تحليل مخاطر
تونس بين سندان التشيع ومطرقة المشروع الإيراني (1-2)
التغلغل الفارسي
يشكل موضوع التشيع في تونس قضية حساسة ومعقدة، أثارت جد لًا واسعًا في الآونة الأخيرة، فلطالما ظلت ظاهرة التشيع طي الكتمان خلال العقود الماضية، نظرًا لارتباطها بظروف تاريخية وسياسية خاصة، إلا أن سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي عام 2011 أحدث نقطة تحول هامة، حيث برز أتباع المذهب الشيعي الإثني عشرية بشكل علني، مستفيدين من الفراغ السياسي وأجواء الانفتاح الجديدة التي أحدثتها الثورة.
وقد اتخذ ظهور الشيعة في تونس أشكا لًا مختلفة، شملت تأسيس جمعيات ثقافية وحركات سياسية ومؤسسات إعلامية، إلا أن هذا التطور واجه معارضة من قبل بعض الأطراف، الذين اعتبروا التشيع ظاهرة دخيلة على المجتمع التونسي، والذي عرف بتناغمه الديني واعتناقه المذهب المالكي السني.
وتزداد حساسية ملف التشيع في تونس، مع اتهاماتٍ لبعض الجهات الخارجية، خاصة إيران وحزب الله اللبناني، بالسعي للتمدد في البلاد وفرض السيطرة الدينية والسياسية من خلال دعم المذهب الشيعي، مع الإشارة إلى مخططات إيرانية تهدف لنشر التشيع في تونس واستقطاب الشباب، مستغلةً نجاح الثورة الإيرانية وانتصارات المقاومة اللبنانية.
من هم الشيعة؟ وما هو مذهبهم؟ وما هي توجهاتهم الدينية والسياسية؟
عند الحديث عن التشيع أو انتشار الشيعة أو المذهب الشيعي في تونس، لابد من تناول نشأة التيار الشيعي وتطور المذهب الشيعي عبر التاريخ، من فكرة سياسية نشأت بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى فرقة دينية مُتبلورة ذات ملامح مميزة ومعتقدات خاصة سياسية ودينية.
بدايات التيار الشيعي وتطوره
نشأت فكرة التشيّع كحركة سياسية تؤيد أحقية علي بن أبي طالب في تولّي الخلافة بعد النبي، حيث كان الشيعة يعتقدون بأن الإمامة والخلافة الشرعية بعد الرسول صلى الله عليه وسلم إنما هي للإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ومن بعده تكون الإمامة في المعصومين الأحد عشر المنصوص عليهم من قبل النبي صلى الله عليه وسلم، وعلي، رضي الله عنه، بحسب العقيدة الشيعية، بالإضافة إلى ظهور فروق أخرى في فهم الشريعة وأصول الدين وفروعه، كلها مبنية على الأخذ من معارف وعلوم أهل البيت، وتطورت الحركة الشيعية تدريجيًا إلى مذهب ديني متميز، يتضمن مفاهيم عقائدية جديدة مثل العصمة والإمامة والتقية، ثم نشأت فرق شيعية مختلفة بمذاهب مختلفة، مثل الإمامية الإثنا عشرية والزيدية وغيرها، مع تباين في العقائد والممارسات.
ويتفق علماء أهل السنة والجماعة قديمًا وحديثًا على أن التشيع أمر طارئ وغريب على الإسلام، بل أنه بدعة في الدين الإسلامي، ولم يوجد في عصر الرسول ولا في عصر خليفتيه من الصحابة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم من عُرِفوا بالشيعة، ويرى ابن حزم أن أول ظهور للشيعة كان في أواخر عصر عثمان بن عفان، على الرغم من أن الشيعة يحاولون دائما أن يثبتوا أن التشيع لم يكن أمرًا طارئًا على الإسلام، وأن الشيعة الأوائل ظهروا في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، ويستندون في ذلك إلى تأويل عدد من الأحاديث المأثورة عن النبي.
ويذكر بعض المؤرخين الإسلاميين إن بداية الشيعة كانت بعد استشهاد الحسين رضي الله عنه، حفيد النبي، على يد الجيش الأموي، حينما خرج الحسين على خلافة يزيد بن معاوية، واتجه إلى العراق، حيث وعده مجموعة من أهلها بالنصرة، ولكنهم تخلوا عنه في اللحظات الأخيرة، واستُشهد الحسين في معركة كربلاء في عام 680 م في ظروف مأساوية، فندم الذين تخلوا عنه، وقرروا التكفير عن ذنوبهم بالخروج على الدولة الأموية، حيث خرج عدد كبير منهم وقُتل بعضهم، وعُرف هؤلاء بالشيعة، وكانت هذه نقطة تحوّل رئيسية في تاريخ الشيعة، وكان من أبرز تأثيراتها تحول الفكر الشيعي إلى فكر ثوري، حيث أصبح الحسين رمزًا للمظلومية والثورة على قهر واستبداد الحكام، وقد انتشر المذهب الشيعي في العديد من الدول العربية، وأصبح الشيعة هم الطائفة الغالبة في إيران والعراق.
وتنقسم الشيعة إلى عدة مذاهب، أهمها:
الشيعة الإثنا عشرية: وهي أكبر مذهب شيعي، يُؤمنون بإثنى عشر إمامًا، وهي أشهر فرق الشيعة والفرقة الأكثر عددًا.
الإسماعيلية: يُؤمنون بسبعة أئمة، ويعتقدون أن الإمام السابع، الإمام محمد بن إسماعيل، هو المهدي المنتظر.
الزيدية: يُؤمنون بخمسة أئمة، ويعتقدون بوجوب الخروج المسلح ضد الحاكم الظالم، وانقسمت الإسماعيلية عبر تاريخها إلى عدة فرق: الدروز، النزارية، المستعلية الطيبية وتسمى حديثا بالبهرة، وتشمل بهرة داودية، بهرة سليمانية، بهرة علوية.
بالإضافة إلى الفرق الأخرى وهي: الأصولية، الإخبارية، الشيخية، والعلويون.
وقد تأثر المذهب الشيعي بعناصر ثقافية وفلسفية من خارج الإسلام، مثل الثقافة الفارسية واليونانية،
ومن أبرز الاختلافات بين الشيعة والسنة:
الإمامة: حيث تعتقد الشيعة أن الإمامة حق إلهي يُنقل من النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى علي بن أبي طالب، ومن بعده إلى أحد عشر إماماً من ذريته، آخرهم الإمام المهدي المنتظر، ويرفضون خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، معتبرين إياهم مغتصبين للخلافة، بينما تعتقد السنة أن خلافة النبي محمد صلى الله عليه وسلم اختيارية، وتقوم على مبدأ الشورى، وأن أول خليفتين هما أبو بكر وعمر بن الخطاب.
الكتب والمصادر: تعتمد الشيعة على القرآن الكريم بالإضافة إلى أحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم المروية عن طريق أهل البيت، بينما تعتمد السنة على القرآن الكريم وأحاديث النبي المروية عن طريق جميع الصحابة.
المعتقدات الدينية: تختلف بعض المعتقدات الدينية بين الشيعة والسنة، حيث يؤمن الشيعة بالتوحيد والنبوّة واليوم الآخر، مثل باقي المسلمين، ولكنهم يتميزون ببعض العقائد الأخرى، مثل:
العدالة: التأكيد على مبدأ العدالة الاجتماعية ونصرة المستضعفين والثورة ضد الظلم والقهر والاستبداد.
الانتظار: الإيمان بالمهدي المنتظر من نسل الإمام الحجة محمد بن الحسن العسكري، والذي سيخرج ليملأ الأرض عدلاً بعد ظلمها.
التقية: وهي كتمان الحق وإخفاء الاعتقاد به أمام المخالفين، لدفع ضرر ديني أو دنيوي، ويشتهر الشيعة أكثر من أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى في العمل بالتقية، ويرجع السبب في ذلك إلى تعرض الشيعة للضغط السياسي والاجتماعي من قبل المخالفين، كما يستخدم الشيعة مبدأ التقية في العصر الحالي لإخفاء تشيعهم أو أتباعهم للمذهب الشيعة إذا اقتضت الضرورة.
المذاهب الفقهية:
يتبع الشيعة أحد المذاهب الفقهية الرئيسية، مثل:
المذهب الجعفري: المذهب الأكثر انتشارًا، يتبعه أغلب الشيعة في العالم.
المذهب الإسماعيلي: يمتاز ببعده الفلسفي وعقائده الخاصة.
المذهب الزيدي: يتميز بنظامه الخاص لانتخاب الإمام.
الشعائر والممارسات الدينية: تُشكل الصلاة والصوم والحج ركائز أساسية في العبادة عند الشيعة مثل بقية المسلمين، ولكنهم يتميزون ببعض الشعائر والممارسات الخاصة، مثل:
التطبير: إحياء ذكرى مقتل الإمام الحسين بن علي في عاشوراء، وما يقام فيها من طقوس خاصة.
الزيارة: زيارة أضرحة الأئمة المعصومين.
الدعاء: الدعاء بأسماء الأئمة والأدعية المأثورة عن الشيعة.
العلاقة بين الدين والسياسة عند الشيعة
تختلف وجهات نظر الشيعة حول العلاقة بين الدين والسياسة كما يلي:
يرى البعض أن الدين يقدم مبادئ أخلاقية عامة ينبغي تطبيقها في الحياة السياسية كجزء من أنظمة الحكم.
بينما يرى آخرون أن الإسلام يقدم نظامًا سياسيًا متكامل لًا يجب تطبيقه في الحكم.
الحركات السياسية الشيعية
ظهرت حركات سياسية شيعية مختلفة عبر التاريخ، ومن أبرز الحركات السياسية الشيعية في العصر الحاضر:
حركة حزب الله في لبنان: حيث ظهرت في بدايتها كحركة مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
الثورة الإيرانية: والتي أدت إلى تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران، وانتجت النظام الإيراني الحالي.
الحشد الشعبي في العراق: وهي قوات تم تشكيلها لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية السني «داعش».
وبشكل عام واجه الشيعة تحدياتٍ سياسيةٍ واجتماعيةٍ في بعض الدول، وصراعات طائفية وحروب مع مخالفيهم من المسلمين طوال التاريخ الإسلامي، بسبب إيمانهم بحقّهم في الحكم والسلطة، وتبنيهم فكر ومعتقدات مختلفة يسعون لنشرها، مما يدفعهم دائماً للقيام بثورات ضد النظام الحاكم.
ملاحظات هامة حول التشيع
اتفق الشيعة والسنة على رفض الظلم والاستئثار السياسي الذي حدث طوال تاريخ الأمة العربية والإسلامية.
أضافت الفرق الشيعية أفكارًا واعتقادات وممارسات لم تكن موجودة في الإسلام الأصلي، وتسللت إليها خرافات وانحرافات أصبحت جزءًا من المذهب، ويبذل بعض الأئمة والمفكرين جهودًا لتجديد المذهب والتخلص من هذه الانحرافات، ورد المذهب الشيعي إلى أصله، ولكن لم تنجح هذه المحاولات، ولم تلقى قبولاً شعبياً.
لم تختلف سلوكيات الحكومات الشيعية عن سلوكيات الحكومات السنية من ناحية الاستئثار بالحكم وتداوله ضمن دائرة توريثية ضيقة.
لدى الشيعة شعور متضخم بالاضطهاد والمظلومية، مما يدفعهم إلى التمحور الطائفي وتقديم المصالح الضيقة للطائفة على المصلحة العامة للأمة.
يختلف التشيع العربي عن التشيع الفارسي، ويتباعدان ويتقاربان تبعًا للظروف السياسية وتوافر المرجعيات.
الخلط بين الشيعة والنصيرية اعتقادٌ خاطئٌ تاريخيًا وعقائديًا.
حدث تقارب بين الشيعة ونصيريّي سوريا -الذين أطلق عليهم حديثًا اسم العلويين- لأسباب سياسية.
استغل الشيعة هذا التقارب للتبشير وجذب العلويين وتشييعهم، بينما استغلّه بعض العلويين لرفع مكانتهم الاجتماعية وتحقيق مصالحهم الخاصة.
التشيع الفارسي: هل لعبت إيران دوراً في تشكيل الهوية الشيعية؟
برزت على مر التاريخ اتجاهات شتّى داخل المذهب الشيعي، كان من أبرزها التشيع الفارسي، الذي ارتبط ارتباطًا وثيقًا بالثقافة والتاريخ الفارسيين، وقد لعبت إيران من خلاله دورًا هامًا في تشكيل الهوية الشيعية، حيث تبنّت الدولة الصفوية المذهب الشيعي رسميًا، ونشرته بين شعب إيران واجبرتهم على اعتناقه، وقد شهدت العقود الأخيرة محاولات لتجديد المذهب الشيعي الفارسي، ومواجهة التحديات الفكرية والسياسية.
ويعد التشيع الفارسي أحد فروع الإسلام الشيعي، ويتميز بانتشاره الواسع في إيران، حيث يُشكل المذهب الرسمي للدولة، وقد نشأت جذور هذا المذهب في بلاد فارس خلال العصر الإسلامي في القرن الأول الهجري، بعد أن اعتنق بعض الفرس الإسلام، واتبعوا المذهب الشيعي لأسبابٍ سياسيةٍ ودينيةٍ، وقد تأثر التشيع الفارسي بشكلٍ كبير بالعوامل السياسية والثقافية التي سادت في تلك الحقبة.
ويُرجّح بعض المؤرخين أنّ جذور التشيع الفارسي تعود إلى العصر الأموي، حيث اتخذ بعض الفرس من أتباع المذهب الشيعي مواقف سياسية مُعارضة للخلافة الأموية، مما أدى إلى ظهور اتجاهات جديدة داخل المذهب الشيعي تميزت بإضفاء صفات إلهية على الأئمة، وقد تعززت هذه الاتجاهات خلال العصر العباسي، خاصّةً بعد تقلد بعض الفرس لمناصب رفيعة في الدولة، مما مكنهم من نشر أفكارهم والترويج لها.
العوامل المؤثرة على التشيع الفارسي
تضافرت العديد من العوامل في تشكيل ملامح التشيع الفارسي، من أهمها:
التاريخ والثقافة الفارسيان: لعب التاريخ والثقافة الفارسيان دورًا هامًا في تشكيل هوية التشيع الفارسي، وأثرت على بعض أفكاره وعقائده.
الصراعات والتأثيرات السياسية: ساهمت الصراعات السياسية والتأثيرات السياسية إلى إنتشار أفكار التشيع بين أوساطٍ واسعةٍ من الشعب الفارسي.
الدور الديني للفقهاء الشيعة: لعب كبار الفقهاء الشيعة دورًا هامًا في تكوين أفكار التشيع الفارسي، حيث قاموا بتأليف الكتب وتفسير النصوص الدينية بما يتوافق مع رؤيتهم، مما أدى إلى تباين في العقائد بين الشيعة العرب والفرس.
أبرز سمات التشيع الفارسي
يتميز التشيع الفارسي بِمجموعة من السمات التي تُميزه عن المذاهب الشيعية الأخرى، ومن أهمها:
العصمة الإلهية للأئمة: يُؤمن الشيعة الفرس بِعصمة الأئمة من الخطأ، مما يجعلهم معصومين من الذنوب والعيوب.
دور الأئمة كقادةٍ روحيين وسياسيين أيضاً: يُؤمن الشيعة الفرس بِأنّ الأئمة هم ورثة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنّ لهم الحقّ الإلهيّ في قيادة الأمة الإسلامية، ويمثل الإمام المعصوم المرجعية الدينية والسياسية للشيعة.
تأثير إيران على المذهب الشيعي ودورها في نشر التشيع في المنطقة
لعبت الدولة الإيرانية دورًا هامًا في نشر أفكار التشيع الفارسي، خاصّةً بعد قيام الثورة الإسلامية عام 1979، حيث تم استخدام الدين لأغراض سياسية، ولعب التشيع الفارسي دورًا سياسيًا هامًا في إيران، وقد حاولت نشره في العديد من الدول الأخرى، واستخدامه لأغراض سياسية كما حدث في إيران، ومن أبرزها ادعاءات النظام الإيراني بأنه يهدف إلى حماية الأقليات الشيعية في تلك الدول وغير ذلك من الأسباب المعلنة لتبرير تدخلات إيران السافرة في دول المنطقة، وذلك من خلال استخدام الميليشيات الشيعية والجماعات المسلحة، أو ما أطلقت عليه «جيش التحرير الشيعي» تحت قيادة الحرس الثوري الإيراني والمرشد الأعلى «علي خامنئي»، والذي يتكون من عناصر شيعية يتم تجميعها من دول عدة منها باكستان وأفغانستان والعراق ولبنان، بالإضافة إلى إيران، والهدف الرئيسي من تكوين هذا الجيش هو تحقيق أهداف إيران الإقليمية في العراق وسوريا واليمن، وتحقيق طموحاتها الإقليمية في المنطقة، وإن كانت قد أعلنت أن تهدف فقط إلى «محو إسرائيل»، ليصبح جيش التحرير الطائفي أحد الأذرع السياسية والأمنية والعسكرية التي تزعم العمل تحت لافتات وطنية ودينية، مثلما تدعي الجماعات الإرهابية الشيعية التابعة للنفوذ الإيراني في مختلف الدول العربية، مثل حزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن.
ولا يمكن التغاضي عن التواطؤ الدولي مع إيران في هذا الشأن، حيث لم تتخذ الأمم المتحدة أي إجراءات ضد تشكيل جيش التحرير الشيعي، ودوره في إثارة التطرف لخدمة مصالح الدولة الإيرانية باستخدام هذه الميليشيات الطائفية.
أضف لما سبق، ما تقدمه إيران من الدعم السياسي والمالي للجماعات الشيعية المتطرفة في مختلف الدول العربية، مما يُساهم في نشر أفكارها المتطرفة والعنيفة، وإلى جانب النفوذ السياسي والعسكري، تمتلك إيران نفوذاً دينيًا كبيرًا على الشيعة في الدول العربية، وذلك من خلال مؤسساتها الدينية ووسائل الإعلام الخاصة بها، والتي تستخدمها لكي تُروّج لأفكار متطرفة مثل ولاية الفقيه، وتكفير المخالفين، ونشر ثقافة الكراهية ضد التابعين لجماعة السنة والإساءة لهم، وقد قوبلت هذه الأفكار بردود فعل متباينة من العلماء والجماعات الشيعية، فبينما يدعم بعض المسلمين الشيعة هذه المفاهيم والأفكار المتطرفة كوسيلة لإقامة حكومة إسلامية والقضاء على الاستبداد، يرى آخرون أنها انحراف عن المعتقدات والممارسات الشيعية التقليدية الأصيلة.
أحد أهم جوانب تأثير إيران على الطائفة الشيعية هو محاولات النظام الإيراني الحثيثة لنشر وترويج الإسلام الشيعي في جميع أنحاء العالم الإسلامي والشرق الأوسط، مثل لبنان والعراق واليمن وتونس، والتأثير على المعتقدات والممارسات الدينية للمسلمين الشيعة في جميع أنحاء العالم للحفاظ على الهوية الشيعية وتعزيزها، ومن ثم اكتساب السلطة والنفوذ السياسي في هذه البلدان، إلا أن هذا يؤدي من ناحية أخرى إلى زيادة التوتر الطائفي والصراع في المنطقة، حيث تنظر الدول ذات الأغلبية السنية إلى نفوذ إيران والطوائف الشيعية التابعة لها باعتباره تهديداً لمصالحها الخاصة، وخاصة في ظل سعى إيران إلى تصدير مبادئها الثورية إلى دول إسلامية أخرى، مما يؤثر على الأمن والاستقرار الإقليميين، ويعمل على تعزيز العنف الطائفي في المنطقة وتفاقم التوترات بين السنة والشيعة، ويثير المخاوف بشأن نوايا إيران في المنطقة.
يتبع >>
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق