمصريين؟ أي حياة تلك التي عاشها هذان الزوجان ليصلا إلى تلك النهاية.
جريمة قتل بشعة، والسبب تهديد الزوجة لزوجها بكشف انحرافاته، ها هي الانحرافات صارت على الملأ.
قاضٍ في مجلس الدولة، هذا الصرح الكبير الذي كان ملاذا للضعفاء، كيف أصبح يمتلك كل هذه الثروة؟ شقق بالملايين، شاليهات في أماكن سياحية متعددة، شركات من الباطن مع رجال أعمال، ملايين الجنيهات حجم الثروة.
كيف كوّن هذه الثروات؟ هل تعلّم هذا القاضي على أيدي قضاة كبار مثل المستشارين أحمد مكي، وهشام البسطويسي، وزكريا عبد العزيز، وهشام جنينة، ومحمود مكي، وأحمد الشاذلي؟
المتحدث الرسمي وفرح الملايين
المشهد الثالث والأخير في (القاهرة 22) كان المشهد الأقدم، إنه حفل الزفاف الأسطوري للمتحدث الرسمي لوزارة الصحة، وفي حضور للوزيرة المتغيبة عن وزارتها منذ سبعة أشهر، وفي ظهور فريد للفريق أحمد شفيق منذ إعلانه الترشح لرئاسة الجمهورية في عام 2018، ليختفي بعده حتى حفل زفاف الطبيب الذي صعد بسرعة الصاروخ في سنوات قليلة، ليصبح صاحب أشهر حفل زفاف في القاهرة المتجددة، ثم هذا الحشد من رجال الأعمال والإعلام والفنانين على رأسهم عمرو دياب الذي قيل إنه تقاضي 10 ملايين جنيه في فقرته الغنائية.
هذا الحفل كان كاشفا عن الفارق الطبقي الواسع جدا بين ملايين المصريين والطبقة المسيطرة والنافذة في المجتمع، فبينما يئن ملايين المواطنين من أبناء الطبقة الوسطى من السقوط إلى طبقات دنيا، ننظر إلى هؤلاء لنكتشف الفارق، ليس الفارق المادي فقط بل نكتشف طرق الفساد والثراء، وكيفية الصعود إلى قمة الهرم الاجتماعي في مصر، مثل ما قال محمد سمير أحد الشركاء في مجموعة صيدليات كانت شهيرة ثم أعلنت إفلاسها مؤخرا في لقاء تلفزيوني “من لا يصبح مليونيرا في سن الثلاثين في مصر فهو فاشل”. محمد سمير الآن خارج البلاد بعد هروبه، أما غادة والي فلا تعاني من شيء، فالجميع في منظومة كانت حاضرة حفل زفاف المتحدث الرسمي للوزيرة المختفية!
علي أبو هميلة
17/7/2022
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق