الأربعاء، 2 سبتمبر 2020

الأمة

الأمة
د/ علي فريد
الأمة اليوم لا تحتاج إلى الماء والهواء قَدر احتياجها إلى المفاصلة!!
إننا لن نخرج من مرحلة الابتلاء حتى ندخل مرحلة المفاصلة، ولن ندخل مرحلة المفاصلة حتى نعرف (من نحن)!!
نحن لسنا مصريين ولا سوريين ولا عراقيين ولا سعوديين ولا مغاربة، ولا كل ما يكبر في نفوسنا من هذه القوميات والوطنيات التي غرسها في عقولنا ذاتَ تيه (سايكس وبيكو)!!
نحن مسلمون.. الإسلام شعارنا ودثارنا.. الله ربنا، ومحمدٌ نبينا، ولا إله إلا الله منهج حياتنا..
إياكم أن تظنوا أنه يمكن لهذه الأمة أن تنهض لتدخل مراحل السنن الربانية وهي تعمل ضمن هذه الأطر الواهية والهُويات الزائفة.. لن تنجحوا أبداً.. سيطول ابتلاؤكم وبلاؤكم وفتونكم، ولن يبالي الله بكم في أي وادٍ هلكتم حتى تعرفوا من أنتم، ثم تُفاصلوا على أساس هذه المعرفة!!
أكثر من مائة سنة وأنتم تتقافزون بين هذه الأنظمة؛ تركلكم بيادات العسكر القومي إلى نعال أمراء النفط الأمريكي، إلى أحذية ملوك الطوائف.. لقد صرتم فئران تجارب لم يبق منهجٌ في الأرض لم يُجرّب عليكم!!
اكشفوا الغطاء عن أعينكم.. هذه ليست دولاً.. هذه ليست جيوشاً.. هذه ليست مؤسسات.. هذه ليست برلمانات.. هذه ليست رايات.. هذه ليست وزارات.. كل ما حولكم وَهمٌ في وَهم..
لقد تم بيعكم منذ زمن.. اشتروا أنفسكم قبل أن يبيعوا أبناءكم وأحفادكم كما باعوكم.. أسقطوا هذه الأنظمة؛ فهي العدو الأول الذي يحول بينكم وبين الدخول إلى مراحل الفتح!!
هذه الأنظمة ليست أكثر من قوة احتلال أجنبية حتى لو غَنّى مُغَنّوها: (حكامنا من شعبنا.. هذا أُخو وهذا ابن عَمّ).. لا تصدقوهم.. لقد أخذوها بسيف الأجنبي قهراً، كما أخذَ غيرُهم غيرَها بدبابة الأجنبي قسراً!!
هذه الأنظمة ليست أكثر من وكيلٍ محلي لم يطلب من سيده الغربي الكافر سوى الحكم والتحكم؛ ليفتح له مجالَ الأمة العام فينشر في أجوائها أوبئةً قاتلة تضمن تبعية أبنائها بعد الاطمئنان إلى تبعية الوكيل!!
أمريكا ليست العدو الأول.. العدو الأول هم هؤلاء اللصوص الذين استخدمتهم أمريكا لوأد ثوراتكم..
لا تستطيع أمريكا نشر قواتها للحربِ في كل محمية عربية، ولو فعلت لهُزمت؛ فهي تُهزم في كل حرب تدخلها من فيتنام إلى العراق.. ولكنها تستخدم الوكيل المحلي الذي يسحر سَحَرتُه أعينَ الحمقى ويسترهبهم بمصطلحات جوفاء عن ولي الأمر، والحاكم المتغلب، والحرية، والديمقراطية، والأمن والأمان، والاستقرار، والفوضى...
الخنجر المسموم ليس في يد أمريكا.. الخنجر في يد طويل العمر، وولي الأمر، وعظمة السلطان، وجلالة الملك، وفخامة الرئيس، وسمو الأمير، وقائد المسيرة، وبطل الصمود والتصدي.. الخنجر في يد كل هذه (الأخطاء الفاحشة) التي نتجت- ذات خيانة- من تلاقح الضِعَةِ مع الكفر.. أمريكا ليست الذئب، وإن كانت فهي لا تأكلكم بالقدر الذي تأكلكم به تلك الأخطاء الفاحشة.. وقديماً قيل:" تقضي الأغنام حياتها خائفةً من الذئب بينما لا يأكلها سوى الراعي."!!
أيَّمَا طريقٍ ولجتموه- قبل أن تفاصلوا هذه الأنظمة نفسياً ثم تفاصلوها عملياً- محكوم عليه بالفشل!!
وأيما مفاصلةٍ فاصلتموها لا تنطلق من الدين محكوم عليها بالخسران!!
لقد أيقظتكم هذه الثورات شيئاً ما، ومن المعيب أن تعودوا للغيبوبة مرة أخرى.. من المعيب ألا تنتبهوا بعد كل هذه الدماء إلى مكمن الداء وأصل الدواء.. من المعيب أن تبدؤوا ثورتكم بـ(ما لنا غيرك يا الله) ثم تنهونها بالانتظار في طوابير الباصات الخضراء!!
من المعيب أن تبدؤوا ثورتكم بـ(الشعب يريد إسقاط النظام) ثم تنهونها بـ(الشعب يريد الزيت والسكر)!!
هل تخافونَ الفوضى؟!
ومن قال أنكم تعيشون نظاماً؟!
أنتم تعيشون الفوضى مُذ ولدتكم أمهاتكم، وإسقاطكم لهذه الأنظمة هو استعادةٌ للنظام الحقيقي وإن بدا لكم في شكل فوضى!!
لا بد من دفع الثمن.. الحرية ليست بالمجان، والكرامة ليست بالمجان، ومجرد الوجود ليس بالمجان، وإقامة شرع الله في الأرض ليس بالمجان!!
كلُّ دقيقةٍ تمر عليكم دون نهوضكم لاستعادة النظام الرباني ستُبقيكم سنةً أخرى في مستنقع الفوضى الذي تظنونه نظاماً، وستدفعون غداً أضعاف ما تخشون دفعه اليوم!!
"إن الجروح يُطهرها الكَيُّ
والسيف يصقله الكيرُ
والخبز ينضجه الوهج"
اركضوا نحو ما تظنونه فوضى فَثَمّ الخلاص!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق