شركة قابضة تضم أصول قناة السويس ومخاوف من بيع محتمل
تحليل إعداد
فريق التحرير
تواصل حكومة رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، إثارة الجدل بقراراتها حول قناة السويس، وذلك بتغيير قانون “هيئة قناة السويس”، ثم الحديث عن “صندوق” يضم أملاكها، تارة، وتأسيس “شركة قابضة” تهيمن على شركاتها، تارة أخرى، ما يعتبره المصريون بابا خلفيا وتوجها مريبا لبيع أصولها العامة.
والأربعاء، قرر مجلس الوزراء المصري من مقره الجديد بـ”العاصمة الإدارية الجديدة”، إنشاء شركة “قناة السويس القابضة للصناعات البحرية والاستثمار”، وفقا لأحكام القانون رقم (203 لسنة 1991(.
المثير هنا، أن الشركة الجديدة ضمت فور إعلان تأسيسها، شركة “القناة لرباط وأنوار السفن”، إحدى الشركات البحرية التي من المقرر طرحها بالبورصة أو لمستثمرين استراتيجيين، ضمن 32 شركة عامة طرحتها الحكومة منذ آذار/ مارس الماضي.
وبالفعل، أعلن القرار الحكومي تحويل شركة “القناة لرباط وأنوار السفن”، والشركة “البورسعيدية للأعمال الهندسية والإنشاءات البحرية”، التابعتين لهيئة قناة السويس، إلى شركتي قطاع أعمال عام تابعتين للشركة الجديدة.
ويجوز للشركة القابضة إدارة واستثمار أصول الشركات التابعة لها، والأصول ذات الصلة، والأصول التي سبق الموافقة على نقلها إليها، وإنشاء شركات أخرى تابعة يتم تأسيسها وتحديد مدتها وأغراضها بقرار رئيس هيئة القناة.
وعلى الفور، اعتبر نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن تدشين شركة قابضة لهيئة قناة السويس، وضم بعض الشركات لها، إحداها قررت الحكومة بيعها بالفعل، خطوة أولى نحو بيع أصول قناة السويس لتسديد بعض ديونها.
ولقناة السويس أهمية لدى المصريين، الذين استقر في وعيهم الجمعي حفر أجدادهم لها، وطمع القوى العالمية بها مع تعرضها للاعتداء الأجنبي عامي 1956، و1967، وذلك بجانب قيمتها كمصدر للدخل القومي؛ كونها مجرى ملاحيا يمر به نحو 12 بالمئة من التجارة العالمية.
وقد تصل إيرادات قناة السويس إلى 8.8 مليار دولار العام الجاري، .
مأزق إقتصادى حرج
وللدلالات السياسية لإنشاء شركة قابضة جديدة تضم هيئة قناة السويس وشركاتها، والقيام فورا بضم إحدى الشركات المطروحة للبيع لمستثمرين استراتيجيين، وذلك لأن الدولة المصرية تواجه مأزقا رهيبا وغير مسبوق”.
إن الدولة “تعاني ديونا متلاحقة، يقابلها إسراف بالصرف على مشروعات من وجهة نظر حكومية يقال إنها تعظيم لقيمة مصر، بينما الشعب يرى أنها تفقره وتضعه في ضغوط أسرية واقتصادية”.
كل هذا ولدينا حكومة لا تعلم إلا البيع والاقتراض سبيلا، هذا بجانب التدهور الاقتصادي لأسباب عديدة على رأسها عدم وجود رؤية”، أنهم لهذا يتجهون الآن للبيع، ولا سبيل غير البيع، لسداد مليارات مستحقة
وذلك حتى نهاية 2023، إما قبل الانتخابات الرئاسية القادمة -يُفتح باب التقدم لها نهاية العام الجاري-، وإما لوضع الشعب أمام خيار واحد لا ثاني له، وهو أن النظام وحكومته التي وضعت البلاد أمام هذا المأزق، لا بد أن يكملوا لحل تلك المعضلة”.
لا يعتقد أن تدشين شركة قابضة تضم قناة السويس وشركاتها تمهيد للتفريط في قناة السويس وهذا أمر غير جائز ولن يتم في ظل رد الفعل السابق عندما أثير هذا الأمر.
وبالتأكيد أن “بيع شركات تؤدي خدمات للقناة، هو مثل بيع العجلات والإبقاء على السيارة راكدة، وهو ما سيصل بالقناة لحالة غير مسبوقة من التدني في الخدمات”.
ويثير الأمر خشية المصريين ومخاوفهم من تكرار أزمة “رهن” قناة السويس التي قام بها الخديوي إسماعيل في القرن الـ19، استحقاقا للديون المتراكمة عليه لدول أوروبا نتيجة المشروعات الإنشائية التي قام بها، وهي الحالة التي تتطابق مع حالة السيسي، اليوم.
أخير توحيد الموازنة
أن “تدشين شركة تضم قناة السويس وبعض الشركات التابعة لها، هو تنفيذ للدعوة التي بدأت الفترة الماضية لتوحيد الموازنة العامة للدولة المصرية”.
أن “هذه الدعوة تتطلب إعادة الهيئات الاقتصادية إلى الموازنة العامة للدولة، والقضاء على مسألة وجود أكثر من موازنة”، ووجود “جهات بالجهاز الإداري للدولة والإدارات المحلية تحت غطاء ما يسمى بالموازنة العامة للدولة”.
بالنسبة للهيئات الاقتصادية، فكان لكل منها موازنتها الخاصة مع “مقترح توحيد هذه الموازنات. ويبدو على الجانب الآخر رأي يقول؛ إن بعض الجهات لا يصلح دخولها تحت غطاء الموازنة العامة، وأن تلك الهيئات فُصلت حتى تتمتع ببعض المرونة”.
من هنا بدأ الحديث عن تكوين شركات قابضة لبعض الهيئات التي تتمتع بالخصوصية، ومنها هيئة قناة السويس، بأن تتحول من هيئة اقتصادية لشركة قابضة تضم قناة السويس والشركات التابعة لها، ومجموعة شركات أخرى متمثلة في الهيئة الاقتصادية للقناة”.
هل هذا الأمر مقدمة لبيع شركات وأصول وممتلكات هيئة قناة السويس أو رهنها على أقل تقدير؟ ونحن لا يوجد لدي معلومات عن هذا الموضوع”، ولكن، أن تتحول قناة السويس لشركة قابضة، فمعنى ذلك أن هناك إمكانية لطرح أسهمها بالبورصة المحلية والعالمية”.
أن “نسبة ما سيطرح من أسهم الشركة القابضة الجديدة بالبورصة أو يعرض للاستحواذ لمستثمر رئيسي، هي ما تحدد هل هذا بيع أم غير بيع؟”.
وحول احتمالات أن يؤدي تدشين تلك الشركة لزيادة كفاءة وموارد هيئة قناة السويس وأن “ما يحكم ذلك شكل وأسلوب إدارة الشركة الجديدة، وهل ستستمر الإدارة الحالية؟، ويكون الأمر مجرد تغيير اسم أو لافتة أو شكل قانوني، وهنا ستبقى الأمور على ما هي عليه”.
“جدل مستمر دائم”
ولأن قناة السويس المصرية وهيئتها وشركاتها البحرية ومنطقتها الاقتصادية محط أنظار واهتمام العديد من الشركات البحرية وخاصة شركة “موانئ دبي العالمية”، وغيرها، فيظل ترقب المصريين دائما لأي قرار يشتم فيه رائحة بيع أو تفريط في الأصول العامة.
وإلى جانب ذلك، فقد أثار البرلمان المصري، في 19 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، غضب المصريين بإقراره تعديلات بقانون هيئة قناة السويس (رقم 30 لسنة 1975)، يسمح بإنشاء “صندوق” لتنمية مواردها عبر أنشطة اقتصادية واستثمارية، من بينها “بيع وتأجير واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها”.
ذلك التعديل منح هيئة القناة حق القيام بالأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، ومنها مساهمة الصندوق بمفرده أو مع الغير في تأسيس الشركات، أو زيادة رؤوس أموالها، والاستثمار بالأوراق المالية.
وكان الخبير الاقتصادي الدكتور هاني توفيق، قد أثار الجدل في كانون الثاني/ يناير الماضي، بدعوته عبر فضائية “القاهرة والناس”، الحكومة لطرح سندات دولية بضمان إيرادات قناة السويس لتوفير 60 مليار دولار
ويمكن إصدار سندات لقناة السويس وطرحها في البورصات العالمية بفائدة 8 بالمئة على مدة 50 سنة بضمان إيرادات القناة، وهذا يمكنه توفير 60 مليار دولار، وذلك لسداد المديونيات المستحقة على مصر.
المتخوفون من توجهات النظام المصري الحالي ببيع الشركات العامة والأصول الحكومية لإنقاذ حكومته من أزمة الديون وفوائدها وأقساطها التي تتفاقم عاما بعد عام، يطالبون بعدم جواز طرح أسهم هيئة قناة السويس بالبورصة، أو بيع جزء منها أو كلها، أو تأجير جزء منها أو كلها.
“الشريك الأجنبي”هل هو حل للأزمة الإقتصادية ?
لكن طرح أي حديث عن قناة السويس وشركاتها يقفز في أذهان المصريين سريعا بفكرة الشريك الأجنبي أو الإسرائيلي، في الشريان البحري العالمي الذي يدر لمصر نحو 8 مليارات دولار سنويا، ويمثل المساس به مساسا بالأمن القومي المصري.
وهو الأمر الذي عبر عنه حديث حذفته السلطات المصرية لاحقا، لرئيس هيئة قناة السويس السابق الفريق مهاب مميش، لموقع “المصري اليوم”، 21 كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
مميش، مستشار السيسي للموانئ، انتقد حينها موافقة مجلس النواب تعديل قانون هيئة قناة السويس، وقال إنه من غير المقبول وجود أجانب في إدارة قناة السويس، معترفا بأن “أي تغيير في النظام أو دخول مستثمرين أجانب، سيسبب حالة فزع لدى المصريين”.
“مشروعات منافسة”والشعب آخر من يعلم
في مقابل هذا الجدل، يثار نوع آخر من المخاوف على مستقبل قناة السويس، بإطلاق العديد من المشروعات الاقتصادية التي تنافس القناة وتأكل من رصيدها في التجارة العالمية.
وإلى جانب مشروع “مبادرة الحزام والطريق” الصينية، تواصل دول عدة التعاون فيما بينها لتقديم مشروعات نقل ملاحية وبرية تنافس قناة السويس، وتأكل من حصتها المستقبلية من التجارة العالمية.
آخر تلك المشاريع، اتفقت عليها روسيا وإيران في 17 أيار/ مايو الماضي، لإنشاء خط سكة حديد على طول ساحل بحر قزوين، يربط البلدين بريا، ويسهل التجارة بينهما، ويعد معبرا لنقل السلع من شرق آسيا إلى شمال وغرب أوروبا، عبر إيران وروسيا.
وحينها قال الجانب الروسي؛ إن الخط الجديد يمكن أن ينافس قناة “السويس” بصفتها طريقا تجاريا عالميا رئيسا، بحسب وكالة “رويترز”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق