العفو المنتظر.. والأماني الكاذبة!
بحكم غيابي وتهمة كيدية ومحاكمة صورية أصدر القضاء الوطني حكم إدانة بحقه لمنعه من العودة إلى بلده حتى لا يحرج حكومته مع المحتل!
وبقي الزعيم المصري محمد فريد -رئيس الحزب الوطني الذي كان يرفض التفاهم مع الاحتلال البريطاني- ممنوعا بحكم قضائي من العودة إلى مصر منذ سنة ١٩١٤م!
واعترف رئيس الحكومة ووزير الداخلية آنذاك حسين رشدي -الذي جاء به الإنجليز- بأنه يستطيع العفو عن كل المساجين والمجرمين في سجون مصر كلها إلا عن محمد فريد فلا يستطيع العفو عنه مع حبه واحترامه وإجلاله له كزعيم وطني حر!
ولم يعد محمد فريد إلا بعد وفاته -في برلين ١٩١٩م وبقي جثمانه محفوظا في تابوت في كنيسة حتى نقل إلى مصر- محمولا على الأكتاف حين سمح الإنجليز بدفنه في وطنه سنة ١٩٢٠م!
وما زالت مصر وحكومتها الوظيفية كما هي! وما زالت سجونها تعج بأحرارها كما هي!
وما زال المحتل الغربي في العالم العربي كما هو منذ مئة عام يمارس الأسلوب نفسه من وراء الكواليس في مواجهة كل من يراه يشكل خطرا على وجوده خاصة بعد الربيع العربي!
وما زال عشرات الآلاف من السياسيين والمصلحين في السجون العربية والمنافي ينتظرون صدور العفو عنهم -المرهون بموافقة المحتل الأمريكي الأوربي- للخروج من معتقلاتهم أو العودة إلى أوطانهم قبل تحريرها! ودون أن يدركوا بأن مشكلتهم الحقيقية ليست مع حكومات دولهم بل مع الحملة الصليبية نفسها التي تحتلها، والتي يتجاهلون وجودها، ويتحاشون الاصطدام بها، ويستجدون منظمات حقوق الإنسان فيها!
وأضلتهم الأماني الكاذبة بجدوى المعارضة السلمية التي خدعهم دعاتها بها والتي طالما حذر منها صعاليك العرب في الجاهلية فضلا عن أبطال الفتوح في الإسلام!
كما قال شاعرهم:
كذبتم وبيت الله لا تأخذونها
مراغمة ما دام للسيف قائمُ
تحالف أقوام على ليسلموا
وجروا علي الحرب إذ أنا سالمُ
متى تجمع القلب الذكي وصارما
وأنفا حميا تجتنبك المظالمُ
متى تطلب الملك الممنع بالقنا
تعش ماجدا أو تخترمك المخارمُ
وكنت إذا قوم غزوني غزوتهم
فهل أنا في ذا يالهمدان ظالمُ
فلا صلح حتى تقدع الخيل بالقنا
وتضرب بالبيض الرقاق الجماجمُ
ولا أمن حتى تغشم الحرب جهرة
عبيدة يوما والحروب غواشمُ
أمستبطئ عمرو بن نعمان غارتي
وما يشبه اليقظان من هو نائمُ
إذا جر مولانا علينا جريرة
صبرنا لها إنا كرام دعائمُ
وننصر مولانا ونعلم أنه
كما الناس مجروم عليه وجارمُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق