هموم الدعاة في زمن سيولة الأفكار
مضر أبو الهيجاء
عبس رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه أعمى لا يدرك شكل العبوس لأنه لا يرى ولا يبصر.. فكان العتاب الإلهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم إزاء موقف العبوس رغم صدق نواياه وعظيم غيرته وجهده الدعوي صلوات الله وسلامه عليه، وجعل الله هذا العتاب والتصويب منهجا وقرآنا يتلى آناء الليل وأطراف النهار، ولم يقلل هذا العتاب من قيمة وعصمة وعظمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما لم يقلل من وجوب حبه واشتراط تفوق هذا الحب على كل محبوب سواه ليتحقق الإيمان بأعلى صوره وينال صاحبه مرتبة الفائزين، بأبي أنت وأمي يا رسول الله.
أخطأت قيادة حركة حماس المجاهدة في اجتهادها بالعلاقة والارتباط والحلف السياسي مع مشروع معاد للأمة وشعوبها ودينها يقوده ملالي إيران، وسار على هذا النهج الخاطئ الأخ الحبيب والداعية الصادق والشيخ والقائد المجاهد إسماعيل هنية حتى لقي الله شهيدا في طهران -نسأل الله أن يتقبله في الشهداء المصطفين- … فاستحق أبوالعبد هنية منا دعاء وتمجيدا وتعظيما .. وحرم علينا في حقه العتاب والنقد وتجاه سلوكه السياسي التوجيه والتسديد والتصويب، دون اعتبار أن اجتهاداته السياسية ذات طبيعة بشرية غير معصومة من الله!
قتل القائد هنية غيلة وغدرا في طهران ولم يتحرر الأقصى المبارك، ولم يخرج الأسرى من السجون، ولم تتفكك المستوطنات، بل هدمت غزة وشرد أهلها بفعل إجرام الصهاينة وغدر الملالي وترتيبات الأمريكان!
تعاونت إيران العميقة مع الإسرائيليين في قتل قائد فلسطيني مجاهد، ثم صلى عليه الملالي الشياطين الخبيثين وخلفهم الحشود والجماهير الإيرانية العاطفية والمغفلة، فارتفعت أسهم إيران ومشروعها في المنطقة وباتت في الوعي الجمعي العربي والإسلامي هي الناصر صلاح الدين، وكل ما سواها كذبة مخادعين مدانين ومتخاذلين!
أسوق تلك الصورة القاتمة والمختلة وقلبي نازف ويشعر بمرارة وحسرة، وعقلي قلق على مصير أمة وشعوب طيبة مسالمة تستحق الخير والأمن والأمان والطعام والشراب والمسكن والاستقرار، دون أن تعلم وهي ترفع رسم الملالي واسم إيران ما الذي ينتظرها من سحق وقتل وتجويع وتشريد وأنهار من الدماء على أيدي الملالي.
ليست الإشكالية اليوم في إسماعيل هنية الذي أمضى حياته في طريق الدعوة والجهاد، فقد أفضى شهيدا إلى رب خالق رحيم ودود هو أرحم به وأعلم بحاله وأحرص عليه منا جميعا سبحانه، وندعو الله أن يجعله في الفردوس الأعلى.
الإشكالية تكمن في ضعف العقل والوعي الإسلامي، وفي السلوك السياسي المختل للقيادات الإسلامية التي أجرمت في حق الدين وشعوب الأمة، حيث لم يستفد ولم يرتفع ولم يبن على استشهاد إسماعيلنا وقطعة منا إلا ملالي إيران الذين يستهدفون هويتنا الثقافية ويستهدفون بلادنا ويفتتون مجتمعاتنا، ثم يعتدوا على الله ورسوله وأصحابه ويطعنوا في شرف أمنا.
من المزعج أن الإسرائيليين المستكبرين يتحدثون عنا ويصفوننا بالحيوانات وفق تصورهم التلمودي.
ومن المؤلم أن الملالي الإيرانيين يعاملوننا أو بعضنا كالبهائم التي يمتطونها لتحقيق غاياتهم السياسية والطائفية الثقافية.
فمتى ستتشكل قيادة إسلامية واعية صادقة مستقلة في إرادتها السياسية ومنحازة لعموم الأمة يتحشد الناس خلفها، لتبني جيلا مسلما فريدا يميز بين اعتزازه وحبه للأشخاص الذين ساروا في طريق الله، وبين واجبه الشرعي والأخلاقي في تعرية الأخطاء واتهامها، ليتحقق بسلوكه هذا حفظ لنقاء الدين ووقاية للأمة من الأمراض والمشاريع المعادية والقاتلة التي تستهدف إفقادها فاعليتها وهدر طاقاتها ثم الفتك بشعوبها؟
أشهد الله والخلق أنني أحب إسماعيل هنية، وأشهد الله وجميع خلقه أنني أحب رسول الله أكثر من أبي وأمي وأكثر من إسماعيل هنية .. ذلك الرسول العظيم الذي أحبه هو نفسه الذي خالف الأولى فعبس وتولى فسدده الله بعتاب في قرآن يتلى.
ما قلت من حق فمن الله وما أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان وأستغفر الله.
مضر أبو الهيجاء فلسطين-جنين 3/8/2024
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق