فقد كلف هارون الرشيد لجنة من 3 مغنين باختيار أجمل 100 أغنية، وبعد 30 سنة كلف حفيده الخليفة الواثق لجنة أخرى بتنقيح القائمة.
وكان الواثق ملحنا ومغنيا، وبعد مضي 50 سنة ظفر بالقائمة شاب أديب يعشق الغناء هو أبو الفرج الأصفهاني، ورغم انتسابه إلى أصفهان فهو عربي من بقية بني أمية.
أبو الفرج الأصفهاني رجل غلبت عليه كنيته، أما اسمه فهو علي بن العباس، كتب أبو الفرج كلمات الأغاني كلها، وكتب أوصاف الألحان، ولكن للأسف لم تكن النوتة الموسيقية قد اخترعت، فنحن نقرأ الأشعار ونفهمها ونقرأ أوصاف الغناء، فهذا من الثقيل الأول أو من الرمل إلى آخره، ولا نفهم.
فما الذي وصل بأشعار الأغاني الـ100 إلى كتاب ضخم؟
كان أبو الفرج يكتب الأبيات ذاكرا اسم المغني أو المغنية والشاعر، ثم يغوص بعد ذلك في تفاصيل حياة كل منهما، فتراه مثلا ينفق 180 صفحة وهو يقص علينا غراميات عمر بن أبي ربيعة، و97 صفحة لمجنون ليلى، والطريف هنا أنه يورد روايات تقول إن مجنون ليلى شخصية وهمية.
ولامرئ القيس ذكر طويل، ولجرير والفرزدق ولمئات الشعراء أيضا، وقد يقف أبو الفرج وقفة تاريخية فيقص علينا قصة حرب البسوس وما قيل فيها من شعر.
كتاب الأغاني موسوعة أدبية مرتبة بحسب الأغاني الـ100 المختارة، وقد استغرق أبو الفرج 50 سنة وهو يكتب كتابه العظيم، وها قد مضت ألف سنة وما زال كتاب الأغاني من أهم مصادر التاريخ الأدبي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق